الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 655/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 655/البريد الأدبي

بتاريخ: 21 - 01 - 1946


فضيحة. . . فمن المسئول؟!

ليس لها اسم إلا (الفضيحة)، وقد وقعت مع الأسف في استقبال العاهل

العربي العظيم، الذي تهيأت مصر لاستقباله بما لم تستقبل به أحداً من

قبل. . . فمن يا ترى هو المسئول؟

لقد وددت أن أسكت حتى تنتهي الزيارة الكريمة، ولكني خفت أن تتهم مصر في ذوقها في حين أنها بريئة، وأنها (عملة) ذهن عامي كليل. ولا بد أن كثيراً من الضيوف الكرام قد لحظ هذه (الفضحية)، فمن حق مصر أن أبرئها من (عملة) هذا الذهن العامي الكليل!

في مصر شعراء والحمد لله - فلم تعقم بعد - وشعور هؤلاء الشعراء فياض بالحماسة والحب والتكريم للعاهل العظيم. . . ولكن ذهناً عامياً كليلاً في محطة الإذاعة، أو في غيرها، أراد أن يختار قطعة تغنيها مطربة الشرق العربي (أم كلثوم)، فلم يجد أن شعور مصر الدافق كله يستطيع أن ينشيء قطعة مناسبة لهذا الغرض الكريم، فبحث وبحث حتى وجد قطعة للمرحوم شوقي بك (قيلت في مناسبة المولد النبوي الشريف)، فاختار أن تغنيها لتحي بها الملك العظيم.

ولكن القطعة - وهي في مناسبة خاصة - لا تحوي نصاً صريحاً يتفق مع المناسبة الحاضرة. . . وهنا يتفتق ذلك الذهن العامي الكليل عن حيلة طريفة. . . يستدعي شاعراً معاصراً هو الأستاذ محمد الأسمر لينظم أبياتاً تلصق بأبيات (شوقي)، وتفي بهذا الغرض الجديد!

يا للذكاء!! أيجرؤ ذلك الذهن العامي على اتهام الشعراء المعاصرين أجمعين بأنهم لا يستطيعون الوفاء بمناسبة حاضرة كريمة تهز شعورهم وشعور المصريين أجمعين؟

وإذا كان قد قدر عليه المقدر (كما يقولون في العامية)، ولجأ إلى شعر قديم يستوحيه؛ فإما أن يجده وافياً بالغرض، وإما أن ينصرف عنه، بغير هذا الترقيع الذي لا أدري كيف أسميه!

وتشاء المصادفات أن تمضي (الفضيحة) إلى نهايتها، فتأتي الرقعة الجديدة - على غ مألوف الشاعر الذي قبل القيام بهذه المهمة العجيبة ركيكة مهلهلة ضعيفة، لا تتسق مع الأبيات الأصلية معنى ولا مبنى!

ثم يأتي التلحين رديئاً إلى الحد الذي يقضي على الصوت الغني الرخيم، فلا يكاد يبين!

من المسئول عن هذه الفضيحة؟ وهل يصلح مثل هذا الذهن العامي الكليل للأشراف على مثل هذه البرامج الخاصة بمناسبة عظيمة لا تعرض كل حين؟!

سؤال يوجهه الأدب والذوق والكياسة للمسئولين!

سيد قطب

الأستاذ النشاشيبي في مصر:

قدم القاهرة إمام العربية الأستاذ المحقق محمد إسعاف النشاشيبي وتبوأ الصدر من مجلسه المشهود في الكنتنتال، فأقبل عليه عارفو فضله وعشاق أدبه يرحبون به ويستفيدون منه. فأهلاً وسهلاً بحجة الإسلام وعمدة الأدب.

في قصيدة الغزالي:

نبهني إلى ما نشرته (الرسالة) الغراء في عددها رقم 652 تحت هذا العنوان الصديق الفاضل ثروت أباظة، وهو يواسيني في غمرة الأسى على والدي - ندّى الله مضجعة بفيض رحمته ورضوانه - ثم عاد - أمتعه الله بأبيه - فأثار هذا الموضوع بعد أن رجعت إلى عملي في مصر، فتذاكرنا معاً ما بقي بذهني من علمي العروض والقافية، أيام دراستي في الأزهر ودار العلوم.

والأستاذ رضوان يذكر أن صاحب (الشافي في علمي العروض والقوافي) قسم السناد، ثم مثل لسناد التأسيس بهذا البيت:

يا دار مية أسلمي ثم أسلمي ... فخندف هامة هذا العالم

فإهمال ألف التأسيس مشاهد في كلمة (أسلمي)، ويوافقني الأستاذ على أن البيتين المشار إليهما في قصيدتي ليسا من قبيل هذا البيت. والمثال كما يقولون مصدر القاعدة.

وفي بريد الرسالة الأدبي كلمة لكاتب فاضل يخطئ فيها الأستاذ رضوان ويذكر أن في البيتين سناد الإشباع لا سناد التأسيس فما رأي الأستاذ رضوان؟ إني لأرجو أن ينفي ما ذهب إليه صاحبه، كما نفي صاحبه ما ذهب إليه وبذلك يخرج البيتان في عافية.

وأحب أن أهمس في أذن الأديبين الناقدين أن كلمة (الخطأ) التي وردت في نقدهما فيها كثير من التجوّز، فلم يقل أحد من العروضيين إن هذا أو ذاك خطأ، ولكنه على حد تعبيرهم (خلاف الأولى).

وإني لأشكر للأديبين غيرتهما، وحينما أرزق سعة النفس والوقت أعدهما ببحث مستقل أستعرض فيه سنن الشعر العربي في مختلف عصوره لدفع هذا الزعم الذي يدفع الناقد لمثل هذه اللفتات.

والشعر مصدر ما وضعه العروضيون من قواعد، ويا ويل الشاعر من العروضيين

أحمد عبد المجيد الغزالي

1 - شعر حماد:

جاء في المقالة الخامسة من مقالات (حماد الراوية) العدد (651) عند الكلام على انتحال حماد (وإنما الذي به النحل لا الانتحال) أن شعره (يميل إلى الغثاثة والركة، ولم يبلغ من الجودة ما بلغه شعراء الجاهلية حتى تختلط أشعاره بأشعارهم). وجعل ذلك أحد أوجه ذكرها لأبطال روايات مشهورات عن ثقات، واستدل عليه:

1 - بنقل أبيات لحماد استهدى بها جبة من بعض الرؤساء. أولها (إن لي حاجة فرأيك فيها).

2 - بضبطه (فرأيك) بالرفع والتحشية عليها بأن حماداً (يريد أن يقول: فما رأيك فيها).

3 - بنقل أبيات جزلة منسوبة إلى حماد والإشارة إلى أن قائل تلك لا يقول هذه.

وأنا أقول:

1 - إن أبيات حماد في استهداء الجبة، ليست غثة ولا ركيكة بل هي أبيات بليغة. والبلاغة وضع الكلام في موضعه ومطابقته لما تقتضيه الحال، وتلك الحال لا تقتضي إلا مثل هذه الأبيات، ولو ساقها جاهلية فخمة غريبة اللفظ بدوية الأسلوب، لكانت باردة غثة، لأن لكل مقام مقالاً.

2 - أما (فرأيك) فالخطأ في ضبطها، جر على حماد عارها وإنه لبريء منه، وإنما هي (فرأيك) بالنصب. وهذه من قبيل (زناه فحده) التي كنا تكلمنا عنها. . .

3 - أما إن الذي يقول الشعر الخفيف الفكه في موضعه، لا يقول الشعر الجزل في موضعه، فغير صحيح، وهذا بشار يقول (ربابة ربة البيت) الأبيات وما تمنعه أن يقول (إذا ما غضبنا. . .) وبينهما أكثر مما بين قطعتي حماد، وشوقي صاحب المعجزة البيانية (قم في فم الدنيا وحي الأزهرا) هو صاحب (الحيوان خلق له عليك حق) وناظم (تلك) الأنشودة لجمعية الشبان المسلمين سنة 1929.

وما شاعر في الدنيا، ولا كاتب ولا متكلم يهزل كما يجد، ويقول لصديقه مؤنسا ما يقول لعدوه هاجيا، ويتغزل بأسلوب الفخر، ويخطب يوم المعمعة بمثل ما يناغى به الحبيب ليلة اللقاء، ويرقص وليده بمثل أراجيز العجاج، وهذا أبو نواس في خمرياته غيره في طردياته، والرصافي في أخلاقياته، أين منه الرصافي في مجونياته، ولولا أن هذا أمر قد فرغ من تقريره نقاد العرب والافرانج من زمن طويل، لسردت مثالا عليه من شعر كل شاعر!

2 - سادة الكتاب:

هذه حاشية على العمود الثاني، من الصفحة (1418) من الرسالة (652):

وأنا أقول: إن سادة الكتاب (عندي) خمسة: هم الذري وهمم القمم، وإن كثرت من دونهم الهضاب والجبال: الجاحظ في الأدب، وأبو حيان في الفكر، والغزالي. في التحليل النفسي وابن عربي (محي الدين) في التصوف، وابن خلدون في الاجتماع هؤلاء الأئمة المجتهدون، وأما الآخرون فأكثرهم مقلدون. وأستاذنا النشاشيبي أوسع منى علما، وأصح حكما.

3 - بين قوسين:

لتفهم كلمتي في بريد الرسالة (1418) ضع كلمة (عنوانه) في السطر الثاني بين قوسين، لأنها جاءت للتفسير لا للتقرير.

علي الطنطاوي

سناد التأسيس: في العدد (652) من أعداد الرسالة خطأ الأستاذ محمد محمود رضوان بيتي الشاعر أحمد عبد المجيد الغزالي وهما:

كأن به في حلة الملك رافلا ... يخب بدنيا ليس يدنو لها مدى

عوالم هذا العصر أنت وسعتها ... بفنك لم تعجز لسانا ولا يدي

وقال إن الخطأ فيما يسمعه العروضيون (سناد التأسيس).

والحقيقة غير ما قال الأستاذ الناقد إذ أن (سناد التأسيس) في البيتين السابق ذكرهما موجود وإنما الخطأ في (سناد الإشباع) كما يقول أهل العروض، وليس في (سناد التأسيس) كما قال الأستاذ المفضال.

فحركة الدخيل في الأبيات كلها بالخفض، إلا في البيتين المنقودين فإنها جاءت بالفتح، وذلك ما يسمونه سناد الإشباع.

ومنى على الناقد والمنقود تحية وسلام

عدنان أسعد

حول سجون بغداد:

أرجو، أن يتفضل من كان لديه أخبار تتعلق بسجون بغداد وما يتصل بها - لم أذكرها في مقالاتي التي نشرت في هذه المجلة - فينشرها في هذا البريد الأدبي، وله مني الشكر سلفاً.

صلاح الدين المنجد