مجلة الرسالة/العدد 619/في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب
→ التربية السياسية | مجلة الرسالة - العدد 619 في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب [[مؤلف:|]] |
حول اقتراح ← |
بتاريخ: 14 - 05 - 1945 |
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
- 1 -
كان العلامة الدكتور عبد الوهاب عزام عميد كلية الآداب قد نبه على أشياء في الجزء الأول والجزء الثاني من هذا الكتاب، ثم شغله الذي هو أهم. وفي أثناء مراجعة أجزائه لمحت العين ما أنا أذكر قسماً منه اليوم. والكتاب - كما يلوح - فيه ما فيه، وإن بالغ في تحقيقه العلماء الفضلاء من مصححيه. ومثل هذا المرجع جدير بالضبط المحكم، والإصلاح الأكمل.
- في جزء 10 ص25 وفي قصيدة ابن الشبل البغدادي:
تُبادِي ثم تخنِس راجعات ... وتكنس مثلما كنس الصُّوار
وأيام تَعَرَّفْنا مَداها ... لها أنفاسنا أبداً شفار
وكم من بعد ما كانت نفوس ... إلى أجسامها طارت وطاروا
ولا أرض عصته ولا سماء ... ففيما يغول أنجمها انكدار
قلت: (تبادي) في البيت الأول هي (تباري) أي تتبارى حذفت الأولى جوازاً.
و (تعرفنا مداها) في الثاني هي (تَعَرَّقُنا مَداها) والمدى مع جموع المدية وهي الشفرة، و (تعرفنا) أي تتعرفنا حذفت التاء الأولى جوازاً. وفي اللسان: (عرفت العظم وتعرفته إذا أخذت اللحم عنه بأسنانك نهشاً) وعجز البيت يثبت المعنى الحق.
والبيت الثالث هذه روايته الصحيحة:
وكم من بعد ما ألفت نفوسٌ ... جسوماً عن مجاثمها تطار
وليست (نفوس) تمييزاً لكم كما جاء في الحاشية.
والبيت الرابع عجزه: ففيم يغول أنجمها انكدار؟
- في ج10 ص35 وقال (يعني ابن الشبل):
وكأنما الإنسانُ منا غيرَه ... متكوِّن والحس منه معار
متصرّف وله القضاء مصرف ... ومسيّر وكأنه مختار
وجاء في حاشية البيت الأول (كانت في الأصل (والحسن فيه) ولكن لا يستقيم المعن بما غيرت إليه. وجاء في حاشية البيت الثاني: (كانت في الأصل (ومخير) ولكنها لا تقيم معنى البيت
قلت: البيتان في مقطوعة أرويها تامة؛ فإنها من الشعر البارع الحكيم، وفيها الرواية الصحيحة للبيتين، وإن قوله (الحسن فيه مغار) يجاوب قوله (وكأنما الإنسان فيه غيره) وأما الحسن في الإنسان وفي غير الإنسان. . فلن يكون في كل حال إلا حقيقة لا استعارة ولا مجازاً. . .
وكأنما الإنسانُ، فيه غيرُه ... متكوناً، والحسن فيه معار
متصرِّفاً وله القضاء مصرِّف ... ومكلَّفاً وكأنه مختار
طوراً تصوبه الحظوظ وتارة ... خطأ تحيل صوابه الأقدار
تعمي بصيرته، ويبصر بعدما ... لا يسترد الفائتَ استبصار
فتراه يؤخذ قلبه من صدره ... ويُرد فيه وقد جرى المقدار
فيظل يضرب بالملامة نفسه ... ندماً إذا لعبت به الأفكار
لا يعرف الإفراط في إيراده ... حتى يبينه له الإصدار
وقد ذكرني هذا الشعر بأبيات لبشار حكيمات:
طُبعت على ما فيَّ غيرَ مخيّر ... هواي ولو خيرت كنت المهذبا
أريد فلا أُعطى، وأُعطى ولم أرد ... وقصر علمي على أن أنال المغيبا
فأُصرف عن قصدي وعلمي مقصر ... وأُمسي وما أُعقبت إلا التعجبا
. * وفي ج12 ص226 ومنه (أي من شعر علي بن أحمد بن سلك الفالي بالفاء):
تصدّر للتدريس كل مهوِّس ... بليد يسمى بالفقيه المدرس
فَحَقٌّ لأهل العلم أن يتمثلوا ... ببيت قديم شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدا من هزالها ... كُلاها وحتى سامها كل مفلس
قلت: في رواية (تَسمى) مكان (يُسمى) وجاء في الحاشية:
(وربما كانت (مهوش) بالشين) والصحيح هو مهوس) كما روي في كثير من كتب الأدب.
والقول في البيت الثاني (فَحَقٌ لأهل العلم) هو (فَحُقّ لأهل العلم) وهذا ما قاله قارض الشعر وأراده. وهذا أسلوب العربية في القديم في هذا المعنى. وفي التاج عن الأساس (وأما حُقّ لك أن تفعل فمن حق الله الأمر أي جعله حقاً لك أن تفعل واثبت لك ذلك وهو تحقيق نفيس) وفي اللسان: (قال الفراك حُق لم أن تفعل ذلك وحَق، وإني لمحقوق أن أفعل كذا فإذا قلت حُق قلت لك، وإذا قلت حَق قلت عليك) فإن قيل: ألا يحق لنا أن نقول اليوم: حَقٌ للعلماء أن يتمثلوا الخ. . قيل لنا أن تقول وليس لنا أن نُقوَّل. . .
- في ج15 ص210
وله (لأبي علي المنطقي) من قصيدة في عضد الدولة يذكر الصدق:
ما زلت تنصف في قضاياك العلا ... قل لي: فما بال الضحى يتظلم؟
أهديت رونقه إلى جنح الدجى ... فاعتنّ أشهبَ وهو طِرف أدهم
حتى كأن الليل صبح مشرق ... وكأن ضوء الصبح مظلم
هي ليلة لبست رضاك فأشرقت ... من بعد ما كانت بسخطك تظلم
ما كان في ظن امرئ من قبلها ... أن الملوك على الليالي تحكم
قلت: ضبطت (الصدق) بتشديد الصاد وكسرها وسكون الدال وفتح القاف. . . والشعر لا يدل على شيء من الصدق، وإنما يصف (السَّذَق) وهو ليلة الوقود عند الفرس، واللفظة معربة فارسيتها (سذة) والسدق بالدال لغة فيه، وبعضهم يراد محرفاً، وأنا لا أرى ذلك. والصدق بالصاد لحن عند صاحب القاموس. . وقد ذكره معجم عصري بالصاد كأنه لغة في السذق
والسذق ميراث المجوسية. ولبديع الزمان الهمداني رسالة عبقرية (كتبها إلى الرئيس أبي عامر) في الإشادة بذكر العرب والتنديد بذلك العيد وناره المجوسية. ومما جاء فيها:
نحن (أطال الله بقاء الشيخ) إذا تكلمنا في فضل العرب على العجم، وعلى سائر الأمم، أردنا بالفضل ما أحاطت به الجلود، ولم ننكر أن نكون أمة أحسن من العرب ملابس وأنعم منها مطاعم وأكثر ذخائر، وأبسط ممالك وأعمر مساكن. ولكنا نقول: العرب أوفى وأوفر، وأوفى وأوقر، وأنكى وأنكر، وأعلى وأعلم، وأحلى وأحلم، وأقوى وأقوم، وأبلى وأبلغ، وأشجى وأشجع، وأسمى وأسمح، وأعطى وأعطف، وأحصى وأحصف، وأنقى وآنق. ولا ينكر ذلك إلا وقح، ولا يجحده إلا نغل. . . إن عيد الوقود لعيد أفك، وإن شعار النار لشعار شرك، وما أنزل الله بالسدق سلطاناً، ولا شرف نيروزا ولا مهرجانا. . . وإنما جعل الله النار تذكرة ومتاعا، ولم يجعلها وداً ولا سواعا، ولم يضرب الله تعالى لها عيداً، ولم يجعلنا لها عبيداً، الله والنبي، والعيد العربي، والتكبير الجهير، وتلك الجماهير، والملائكة بعد ذلك ظهير، والرحمة صوباً وصبا، والبركات فيضاً وفضا، والجنة وصراطها، والنجاة وأشراطها، والموسم الطاهر من لغو الحديث. ذلك، لا ما شرع الشيطان لأوليائه، نار لديهم تشب، ولعنة عليهم تصب، وخمرة متاعها قليل، وفي الآخرة خمارها طويل. هذا هو العيد، وذلك هو الضلال البعيد. . .
- وفي ج16 ص92 فأنا بين حشا خافقة، ودمعة مهراقة قلت: هذا في رسالة للجاحظ إلى إبراهيم بن المدبر. واليقين أن القول هو (فأنا بين حشا خفاق ودمع مهراق) والحشا مذكر لا مؤنث، والدمع في هذا المقام خير من الدمعة. وإن قال أبو عثمان: دمعة مهراقة فلن يقول حشا خافقة ولا خفاقة.
- في ج16 ص149 قال الأصمعي وحدثني عيسى بن عمر قال: لقد كنت أكتب بالليل حتى ينقطع سَوْئي أي وسطي
قلت: ضبطت (سوئي) بفتح السين وسكون الواو؛ وإنما هي (سَوَائي) وسواء الشيء وسطه لاستواء المسافة إليه من الأطراف كما في النهاية. وفيها من صفته (ﷺ) سواء البطن والصدر، أي هما متساويتان لا ينبو أحدهما عن الآخر.
وفي الفائق: بطنه غير مستفيض فهو مساو لصدره. وفي النهاية: ومنه حديث أبي بكر والنسابة: أمكنت من سواء الثغرة أي وسط ثغرة النمر.
- في ج15 ص72 وكأنها عنده رواية عضدها القياس وكان شيخنا موهوب ينعى ذلك عليه
قلت: ضبطت (عضدها) بتشديد الضاد؛ وإنما في اللغة عضده وعاضده. وعضد المشدد فعل لازم وهو لا يعني المعاونة
في التاج؛ (ورمى فأعضد ذهب يميناً وشمالاً كعضد تعضيداً، وهذا ما استدرك به على اللسان) وذهب يميناً وشمالاً يعني السهم
وضبطت (ينعى) بكسر العين وهي بالفتح من حد سعى.