الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 648/البَريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة/العدد 648/البَريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة - العدد 648
البَريدُ الأدبيّ
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 03 - 12 - 1945


الدين والوحي والإسلام

لمعالي مصطفى عبد الرزاق باشا

من المباحث الشائكة؛ الحساسة؛ التي تلقى في روع المتصدي للخوض في غمارها شيئاً كثيراً من التهيب والتوقير لما تنطوي عليه من دقة؛ وما يلابسها من الشعور بالقداسة نحوها؛ تلك التي تدور حول الدين والوحي والإسلام؛ وحسبك أنها الدعائم التي تنهض عليها الحياة الروحية للإنسانية؛ وقد وفق - الوزير الفيلسوف - في جلائها؛ والكشف عنها بهذا المنطق الرزين؛ الحصيف؛ وهذا الأسلوب المشرق الأخاذ؛ وهذا الإيجاز المركز؛ فهو يتناول الموضوع ويسلسله في كل الأطوار التي اجتازها؛ والمراحل التي قطعها؛ حتى يتسنى عرضه في مختلف الصور التي تبدي فيها؛ ثم يعقب بما يراه؛ فإذا أخذ في الكلام عن الدين عرض لك تحديد الدين وبيان أصله في نظر الفرنجة؛ ثم بداية الاهتمام بهذا المبحث؛ وصلة ذلك بتكون علم اللغات؛ ومعاني الكلمة الأوربية؛ ومذاهب علماء النفس والاجتماع في أصل الدين؛ ومناقشة التعاريف المختلفة للدين؛ ثم ينتقل إلى الدين في النظر الإسلامي؛ فيعرض لكلمة دين العربية؛ وأصل المادة؛ ومعانيها؛ ثم يعرض لها في لسان القرآن والشرع وعند الفلاسفة الإسلاميين؛ والفرق بين الدين والفلسفة؛ حتى إذا استوفى الكلام على الدين اتجه إلى الوحي: فبين معانيه في اللغة والقرآن والسنة؛ وعرض أهم النظريات في تفسير الوحي؛ فيعرض لمذاهب المتكلمين والفلاسفة والصوفية؛ ومذهب ابن خلدون؛ والوحي عند المسلمين في العصور الحديثة؛ ثم ينتهي بالإسلام؛ فيعرض للنظريات المختلفة في العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي لكلمة إسلام؛ ثم يستخلص الرأي الراجح في هذا الموضوع؛ بهذا الأسلوب العلمي الدقيق درس هذه النواحي دراسة متقنة جيدة؛ وببيانه الرصين أحكم صوغها؛ مما جعل القارئ يقبل على هذه الأبحاث الجافة في شوق، ويستمرئها في عذوبة.

محمد عبد الحليم أبو زيد

على هامش مؤتمر التعليم بالقاهرة: في حديث الدكتور مشرفة دعوة حارة للسمو بالتعليم فوق الحزبية والأحزاب. وإذا تم هذا فسيكون حقاً من أهم العوامل التي تساعد على تحقيق الأهداف التعليمية.

لكن سمو التعليم فوق هذه التيارات السياسية أو الأحزاب السياسية معناه أن تسمو الجماعة التي تعني بهذه الشئون التعليمية.

وهذا يتصل بالناحية الاقتصادية اتصالا وثيقاً.

فالضغط الاقتصادي كثيراً ما يملي على الأفراد والجماعات نوعاً من السلوك والأخلاق.

ووضع البلاد السياسي الآن يتطلب إلى حد كبير مجهوداً غير عادي لتحسين الناحية الاقتصادية أو على الأصح لا يساعد على تحقيق الرغبة الصادقة في التحسين الاقتصادي المنشود. فالسمو بالتعليم فوق الحزبية أو التيارات السياسية مرتبط تماماً بالناحية الاقتصادية للبلاد.

فكلما اتسع نطاق الفقر عجزت الجماعة وخضعت تحت الضغط الاقتصادي لنوع من السلوك والأخلاق، واستطاعت الجماعات الحزبية أو السياسية أن تجد المقومين لهذه الأحزاب وهؤلاء هم المادة التي يرتقي عليها القادة السياسيون.

وإذاً فمن الناحية العملية أو الواقعية لا يبنى سمو التعليم إلا على سمو الاقتصاد في بلد ظروفها كظروف مصر الآن.

تقرير اللجنة:

وجاء في تقرير اللجنة أن هناك وسائل لتحقيق الأهداف التي منها خلق روح الاعتماد على النفس وما إلى ذلك.

ولكن إذا استطاعت المدارس أن تحقق هذا في محيطها مما يتصل بها مثل أوجه النشاط المدرسي المختلفة. فالطلبة أو التلاميذ يحيون في داخل دورهم العلمية مع أساتذتهم كمن يحيون في المدينة الفاضلة، ثم إذا ما خرجوا إلى المجتمع أو معترك الحياة، وجدوا مجتمعاً كبيراً لا يعرف هذه المدينة الفاضلة، بل ينكرها ويكفر بكل مبادئها.

فلم يكن بد من أن يسعى صاحبنا أو أصحابنا الطلاب لأن يلائموا بين أنفسهم وبين المجتمع الذي تفرض عليهم ضرورة الحياة الاتصال به.

لذلك أرى من الوسائل التي تساعد إلى حد ما على تحقيق الأهداف وتساعد على التوفيق بين المثل العليا المنشودة وبين الحياة الواقعية ما يأتي:

1 - أن تتجه السياسة التعليمية إلى محاولة جعل التعليم أهلياً أكثر منه حكومياً مع قيام الالتزامات الحكومية التي لابد منها كما هو الشأن في بعض البلاد المتقدمة.

2 - ألا تكون قبلة الطلاب أو المتخرجين الحكومة، وهذا لا يتحقق مطلقاً إلا إذا كثرت المشروعات وقامت المؤسسات المركزة وخضعت المؤسسات الأجنبية لما تتطلبه مصلحة البلاد.

إذاً لا يقع اللوم حقيقة على هؤلاء الذين أهملوا دروس الاعتماد على النفس وما إليها.

فالمسؤولية الاجتماعية موزعة وكل هيئة أو جماعة لها واجبها. فجماعة المعلمين إذا اعدوا الطلاب من جانب، لابد أن تكون الصلاحية في الحياة من جانب آخر.

فالشبان لم ينجحوا في أوربا أو غيرها لأن المدرسة قد وفقت في خلق روح الاعتماد على النفس والقدرة على التصرف في الحياة فحسب، ولكنهم نجحوا لهذا، ولأنهم وجدوا الصلاحية في الحياة.

فالهيئات الأخرى قد قامت بواجبها، ولأن المجتمع لم ينكر مبادئ فضلا عن الكفر بها.

فالبيئات الاجتماعية متشابهة متعاونة لا يهدم عمل بعضها البعض الآخر.

3 - هذه الأندية السياسية البانية الهادمة، إذا رغب القادة من الساسة في أن يساهموا في بناء المجتمع من الناحية الخلقية، إلا تقبل هذه الأندية السياسية من الطلاب إلا هؤلاء الذين أكملوا دراستهم الثانوية واتصلوا بالمعاهد العالية، أو هؤلاء الذين عدلوا عن مواصلة الدراسة، فاتصلوا بالمجتمع اتصالا فعليا وكانا فيه من الأعضاء العاملين.

بيت السودان بالدقي

محمد أحمد باجي