الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 63/من طرائف الشعر

مجلة الرسالة/العدد 63/من طرائف الشعر

مجلة الرسالة - العدد 63
من طرائف الشعر
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 17 - 09 - 1934


بين الليل والصبح

للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

انظر إلى الكواكبِ ... يسبحن في الغياهبِ

من ذاهب في شوطه ... ولاحقٍ بالذاهب

إلى الطوالع الوضا ... ء الزُهر والغوارب

إلى الجمال آخذاً ... إلى الشعاع السائب

والليل ساجٍ قد خلا ... من العَصوف الصاخب

يعبرن عُرضَ بحره ... من جانبٍ لجانب

غَرقى إلى الجيد، إلى ... الثدى، إلى الترائب

أرسلن شَعراً من أش ... عةٍ على المناكب

وقد خللن ما على الر ... ؤُوس من عصائب

ما إن رأت عين امرئ ... أبهى من الكواكب

يلمعن مثل الماس أو ... كَوَمضة الحُباحب

يمشين أسراباً كأتر_ابٍ من الكواعب

يذهبن من مشارق ال ... أرض إلى المغارب

والليلُ ضاربٌ روا ... قه على الجوانب

كلّ الجمال في النجو ... م اللُمّع الثواقب

العاريات للخلا ... عات من الجلابب

الغامزات بالعيو ... ن النُجل والحواجب

ما إن لهن غير نش ... ر النور من مآرب

يضحكن من شيبي ... ومن آماليَ الكواذب

أشدو بما لهنَّ من ... حسنٍ ومن مناقب

كأنهن الحور يُط ... لِلْنَ من المَراقب

أمن بنات الليل هُنّ ... أم من الربائب؟ أم من طيور الخُلد ير ... ففنَ على المشارب

عصائب يقعنَ أس ... رابا على عصائب

والماء في المَجَرَّة ال ... بيضاء غير ناضب

وربما اختلفن في ال ... ميول والمذاهب

خاطبتهن لو سمع ... نَ القولَ من مُخاطِب

يا لهفتي على ضيا ... ع للشهاب الثاقب

قد خر من عين الدجى ... ليلا كدمعٍ ساكب

وخيم الليل ونا ... م القطبُ في المضارب

ماذا الذي قد خلّف ال ... قطبَ عن الصواحب

ما أجهل الليل، وقد ... خيّم، بالعواقب

فليس يدري ما يلا ... قيه من المصائب

لقد رماه الفجر في الص ... در بسهم صائب

وكان لمّا ناله ... بالسهم غير كاذب

وكشر الليلُ عن ال ... أنياب كالمغاضب

وجرد الصبح علي ... هـ السيفَ كالمحارب

وظلّ يفري جلدَه ... فَرْىَ حَنيقٍ غاضب

جرّ الغَرورُ الليلَ مخ ... ذولا إلى المعاطب

ملاقياً جزاءه ... من ثائرٍ معُاقِب

والليل لا يقوى على ... ردّ الصباح الواثب

يفر كالمغلوب من ... وجه القويّ الغالب

وهو جريح، دمهُ ... يجري على الجوانب

ما أنتصر الليلُ بما ... جَمَّعَ من كتائب

بل إنه اختفى عن ال ... عين كلمحٍ ذائب

إِن عبس الليلُ فلي ... س الذنب للكواكب

فهنّ يبتسمنَ حت ... ى للعدوّ الناصب هو الذي جنى فَكُن ... نَ عرضة النوائب

وظلت الشعرى تنا ... جي الصبحَ كالمعاتب

بين الصباح مُسفِرا ... والليل ذي الغياهب

ثأرٌ سيبقى فتقَهُ ... دهرَاً بغير رائب

غمَّ النجومَ ما تقا ... سيه من المصائب

والصبحُ لما راعها ... ما كان بالمداعب

كأنه بازٌ جرى ... يسطو على أرانب

أو قَسْوَرٌ حُمارِسٌ ... سطا على ثعالب

يريد أن يفترس ال ... أنجمَ بالمخالب

فغرنَ جمعاء من ال ... خشية في المذانب

إني لأقرأ الأسى ... في الأوجه الشواحب

أجفلن لا يحملنَ غي ... ر الخوف في الحقائب

تؤذي العذارى فيالحيا ... ة قِلّةُ التجارب

تا لله ما هذى الوجو ... هـ الغرُّ للنوائب

والعندليب هبّ يَشْ ... دو بانتصار الغالب

والديك صاح يْعلن ... السرورَ للصواحب

كأنما قد فرحا ... بنكبة الكواكب

يا كوكب الصبح لك الص ... بح من الأقارب

ما كان ينبغي له ... صفعُك كالمعاقِب

لا تيأسَنَّ وأنتظر ... ليلَ الغد المقُارِب

تكن كما قد كنتَ في ال ... عين من الرغائب

يا أيها الصبح الجمي ... ل يا ملاذَ الراعب

لقد قسوتَ حين أخ ... نيتَ على الكواكب

رميتَ شملهنّ بالت ... شتيت والمصاعب

ما ضرّ لو حميتهنّ ... مثل أمٍّ حادب كنّ ينبنَ عنك في الْ ... لَيل الطويل اللازب

وكن زينةَ السما ... ء في عيون الراقب

ما أجمل الشمسَ بدت ... مُرخيةَ الذوائب

قد طلعت في موكب ... من أفخم المواكب

تنثر من ضيائها ... تبراً على الجوانب

على البحار والجبال ... الشُمّ والسباسب

يا شمس أنت للورى ... من أكبر المواهب

حبيبةٌ أنتِ إلى ... الشبان والأشايب

أكْبِرْ بما تُهدِينَ من ... نورِ ومن كهارب!

بغداد

جميل صدقي الزهاوي