مجلة الرسالة/العدد 628/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
→ كيف تنام أعين العرب | مجلة الرسالة - العدد 628 في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب [[مؤلف:|]] |
البلاغة العصرية واللغة العربية ← |
بتاريخ: 16 - 07 - 1945 |
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
- 8 -
- ج11 ص207:
ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطُح
وحللتمُ قتل الأُساري وطالما ... غدونا على الأسرى نعف ونصفح
فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا ... وكل إناء بالذي فيه ينضح
قلت: جاءت (أبطح) بضم الطاء وهي بفتحها. والشعر لسعد بن محمد.
- ج17 ص210: قال الحاكم أبو سعد: وأنشدني (أبو الفتح بن الأشرس) أيضاً لنفسه:
كأنما الأغصان لما علا ... فروعها قطر الندى قَطَرا
ولاحت الشمس عليها ضحى ... زبرجد قد أثمر الدرا
نقد الحاكم على بيته فقال: قوله: (قد أثمر الدرا) لا يستقيم في النحو، لأنه لا يقال: أثمرت النخلة الثمر، وإنما يقال أثمرت ثمراً بغير الألف واللام.
وجاء في الشرح: قطر الندى: نقط المطر، وقطر فعل ماض أي سال وسقط، والجملة حالية.
قلت: (لما علا فروعها قطر الندى ثرا).
و (نقد الحاكم بيته) لا (على بيته) وأغلب الظن أن (على) من زيادة النساخ. يقال: نقده وانتقده، وجاء في الأساس: انتقد الشعر على قائله.
و (أثمر) هو فعل لازم كما قال أبو سعد، وقد عداه المحدثون، وكأنهم رأوا فيه استعداداً للتعدية. . . وهذا ما قاله في شأنه الخفاجي في (شفاء الغليل):
أثمر يكون لازماً وهو المشهور الوارد في الكتاب العزيز، ولم يتعرض أكثر أهل اللغة لغيره. وورد متعدياً كما في قول الأزهري في تهذيبه: يثمر ثمراً فيه حموضة. وكذا استعمله كثير من الفصحاء كقول ابن المعتز:
وغرس من الأحباب غيبت في الثرى ... فأسقته أجفاني بسح وقاطر
وأثمرهماًّ لا يبيد وحسرة ... لقلبي يجنيها بأيدي الخواط وقول ابن نباتة السعدي:
وتثمر حاجة الآمال نجحاً ... إذا ما كان فيها ذا احتيال
وقول محمد بن الأشرس وهو من أئمة اللغة: (كأنما الأغصان. . .) وقول ابن الرومي: (سيثمر لي ما أثمر الطلع حائط) إلى غير ذلك مما لا يحصى. وهكذا استعمله الشيخ في دلائله والسكاكي في مفتاحه. ولما لم يره كذلك شراحه قال الشارح: استعمل الأثمار متعدياً بنفسه في مواطن من هذا الكتاب فلعله ضمنه معنى الإفادة أو جعله متعدياً بنفسه.
ونقل (التاج) جل هذا الكلام، وجاءت (ثرا) في الكتابين (نثراً) وهو تصحيف. وجاءت (ثراً ودراً) في بغية الوعاة (سحراً ودرراً) وهو تبديل. وورد (ابن الأشرس) في شفاء الغليل (ابن شرف) وفي التاج (ابن أشرف) وفي بغية الوعاة (ابن أشوس) وفي إرشاد الأريب (ابن أشرس) وفي دمية القصر (ابن الأشرس).
- ج6 ص154:
والطير فوق الغصون تحكي ... بحسن أصواتها الأغاني
وأرسل الورق عندليب ... كالزير واليم والمثاني
قلت: (وراسل الورق عندليب) والشعر للجوهري صاحب الصحاح.
في التاج: (راسله في كذا، وبينهما مراسلات. والرسالة المجلة المشتملة على مسائلي. وهو وسيلة في الغناء ونحوه، وراسله في الغناء. باراه في إرساله).
- ج2 ص119: وأنفذا أبا بكر بن رافع إلى إستراباذ ونواحيها لاستيفاء ما يستوفيه من المعاملين والتناء فيها. فقيل: جمع الوجوه وأرباب الأحوال. . .
وجاء في الشرح: وفي الأصل العاملين (مكان المعاملين) والثناء فيها هكذا في الأصل ولعلها والتناهي فيها أي التشدد وبلوغ النهاية في الاستصفاء وجمع المال.
قلت: (استراباذ) بفتح الهمزة والتاء كما ضبط ياقوت لا بكسرها كما جاء في الكتاب. و (العاملين) الأصل قد تكون صحيحة. و (التناء) مثل السكان جمع التانئ وهو الدهقان كما في القاموس. والذي هو المقيم ببلده والملازم كما في التاج. وفي الأساس: هو من تناء تلك الكورة إذا كان أصله منها. ويقال: أمن تنائها أنت أم من طرائها.
- ج6 ص277: رسمُ دار وقفتُ في طَلَلِهْ ... كدت أُقَضّي الغداة من جَلَلهِ
قلت: ضبط (رسم) بالضم، وهو بالكسر لأنه مجرور برب المحذوفة. والبيت وهو لجميل بن معمر - من شواهد الجماعة. قال ابن يعيش. . . والثاني ما يحذف ولا يوصل الفعل، فيكون الحرف المحذوف كالمثبت في اللفظ، فيجرون به الاسم كما يجرون به وهو مثبت ملفوظ به، وهو نظير حذف المضاف وتبقية عمله نحو ما كل سوداء ثمرة ولا بيضاء شحمة وكقوله:
أكلّ امرئ تحسبين امرءاً ... ونار توقد بالليل نارا
على إرادة كل، ومن ذلك قول الآخر: (رسم دار. . . البيت) أراد رب رسم دار ثم حذف لكثرة استعمالها.
و (أقضي) المشددة في الكتاب هي (أقضي) كما روتها رواة الشعر.
- ج1 ص121:. . . عن النبي إنه قال للنساء: إذا جعتن خجلتن، وإذا شبعتن دقِعتن.
قلت: إنكن (إذا شبعتن خجلتن وإذا جعتن دقعتن) والحديث مصوغ.
- ج15 ص39: أين أنا عن ذوب لا شوب فيه، وعن صوب لا جدد دونه.
وجاء في الشرح: الجدد الغليظ من الأرض قلت: لا حدد دونه بالحاء. يقال: دون ما سألت عنه حدد أي منع، ولا حدد عنه أي لا منع ولا دفع كما في التاج. والقول في رسالة عبقرية لأبي حيان التوحيدي.
- ج18 ص220:
قرهت عيني من طول البكا ... وبكى بعضي على بعضي معي
وجاء في الشرح: في الأصل: قرهت بمعنى اسودت أو جمدت، وفي طبقات الأطباء: شقيت. ولو أن لي حق التصرف لجعلتها قرحت، وهي أقرب إلى قرهت.
قلت: مرهت. في القاموس: مرهت عينه كفرح خلت من الكحل أو فسدت أو ابيضت حماليقها والنعت أمره ومرهاء. وفي مستدرك التاج: وقوم مره العيون من البكاء وهو جمع أمره.
- ج10 ص177: وقال (الحسين بن مطير):
رأت رجلاً أودى بوافر لحمه ... طلاب المعالي واكتساب المكارم خفيف الحشا ضرْباً كأن ثيابه ... على قاطع من جوهر الهند صارم
فقلت لها: لا تعجِبنَّ فإنني=أرى سمن الفتيان إحدى المشائم
وجاء في الشرح: (ضرباً): من ضرب في الأرض ذهب بنفسه وخرج تاجراً أو غازياً أو إلى غير ذلك.
قلت: الضرب الرجل الخفيف اللحم كما في الصحاح وغيره. و (المشائم) هي (المشاتم) بالتاء.
- ج16 ص256: قال إسحاق بن راهويه: يحب الله الحق؛ أبو عبيد (القاسم بن سلام) أعلم مني ومن أحمد بن حنبل ومن محمد بن إدريس الشافعي. قال: ولم يكن عنده ذاك البيان إلا إنه إذا وضع وضع.
وجاء في الشرح: إذا وضع وضع كناية عن إنه كان كافياً في كل شيء.
قلت: إذا وضع وضح: إذا وضع أي ألف وصنف وضح وأبان وإن لم يكن للسانه ذاك البيان.
في (وفيات الأعيان) لما وضع كتاب الغريب (المصنف) عرضه علي عبد الله بن طاهر فاستحسنه وقال: إن عقلاً بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب حقيق ألا يحوج إلى طلب المعاش. وأجرى عليه عشرة آلاف درهم في كل شهر. قال محمد بن وهب المشعري: سمعت أبا عبيد يقول: مكثت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة.
قلت: من هذا الكتاب نسختان مخطوطتان في (دار الكتب المصرية) عمرها الله!
- ج9 ص87: ومن عبث الخاطر وهو ستة أبيات تشوفت فيها الحجاز. . .
وجاء في الشرح: في الأصل: تشرفت.
قلت: تشوقت بالقاف، يقال تشوفه وتشوق إليه، وتشوق مثل اشتقاق ومطاوع شوق. وتشوف إلى الشيء تطلع، ورأيت نساء يتشوفن من السطوح أي ينظرن ويتطاولن كما في اللسان
- ج15 ص116: قال الصاحب وتوفرت على عشرة فضلاء البلد، فأول من كارثني أولاد المنجم لفضل أبي الحسن علي بن هارون وغزارته واستكثاري من روايته. . . فاتفق أن سألت أول ما سمعت اللحن فيه (في شعر له) عن قائله فغضت. . . وقال: تقول لمن هذا، أما يدل على قائله. . . أما ترى أثر بني المنجم على صفحته، أما
يحميه لألاؤه أو لوذعيته ... من أن يدال بمن أو ممن هو الرجل
وجاء في شرح (كارثني) أي اشتد علي وعارضني وفي شرح (يدال) يدال: يقال أي يتداول الناس فيه القول والسؤال بمن وممن.
قلت: (كارث) غير معروفة. وفي اللسان كرثه الأمر ساءه واشتد عليه، وبلغ منه المشقة، وأكرثه كذلك. والمقام لا يقتضي مثل هذه اللفظة كما لا يقتضي (كاثره) أي غالبه أو فاخره بكثرة مال أو عدد. وأغلب الظن أن الأصل (قابلني) أو (قاربني) ومن معاني قاربه: ناغاه وحادثه بكلام مقارب حسن، والمقابلة هنا أليق من المقاربة.
و (يدال) هي (يذال) بالذال، أي يهان. والقول هو بيت لأبي تمام من قصيدة في المعتصم بالله، قال:
يحميه لألاؤه أو لوذعيته ... من أن يذال بمن أو ممن هو الرجل
وفي هذه القصيدة:
يستعذبون مناياهم كأنهم ... لا ييأسون من الدنيا إذا قتلوا!!!