مجلة الرسالة/العدد 593/البريد الأدبي
→ بين سيد قطب والحقيقة | مجلة الرسالة - العدد 593 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 13 - 11 - 1944 |
محمد عبد العزيز
وصل إلي خطاب مسجل بإمضاء سيدة طوت اسمها عني، وهي ترجو أن أكتب في مجلة الرسالة كلمة يعرف منها العراقيون أن الأستاذ محمد عبد العزيز مات
فمن هو الأستاذ محمد عبد العزيز؟
هو الأستاذ الذي عرفته مصر باسم عبد العزيز سعيد، وعرفه العراق باسم محمد عبد العزيز، فمن هذا الرجل؟ وما قيمته الحقيقية؟
هو معلم مصري أقام في العراق ثلاث سنين في بداية عهد الاستقلال، فترك في العراق آثاراً روحية يعرفها الأكابر من تلاميذه الذين يسيطرون على الحياة العلمية في العراق
كانت مزية هذا الرجل لأنه لا يتكلم ولا يخطب، ولا يعرف أحد أين يقيم، وبهذه العزلة وصل إلى الظفر بوفاء العراق، لأن العراقيين يحبون أهل الصمت، بسبب ما ابتلتهم به المقادير من كثرة الصياح
وهذا سر إخفاقه في مصر، لأن مصر بسبب هدوئها تصفق للصائحين
لاحت فرص كثيرة لاختبار مواهب الأستاذ عبد العزيز سعيد، فكان يخيب ظني في جميع الأحوال. وكانت النتيجة أن أقرر فيما بيني وبين نفسي أن بغداد قد انتهبت حيويته في تلك السنوات الثلاث
كان جهاد هذا الرجل في بغداد معرضاً للضياع، فشاء حبي لوطني أن أشيد باسمه وأن اهدي إليه كتاب (ملامح المجتمع العراقي)
وكان الرجل يعرف أنني أهديت إليه كتابي لوجه الحق، فكان يجن من نشوة الفرح يوم يلقاني، وكنت أشعر بنشوة مزلزلة حين أتذكر أنني أهديت كتابي إليه ولم أهده إلى أحد أصدقائي من الوزراء
مات محمد عبد العزيز العراقي، ومات عبد العزيز سعيد المصري، وبقيت لوعة لن تموت، وهي فقد صديق بوزارة المعارف
ما هذا الذي أقول؟
إن الأقدار التي امتحنتني بموت الأستاذ محمد أحمد جاد المولى تعرف أنه لم يبق صديق بوزارة المعارف، مع الاعتذار للدكتور أحمد رياض.
زكي مبارك
إلى الوزير الأديب هيكل باشا
من حسناتك التي تذكر فتؤثر وتشكر، مسابقة الترقية إلى التعليم الثانوي التي عطلت في العهد السابق.
زعموا أنهم سيستبدلون بها معهداً للدراسات العليا. . .
وعطلت المسابقة وقام المعهد، فماذا كان؟
كانت المسابقة لمدرسي المدارس الابتدائية وسيلة يترقون بها إلى التعليم الثانوي فحيل بينهم وبين معهد الدراسات وقصر على معلمي الثانوي.
قيل - يوم عطلت المسابقة - إن الذين يتقدمون إليها قلة. وهذا غير صحيح - على الأقل في اللغة العربية - وإن صح فإن علاجه يكون بالترغيب والجزاء، لا بالتعطيل والإلغاء
وقيل إن المسابقة لم تنجح كوسيلة لكشف المواهب والكفايات. وإذا سلمنا هذا فإن علاجه يكون بتهذيب المسابقة وتجميلها، لا بإلغائها وتعطيلها
يا سيدي الوزير. . . إذا أردت أن تريح نفسك من شفاعة الشافعين. ولجاجة المتوسلين. وتلك سياستك - فالمسابقة المسابقة. . . أنها الطريق السوي
روى ياقوت في معجم الأدباء أن المتوكل لما أراد أن يتخذ المؤدبين لولده جعل ذلك إلى (إيتاخ) وتولى كاتبه ذلك. فبعث إلى أدباء عصره وأحضرهم مجلسه فلما اجتمعوا قال لهم: لو تذاكرتم وقفنا على موضعكم من العلم واخترنا، فألقوا بينهم بيت ابن عنقاء الفزاي
ذريني إنما خطئي وصوبي ... عليَّ وإنما أنفقتُ مالُ
فقالوا: ارتفع (مال) بإنما إذا كانت (ما) بمعنى الذي ثم سكتوا
فقال لهم أحمد بن عبيد من آخر الناس: هذا الإعراب، فما المعنى؟ فأحجم الناس عن القول، فقيل له: فما المعنى عندك؟ قال: أراد، ما لومك إياي، وإن ما أنفقت مال ولم أنفق عرضا فالمال لا ألام على إنفاقه
قال ياقوت: (فجاءه خادم من صدر المجلس فأخذ بيده حتى تخطئ به إلى أعلاه وقال له: ليس هذا موضعك؛ فقال: لأن أكون في مجلس أرفع منه إلى أعلاه، أحب إلي من أن أكون في مجلس أحط منه
فاختير هو ابن قادم
(بني سويف)
محمد محمود رضوان
إلى الأستاذ سيد قطب
جاء في مقالكم القيم بالعدد (589) من الرسالة الغراء أنكم ترون (شوقي) نضر الله وجهه أخطأ في روايته: (مجنون ليلى) إذ يقول:
عارضنا الحسين في ... طريقه ليثرب
هذا سنى جبينه ... ملء الوهاد والرُّبِى
وقد حسبتم أنه كسر الباء في (الربى) للضرورة الشعرية ذاهبين إلى أنها جمع (الربوة) المضمومة الراء، وأرى أن (الربى) التي وردت في كلام (شوقي) صحيحة بكسر الباء على أنها جمع (ربو) وهو بمعنى (الربوة) كما في (الفيروز ابادي)
ووزن (البرى) بالكسر (فُعُول) مثل (دلو) الذي يجمع على (دلى) صار إلى هذه الصورة بعد إعلال كثير تبينه مباحث علم (الصرف)؛ وإذا كان في البيت ضرورة فهي تخفيف الياء المشددة وهذا كثير سائغ في شعر العرب كما يعلم الأستاذ الفاضل
وقد استعمل (شوقي بك) هذا الجمع على هذه الصورة في قصيدة فلسفية عصماء مطلعها:
ألا حبذا صحبة المكتب ... وأحب بأيامها أحبب
والسلام عليكم ورحمة الله
(الإسكندرية)
محمود علي البشيبشي
فرقة التمثيل
روايتان معروفتان في عالم الأدب والفن، الأولى (يوليوس قيصر) والثانية (مرتفعات روذرنج)
لا أعرف الأديب الذي ترجم الأولى وهي من تأليف شكسبير، أما الثانية فهي من تأليف أميل برونته وقد ترجمها عن الفرنسية الأستاذ فتوح نشاطي
أخرج الأولى الأستاذ زكي طليمات المدير الفني للفرقة وقد اختار لتمثيلها الأكفاء من ممثلي الفرقة وممثلاتها. وأخرج الثانية الأستاذ فتوح نشاطي، وقد اختار الأصلح من الممثلين والممثلات لفهم أدوارهم وتمثيلها وفق حرفية أصول الفن
سقطت الرواية الأولى سقوطاً فظيعاً، ولم يقو شكسبير المسكين أن يأخذ بيد الكسحان من الممثلين، وعجز ببيانه الممتع ومقدرته الخلابة على إصلاح لكنات في ألسنتهم، وموات باد فيهم
ونجحت الرواية الثانية نجاحاً باهراً اجتذب النظارة أي اجتذاب، وكاد يذهل الناقد المتربص بالغرفة عن فنه. وكيف لا يذهل وقد خلت الرواية، تعريباً وإخراجا وتمثيلا، حتى من الهنات، فما السر في ذلك يا ترى؟
السر فيما أرى هو في قعود الأستاذ طليمات بعد أن وصل إلى ما كانت نفسه تشتهيه، وفي توهمه أيضاً أنه بلغ هو وزملاؤه وتلامذته أقصى ما يمكن بلوغه من فن الإخراج والتمثيل. أما في الناحية الثانية فهو في توفر الأستاذ فتوح نشاطي، وفي دأبه المتواصل على الدرس والتحصيل وفي عدم رضاه عن كل ما عمله في محيط الفن المسرحي لأنه ينشد الأحسن والأكمل
تانك عما القصتان الرائعتان اللتان أخرجتهما فرقة التمثيل في فصلها الحالي. وكم نتمنى أن تكون جميع الروايات التي تمثلها في هذا الموسم من هذا النوع ليكون مدرسة للذين تؤهلهم ملكاتهم الأدبية والفنية للتأليف المسرحي، ولان الروايات المترجمة إذا احسن اختيارها تمثل حقيقة أدبنا المستمد أكثره من الغرب
حبيب زحلاوي