الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 633/الحديث المحمدي

مجلة الرسالة/العدد 633/الحديث المحمدي

بتاريخ: 20 - 08 - 1945


لمحة من تاريخه

للأستاذ محمود أبو رية

(عن لنا أن نبحث عن تاريخ الحديث، وبعد درس طويل تهيأ

لنا من هذا التاريخ كتاب سنقدمه للطبع وهذه كلمة صغيرة

عنه)

(أبو رية)

لما أنشأت أدرس ديني درس العقل والفكر بعد أن أخذته للقيناً من نواحي العاطفة والتقليد رأيت أن أرجع إلى مصادره الأصلية ومراجعه الأولى، ولما وصلت من دراستي إلى كتب الحديث كنت أجد فيها بعض أحاديث لا تسكن نفسي إليها ولا يطمئن قلبي لصحتها، ذلك بأنها تحمل من المعاني ما لا يقبله عقل سليم أو يقربه علم ثابت أو يؤيده حس ظاهر أو كتاب متواتر، وكنت أجد مثل ذلك في كثير من الأحاديث التي شحنت بها كتب التفسير والتاريخ وغيرها.

وكان أكثر ما يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأحد أجلاف العرب أهتز لبلاغتها وتعتريني أريحية من جزالتها، وإذا قرأت بعض ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية ولا ذلك الاهتزاز. وكنت أستبعد أن يصدر مثل هذا الكلام المغسول من البلاغة عن نبي الذي كان أفصح من نطق بالضاد. وما كان عجبي هذا إلا لأني كنت أسمع من شيوخ الدين عفا الله عنهم: أن كل الأحاديث التي وردت في كتب السنة قد جاءت بألفاظها ومعانيها، وإن على المسلمين بكل ما حملت ولو كان فيها ما فيها.

ولما قرأت حديث (من كذب على معتمداً فليتبوأ مقعده من النار) غمرتني الدهشة لهذا القيد الذي يبعد أن يأتي من رسول جاء بالصدق وأمر به، على أن الكذب كما قال الحافظ بن حجر: (هو الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء أكان عمداً أم خطأ).

ظللت على ذلك زمناً طويلا إلى أن حفزني حب عرفان الحق إلى أن أنقب عن تاريخ الحديث من مصادر الدين الصحيحة، والأسانيد التاريخية الوثيقة لعلي أقف على شيء يذهب بما في صدري من حرج ويصرف ما بنفسي من ضيق، وذلك لأن هذا الأمر الجليل لم يفرد من قبل بالتأليف المستقصى أو التدوين المستفيض.

ولبثت في البحث والتنقيب زمنا طويلا إلى أن انتهيت من أمر (الحديث المحمدي) إلى حقائق غريبة ونتائج خطيرة، ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها ما سموه صحاحاً وما سموه سنناً حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه، حتى لقد قال الإمام الشاطبي في الاعتصام: (أعوز أن يوجد حديث عن رسول الله متواتر) ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم أن هو إلا معان مما فهمه الرواة من أقواله ﷺ. وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة قد بقيت على حقيقتها في بعض الأحاديث ولكنك لا تجد ذلك إلا في الفلتة والندرة؛ ومن أجل ذلك جاءت أحاديث الرسول وليس فيها من نور منطقه، أو ضياء بلاغته إلا شعاع ضئيل.

كان أول ما انكشف لي من هذه الحقائق أن النبي (ص) لم يجعل لحديثه كتابا يكتبونه عندما كان ينطق به كما فعل ذلك بالقرآن، وبذلك تفكك نظم ألفاظه وتمزق سياق معانيه من أذهان السامعين. ولم يدع الأمر على ذلك فحسب بل نهى عن كتابة غير القرآن أو تدوينه فقال: (لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن؛ فمن كتب عني غير القرآن فليمحه) رواه مسلم وغيره، ثم اتبع أصحابه طريقه وأطاعوا أمره فلم يكتبوا أقواله كما كتبوا القرآن. ولم يقف أمرهم عند ذلك بل ثبت عنهم أنهم كانوا يرغبون عن رواية الحديث وينهون الناس عنها، وينتقد بعضهم بعضا فيما يأتي منها ويتشددون في قبول أخبارها حتى لقد كان عمر رضي الله عنه لا يقبل الخبر من أي صحابي إلا إذا جاء بشاهد يشهد أن النبي قاله.

رواية الحديث بالمعنى

ولما رأى بعض الصحابة أن يرووا من أحاديث نبيهم ووجدوا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بأصل الحديث كما سمعوه على لفظه، كما نطق النبي الكريم به، وإن الذاكرة لها حكم يجب الإذعان له والنزول عليه أباحوا لأنفسهم أن يرووا على المعنى. ثم سار على سبيلهم كل من جاء من الرواة بعدهم فيأخذ المتأخر عن المتقدم ما يرويه عن الرسول بالمعنى ثم ينقله إلى غيره بما بقي في ذهنه من هذا المعنى. وهذا أمر معلوم بينهم حتى لقد قال وكيع كلمته المشهورة: (إذا لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس) وهكذا ظلت المعاني تتوالد والألفاظ تختلف باختلاف الرواة، وفيهم الأعاجم وغير الأعاجم ممن ليسوا بعرب، ولا يخفى ما في ذلك من ضياع معالم المعنى الأصلي وزوال شيء كثير منه. ومن العجيب أن رواية الحديث بالمعنى قد سارت على هذا النهج قرونا إلى أن خرج الحديث في صورته الأخيرة التي حملتها كتب السنة وخرجت بها في القرن الثالث وما بعده. وقد قال البخاري المتوفى سنة 256هـ وكتابه كما يقولون أصح كتاب بعد كتاب الله: (رُبَّ حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر، فقيل له بكماله؟ فسكت).

ولقد كان لرواية الحديث بالمعنى ولا جرم ضرر كبير سواء أكان من الناحية الدينية أم من الناحية اللغوية والبلاغية، وبعد أن أباحوا الرواية بالمعنى أستجازوا لأنفسهم أن يأخذوا بالحديث إذا أصابه اللحن أو اعتراه الخطأ أو اختلف نظم عقده بالتقديم أو التأخير؛ وكذلك قبلوا أن يأخذوا ببعض الحديث ويتركوا بعضاً.

الموضوعات

وإن أشد ما منى به الحديث ولا جرم إنما كان منها (الموضوعات) التي اختلطت به وتدسست إليه فكانت مصدر بلاء كبير للمسلمين في كل العصور، وقد تولى كبر هذه الموضوعات فريقان:

أحدهما: أحباء الإسلام من مختلف الفرق والمذاهب وأصحاب الأهواء حتى الصالحين وأهل العبادة، أولئك الذين قال فيهم يحيى بن سعيد القطان: (ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث) ولقد كانوا يسوغون افتراءهم بقولهم: (إنا نكذب له لا عليه) ولكي يشدوا عملهم هذا بما يؤيده وضعوا أحاديث على النبي تجيز لهم هذا (الوضع) مثل ما رووا (إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس).

ثانيهما: أعداء الإسلام من الزنادقة وغيرهم من دعاة اليهود والنصارى الذين أظهروا الإسلام وأضمروا دينهم، فاغتر الصحابة وتابعوهم بإسلامهم، واخذوا من غير بحث عنهم. ولقد كان ما وضعوه، تلك الأحاديث التي جاءت في فضل الشام الذي كان في عهد بني أمية قاعدة الحكم ومصدر السلطان، وكذلك وضعوا أحاديث في أن (الإبدال) المعروفين عند الصوفية سيظهرون في الشام! ولئن كان قد كذب على النبي بعد وفاته فقد كذب عليه وهو حي، ولا غرو فإن الكذب عريق في الإنسانية لا يخلو منه زمان ولا مكان.

الإسرائيليات والمسيحيات

وقد عقدنا فصلا للإسرائيليات تحدثنا فيه عما صنعه كهان اليهود في حديث رسول الله وأثبتت في كتب السنة وفي التفاسير ومصادر التاريخ وغيرها أمثال: كعب الأخبار، ووهب ابن منبه وغيرهما. وبينا كيف استحوذ هؤلاء الكهان على عقول المسلمين حتى وثقوا بهم ورووا عنهم، وعرضنا لأمر مؤامرة قتل عمر التي اشترك فيها كعب الأحبار، وقصة الصخرة، وبينا كيدهم السياسي الذي قام به عبد الله بن سبأ وأردفنا هذا الفصل بفصل آخر عن المسيحيات وما صنعه مثل تميم الداري الذي كان مسيحياً وأسلم.

كثيرة الأحاديث المروية

ولما كان التدوين قد تأخر وما جاء عن الرسول من قول غير القرآن قد فاته الإحصاء والتقييد ولم يرتبط في زمن النبي وصحابته بالتدوين، فإن الرواية قد اتسعت واستفاضت، وكلما امتد الزمن زادت الرواية حتى صارت الأحاديث المنسوبة إلى النبي تعد بمئات الألوف. وقد نقلوا عن أحمد بن حنبل أنه قال: صح من الحديث 700 ألف حديث واكثر، وإن أبا ذرعة قد حفظ 700 ألف حديث.

ولما طلب إسحاق بن راهويه من تلاميذه وفيهم - البخاري - أن يجمعوا مختصراً لصحيح سنة رسول الله. ونهض البخاري لتحقيق رغبة أستاذه قال:

(إني أخرجت كتابي من زهاء ستمائة ألف حديث) ونقل عنه أنه قال: احفظ مائة ألف حديث صحيح ومئتي ألف حديث غير صحيح! على أنك لو نظرت إلى عدد ما اختاره في كتابه لوجدت أنه لا يزيد عن 2513 كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر فأين ترى قد ذهبت هذه الثروة الهائلة من الأحاديث!

أبو هريرة

ولما كان أبو هريرة أكثر الصحابة رواية عن رسول الله في حين أنه لم يصاحب النبي إلا ثلاث سنين فحسب، وكذلك كان أكثر من نقل عن هؤلاء اليهود فقد أفردنا له ترجمة خاصة تحرينا فيها وجه الحق، وحق العلم، وأوردنا فيها ما له وما عليه بغير أن نخشى أحداً في إظهار الحق أو نتحرج من شيء في بيان العلم، وكيف يصدنا تحرج أو يمنعنا خوف وقد انتقده الصحابة أنفسهم وردوا كثيراً من رواياته، وكذبه عمر وعثمان وعلي وعائشة وغيرهم، بل قد ضربه عمر بالدرة وحذره الرواية عن النبي أو ينفيه إلى بلاده حتى لقد كان بذلك أول رواية اتهم في الإسلام.

حديث من كذب علي

أما حديث من كذب علي (معتمداً) فقد عنيت بالبحث عن حقيقته عناية كبيرة حتى وصلت من بحثي إلى أن كلمة (معتمداً) هذه لم تأت في روايات كبار الصحابة ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين: عمر وعلي وعثمان، وإن الزبير بن العوام - وهو حواري رسول الله وابن عمته - قد قال عنها: (والله ما قال معتمداً) ولعلها قد تسللت إلى الحديث من سبيل الأدراج المعروف عند رجال الحديث ليتكئ عليها الرواة فيما يروونه عن غيرهم على سبيل الخطأ أو الموهم، أو الغلط أو سوء الفهم حتى يدرءوا عن أنفسهم إثم الكذب ولا يكون عليهم حرج في الرواية لأن المخطئ غير مأثوم ومن أجل ذلك وضع الرواة قاعدتهم المشهورة: إنما الكذب على من تعمده؛ أو أن هذه الكلمة قد وضعت ليسوغ بها الذين يضعون الحديث خشبة عن غير عمد عملهم كما كان يفعل الصالحون من المؤمنين، ويقولون: نحن نكذب له لا عليه، ومن العجيب أنهم قد جعلوا هذا الحديث من المتواتر بلفظه ومعناه في حين أنه قد ورد بصيغ كثيرة كل صيغة منها تخالف الأخرى.

تدوين الحديث

ومما كشف عنه الحديث أن تدوين الحديث لم يقع إلا في القرن الثاني أي بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى بأكثر من مائة سنة. ولم يكن ذلك بدافع من الرواة، وإنما كان بوازع من الولاة! وبدا أول ما بدا غير كامل، ثم تقلب في أدوار أربعة، فكان في أول أمره مشوبا بأقوال فقهاء الصحابة في التفسير وغيرها من مسائل دينية أو طرف أدبية أو أبيات شعرية أو ما إلى ذلك مما كانوا يعنون بجمعه وتدوينه من غير ترتيب ولا نظام إلى أن جاءت طبقة ابن جريح والربيع بن صبيح وحماد بن سلمة وغيرهم في منتصف القرن الثامن وما بعده، فوضعوا كتباً في الحديث ولكنهم مزجوا أقوال الرسول بفتاوى الصحابة والتابعين كما تجد ذلك في موطأ مالك.

وبعد انقضاء مئتي سنة من الهجرة جرد العلماء ما كان ينسب في هذا العهد إلى النبي من أحاديث ودونوه في مسانيد بغير أن يخلطوا به شيئاً من فتاوى الصحابة والتابعين مثل مسند الإمام أحمد وغيره.

وفي منتصف القرن الثالث وأول القرن الرابع وما بعد ذلك ظهر التدوين في صورته الأخيرة، فاختار البخاري وغيره من الأحاديث التي كانت منتشرة في زمنهم وخرجوا منها كتبهم.

علماء الأمة أزاء الحديث

ولأن الحديث لم يبدأ تدوينه إلا في القرن الثاني وكتبه المعتمدة بلا خلاف بين المسلمين وهي: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي لم تظهر إلا في القرنين الثالث والرابع، وكانت روايته قد جاءت بالمعنى من طريق الآحاد التي لا تعطي إلا الظن - والظن لا يغني من الحق شيئاً، فإن علماء الأمة لم يتلقوه بمحض التسليم والإذعان كما تلقوا ما جاءهم من محكم القرآن ولا اعتبره من الأخبار المتواترة التي يجب الأخذ بها ولا يجوز لأحد أن يختلف في اتباعها وإنما اختلفوا طرائق قدماً فيه اختلافاً بينا لم يستطع أحد إلى اليوم تلافيه

المتكلمون وعملاء الأصول

أما المتكلمون وعلماء الأصول فانه لما كان (الخبر) عندهم ينقسم إلى - متواتر وآحاد؛ والمتواتر إنما يعطي العلم القيني، والآحاد لا يعطي إلا الظن، ولم يجدوا في كتب التاريخ خبراً متواتراً تكون دلالته يقينية بل أنه قد جاء من طريق الآحاد التي دلالته ظنية - والظن لا يغني من الحق شيئاً - فقد ردوا كل حديث لا يتفق مع ما يذهبون إليه من الأصول التي اتخذوها لهم. ومن القواعد التي اتفق عليها جميع النظار أن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في العقائد.

الفقهاء وأما الفقهاء فقد كبلهم التقليد فلم يغنوا بكتب الحديث ولم يعطوها حقها من البحث والدرس كما أعطوا كتب شيوخهم، ولم يجعلوها بعد كتاب الله من مصادرهم التي يأخذون منها أحكام دينهم، - وإنهم عفا الله عنهم لم يتفقوا على الأخذ بالراجح من الأدلة فترى كل فريق قد ذهب في طريق الآخر - وإذا وجد من الأحاديث حتى الواهية ما يتفق ومذهبه أخذ به - وقد يأخذ ببعض الحديث ويدع بعضه، أما ما يخالف مذهبه ولو كان مما رواه الجماعة فإنه يرفضه ولا يرتضيه وبهذا الصنيع كثر اختلافهم وتعددت مذاهبهم، ومن أجل ذلك وقف سير الفقه وسكنت حركته، ولقد أعانهم على عملهم هذا أن أحكامهم مبنية على ما غلب على الظن صدقه ولكل أحد أن يأخذ من الأدلة بما يطمئن به قلبه، وإن أئمتهم قد ماتوا قبل ظهور كتب الحديث المشهورة وأن هؤلاء الأئمة أنفسهم قد كانوا مختلفين في الأخذ بما جاء عن الرسول من أحاديث فما يأخذ به هذا يدعه ذاك وهلم جرا.

ولو أنت رجعت إلى كتب العلماء المحققين وبخاصة كتاب أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية لوجدت فيها أحاديث، كثيرة جداً لم يأخذ علماء الفقه بها ولم يخالفوا مذاهبهم من أجلها، وبذلك أصبحت كتب الحديث في ناحية الإهمال منهم، وإذا ما رجعوا إليها فإنما يكون ذلك للتبرك بها أو لدفع النوازل بأسرارها، ومن عجيب أمرهم أنهم وقد جعلوا حديث الرسول وراء ظهورهم لا يزالون يقولون بأنه الأصل الثاني من أصول دينهم.

علماء النحو

وأما أئمة النحو فلم يجعلوا الحديث من النصوص التي يستشهدون على قواعدهم بها لأنهم قد استيقنوا أن رواية نصوص الحديث الصحيحة قد انتثر عقد تركيبها ولم تأت عن النبي بحقيقة لفظها ولا يعلم أحد على التحقيق ما هي الصورة الصحيحة التي نطق بها وقاعدتهم التي اتفقوا عليها أنهم لا يستشهدون إلا باللفظ المتواتر والنص الصحيح، وعلى أنهم قد تركوا الاستشهاد بالحديث الذي جاءهم عن نبيهم فانهم يأخذون بكلام الأعراب الذين يبولون على أعقابهم.

ولما انكشف لي ذلك وغيره مما لم أذكره هنا وبدت لي حياة (الحديث المحمدي) واضحة جلية أصبحت على بينة من أمر ما جاء عن الرسول من أحاديث فآخذ منها ما آخذ وقلبي مطمئن وأدع ما أدع ونفسي راضية. ولا على مما أدع شيء؛ وصرت متابعاً للأستاذ الإمام محمد عبده فيما يقول: (لا أومن بحديث تعرض لي شبهه في صحته) وللسيد رشيد رضا في قوله: لا أعتقد سند حديث ولا قول عالم صحابي يخالف ظاهر القرآن وإن وثقوا رجاله؛ فرب راو يوثق للاغترار بظاهر حاله وهو سيئ الباطن). ولا يتوهمن أحد أن هذا بدع في الدين فانهم قد جعلوا من قواعدهم المشهورة: أن من علامة الحديث الموضوع مخالفته لظاهر القرآن أو القواعد المقررة في الشريعة أو للبرهان العقلي أو للحس والعيان وسائر اليقينيات.

ومن قواعدهم كذلك:

(ليس كل ما صح سنده يكون متنه صحيحاً ولا كل ما لم يصح سنده يكون متنه غير صحيح)

(من بلغه حديث وثبت عنده وجب عليه العمل به ومن خالف بعض الأحاديث لعدم ثبوتها عنده أو لعدم العلم بها فهو معذور.

(وقال حجة الإسلام الغزالي: أن من يعمل بالمتفق عليه كان مسلما ناجياً).

(المنصورة)

محمود أبو رية