مجلة الرسالة/العدد 60/في السعادة
→ شخصية نسوية أندلسية | مجلة الرسالة - العدد 60 في السعادة [[مؤلف:|]] |
حول كتاب (هتلر) ← |
بتاريخ: 27 - 08 - 1934 |
للورد افبري من كتابه (فائدة الحياة)
ترجمة الأستاذ بشير الشريقي
لا تسير الرفاهية مع السعادة دائماً، وإن كثيراً من الناس بؤساء وإن كانوا يملكون في الظاهر كل ما من شأنه أن يجعلهم سعداء.
يمكن أن تقدم الطبيعة إلى أحب عشاقها الغنى والقوة والشهرة والحياة الطويلة، ولكنها لا تستطيع أن تجعله سعيداً. إذ يجب أن يعتمد في ذلك على نفسه.
إذا لم تكن عناصر السعادة موجودة في نفس الرجل فإن كل ما في العالم من جمال ومشاهد وملذات ومبهجات لن تستطيع أن تهبها له.
أكثر ما تتوقف عليه السعادة إنما هو ضبط الرجل لأفكاره وقيادته لها متجنباً ما هو مؤلم، مستعيداً أجمل الذكريات.
يقول (شوبنهور) - يرى أحدهم العالم قاحلاً مظلماً حقيراً، ويراه الآخر غنياً مبهجاً مملوءاً بالمعاني.
السعادة شيء يحتاج إلى المران كالعزف بالناي.
إذا سرنا على الصراط المستقيم وصلنا إلى ما تصبوا إليه نفوسنا ولكن حذار أن نبحث عن هذا الصراط باهتمام شديد.
يقول (فرانكلن) - اتبع السرور يتبعك.
لا تفكر كثيراً في نفسك، أنك لست الوحيد في هذا العالم،
يقول (راسين) - لا تفتش عن اللهو، ولكن كن مستعداً دائماً أن تلهو.
إنه من الصعب أن تجعل الحياة تعاقب لذائذ،
يقول (تشفورت) - إن أضيع يوم في حياتنا هو اليوم الذي لا نضحك فيه.
إذا كان اليوم مظلماً فأضئه.
يقول أحد القساوسة - إن البشاشة هي تسعة أعشار المسيحية.
يحتاج النزاع إلى شخصين فلا تكن أنت أحدهما.
لا تدع الشمس تغرب على غضبك.
إن أنت فكرت في نفسك كنت تعساً، وإن أنت فكرت في غيرك كنت سعيداً.
يتذمر بعض الناس دائماً، ولكنهم مساكين لم يدركوا أنه لو قدر لهم فولدوا في جنات عدن لوجدوا هنالك أشياء كثيرة يتشكون منها ويتذمرون.
الغبطة مقوٍ أخلاقي عظيم، وكما أن الشمس تفتح الأزهار وتنضج الأثمار، كذلك الغبطة.
الشعور بالحرية والحياة يبعث فينا كل بذور الوجود.
ما دام الإنسان محافظاً على بشاشته فهو محافظ على قوته وشبابه.
يظن بعض الناس أن السرور دليل عدم التفكير وهذا خطأ، إذ ليس من علاقة ضرورية بينهما.
لا نستطيع أن نمنع آلام هذه الحياة عنا، ولكننا - إذا أردنا - نستطيع أن نسمو فوقها؛ ولذلك يجب أن نعلق على جدران غرفة ذكرياتنا صوراً جميلة ضاحكة. وكما يلأم الزمن الجراح يشفي الزمن الأحزان.
يقول (كوكريتوس) يخاف بعض الرجال في النور بقدر ما يخاف الأطفال في الظلام.
إن العقل المثقف، ولا أعني بالمثقف عقل الفيلسوف، بل كل عقل فتحت له منابع المعرفة فعرف كيف يمرن قواه، سيجد في كل ما يحيط به منابع للسرور والتسلية لا ينضب معينها؛ سيجد في بدائع الفن غبطة، وفي جمال المرأة راحة، وفي خيال الشعراء وحوادث التأريخ سلوة، وفي عقائد الناس تفكهة.
الطبيعة نعمة لمن لا يكفر النعمة.
لا الغنى ولا الجاه بضامنين لك السعادة.
قد تكون غنياً وعظيماً وقوياً من غير الحب والإحسان والاطمئنان، ولكنك لن تكون سعيداً.
لقد اتفق أحكم الحكماء على أن السعادة لا يمكن أن تشترى بالمال ولا أن تنال بالقوة.
يقول (هريو) لسيمونيدس: لقد أغرت مفاخر الأمارة وعظمة الملوك ورفاهيتهم السواد الأعظم من الناس؛ أنا لا أعجب من ذلك، لأن الناس كما يظهر لي يحكمون على بعضهم بمجرد الظواهر فقط؛ إنني أؤكد لك باسيمونيدس أن الملوك يملكون أقل نصيب من (المسرات العظيمة)، وأعظم سهم من (البلايا العظيمة).
لا ينبغي أن نخاف الموت، فالموت كما يقول (باسكال) هو المصيبة الوحيدة التي لا نشعر بها.
ما دمنا كائنين فما ثمة موت. وإذا جاء الأجل فما ثمة وجود.
يجب ألا ننشد السعادة في الخارج بل في نفوسنا، في عقولنا.
الجنة فيك، فإن أنت لم تستطع أن تكون سعيداً على الأرض فكيف تنتظر أن تكون سعيداً في السماء؟
يقول (سقراط): (خير الرجال من يسعى لضبط نفسه، وأسعدهم من يشعر بأنه ضابط لها).
خذ الغبطة إلى بيتك
واسمح لها أن تنمو ودارها.
إنها ستخفف من آلامك وأحمالك
وتغني لك وأنت تجاهد في حراثة أرضك.
إنه لعمل عادي أن تكون مسروراً.
(شرقي الأردن)
بشير الشريقي المحامي