مجلة الرسالة/العدد 662/أوهام آثارية
→ الأدب في سير أعلامه: | مجلة الرسالة - العدد 662 أوهام آثارية [[مؤلف:|]] |
الزندقة ← |
بتاريخ: 11 - 03 - 1946 |
للأستاذ صلاح الدين المنجد
العادلية أم الأشرفية؟ سنان المهندس أم سنان باشا الوالي؟ -
النصب التذكارية - قصير عمرة، أهو حمام أم قصر؟ تاريخ
بناء مسجد نور الدين في الموصل.
1 - العادلية أم الأشرفية:
ذكر العلامة الكبير الدكتور عبد الوهاب عزام بك في مقاله المسمى (في عيد المعري) المنشور في هذه المجلة (العدد 600) ما نصه:
(واجتمعنا، نحن وجماعة من علماء الشام وأدبائها أعضاء المجمع، في دار المجمع، وهي المدرسة الأشرفية التي بناها الملك الأشرف الأيوبي. اهـ).
قلت: دار المجمع العلمي بدمشق، هي المدرسة العادلية، وهي غير الأشرفية. وتنسب إلى الملك العادل سيف الدين أخي صلاح الدين. كان نور الدين أول من بدأ بها، فمات ولم يتمها. ثم شرع الملك العادل سنة 612هـ ببنائها، ومات سنة 615هـ ولم يتمها. فأتمها من بعده أبنه الملك المعظم.
وقد ذكرتها أمهات الكتب كلها بأسم العادلية.
أما الأشرف الأيوبي، فلم يبن العادلية، وإنما بنى دار الحديث الأشرفية الجوانية. وهي (جوار باب القلعة الشرقي، غربي العصرونية) وما تزال قائمة. ودرس بها في أيامها أبن الصلاح وأبو شامة وغيرهما.
وبني الأشرف مدرسة ثانية هي دار الحديث الأشرفية البرانية وهي في السفح شرقي المرشدية، وغربي الأتابكية.
(وإن شئت التفصيل فانظر من المخطوطات: النعيمي في إرشاد الطالب، والعموي في مختصر النعيمي، وبدران في منادمة الأطلال، وبدران في مختصر المنادمة، وأبن طولون في تاريخ الصالحية، وأبن كدن في المروج السندسية. ومن المطبوعات: بالعربية: أبن كثير في البداية والنهاية ج13 ص68، وبالفرنسية المباني الأيوبية بدمشق لسوفاجه ج2 ص76، ومباني دمشق التاريخية للمؤلف نفسه ص62، وبالألمانية: وتزنجر وولزنجر , 3 , 5. يمكن مراجعة سوفير في المجلة الآسيوية: مايس وحزيران سنة 1894. الفصل الثالث ص423).
2 - سنان المهندس أم سنان باشا الوالي؟
وذكر فضيلة الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي في مقاله الممتع عن (دمشق) المنشور في العدد 658 من الرسالة الغراء، أن مسجد السنانية سمي نسبة إلى سنان المهندس التركي المعروف.
قلت: المعروف أنه ينسب إلى بانية سنان باشا، نائب الشام والوزير الأعظم. ولى الوزارة للسلطان مرادخان، ومات سنة (1004) هـ. وقد بدأ بعمارة مسجده هذا سنة 995هـ، وتمت عمارته سنة 999هـ.
أما سنان المهندس، فهو الذي وضع تخطيط التكية السليمانية التي قامت مكان القصر الأبلق الذي بناه الملك الظاهر بيبرس في المرج الأخضر.
(انظر للتفصيل: المنادمة لبدران، ومختصر المنادمة له، وذيل العلموي للعدوي، وكتاب الباشات والقضاة لأبن جمعة، وولزنجر ووتزنجر 5. 8، ومباني دمشق التاريخية لسوفاجه ص78، 84).
3 - النصب التذكارية:
وذكر الدكتور زكي محمد حسن في مجلة الكتاب الزاهرة في مقال له عن قصور الأمويين انه لا يوجد نصب تذكارية لتخليد انتصارات العرب.
قلت: في دمشق، فوق ذروة من ذرى قاسيون، بناء مربع مفتوح الجوانب، فوقه قبة. كانت من متنزهات الصالحية، لإشرافها على الربوة، وعلى دمشق، اسمها قبة النصر، بناها نائب الشام برقوق الذي قاتل سوار بك فأخذه غدراً، ثم أقام هذه القبة سنة 877هـ ذكرى انتصاره، وقد ذكر هذا ابن طولون.
(انظر للتفصيل: تاريخ الصالحية لأبن طولون، المروج السندسية لأبن كنان، المباني التاريخية بدمشق ص15 لسوفاجه ولزنجر ووتزنجر ويمكن مراجعة: 4 - قصير عمرة، أهو حمام أم قصر؟
وأدخل الدكتور زكي محمد حسن، في مقالة عن قصور الأمويين، المنوه به في الفقرة السابقة، أدخل قصير عمرة، وحمام الصرخ في عداد القصور.
أما حمام الصرخ، فأسمه حمام، ولا محل لدسه بين القصور، بقى قصير عمرة، فما هو؟
لقد أصر الدكتور على جعله أو سرده مع القصور لأمرين:
1 - لأن علماء الآثار ساروا على ذلك.
2 - لأن فيه، وفي حمام الصرخ قاعات استقبال (؟)
قلت: قول الدكتور لا يطمئن إليه، فالرجل ذو الفكر الناقد لا يجعل الحمام قصراً ولو قال ذلك أكبر العلماء الأجانب. لأن قولاً كهذا يجدر التروي فيه قبل نقله. فالدراسات الآثارية الحديثة أجمعت على جعل قصير عمرة حماماً لا قصراً، وان أمام هذا الحمام كان قصر فتهدم واختفت معالمه. (انظر مجلة المجمع العلمي بدمشق المجلد السابع عشر مايس حزيران سنة 942).
إن تخطيط قصير عمرة، وحمام الصرخ يدل على وجود غرفة كبيرة واسعة في كل منهما، وقد ظن بعضهم أنها غرفة إستقبال (!) ونقل الدكتور هذا الظن. أغرفه استقبال في حمام؟ أمر عجب. على كل أنا أشك فيما نقله الدكتور، وأشك أن تكون غرفة استقبال، ولن يجد الدكتور أي نص قديم صحيح يثبت ما ذهب إليه، ويؤيد أن خليفة استقبل الناس في حمام.
والأقرب للعقل أن تكون هذه الغرفة الواسعة للاستراحة بعد الاستحمام أو للهو واقتناص اللذة قبل الاستحمام، أو للأمرين معا، فالملوك لا يستقبلون في الحمامات.
إن وجود هذه الغرفة الواسعة في الحمام لا يجعل الحمام قصراً، فالحمام الأموي الذي كشف في جبل سيس في بادية دمشق، يشبه تخطيطه قصير عمرة والصرخ تماماً. وبرغم الغرفة الواسعة فيه لم يقل أحد إنه قصر ولا جعله في عداد القصور (انظر:
وفي دمشق حمام أسمه حمام السروجي، فيه غرفة واسعة تشبه تماماً غرفة قصير عمرة، وقد لاحظ هذا ايكوشار، ومع ذلك فلم يجعل أحد هذه الغرفة غرفة استقبال أو يجعل الحمام قصراً. وأنت واجد مثل هذا في أغلب حمامات دمشق (انظر: على أن ما يؤيد ما ذهبنا إليه، من أن هذه القاعة الواسعة في قصير عمرة ليست للاستقبال، وجود مشاهد مثيرة على الحيطان، لا يمكن أن يضعها خليفة في قاعة يستقبل بها الناس. فمن هذه المشاهد: مشهد امرأة ذات قامة فارعة نصفها الأعلى عار رفعت يديها فوق رأسها المحاط بضفائرها، ومشهد آخر يمثل امرأة عارية تماماً يبدو جسمها كله وهي ترقص وتقوم بحركات تظهر فتنة جسمها. ومشهد ثالث يمثل امرأة مستلقية في سريرها، وضعت يدها على ذقنها وأخذت تنظر بيأس. ومشهد رابع يمثل امرأة عارية، يخفق ثوب شفاف عند سيقانها، وهي مستندة إلى رجل نضد، كفها اليسرى على ذقنها، تحلم وترنو إلى رجل في الطرف الثاني، مستلق يتأملها أيضا ويرنو إليها، وغير ذلك. (انظر:
111 87 - 92.
وانظر هذه المشاهد مصورة في ملحق هذا الجزء).
فهذه المشاهد المثيرة لا توضع إلا في مكان يلهو الخليفة به مع قيانه قبل الاستحمام أو بعد الصيد، وهذا أقرب للعقل لو تفكر المرء فيه.
وعلى هذا يكون إدخال قصير عمرة وحمام الصرخ في عداد القصور غير صحيح.
5 - تاريخ بناء مسجد نور الدين في الموصل:
في المقال الجيد الذي كتبه معالي الدكتور داود الجلبي عن بدر الدين لؤلؤ في مجلة سومر (ج1، م2) - التي تهنئ مديرية الآثار العراقية عليها - إشارة إلى تاريخ بناء مسجد نور الدين محمود زنكي في الموصل.
فقد ذكر الدكتور أن المسجد كملت عمارته سنة 586هـ.
قلت: أن نور الدين توفي سنة 569هـ بدمشق. والمصادر تشير إلى أن نور الدين أمر بعمارة مسجده في حياته، وما أدري أن كان المسجد كملت عمارته بعد سبع عشرة سنة من وفاة نور الدين؟ ولعل الصواب سنة 568 أي بتقديم الثمانية على الستة، ولعل الدكتور يصف لنا هذا المسجد، ويحدثنا عنه.
دمشق
صلاح الدين المنجد