الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 62/الفصل الخامس

مجلة الرسالة/العدد 62/الفصل الخامس

مجلة الرسالة - العدد 62
الفصل الخامس
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 10 - 09 - 1934


(الفصل شتاء والمنزل في أفري ويظهر منه غرفة لها باب به

مربعات)

(من الزجاج يطل على الفضاء وقد كساه الثلج)

سافو - (حزينة مفكرة ثم تنشد)

حال عهد الهوى ... بعدما تبسمْ

فهو حلٌم حوى ... يَقظة الألم

وكؤوس المُنى ... في سنا القبلْ

جرعتني العنا ... من يد الملل

واستبدَّت معي ... قسوة القدَرْ

فجرت أدمعي ... تشبه المطر

ها حبيبي هجَرْ ... إِنَّ هجرَهْ

مثل وخز الإبَرْ ... ما أمرَّهْ

ليته أنصفا ... قبلما رحَلْ

يا فؤادي كفى ... أخطأ الأملْ

(بعد سكوت)

سافُ هنّي فأكرمي ... ساعة الواجب

إنَّه مهجتي. دَمي ... طفلِيَ الغائب

قم فقّبله يا فَمِي ... قبلة التائِب

علً طُهَر السّنينْ ... الذي ما عَرفْ

أين قلبي. يزين ... قلبه بالشرف

فإلى الواِجبْ ... عقَّنِي الصاحِبْ

حنا - (يدخل فجأة) فني؟

فني - (ذاهلة) أنت؟ حنا - نعم فلقد خانني جلدي ولم أقو على البعد

فني - وعدت

حنا - ساءتك إذن عودتي؟

فني - ولكنني سأرحل يا حنا فأولى لك أن تنسى

حنا - (فاقداً صبره) نعم ترحلين. ولكن إلى غير صدري

فني - قسماً بك لا

حنا - إنني حطمت من أجلك قلبي وأهلي وأعزائي ومزرعتنا والغابة والنهر وكل ما هو عزيز عليّ. وكذلك أمي التي كانت في منتصف الطريق تستبقيني وتبكي. وبعد هذا كله ترحلين وتطلبين إلي أن أنسى. اذهبي إذن. اذهبي ولا تطيلي ساعة عذابي.

سافو - (منتبهة) لازلت تحبني. إذن أبقى وأعبدك يا حنا (يتعانقان ويلبثان هكذا برهة)

ولكن ما لوجهك مصفراً يا بيبي

سافو - ماذا قلت. إن هذه الكلمة تعيد إلى ذهني تلك الذكريات الأليمة

حنا - (باكية) هكذا طاب لك أن تعذبني من جديد.

فهل لهذا عدت إلى من كنت تلتمس قبلة العفو عند شفتيك.

سافو - لقد أخطأت يا فني فاحملي ذلك على جنوني

(يذهب فيرتمي فوق مقعد وقد خارت قواه)

سافو - لا بأس عليك فإن شفتيك تختلجان وعينيك تصهرهما الحمى

حنا - خانتني قواي وما نمت إلى الآن

سافو - إذن نم يا حبيبي

حنا - ولكن إلى جانبك

سافو - بل عند صدري

حنا - (ينام ورأسه عند صدرها) آه لو تعلمين كم أحبك

سافو - إنس تكن سعيداً

حنا - نعم إن السعادة في النسيان (ينام)

سافو - ولكن كيف نسيت. خير لي أن أرحل من الآن (تتخلص منه وتسند رأسه فوق وسادة)

حنا - (حالماً) زوجتي. . .

سافو - (تضطرب وتنحني عليه) هل أستيقظ؟ لا.

(تبتعد رويداً نحو الباب وهي تنشد بصوت خافت)

ساعة الرحيل - ساعة العذاب - شتت فكري

أيها الجميل - أقصر العتاب - واجبي عذري

يا لها ليال - عهدها النضير - مر كالفجر

هكذا الجمال - عمره قصير - فهو كالزهر

أيه يا دموع - أنت المتاع - بعده فاجري

أسعفي الضلوع - ساعة الوداع - من لظى الجمر

(وأخيراً تودعه بأطراف أصابعها ثم تختفي)

(تمت الرواية)

محمود خيرت

بقلم قضايا المالية