مجلة الرسالة/العدد 668/البريد الأدبي
→ زوجتي. . . .! | مجلة الرسالة - العدد 668 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 22 - 04 - 1946 |
رواية من النسق العالي:
ليت الذين ينتصرون لعامية المسرح يشهدون رواية (تاج المرأة) في
دار الأوبرا الملكية فيروا كيف تتسلسل العربية البليغة على أفواه
الممثلين تسلسل الذهب، وترن في أسماع المشاهدين رنين الفضة،
وتؤدي معاني الكاتب الفرنسي النابغ أداء صادقا قويا لا تضيع فيه
لمحات النظر، ولا لفتات الذهن، ولا براعة الحوار، ولا حلاوة النكتة.
لقد كان تمثيل هذه الرواية نصرا عظيما للغة العربية وللفرقة القومية في وقت واحد: كان نصرا للغة العربية لأنها استطاعت بدقة الترجمة وقوة التمثيل أن تبرهن لخصومها على أنها اللغة الطبيعية للمجتمع الحديث والمسرح المهذب. وهل تكون الطبعية شيئا آخر غير هذا الانسجام العجيب بين الحركات والكلمات، وبين المواقف والعواطف، وبين التمثيل والواقع؟
كانت اللغة لسلاستها ومرونتها أداة جيدة التوصيل بين المؤلف والمترجم، وبين المترجم والممثل، وبين الممثل والجمهور؛ فالممثلون مندمجون في أدوارهم لا يحسون نبوا في العبارة ولا حرجا في الأداء، والمشاهدون مأخوذون بسحر التمثيل وجاذبية الرواية لا يشعرون بوجود مستقل عن هذا الوجود الذي خلقه في الفرنسية اسكندر دوماس، وصوره في العربية الأستاذ كامل البهنساوي!
ثم كان نصرا للفرقة القومية لأنها أقامت الدليل العملي على أن في مقدورها أن تؤدي رسالة الفن على وجهها الصحيح إذا تهيأت لها الإدارة الرشيدة والتوجيه المصيب، فقد كان الأداء خاليا من الشقشقة الخطابية، والتمثيل بريئا من البهلوانية المسرحية، وهما البليتان اللتان باعدتا من قبل بين اللغة والطبع وبين المسرح والحياة.
فإلى المترجم الفاضل التهنئة الصادقة على جمال الترجمة وحسن الاختيار، وللأستاذين والأستاذات: سراج منير، وجورج أبيض، وفاخر فاخر، وإحسان شريف، وأمينة رزق، وروحية خالد، الثناء الحق على روعة التمثيل وطبيعة الحوار.
إلي الأستاذ بن مصطفى
لم يكن ما نشرناه في (الرسالة) الغراء عن (كعب الأحبار) تفصيلا لتأريخه، أو استيعابا لترجمته، وإنما هو - كما ذكرنا - طرف صغير من أمر هذا الكاهن قبسناه من فصل طويل كسرناه في كتابنا (حياة الحديث) - الذي لم يطبع بعد - على (الإسرائيليات في الحديث)، وحشدنا فيه كل ما عثرنا عليه من أدلة وحجج لاستيفاء بحثنا وتأييده.
على أنه مما يسرنا أن نقرأ كتاب (عمر بن الخطاب) الذي ألفه الأستاذان علي وناجي الطنطاوي، حتى إذا وجدنا فيه ما لم يكن في كتابنا، زدناه على بحثنا، وجعلنا هذا الكتاب من مصادرنا.
هذا، وإني أشكر لك ما تفضلت به من لفت نظرنا إلى هذا الكتاب القيم.
(المنصورة)
محمود أبو ريه
معرض الكتاب العربي الأول لسنة 1946:
تعتزم وزارة المعارف إقامة معرض يطلق عليه (معرض الكتاب العربي) لمدة أسبوع يبدأ من يوم الخميس 30 مايو سنة 1946 بالسراي الصغرى بالجزيرة. والغرض من إقامة هذا المعرض هو التعريف بالمسائل الآتية:
تطور حركة التأليف من فجر النهضة الفكرية الحديثة حتى الوقت الحاضر.
تطور حركة الطباعة منذ إنشاء مطبعة بولاق الأميرية
تطور الصحيفة اليومية الإخبارية والدوريات الأدبية منذ قيام الصحافة في مصر
تطور فكرة توضيح الكتب بالرسوم والصور
تطور الكتاب المدرسي من حيث موضوعه وطبعه.
تطور حركة التأليف للأطفال والشباب
نهضة التأليف والترجمة في عهد المغفور له الملك فؤاد
النهضة الفكرية في عهد صاحب الجلالة الملك فاروق.
هذا، ويسر الوزارة أن يتفضل كل أديب بالمساهمة في إقامة هذا المعرض بما يستطيع تقديمه على سبيل الإعارة.
وقد كلفت الوزارة مندوبها الدكتور إبراهيم جمعة مدير قسم المتاحف والمعارض الثقافية بالاتصال بعزتكم في هذا الشأن رجاء التكريم بإعارتنا ما يمكن تقديمه في موعد غايته يوم السبت 27 أبريل سنة 1946
(مراقب الثقافة العامة) محمد عبد الواحد خلاف
(وكيل المعارف) محمد شفيق غربال
(تاج المرأة) على مسرح دار الأوبرا الملكية
ما ألذ ساعة يقضيها الإنسان في دار التمثيل يشاهد صورة حية من صور المجتمع، ينقلها بوضعها الصحيح، ووقائعها المحسوسة الملموسة، ممثلون كأنهم أصحاب الصورة في إبراز الشعور وفي أداء الأغراض التي رمى إليها المؤلف في الابتداع، وفي تقسيم الفصول، وفي التفنن في التمهيد لكل حدث يقع، ولكل كلمة تلمح إلى ما يليها، والنكتة المضحكة وما يتبعها من لذعة مؤلمة، وأين تقع العقدة وأين ومتى يحلها وفق ما هو مفروض لمثله الأعلى الذي تصوره في ذهنه قبل خلق روايته.
ما أحلى تلك الساعة وما أشهاها لنفس تعلم جيدا أن التمثيل سيبقى أبد الدهر برغم مزاحمة السينما له ودفعها إياه بمناكبها الجبارة من طريقها، وأن بقاءه منوط بالحياة ذاتها، والاستمتاع بها نفسها، عن طريق المشاهدة والسمع، بانتشار العلم بين جميع الأوساط، وذيوع الثقافة الفنية، والإحساس الواعي بفتنة الفن وسحره.
ما أحلاها ساعة يرى فيها نصير التمثيل أينما تلفت مقاعد دار الأوبرا ومقاصيرها وشرفاتها حافلة بأيقاظ الذهن والروح والشعور يطمئنون دعاة الأدب والفن على أن البلد بخير وعافية، وأن نهضته صحيحة سليمة، وأنهم يتلقفون صور الحياة، ناطقة بالحياة، حبا للحياة.
بل ما أحلى أن يعي جيدا، ويدرك جيدا، ويعمل جيدا أولئك المشرفون على إبراز التمثيل إلى عالم الواقع، إن من أقدس واجباتهم، وأسمى غاياتهم إظهار ثقافة الأمة على حقيقتها، والأخذ بيد هذه الأمة لتتوقل معها مدارج الصعود، وأن هذا ميسور لها إذا قدرت أن مذهب الفن للفن هو رسالتها، وأن كسب المال الوفير هو وسيلة لا غاية.
لقد نعمت بهذه الساعة السعيدة في دار الأوبرا حيث كانت فرقة التمثيل تمثل رواية (تاج المرأة) لمؤلفها دوماس العظيم، ومترجمها الأستاذ الفاضل كامل البهنساوي.
لقد نعمت فعلا بساعة سعيدة، كانت تتجاذبني خلالها انفعالات شتى، وأحاسيس متنوعة، واضطرابات تميل بي تارة إلى كل جانب استجابة لعواصف الحياة وهي تعصف هوجاء دائما على غير قياس وبدون تدبر، وقد نسقها فأبدع تنسيقها مؤلف عظيم موهوب فطر على انتزاع أسرار الحياة ليبسطها على المسرح، وتارة تجذبني جمل وألفاظ، وإيماءات وإشارات وتنقلات، وانخفاضات في الصوت وارتفاعات، ولين في خارج الكلمات أو شدة، وانفعالات واضحة في قسمات الوجوه، واللواحظ والابتسامات أتقنها الممثلون والممثلات أجود إتقان. ولم تصدم سمعي كلمة واحدة نابية، أو جملة واحدة مخلخلة قلقة، أو لفظة تدل على أن المترجم لم يؤد الأمانة حقها، أو إلى ضعف في التوفيق بين اللغتين الفرنسية والعربية، أو التصرف والتهاون ولو قليلا في مقاصد المؤلف، أو التراخي في إبراز روحه العظيمة على حقيقتها في العظمة والجلال، هكذا يكون الانسجام الحقيقي بين المؤلف والمترجم والممثل والمخرج، فيمثلون روح الرواية الواحدة كل من ناحيته متساندين.
إنها لساعة تدفع بي بغير تحفظ إلى إسداء الشكر لهذه الفرقة التي أتحفتنا بتمثيل هذه الرواية في هذا الفصل، وكنت أود أن أطالبها المزيد من هذه الروايات الرفيعة، لأنها على الأقل تنفع كتاب الرواية المسرحية منا فتفتح أمامهم آفاقا لم يجرءوا بعد على ولوجها، فضلا عن أنها تعالج مشكلات اجتماعية لا تختلف عن مشكلاتنا الاجتماعية والخلقية والعائلية في وسطينا الراقي والوسط، ولكني أوفر على نفسي مطالبة هذه الفرقة التي لا تريد أن تعترف بأن لها رسالة ثقافية، وأن عليها واجبات نحو الأمة والحكومة.
حبيب الزحلاوي