مجلة الرسالة/العدد 601/وحي الهجرة في سياسة الأمم والشعوب
→ اذكروا يا زعماء العرب! | مجلة الرسالة - العدد 601 وحي الهجرة في سياسة الأمم والشعوب [[مؤلف:|]] |
طوالع الإسلام ← |
بتاريخ: 08 - 01 - 1945 |
لصاحب الدولة الدكتور احمد ماهر باشا
قال صاحب الدولة الدكتور احمد ماهر باشا وهو الرجل الذي ندبه العون الإلهي ليكون الوزير الأول لمصر في تلك الحقبة من تاريخ يموج بالهول، وتفور أرضه بالحمم، وتمطر سمائه بالصواعق - ومصر - قلب العربية، وأمل شعوبها، تضطلع بأعبائها وأعباء جيرتها، وقد أخذتها الاحداث، واحاطت بها التبعات، وتقاذفتها الأهواء، فإذا (بالفاروق) اعزه الله يجعله على شؤون البلاد، يقيم الميل ويرد على الوطن هيبته، ويسير في المعترك العالمي على بصيرة من الأمر، وعلى هدى من الحق
قال هذا الرجل، وهو يتحدث عما (توحيه الهجرة) في وجدان الرجل السياسي:
(يوحي يوم الهجرة انه لا حياة للأمم ولا للشعوب، إلا بالجهاد الدائم، والكدح والداب المتواصل. وليس الجهاد قاصراً على مكافحة الاعداء، بل اشد الجهاد، واعنف الجهاد، مكافحة الشهوات والأهواء
فلقد رجع محمد رسول الله من بعض غزواته المظفرة فقال: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر - جهاد النفس والهوى -
تذكرنا يوم الهجرة بأن الإنسان لا يحمي إنسانيته - بل عقيدته - إن هو أقام على الهوان راضياً، وإنما حق إنسانيته وواجب عقيدته أن يكافح الطغيان، ولن يصرخ في وجه الظلم، فإذا أعجزه أن يحمي عقيدته وإنسانيته فليهاجر بهما حتى يبلغ مأمنه، ثم يستأنف جهاده ونضاله
وإن الله لن يرضى أبدا عن الذليل المستضعف في الأرض، وهذا كتاب الله يحقر المستضعفين ويؤنب الأذلاء يقول تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قالوا فيم كنتم؟ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض، قالوا: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا)
يوحي يوم الهجرة، يصور لأولئك الذين أنجبهم الإسلام، وهذبتهم فضائله، فاحسنوا القيام علة أممهم وشعوبهم، وقدروا الأمانة التي ائتمنهم عليها حق قدرها الإنسان فلم يقربوا إلا لوجه الحق، ولم يبعدوا إلا في سبيل الحق وهذا عمر الفاروق يقول لولاته: اجعلوا الناس في الحق سواء، قريبهم كبعيدهم، وبعيدهم كقريبهم
إياكم والرشا - فإنها السحت - وإياكم والحكم بالهوى، وأن تأخذوا الناس عند الغضب)
وإني إذا ما رويت في الأمر الإنسان وفكرت لم كان اختيار الهجرة بدا للتاريخ الإسلامي؟ لا البث أن اقتنع - على بينة من الأمر - انه يراد أن يكون المسلمون دائما على ذكر من الحقيقة الخالدة، وهي أن سبيل الرفعة وطريق العزة - الجهاد للحق الخالد والعدل السرمدي
وانه لمن يمن الطالع أن يكون على عرش مصر الملك المفدى الإنسان (فاروق الأول)؛ فهو الأسوة الحسنة لشعبه وللشعوب الإسلامية. اعز الله ملكه، ونصر عهده وحقق في أيامه مجد الإسلام وعزة المسلمين.
(م)