مجلة الرسالة/العدد 624/رسالة الفن
→ البلاغة العصرية واللغة العربية | مجلة الرسالة - العدد 624 رسالة الفن [[مؤلف:|]] |
أغاني الرعاة. . .! ← |
بتاريخ: 18 - 06 - 1945 |
7 - رسالة الفن
للكاتب الفرنسي بول جزيل
بقلم الدكتور محمد بهجت
الفصل الخامس - الرسم واللون
كان رودان يرسم كثيراً مستعيناً بقلم الحبر أحياناً وبقلم الرصاص أحياناً أخرى. وكان في أول الأمر يرسم الخط الخارجي بالحبر ثم يضع الظلال بريشة. وتظهر مثل تلك الرسوم المائية كأنها أخذت عن نماذج بارزة أو منحوتة. وما كانت تلك الرسوم في جملتها إلا رؤى المثال وأخيلته. أما في العهد الأخير فكان يستعمل القلم الرصاص ليرسم الجسم العريان ثم يضع ألوان اللحم بالريشة. وهذه الأخيرة أبسط من الرسوم السابقة، والأوضاع فيها أقل تحديداً، ولكنها أكثر حركة وأوفى نشاطاً. فترى في بعض الحالات الجرة أو الخط قوياً عنيفاً كأن به جنة. ترى جسماً بأكمله وقد نظمته جرة واحدة من القلم الرصاص - ونم تلك الرسوم عن ذلك الجزع المقدس الذي يعتري الفنان حينما يخشى أن يفوته أو يفلت منه تعبير طارئ. أما ألوان اللحم فتوضع بسرعة وقوة وتتم في ثلاثة أو أربع لمسات، وأما التمثيل فينشأ عن جفاف بقع الألوان حيث تتخلف عند كل لمسة نقط عديدة لا يتسنى للريشة العجلى جمعها والتقاطها. وهذه الرسوم الأولية تمسك وتثبت الإشارات والإيماءات الخاطفة، وتسجل الحركات المتتابعة التي قلما تلمحها العين لأكثر من نصف ثانية. وهي لا تطلعك على الخطوط والألوان فحسب، بل تريك الحركة وتشعرك الحياة أيضاً. إنها أخيلة المصور أكثر منها أخيلة المثال.
وأخيراً توقف رودان عن إجراء التمثيل بالريشة وذلك لمداومته على استعمال القلم الرصاص، فهو يقتصر على مسح الخط الخارجي بإصبعه فينشأ عن ذلك لون فضي يغشي الأجسام كأنه الغلالة الرقيقة، ويضفي عليها جمالاً رائعاً يجعلها تبدو كأنها غمست في الشعر والخيال.
وتلك الدراسات الحديثة أجمل دراساته على ما أعتقد. فهي مضيئة، تزخر بالحياة وتفيض بالسحر.
وعندما كنت انظر مع رودان في بعض تلك التصاوير قلت له: (كم تختلف هذه عن تلك التصاوير الكاملة المنمقة التي تصادف هوى الجمهور؟) فقال:
(حقاً أنها التفاصيل والدقائق الميتة الخالية من التعبير، والحركة الزائفة المتكلفة هي التي تستهوي الجهال وتطربهم. فالعامة لا تستطيع أن تدرك كنه تعبير قوي لا يحفل بالدقائق والتفاصيل التي لا فائدة منها ويعنى بحقيقة المجموع كله. نعم لا تستطيع السوقة أن تدرك شيئاً من تلك الملاحظات الصادقة التي تنأى بنفسها عن الأوضاع المسرحية المفتعلة والتي تعنى بأحوال الحياة الحقيقية البسيطة ذات الأثر البالغ في النفس
إن من الصعب تصحيح الأغلاط الشائعة عن موضوع الرسم. فمن الخطأ البين أن يظن امرؤ أن الرسم جميل في حد ذاته. إنه ليس جميلاً إلا بما يعبر به عن الحقائق الصادقة وعن المشاعر العميقة. يعجب الجمهور بفنانين يملكون ناصية فنهم بلا مراء ولكنهم يزوقون وينمقون. خطوطاً إنشائية خالية من الدلالة، ويثبتون مرسوميهم في أوضاع متكلفة غير طبيعية، ولكنها تعد فنية لأنها تشبه أوضاع المثل الإيطالية الذين يعرضون أنفسهم على أبواب المراسم. وهذا ما يسمى غالباً بالرسم الجميل، وما هو في الحقيقة إلا (خفة يد) تعجب البلهاء الحمقى.
وفي الواقع يوجد رسم في الفن كما يوجد أسلوب في الأدب، أي أن الرسم في الفن هو بمثابة الأسلوب في الأدب. فالأسلوب المزوق الذي يترك أثراً في النفس أسلوب رديء. وأما الأسلوب الجيد الرصين فهو الذي يستخفي ويتوارى كيما يوجه القارئ كل اهتمامه إلى الموضوع الذي هو بصدده وإلى العاطفة المصورة.
فالفنان الذي يزوق رسومه والكاتب الذي يصبو لامتداح أسلوبه كلاهما كالجندي الذي يزين كسوته بالريش ولكنه يتهيب الذهاب إلى المعركة، أو كالفلاح الذي يشحذ ويجلو سكة المحراث بدلاً من أن يقوم ويفلح بها الأرض
قد لا يخطر ببالك أن تمتدح الرسم أو الأسلوب ذا الجمال الصادق لأنك تؤخذ بأهمية كل ما يعبران عنه، ومثل هذا يقال عن اللون أيضاً. وفي الواقع لا يوجد أسلوب جميل أو رسم جميل أو لون جميل، وإنما يوجد جمال واحد فقط هو جمال الحقيقة السافرة المتجلية. فعندما يتمخض عمل عظيم - أدبياً كان أو فنياً - عن حقيقة جلية، أو عن فكرة عميقة، أو عن شعور قوي فياض فمن البدهي أن يكون الأسلوب أو الرسم أو اللون بالغاً منتهى الإجادة والسمو ولا تكون تلك الصفات إلا نور الحقيقة منبعثاً من مصباحها.
يعجب الناس رسوم رفائيل بحق، ولكن يجمل بهم ألا يعجبوا بها لذاتها أو لا تزان خطوطها اتزاناً بارعاً، وإنما يعجبون بما تنطوي عليهم من المعاني. وأما محاسن هذه الرسوم وكل ما يدعو إلى الإعجاب بها فتنحصر في وداعة الروح وداعة حلوة رأتها عينا رفائيل وسفرت معبرة عن نفسها على يديه، وفي الحب الذي يغمر نواحي نفسه والذي يفيض من قلبه على الطبيعة بأسرها.
ولقد حاول الكثيرون ممن تنقصهم روحه أن يستعيروا موسيقية الخطوط والحالات التي صور عليها أشخاصه فلم ينتجوا إلا مقلدات غثة لأعمال نابغة أو زيينو العظيم
وفي رسوم ميشيل انجلو لا يعجبن المرء بالطريقة التي انتهجها أو بالنتوءات القوية أو بالتشريح البارع، ولكن بقوة هذا الفنان الزاخرة. أما مقلدوه الذين تعوزهم روحه والذين نسخوا في لوحاتهم أوضاعه القوية الوطيدة، وعضلاته المنتفخة، فقد باءوا بالفشل ووضعوا أنفسهم موضعاً كله شين وسخرية.
وإن ما يصح أن نعجب به من ألوان تيتيان هو ما تقدمه لنا من المعاني لا بانسجامها القليل أو الكثير. فليس لألوانه جمال حقيقي إلا بما تتضمنه من سيدوده جليلة شاملة. ويظهر الجمال الحقيقي لألوان فيرونيز في قدرتها على إبراز حفلات النبلاء الرشيقة الأنيقة بألوان فضية موسيقية ساحرة.
وأما ألوان روبنز فلا قيمة لها في حد ذاتها ويكاد يكون جمالها المتوهج هراء لولا انطباعها بطابع الحياة والبهجة والسرور والشعور القوي العميق
ولا أظن أنه يوجد عمل فني واحد يرجع جماله إلى اتزان خطوطه أو تهويل ألوانه فقط أو إلى أنه يسترعي العين وحدها. خذ مثلاً النوافذ ذات الزجاج الملون التي يرجع عهدها إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر فهي إذا ما سحرتنا بألوانها الزرقاء المخملية، أو بحنان ألوانها البنفسجية، أو بحرارة ألوانها الحمراء، فما ذلك إلا لأن تفصح عن سرور خفي أمل صانعوه البررة الأتقياء أن يحظوا به في سماء أحلامهم. وإذا ما جاءت بعض قطع القاشاني الفارسي المزينة بأزهار فيروزية اللون آية من آيات الألوان الساحرة المحببة فما ذلك إلا لأن ألوانها البديعة تحمل النفس إلى ما لا أدري من أودية الأحلام والخيال. وعلى ذلك فكل رسم وكل ألوان منسجمة تؤدي معنى بحيث لا يصبح لها جمال بدونه. . . وهنا قاطعته قائلاً:
(ولكن ألا تخشى الحط من قيمة الصنعة في الفن؟)
ومن يقول لك باحتقارها أو بالإقلال من شأنها؟ ليست الصنعة إلا وسيلة. ولن يبلغ الفنان الذي يهملها غايته التي هي التعبير عن الشعور والأفكار. ويكون مثل هذا الفنان مثل السائس الذي نسي أن يعلف جواده الشعير
ومما لا مشاحة فيه أنه إذا كان الرسم ضعيفاً ركيكاً واللون مزيفاً مسيخاً، فلا يمكن والحالة هذه أن تجد أقوى العواطف سبيلاً إلى الظهور والإفصاح. قد يبعث التشريح الخاطئ على الضحك على حين يرغب الفنان أن يكون جد مؤثر. ويرتكب اليوم كثير من أحداث الفنانين هذا العيب الشائن، ويخونهم ضعفهم وقصورهم في كل مناسبة لأنهم لم يدرسوا الدرس الكافي. قد تكون مقاصدهم سليمة، ونياتهم حسنة، ولكن ذراعاً قصيرة قصراً ظاهراً، أو ساقاً غير مستقيمة، أو منظوراً مختلاً مشوهاً - كل ذلك من شأنه أن يجعل الرائي يصد عن رؤيتها ويشيح بوجهه عنها.
وقصارى القول لا يمكن أن يغني إلهام مفاجئ عن العمل الطويل الذي لا غنية عنه لإكساب العين القدرة على الإلمام التام بالشكل والنسبة، ولجعل اليد تنصاع لأوامر الشعور وتجري مجراه
وعندما أقول بأن الصنعة يجب أن تتناسى فلا أعني أو يدور بخلدي قط أن الفنان يستطيع أن يزاول عمله من غير إلمام بالعلم، وأرى على النقيض من ذلك أن لا غنى له عن طريقة شاملة يخفي تحتها ما يبطن ويعلم. ولا غرو فإن أبرع رجال العالم في نظر السوق الجاهل هم بعض المشعوذين الذين يرسمون بضعة خطوط شاذة، أو يأتون بألوان شبيهة بالألعاب النارية المدهشة، أو هم الذين يكتبون جملاً طويلة منمقة حشوها الغريب من الألفاظ. ولكن الصعوبة كل الصعوبة، وأساس الفن الصحيح هو أن ترسم أو تصور أو تكتب بسهولة وبساطة.
إنك لتشاهد صورة أو تقرأ صحيفة فلا يستوقفك الرسم أو اللون أو الأسلوب، ولكنك تشعر بالتأثير العميق في نفسك من غير أن تخشى الوقوع في غلطة، فالرسم واللون والأسلوب كلها كاملة من الناحية الفنية. . . فقلت له:
ألا يمكن مع هذا يا أستاذ أن تكون بعض الأعمال العظيمة الخالدة ناقصة من ناحية الصناعة الفنية؟ ألم يقولوا مثلاً إن ألوان رفائيل تغلب عليها الرداءة غالباً، وإن رسم رمبراند لم يسلم من الغمز واللمز؟ فقال:
صدقني إن هذا خطأ صراح. فإذا كانت قطع رفائيل تسر النفس فما ذلك إلا لأن كل شيء فيها - من لون ورسم - يمد هذا السرور بمعين. انظر إلى سان جورج الصغير باللوفر، وإلى بارناسس بالفاتيكان، وإلى رسوم الستائر في سوث كنسنجت انظر إلى كل هذه تر الانسجام فيها ساحراً. أخذا. نعم، تختلف ألوان سانزيو عن ألوان رمبراند ولكنها تلائم إلهامه كل الملائمة، إنها صافية نقية كصنعة القرط. إنها تبدي انسجامات مفرحة، طلية زاهرة. إن لها شباب روفائيل الخالد. إنها لا تبدو حقيقية، وذلك لأن الحقيقة التي كان يراها نابغة أوربينو ليست حقيقة مادية فحسب، بل كانت دنياه دنيا شعور حيث تستحيل الأجسام والألوان بنور الحب. ولا غرو إذا قال أحد غلاة الواقعيين بأن ألوانه غير صحيحة، أما الشاعر فيراها صادقة.
ولو قورنت ألوان رامبراند أو روبنز برسم رفائيل لبدت الأولى جافية بشعة، ما في ذلك من شك.
ومع أن رسم رامبراند يختلف عن رسم رفائيل فهو لا يقل عنه جودة. فخطوط رفائيل حلوة نقية، أما خطوط رامبراند فخشنة متعرجة. كانت مخيلة الفلمندي العظيم متأثرة بالثياب الخشنة، والوجوه الفظة الجعدة، وبأيدي الطبقة الفقيرة المجلة الدرنة. وما كان الجمال عنده إلا التباين بين حقارة الغلاف المادي الخارجي والإشعاع الروحي الداخلي. وإلا فكيف كان يتسنى له أن يعبر عن هذا الجمال المؤلف من بشاعة مادية ظاهرة ومن سمو نفساني رائع إذا ما حاول أن يجاري رفائيل في أناقته؟ ينبغي أن تدرك أن رسمه كامل متقن إلى أبعد حدود الكمال والإتقان لأنه يتفق تمام الاتفاق مع خلجات نفسه وأفكاره فقلت:
وعلى ذلك قد نفهم من قولك إنه من الخطأ الاعتقاد بأن الفنان لا يستطيع أن يكون بارعاً في فن الألوان ورساماً عظيماً في آن واحد
فقال: ما في ذلك من شك وأنا لا أدري والله كيف رسخت هذه الفكرة في الأذهان إلى هذا الحد. فإذا كان عظماء الفنانين فصحاء بلغاء، وإذا كان في مقدورهم أن يملكوا أعنة نفوسنا ويذهبوا بنا كل مذهب، فما ذلك إلا لأنهم يملكون كل وسائل التعبير التي تلزمهم. لقد برهنت لك على ذلك من لحظة بحالتي رفائيل ورامبراند. ويمكن تطبيق مثل هذه الأدلة على جميع عظماء الفنانين. فمثلاً أتهم البعض دلاكورا بجهله أصول الرسم؛ أما الحقيقة فعلى النقيض من ذلك تماماً؛ فإن رسمه يتمشى تمشياً معجباً مع ألوانه. فهو مثلها وعر متقطع، محموم، سام، مترع بالحيوية والعواطف القوية. وهو مثلها يجنح إلى الغلو والجنون أحياناً وعند ذاك يبدو أجمل وأروع ما يكون. . . إن الرسم واللون شيء واحد ولا يمكن أن يعجب بالواحد دون الآخر.
ولقد يغرر أنصاف النقاد بأنفسهم حينما يفرضون وجود ضرب واحد من الرسم فقط هو رسم رفائيل أو حتى رسم من هم دونه من مقلديه أمثال دافيد وأنجر. وحقيقة الواقع أنه يوجد من ضروب الرسم والألوان بقدر ما يوجد من الفنانين
يقال عن ألوان البرخت دورر إنها صلبة جافة، وليست كذلك بتاتاً. إن دورر جرماني، فهو يعمم ولا يخصص، وترى تراكيبه الإنشائية محكمة مدعمة كالحقائق المنطقية، وأشخاصه جامدة كما ينبغي أن تكون. وهذا يفسر لنا دقة رسمه البالغة، وكيف جاءت ألوانه مكبوتة محدودة.
(وينتمي هولبين إلى نفس المدرسة، فليس لرسمه شيء من الرشاقة الفلورنتينية، ولا للونه الجمال البندقي.
ولكن لخطوطه وألوانه قوة ورسوخ ومعنى باطني، وهذه صفات قد لا تتوفر لأي مصور آخر.
ويمكن أن يقال إجمالاً عن فنانين حريصين مدققين كمن ذكرت؛ إن رسمهم غير مرن وإن ألوانهم باردة جافة جفاف الحقائق الرياضية؛ كما يمكن أن يقال على النقيض من ذلك عن البعض الآخر الذين هم شعراء الوجدان أمثال رفائيل وكوريجيو واندريا دل سارتو إن خطوطهم أكثر طراوة وليونة، وألوانهم أوفى رقة وجاذبية. أما في غير هؤلاء ممن نسميهم (الواقعيين) أي أولئك الذين هم أقل عمقاً في الشعور والحس أمثال روبنز وفلاسكويز ورمبراند فنرى أن لخطوطهم جمالاً حياً له قوة وروعة، وهدوء وسكون. أما ألوانهم فتقوى أحياناً حتى لكأنها أخذت من أشعة الشمس، أو تخبو أحياناً أخرى فتبدو كأنها الهيدب أو الستر الشفيف؟
وعلى ذلك قد تختلف طرائق التعبير عند نوابغ الفنانين باختلاف نفوسهم. ويكاد يكون مستحيلاً على المرء أن يقرر بأن رسم ولون فريق منهم أحسن أو أفضل من رسم ولون الفريق الآخر). فقلت:
- (إني أدرك ذلك يا أستاذ؛ ولكني أراك لا تفكر لحظة فيما تسببه من الإحراج لجماعة النقاد المساكين عندما ترفض مبدأ تقسيم الفنانين إلى رسامين وملونين. ولكن يسرني أن أفهم من قولك إن هناك طريقة جديدة لمن يرغب ذلك من مريدي التقسيم، فأنت تقول إن الرسم واللون ليسا سوى وسيلة، وإن روح الفنان هي العامل المهم الذي يعنينا. وعلى هذا يمكن أن نضع المصورين في جماعات تختلف باختلاف أمزجتهم. فالبرخت دورر مثلاً يقرن بهولبين، لأن كليهما منطقي. ويوضع رافائيل وكوريجيو وأندريا دل سارتو الذين ذكرتهم في قسم تغلب عليه العاطفة والحس، ويأتي هؤلاء في طليعة المحزونين الذين يشبهون بشعراء المراثي. وثم قسم آخر يشمل أولئك الفنانين الذين يعنون بالوجود وبالحياة اليومية يكون من أقطابه الثالوث المؤلف من روبنز وفيلاسكويز ورمبراند. وأخيرا يؤلف بعض الفنانين أمثال كلود لورين وتيرنر قسماً رابعاً ينظر إلى الطبيعة كأنها رؤى وضاءة آبقة).
فابتسم رودان وقال:
(أرى أن لا داعي لمثل هذا التقسيم الذي قد يكون أقرب إلى الصواب والعدل من ذلك الذي يقسم الفنانين إلى رسامين وملونين. وعلى كل حال فإن أي تقسيم من هذا النوع مصيره إلى الفشل، وذلك لتعقد ألفن أو بالأحرى لاختلاف النفوس الإنسانية التي تتخذه لغة للتخاطب والتفاهم. وعلى ذلك فغالباً ما يكون رامبراند شاعراً سامياً ورفائيل واقعياً صرفاً
دعنا نروض أنفسنا على فهم عظماء الفنانين. دعنا نحبهم، ولنقصدهم لنستلهمهم ونستوحيهم، ولكن فلنكف عن وضع بطاقات عليهم كتلك التي نضعها على العقاقير في مخازن الأدوية
دكتور محمد بهجت
قسم البساتين