الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 602/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 602/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 602
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 15 - 01 - 1945


نون النسوة

(قالوا أن النساء قرون في مؤتمرهن الذي انعقد في القاهرة

منذ قليل المطالبة بحذف نون النسوة من اللغة تحقيقاً

لمساواتهن بالرجال، فنظم الدكتور عزيز فهمي هذه الأبيات

في ذلك):

هَلا أتَاكَ حَدِيثُهَّنه؟ ... الُّنونُ ليست نُونَهنَّه

هذا القَرارُ وثيقةٌ ... أفْصحْ وذَكرْ جَمْعَهُنَّه

النونُ تَخْدُش سَمْعَهُن ... . . وما أَرقَّ شُعورهنه؟

ظلم الرجالُ نساءهم ... ما للرَّجال وما لُهنَّه؟

النونُ فَرْضُ كفايةٍ ... يكفي النساَء فروضُهُنه

والميمُ أَحْسَمُ للخلا ... فِ فلا تُثيروا كَيْدَهُنه

بَرئ النساءُ من الأنو ... ثة مُذ مَلَكْن قِيادهُنه

عِفْنَ الخِباَء وما الحيا ... ةُ إذا لزمْنَ خُدورهُنهَّ؟

عبءُ الأموِمَة فادجٌ ... حَسْبُ العقائِل حَمْلُهنَّه

حَسْبُ العقائِل ما احْتَمَلنَ وما حَمَلْن من الأجنَّه

ما للغواني والرضا ... عةِ؟ أنَّ هذا الفرضَ سُنَّه

فإذا صَدَقْنَ فلا جُنا ... ح وأن عَطَفْنَ فتَلك مَّنه

رُفِعَ العقابُ فلا نقا_بَ لَهُنَّ غَيْرَ حياَئهُنَّه

أسَر الرجالُ نساءهمْ ... حتى استْحال إسارُهَّنه

وطغى الحليلُ على الحلا ... ئلِ واسْتباحَ حَريَمُهَنه

عَقد انوثق فما شَكَيْنَ ولا بَرمْنَ بحالهَّنه

ومكَرْنَ مَكْرَ خَديعةٍ ... وجَذَبْنَ من يَدهِ الأعِنه الطيرُ راشَ جَناحهُ ... قَدَرٌ يُنيُر لهُ الدُّجنه

وتَمردَ الحَملُ الوديُع على الذئابِ المُطْمئِنة!

عزيز فهمي

الرصافي وأبو حنيفة

كتب الأديب راشد سليمان تحت هذا العنوان في عدد 598 من الرسالة ينكر على الرصافى قولة أن أبا حنيفة يجير قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة، ويطلب منة نصاً يؤيد ما قاله وأنا بذكر هذا النص فأقول: في كتاب التلويح والتوضيح لصدر الشريعة، بعد كلام طويل في تقسيم اللفظ بالنسبة للمعنى (وقد روى عن أبى حنيفة انه لم يجعل النظم لازمناً في جواز الصلاة خاصة، بل اعتبر المعنى فقط حتى لو قرأ بغير العربية في الصلاة من غير عذر جازت الصلاة عنده، وإنما قال خاصة لأنه جعله لازماً في غير جواز الصلاة لقراءة الجنب والخائض حتى لو قرأ آية بالفارسية يجوز لأنه ليس بقرآن لعدم النظم).

وفي بحث في ترجمة القرآن للإمام الماغي شيخ الجامع الأزهر: (قال الصدر الشهير في شرح الجامع الصغير: وهذا تنصيص على أن من يقرأ القرآن بالفارسية لا تفسد صلاته بالإجماع). وقال شارح الهداية: (والخلاف في الاعتداد ولا خلاف في أنه لا فساد). وقال الزيلعي في شرح الكنز: (ولا خلاف في الفساد حتى إذا قرأ معه بالعربية قدر ما تجوز به الصلاة جازت صلاته). وقال أبو اليسر: (والجواز عند العجز بالفارسية نص على أن القرآن بها لا تفسد الصلاة إنما الشأن في جواز الصلاة بها (كذا في جامع قاضيخان).

وقد تبين من هذا أن أبا حنيفة يجوز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ولو بغير عذر. وإما الصاحبان فلا يجوز أنها ألا إذا عجز عن العربية لأن القرآن أسم لمنظوم عربي بقوله تعالى: (أنا جعلناه قرأناً عربيا) والمراد نظمه. ولم يكن فيه بهذه اللغة، وقوله تعالى: (إن الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى) وصحف إبراهيم كانت بالسريانية، وصحف موسى بالعبرانية فدل على كون ذلك قرأناً.

عبد الفضيل يوسف رجب

الأستاذ النشاشيبي عاد إلى مجلسه في (الكنتنتال) أديب العربية وخاتمة أدبائها المحققين الأستاذ إسعاف النشاشيبي. ومجلسه حيث كان متعة للعقل والقلب واللسان: فيه سلاقة النديم، وريحان اللبيب، ونقل الأديب، ونوادر اللغوي، وطرف المؤرخ. وقد زار الأستاذ النشاشيبي دمشق في مهرجان المعري ونزل بأريان بالأس فنزل معه الفضل والعلم وما يصحبهما من كل أولئك. وحضر مجلسه فيه الأستاذ صلاح الدين المنجد فقال يصفه:

(هذا الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي إنه نسيج وحده في كل شيء: في أسلوبه المتين، وفي حديثه المبين، وفي إلقائه النادر، وفي سعة علمه، وكثيرة محفوظة. فلا يشابهه أحد، ولا يجازيه أحد

كانت حلقته في الأريان بالاس مهوى نفوس الذين يتذوقون الفصاحة، ويرغبون في سماع محاسن العربية. ينفض أناس، ويقبل أناس، وهولا يمل، يسمعهم من طريف أدبه، ويروي ظمأهم من روائع علمه، ويأسرهم بتهذيبه وتواضعه

قابلته بعد عودته، أساله عن صحته، أملاً ألا تكون هذه الرحلة الطويلة المتعبة المستعجلة قد أضرت به، فأجابني فرحاً:

- لقد كشفت سراً. . . في معرة النعمان!

- سر؟

- نعم، سر عظيم. . . ما كنا نفطن غليه لولا إن رأينا بلدة أبي العلاء

- وما هذا السر؟

- كان أبو العلاء منقطعاً عن أكل اللحم، وكان يمن علينا بذلك، فلما رأيت أن في المعرة التين، التين الحلو، المشوب بالعسل المصفى، الكبير الحجم، وأن فيها العدس المغذي، اللذيذ المفيد، قلت: ما اللحم أما تين المعرة وعدسها؟ أما لو كان لي معدة قوية كمعدة أبي العلاء وكنت في المعرة آكل من تينها أطعم من عدسها أذن لآليت إلا أذوق ما حييت لحماً. .!

فلا يمن علينا أبو العلاء. . . فقد كشفا السر. . .!

ثم أطرق وقال: الحق أن أبا العلاء شيء عظيم. لقد أحب الحياة، وود لو عاش ألفاً من السنين. وكان متفائلاً كأعظم المتفائلين. وكان يكره الموت إلا موت الأبطال الخالين. وكان مجنوناً. . . جن بالقرآن وجن باللغة العربية، فعرف من شواردها، وفصيحها، وصرفها، ونحوها، وشعرها، ما لم يعرفه أحد. ورأت هي حبه، فأطاعته فانقادت له فملكها وأكثر من تردد محاسنها لأنه يحبها. . .)

جماعة نشر الثقافة الإسلامية بكلية الآداب

تكونت بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (جماعة النشر الثقافة الإسلامية) تحت رئاسة شرف الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام. وغرض الجماعة تبين ملامح الحضارة الإسلامية على أسس علمية وإظهار نواحيها الأدبية والعلمية والفنية ودراسة التاريخ الإسلامي على أسس منهجية تحليلية جديدة والعمل على صوغ التراث العلم الإسلامي في قالب جديد يتمشى مع العلم الحديث ومقتضيات النهضة المعاصرة.

وقد وضعت الجماعة منهاجاً يحقق لها هذه الخطوات، وذلك بأن نظمت سلسلة من المحاضرات يلقيها بالكلية كبار المشتغلين بالفكرة الإسلامية. وستقوم لجان من أعضاء الجماعة وممن يريدون أن يشاركوها في هذا العميل بإنشاء بحوث إسلامية تنشرها بالغة العربية وباللغات الأوربية الحية؛ وتقوم كذلك بتعريب البحوث التي كتبت عن الإسلام بلغات غير عربية وحتى يتكون لدينا من هذا كله فكرة صحيحة عن الإسلام وحتى ترتسم صورته أمامنا غير مشوهة.

وستقوم الجماعة أن شاء الله بإذاعة محاضرتها وبحوثها في نشرات خاصة تتعدد بتعدد نواحي الحضارة الإسلامية فسيكون ثمة مثلاً نشرة علمية وأخرى أدبية. . . وهكذا.

وتبدأ الجماعة نشاطها بإذن الله خلال النصف الثاني من محرم سنة 1364 راجية من الله التوفيق والتأييد.

عن الجماعة محمد علي الليثي

إلى الدكتور زكي مبارك

هل يتفضل أستاذنا الفال الدكتور زكي مبارك ويشرح لنا ما يريدون أن يقول في قصيدته (غرام يوم الثلاثاء) المنشورة بالعدد الأسبق من الرسالة؟ وإذا احسن الدكتور بذلك فليكن شرحه في غير الرسالة؛ لأني اضمن بحيزها الضيق عن أن يتسع لشرح المراد من مثل قوله: عهد الهوى البكر هل تنساه يا هاجر ... عهد الهوى البكر هل تنساه يا غادر

عهد الهوى البكر هل تنساه يا قاهر ... عهد الهوى البكر هل تنساه يا كافر

يا هاجر، يا غادر، يا قاهر، يا كافر

إسكندرية

محمد محمد يوسف

(الرسالة): تلقينا تسع رسائل عن (غرام يوم الثلاثاء) أحضرها أخفتها هذه الرسالة. وقد قسا حضرات الكاتبين في النقد واشتدوا في الخطاب حتى رمونا بالإساءة إلى الرسالة وإلى الدكتور بنشر هذه القصيدة. ولا ادري كيف نسوا أن الدكتور المبارك من مؤرخي الأدب ومن رجال النقد ومن كهنة القريض؛ فلم لا يكون ذوقه توجيهاً للأذواق وشعره تجديداً في الشعر؟ وهو بعد ذلك عاشق فمن حقه أن يئن كيف يشاء.

أساطير شرقية

يعجبني الأدب الذي يطبعه أصحابه بطوابع بلادهم، ويلبسونه حللاً من نسج أرضهم أو يتسقطون أخباره، فما كان منها لصيقاً بهم عطفوا فنونهم عليه، وحنوا بآثارهم إليه. كذلك سرني أن أقرأ الأساطير الشرقية التي ألفها ورودها الأستاذ كرم البستاني وأخرجتها دار المكشوف في بيروت. وللأستاذ كرم ولع قديم بهذه الطرف يحسن عرضها ويجلي في سردها ويعدها للقراء مثل طنفسة ثمينة طرزتها يد صناع، وكنت وأنا أقرأ هذه الأساطير أحس بشرقيتي ويتملكني العجب للأمم التي تعاورت على الشرق في قديم عهوده وكانت هذه الأساطير سفرها وأدبها.

تمتاز أساطير الأستاذ كرم بهذه الشرقية الصافية التي ألقت قدميها على شواطئ لبنان أيام الفينيقيين مثل حسناء بحرية، وداعب شعرها نسيم لبنان العليل وشاقها الغرب بملاحاته وسحره فأحبت بلاد اليونان ودعتها السياحة والمغامرة إلى زيارتها والبقاء فيها.

فعلى أساطير البستاني جمال الشرق وملاحة الغرب كأسطورة قدموس وأخته أوريا؛ فأم هذين الشقيقيين حورية الماء (صور)، وصور مدينة شرقية عتيقة ما نزال إلى هذا اليوم عليها غلائل الأساطير الفينيقية. ثم انظر كيف تمر هذه الأسطورة من مصنع الشرق إلى سوق الغرب متخذة فن راويها كبساط الريح. فان جمال أوريا أخت قدموس قد استلب لب جوبتير الشبق الذي يلوب على جمال بنات الأرض فيهبط عليهن يغترفهن مثل نسر كاسر ينقض على عصفور. فيرى في حقول صور أوريا ترعى الثيران فيرسل إليها أحد بنية يختطفها إليه ليسبيها فيهب أخوها يبحث عنها في الأمصار حتى يصل إلى اليونان وتجرى له ثمة حوادث تنسيه أخته وتذهله من نفسه.

وهذه الأساطير جرى كاتبها فيها على طريقة علمية اكثر مما يجرى على طريقة فن أدب فقد تحرى فيها المصادر، ودرس آثار الكاتبين عنها قبله في الآداب القديمة والحديثة، وألزمته هذه الطريقة أن يشرح ألفاظاً ويحقق تواريخ تتعلق بالميثولوجيا. والعجب لحوادث أوردها بعضها محقق في الوجود وبعض ورد ذكره وحوادثه في الكتب المقدسة فرواها الأستاذ البستاني على إنها في أساطير.

وليس في وسع التحقيق الأدبي وان شاء الأطراف أن يميل إلى هذا التسامح.

زكي المحاسني