الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 658/صحائف مطوية

مجلة الرسالة/العدد 658/صحائف مطوية

بتاريخ: 11 - 02 - 1946


الجنرال فيجان في سوريا ولبنان

للأستاذ أحمد رمزي

حينما اشتعلت نيران الحرب العالمية الثانية، عين في سبتمبر 1939 الجنرال فيجان القائد الفرنسي المعروف، وصاحب الشهرة الذائعة في الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 على راس جيش الشرق في ميدان الأبيض المتوسط، وقد حضر إلى بيروت وجعل عمارة كبيرة ذات عدة طبقات مركزاً لقيادته - وهي العمارة التي أصبحت بعد الاحتلال البريطاني مركزاً لبعثة الجنرال اسبيز - فكأن المقادير قد ربطت هذا البناء بأكبر الحوادث التاريخية لسوريا ولبنان إذ اتخذت في حجراته أخطر القرارات وجرت في معظم المفاوضات التي غيرت الكثير من أوضاع البلدين

وكان الجنرال فيجان في نوفمبر1939 ويقيم في قصر شاهق برأس بيروت تعرفه من مفرزة الجنود الجراكسة التي تتولى حراسته ليل نهار، والتي كانت موضع انتقاد زميلين لي من ممثلي الدول الشرقية، وقد حظيت بمقابلة الجنرال في مركز قيادته، ودارت بيننا محادثات، ففي المقابلة الأولى لقيته في صباح يوم من شهر نوفمبر، وكان قد تحدد موعدها قبل ذلك بيومين، وقد أخذت الأهبة لهذا اللقاء لعلمي بمنزلة القائد التاريخية، ولوثوقي من شخصيته ونظرته النافذة، ولذلك حرصت على أن أتحين الفرصة وأخرج من المقابلة الأولى، وقد توطدت بعض الثقة بيننا، أو أسي شيء من العلاقة غير الرسمية، أقصد التي يتخللها بعض الصراحة.

فكيف أعمل لذلك؟

كان عليّ أن أستجمع كل معلوماتي وما يبقى بالذاكرة من حوادث الحرب الماضية وتجاربها ودروسها، فمنها بعض ما قرأته في المؤلفات المختلفة وبعض ما سمعته بمعهد زوريخ، ثم كان عليّ أن أراجع ما قرأته من مؤلفات الجنرال فيجان نفسه، وأولها مؤلفه عن (حرب محمد علي)، وهو كتاب معروف متداول، ولم ينقصني سوى كتابه (تاريخ الجيش الفرنسي)، وسرعان ما جبت المدينة باحثاً منقباً لدى باعة الكتب، حتى حصلت على نسخة من هذا الكتاب، فأمضيت ليلتين في تصفحه، وقرأت المقدمة مرات، وأخذت أتعرف على أسلوبه وطريقته في سرد الحوادث وشرح المعارك التي خاضتها فرنسا؛ ولا تنس أن فيجان عضو في الأكاديمية الفرنسية، فهو قائد وكاتب وأديب.

ولقد أفادني ذلك كثيراً: أولاً لأني من ثنايا كتابته تعرفت على الجنرال، ومن تقليب صفحات كتابه الأخير فهمت ميوله السياسية، ولذلك شعرت بهدوء وثبات، وكأني أعرف الجنرال معرفة أكيدة قديمة لما توجهت إلى مركز القيادة، واستقبلني ياوره وصعد بي إلى الطابق الثاني، وأدخلني إلى حجرة تطل على ناحية المدينة بعكس الجنرال اسبيرز الذي حينما احتل المكان كانت حجرته دائماً تطل على البحر، ولما استأذن لي من الجنرال أدخلني إلى غرفة متسمة، أول شيء لفت أنظاري هو أن حيطانها قد غطيت بالخرائط المفصلة: لأفريقية الشمالية إلى حدود مصر، وأخرى لسوريا ولبنان مع الجزء الجنوبي لتركيا، وفي مقابل المكتب خريطة كبرى لأوروبا الوسطى تظهر فيها بوضوح تام أراضي المجر والنمسا وتشيكوسلوفاكيا، والجزء البلقاني الذي يبدأ من مقدونيا، وفيه أراضي بلغاريا ويوجوسلافيا، وقد ظهرت على التضاريس الأرضية وطرق المواصلات بمختلف الألوان. وقد أكثرت من ذكر الخرائط لأن الجنرال يحتاج دائماً إليها للتعبير عن أراءه إذا اتصلت بالناحية العسكرية، وتتجه أنظاره باستمرار إليها في حديثه، وأحياناً يشير بأصابعه إليها.

وكان أثاث الحجرة بسيطاً للغاية، لدرجة إنه لا يرضى به موظف بسيط لإحدى المصالح إذا أعطى بعض ما يشبه الرئاسة في بلاد مصر. وكان المكتب على شمال الداخل، فما فتح الباب حتى خف الجنرال من أمام مكتبه مرحباً بي، ولازمني حتى على مقعد أمامه، وعاد هو إلى مكتبه، معتذراً بأن حالة الحرب لا تمكنه من الحصول على أثاث لائق.

وبعد تبادل العبارات المألوفة بدأ حديثه: بأنه ليس غريباً عن مصر، إذ هو عضو بمجلس إدارة شركة قنال السويس، ومن أتاحت له هذه العضوية رؤية بلادنا، ثم هو مدعو قريباً لزيارتها بناء على طلب مجلس الحرب الأعلى للحلفاء لتقديم تقرير واف عن الحالة العسكرية وما يتطلبه الموقف الحربي إذا دخلت إيطاليا الحرب وقررت مهاجمة مصر.

أفادتني معلوماتي التي حصلت عليها بمطالعة ليلتين، والتي أشرت إليها في إلقاء بعض الجمل والتعليقات التي جعلته يطمئن يحدثه لبعض الأمور، فاعتدل في مجلسه وأخذ يتحدث ببعض الإسهاب عن القوات التي تجمعت تحت قيادته في بلاد الشرق فقال: إن فرنسا لم تقصد من حشدها أن تدافع عن سوريا ولبنان، لأن القوات المحتلة للبلدين تكفي لحفظ الأمن وتوطيد سلطتها، ولرد كل عدوان يقع عليها، وإنما القصد من تجمع هذه الوحدات أن تكون تحت التصرف مجلس الحلفاء الأعلى، لترسل إلى الجهة التي يبدو الخطر فيها، فهو كقائد لهذه المنطقة على رأس مجموعة جيوش فرنسية بينها قوات مؤلفة من البولونيين وتشيكوسولوفاكيين وغيرهم ممن لم تمكنهم الظروف أو لم تسمح لهم وسائل النقل من الالتحاق بوحداتهم الأصلية في بلدانهم. وقال إن هذه القوة منظمة تنظيماً تاماً، وعددها يزيد كثيراً عما يعتقده الكثيرون، بل هي دائمة الزيادة بفضل البواخر التي تنقل من فرنسا ومن مستعمراتها الرجال والعتاد.

وهنا اتجه الجنرال لجهة الخريطة الأوربية وقال: إن حملة سلانيك في الحرب الماضية قد قصرت أجل الحرب وساهمت في النصر النهائي بتعجيل انهيار النمسا والمجر وبلغاريا، وأعتقد أن مجموعة الجيوش التي تحت قيادتي قد تفتح جبهة ثانية في الميدان؛ وأشار إلى سهول المجر المتسمة قائلاً: إذا لم تدخل إيطاليا الحرب ولم يحدث شيء على الميدان الغربي، فإن الحلفاء قد يضربون الألمان بفتح ثغرة من هذا المكان ضد ألمانيا، وقد تكون ضربة حاسمة، وذلك باعتمادهم على جيش الشرق حينما يتم تجمع وحشد قواته ومعداته. وتفهم طبعاً من حديثه هذا أنه قصد تطمين الحكومة المصرية وتمهيد زيارته القادمة لمصر.

وكنت أتلهف لمعرفة رأيه عن المدة التي قضاها في سورية ولبنان، ولذلك أردت أن أنقل الحديث إلى ناحية تشير إلى الماضي، فذكرت له المدة التي أقامها بهذه البلاد وأنها برغم قصرها لا يزال يذكرها الكثيرون - ففهم مرادي من هذه الناحية وقال: إن أصدقاءه يأتون إليه من كل جانب، وأنه يحب هذه البلاد وأهلها، وإن صلات فرنسا بها صلات قديمة راسخة.

والجنرال أقرب إلى القصر منه إلى الرجل المتوسط الطول، يبدو لك في الخمسين من عمره، وإن كان قد ترك الستين وأخذ يقترب من السبعين، وهو دائم النشاط والحركة، يظهر لي من حركاته أنه شديد الوطأة على معاونيه، إذ يطلب درجة فوق المستوى اللاتيني من الضبط والربط، وهذه الدرجة غير متوفرة في ذلك الوقت، لأن جيوشه تنقصها المعسكرات والثكنات، فهي في حكم المضطرة لمشاركة الأهالي في مساكنهم، وناهيك بأثر ذلك في نفسية الجنود ومعنوياتهم وخضوعهم لأنظمة الجيوش. ولما كان غالب هذه الفرق قد وصل من أفريقيا الشمالية، وأكثر من الجنود الملونة من أهالي المستعمرات والسنغال والمغرب، كان جل اعتمادها في النقل على الحيوان أو على عربات يجرها الحيوان، فكانت أشبه شيء بالجنود التي زحف بها اللورد اللبني عام 1917على فلسطين وسوريا وحارب بها الأتراك.

كنا نعلم الكثير من هذا، ولكن ثقتنا بالجنرال كانت كبيرة ولا حد لها، خصوصاً في فنه وعبقريته. ولما استأذنت، ودعني قائلاً: إنه يسر أن يراني من وقت لآخر. ولم تعرض المرة الثانية إلا قبيل سفره إلى مصر في فبراير التالي، إذ بدأت حديثاً معه، فأشرت إلى الماريشال فوش، وكان الجنرال رئيساً لأركان حربه وقلت: إنني أقف في كل مرة أزور ألانفاليد بباريس أمام الخريطة الكبيرة التي كان يدير بها العمليات الحربية بالميدان الغربي، وأعجب من عبقريته، وأفضى بنا الحديث إلى معركة لمارن وأثر فوش، وإلى النظرية الفرنسية للحروب، وعبقرية نابليون وإشادة فوش بها في دروسه بأكاديمية الحرب الفرنسية.

وانتقلنا عرضاً إلى الديمقراطية، وهي إن بدت ضعيفة في الاستعداد الحربي، إلا أن الكلمة الأخيرة لها، لأنها ستكسب في النهاية المعركة الفاصلة.

وكان هذا الحديث الشائق يسير متواصلاً إلى أن قطعه بان أخذ يتحدث عن الجيش المصري فوجه إلى عدة أسئلة دقيقة مثل: من كم فرقة يؤلف جيشكم؟ كم شهراً يأخذ التدريب الفني لجندي المشاة؟ هل لديكم مدارس لضباط الصف؟ ما هو التسليح الجديد والأنظمة الحديثة التي أدخلتها البعثة العسكرية البريطانية على جيشكم؟ ما هي الوحدة الأساسية التي يبن عليها التدريب لكي تدخل القتال مستقلة اللواء أم الفرقة؟ هل لديكم سلاح للمهندسين بالجيش؟ هل بوسع جيشكم أن يدخل الميدان أمام قوات منظمة على الحرب الحديثة ولصد هجوم جيوش أوربية؟ ما هو مستوى ضباط الأركان حرب عندكم، وهل لديكم ضباط درسوا في دول غير بريطانيا؟

كانت ثرثرتي حول بعض المبادئ العامة مما جعله يعتقد أنه أمام جندي في زي ملكي، أما أنا فقد احترت كثيراً، وكنت كمن فتح لنفسه باباً لا يقدر عليه، ووقفت أسائل نفسي: هل أجيب على أسئلة الجنرال على الطريقة المعتادة لدينا، وفي صحفنا وأنديتنا فأقول: إن جيشنا على تمام الأهبة والاستعداد لتلبية واجب الوطن، وإن لدينا معدات كاملة، وإن قوادنا من الدرجة الأولى في فنون الحرب والقتال، بل إن منهم من وضع خطط الدفاع الصحراء الغربية. لا شك في أن قولي هذا لم يكن يقدم أو يؤخر، ولكن أمامي قائد من كبار قواد فرنسا سوف يذهب بعد أيام إلى مصر، وسيلتقي برجالنا وقوادنا، وسيعرف بالضبط مقدار معلوماتهم، وسوف يحادث رجال فرنسا عندنا ويقابل الجنرال ويفل والجنرال ويلسون وضباط البعثة البريطانية، وسيقف على كل صغيرة وكبيرة. فوقفت متردداً ثم قلت: أن الجيش المصري يتطور بسرعة نحو استكمال أسلحته، وسترى في مصر وتسمع الكثير عنه، ولا شك أن الخطوات ثابتة. ويذكرني حديثكم عن أيام قضيتها بإيران، والتقيت مرة بأفراد البعثة العسكرية الفرنسية المكلفين بتنظيم الجيش الإيراني، فسمعت أحدهم يقول: (أن الحكومة الإيرانية تطلب منا أن نخرج لها ضباطاً صالحين للقيادة بعد دراسة لا تطول أكثر من سنتين، ونحن في فرنسا نحتاج إلى عشرين عاماً لتهيئة وتكوين ضابط من ضباط الأركان حرب الذين تستطيع أن تعتمد عليهم الدولة في تحريك فرقة من الجنود وقيادتها في ميدان القتال).

وهنا نظر إلي الجنرال طويلاً وابتسم، إذ في ذلك كل الإجابة على أسئلته المحرجة، ولكني أردفت ذلك بقولي له: إن مواد العمل صالحة وجيدة، وإن قوة احتمال الجنود وصبرهم من ميزات الجيش المصري، بل هي أهم عوامل البناء التي يمكن الاعتماد عليها في إخراج جيش حديث يعيد بعض مواقف السلف من الماضي، ولا شك أنكم كتبتم شيئاً من ذلك فارجعوا إلى ما أشرتم إليه في كتابكم.

فهز رأسه موافقاً على ما قلت، وافترقنا، وبعد أسبوع من هذه المقابلة سافر الجنرال إلى القاهرة، ولقي من السلطات المصرية والبريطانية كل ترحاب، وأقيمت له المآدب وحفلات التكريم، منها مأدبة رفعة على ماهر باشا التي أقامها على شرف الجنرال في فندق سمير اميس، وقد دعي إليها كثير من العظماء وأهل الرأي من العظماء وكبار ضباط الجيشين المصري والبريطاني، وأدلى رفعته بحديث نقلته وكالات البرق قال فيه: (إن مصر تغتبط باستقبال القائد العظيم وتقدر صفاته العسكرية الممتازة وماضيه المجيد وتحيي فيم ممثل فرنسا النبيلة).

وأقيم له استعراض عسكري اشتركت فيه بعض الوحدات الميكانيكية من القوات البريطانية والمصرية والهندية، وكان يرافقه القائد البريطاني ويفل أثناء العرض.

وتعود بي الذكرى هنا إلى عام1942، حينما تعددت مقابلاتي مع الجنرال كاترو الفرنسي، وذلك بعد احتلال سوريا ولبنان، وفي إبان المفاوضات التي أنهت بعودة الحياة الدستورية بالبلدين، إذ أنني قابلته في يوم16أكتوبر1942، وتناول الحديث مسائل متنوعة، ولكنه صرح لي وقد قيدت ذلك في حينه:

إنه كان حاضراً في مجلس الحرب الأعلى للحلفاء في باريس، وذلك قبل خروج فرنسا من الحرب، حينما عرض التقرير الذي وضعه الجنرال فيجان عن رحلته إلى مصر في فبراير1940وعن الحالة الحربية، وإن الجنرال سجل إعجابه بالجنود المصريين وحسن استعدادهم للخدمة العسكرية، واقترح وجوب زيادة الجيش المصري، كما أشار إلى ما يجنيه الحلفاء من الفائدة والمعونة إذا وقف بجانبهم جيش مصري قوي، وقد أخذ مجلس الحرب الأعلى بهذا الاقتراح وكان من ضمن القرارات التي وافق عليها.

وعاد الجنرال فيجان من مصر فبدأ رحلاته إلى الداخل، وكثرت تنقلاته، وكانت مقابلاته بعد ذلك عرضية ونادرة، وأغلبها في ميدان السباق، ولكن توطدت مع معاونه الجنرال كايو ومع أركان حربه ومكتبه علاقات ودية، فما اتصلت بشيء لدى السلطات العسكرية عن طريق القيادة، إلا وأجيب طلبي أو رجائي فوراً، أو كان محل اهتمامهم وتحرياتهم بعكس السلطات المدنية التي طالما تمهلت وتأخرت، ثم ألقت أسباب عجزها على السلطات العسكرية، ولقد كان موضع سمرنا في المفوضية الفرنسية خصوصاً المكتب الدبلوماسي الذي أحتج بالعسكريين بادرت بأن أعلمه أنني مستعد للذهاب إليهم رأساً لإزالة ما نشكو منه، وكان المكتب يعلم بما تقدمه السلطات العسكرية من تسهيلات لمصر في مقابل ما تبذله من تسهيلات للعسكريين

هذا هو الجنرال الفرنسي الذي ساهم مساهمة فعلية في قيادة فرنسا إلى النصر في الحرب الأولى، والذي وطد نفوذ بلاده في الأشهر الأولى من الحرب العالمية الثانية، كان حركاته ومشيته تفيض منه الطمأنينة والثقة، فيتأثر منها الغير لدى مواجهته أو مصافحته أو رؤيته، ويشعرون بنفس الثقة والاطمئنان.

وأذكر مرة أني رأيته داخلاً الجامع العمري بمدينة بيروت بمناسبة المولد النبوي الشريف، فهتفت له الجماهير الإسلامية طويلاً، وحملته على الأعناق، ودخلت به المسجد.

ولقد رأيت الكثيرين من ممثلي البلاد الأوربية في المشرق فلم أر مثل فيجان، ولقد وصل غيره، ورتبت لهم الهتافات، إلا أن الجماهير لم تغمرها روح الحماس الذي كانت تحس بع عند رؤيتها الجنرال الشيخ والشاب في نفس الوقت.

وفي ليلة ومن الليالي استدعى باريس لقيادة جيوش الجمهورية وسد ثغرة سيدان، لقد تحطمت الجبهة واندكت حصون خط ماجينو في الشمال والزحف الألماني لا يقف، وراديو برلين يصيح: (لو بعث نابليون من قبره، لما كان في وسعه أن يغير القدر المحتوم!) لقد هزمت فرنسا وتمزقت جيوش الجمهورية!

وكنت جاراً للجنرال كايو، وقد زالت الكلفة بيننا، وفي عصر أحد الأيام دعاني لمنزله، وقال انه يغادر البلاد الليلة إلى مصر فالسودان فأفريقيا الغربية فمراكش إلى فرنسا، وذلك بناء على دعوة فيجان، إذ يجب أن يكون بجبهة القتال قبل أربعة أيام. قلت أنكم تنتظرون قرارات حاسمة. قال: إن إنقاذنا يحتاج لمعجزة

ودمعت أعين القائد أمام هذا التصريح، فاستأذنت بعد أن حملته سلاماً للقائد الذي وضعت فرنسا وبلادي مصر وغيرنا من البلاد آمالها في عبقريته وفنه العسكري يوماً من الأيام.

وانتهت صفحة من تاريخ العالم بمعاركه وفواصله وأسلاكه الشائكة.!

أحمد رمزي

القنصل العام السابق لمصر بسوريا ولبنان. . .