مجلة الرسالة/العدد 59/الكتب
→ سيوة | مجلة الرسالة - العدد 59 الكتب [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 20 - 08 - 1934 |
كلمة إلى الشبان الطلبة على ذكر كتاب
مرشد المتعلم
ترجمة الأستاذ محمد أحمد الغمراوي
للأستاذ محمد فريد أبو حديد
كثيراً ما هممت أن اكتب في أمر من أمور التعليم إلى الرسالة الغراء، عالماً أن صدرها الرحب يتسع لذلك البحث لما فيه من مساس بناحية حيوية من نشاطنا، غير أني كنت كلما هممت بذلك قعدت بي معان صدتني عن عزيمتي. فأنني معلم بي ما بصاحب الفن من حب لفنه وانصراف بقلبه إليه. غير أن التعليم مرتزقي، وسبيل الأرزاق غير حبيب، فما يكاد الرجل ينصرف من مضطرب عيشه حتى يود أن يتناسى ما اعتراه في ذلك المضطرب، فتراه يقبل على كل حديث غير حديث فنه، ويحب الخوض فيما يبعد به عن ذكر صناعته. ومع ذلك قد رأيتني أقرأ كتاباً أهداه إلي صديق كريم قد ترجمه عن الإنجليزية إلى العربية، وهو الأستاذ محمد أحمد الغمراوي، فبدأت قراءته لأنه كتاب صديق، ثم رأيتني أسير في قراءته مقبلاً عليه لما فيه، واضمحلت صورة الصديق شيئاً فشيئاً من ثنايا السطور حتى صرت بعد لا أجدها، وصرت أعاود الكتاب لنفسه، وأطلب صحبته وحديثه لما أجده فيه من فائدة ولذة ونشاط.
ذلك الكتاب سفر قيم. أقل ما أصفه به للشبان أن قراءته ضرورة لازمة لهم إذا شاءوا أن يخرجوا من دراستهم على أكبر قسط من الفائدة من وراء جهدهم وعملهم. وإذا كنت أخاطب الشبان بذلك فأني أفعل ذلك لعلمي بأنهم أحوج الناس إلى قراءة مثله، ولكن ليس معنى هذا أن من هم من طبقة أعلى من الشبان سناً قد بعدوا عن أن يجدوا في قراءته فائدة، أو استغنوا عن أن ينتفعوا بما فيه من بحوث طريفة فأني أقول غير مجامل ولا مبالغ أنني قد خرجت من قراءة ذلك الكتاب وقد علمت كثيراً مما كنت أجهل، واستوضحت كثيراً مما كان غامضاً مبهماً عندي، وغيرت كثيراً مما كنت متجهاً إليه، قانعاً به. وفضل ذلك الكتاب لمن يقرؤه من الكبار أنه يوحي إليهم معاني جديدة بما يأتي به، مما قد يكون معلوماً لهم، فيرى القارئ المعاني تهم في نفسه وهو يقرأ كأنما تلك القراءة تثيرها وتوقدها.
قلت أن الطالب الشاب لا غنى له عن قراءة ذلك الكتاب، وذلك لأنني أعرف أن الطالب الشاب في حياته اليومية يسير سيراً غير مهتد. فلا هو يجد من يهديه ولا هو إذا وجد من يهديه بآخذ عنه نظاماً تاماً شاملاً يستطيع أن يهتدي به في كل جهوده وأعماله على اختلافها. فالطالب يقرأ، ولكنه وهو يفعل ذلك يتجه إلى حيث تدفعه المصادفة أو المثل، وقد يكون موفقاً في طريقته كما أنه قد لا يكون موفقاً، ولكنه على أي حال لا يكون في اتجاهه مرتكناً على أساس قوي علمي. ولا أظن أن بين المعلمين أو أساتذة الجامعة من يجد فرصة في وقت درسه يستطيع أن يرشد الطالب فيها إلى خير الطرق التي يسلكها في دراسته، فإن الوقت مخصص كله لمادة الدروس بطبيعة الحال. ولقد كان من أشد الأمور إيلاماً لنفسي أن أرى في بعض الأحيان بعض تلاميذي وهم ينكبون على دراستهم انكباباً غير موفق إذ يتبعون في ذلك طريقة تجعلهم كمن يحاول السباحة في وجه التيار، فلا هو موفر جهده، ولا هو سالك سبيله. وكنت إذ أرى ذلك أحاول جهدي أن أرشد بمقدار علمي، ولكني كنت لا أستطيع أن أبسط المعنى بسطاً تاماً يستقر في النفس استقرارا متمكناً، ويحيط بالمصاعب من جميع أطرافها. فكنت أتمنى لو أتيح لهؤلاء المساكين كتاب يستطيعون أن يجدوا فيه الهداية.
وما كنت أجد تلك الطلبة حتى أتحف الصديق الغمراوي قراء العربية بكتابه.
يبدأ ذلك الكتاب بمقدمة ككل كتاب في مثل موضوعه، يهيأ فيها المؤلف عقل الطالب إلى أن يدخل على عمله بذهن مفتوح وعقل فاحص يقظ، وهذا هو الفصل الأول وعنوانه (تولى المرء أمر نفسه) ثم يلقي عليه في الفصل الثاني خطة العمل ويسميها (خطة الغزو) يبين له كيف يقسم وقته للمذاكرة والدراسة، وما مقدار الوقت الذي يجب عليه أن يجعله لتلك المذاكرة، وطريقة تقسيم ذلك الوقت على مختلف المواد، وأي المواد يبدأ بمذاكرتها، وأيها يؤجله في ترتيب المذاكرة، ثم يبين للطالب أي الطرق أصلح في توزيع لوقت على الدروس: هل الإصلاح أن يجعل لكل مادة قسطاً صغيراً كل يوم، أو أن يجعل قسطاً أطول من ذلك بين حين وحين، وهو في كل ذلك يستضيء بنور التجارب العلمية الثابتة.
وأسلوبه في ذلك البيان أسلوب حي بديع، فهو يقول مثلاً، (ومن الخطر الكبير في استعمال جدول المذاكرة الجمود. أن من الصعب أن نفرغ من عملنا في كل مادة في اللحظة التي يحل فيها وقت مادة أخرى، وقد يخطر لنا تخلصاً من هذه الصعوبة أن نفرد كل ليلة في نهاية المذاكرة حصة صغيرة، قل خمس عشرة أو عشرين دقيقة نجعلها كزمن احتياطي ننهي فيه أي شيء صغير قد نكون اضطررنا إلى إغفاله في أية حصة عادية من حصص المذاكرة، لكن هذه الخطة محفوفة بالمخاطر.) وهكذا يسير بالطالب حتى يستقر معه على خير الخطط وأوثقها.
ومن خير ما جاء في هذا الفصل ما كتبه على التعب وماهيته في المذاكرة، وطرق التغلب عليه أو تقليل ضرره.
وفي الفصل الثالث بحث طريف في (تصريف الذاكرة) وطرق الحفظ، ويليه في الفصل الرابع بحث آخر في مثل طرافته في (طبيعة الدراسة والتفكير) والفصل الخامس بيان (طريقة المذاكرة) وهو بحث عملي لا يستغني عنه الطالب، وقد أفاض فيه المؤلف إفاضة أحاطت بالموضوع من أطرافه
وأجد نفسي ضنيناً بأن أترك باباً من أبواب الكتاب لا أكتب عنه كلمة، بل أجد نفسي ميالاً إلى أن انقل إلى القارئ منه نموذجاً لعله يعرف أي قول فيه وبأي أسلوب، غير أني أعود إلى نفسي فأذكر أنني إنما أنوه بكتاب رأيت فائدته، على صفحات مجلة قد لا تتسع لكل ما أريد ذكره من ذلك. ولكن لابد أن أنوه بالفصل الثامن الذي يعالج فيه المؤلف (الإصغاء وأخذ المذكرات) فإن هذا الفصل يسد حاجة ماسة عند طلبة المدارس ولا سيما طلبة الجامعة والمدارس العليا
وقد أضاف المعرب فصلاً بعد الفصل العاشر ألحقه بالفصل السابع وجعل موضوعه (كتب المراجعة في اللغة العربية). والحق أن هذا الفصل بحث عميق في تراثنا اللغوي والعلمي، وفق فيه المعرب كل التوفيق، وأصاب في أضافته كل الإصابة، وقد تناول فيه أمهات المراجع العربية بالوصف والتحليل فكان فصله دليلاً يرجع إليه من شاء المراجعة في تلك الأمهات ليهتدي إلى أيها شاء.
فأزف إلى الأستاذ المعرب إعجابي الذي لا حد له بذلك الكتاب وأرجو أن ينتفع به أبناؤنا في جهادهم العلمي، وأوصي من يطلع على كلمتي هذه من الأخوان أن يصفوه لمن حولهم من الأبناء، ففيه خير عون لهم ونعم الهادي.
محمد فريد أبو حديد
جولة في ربوع الشرق الأدنى
للدكتور عبد الوهاب عزام
سمعت بسياحات الأستاذ محمد ثابت، فأعجبت به واغتبطت، أن كان من المصريين سياح يجوب الآفاق إلى أقصى الأرض ليرى ويصف، ويقص على أمته من أنباء الأمم الأخرى. ولم يتح لي أن اطلع على ما كتبه هذا الرحالة المصري إلا الأسبوع الماضي، إذ اطلعت على كتابه (جولة في ربوع الشرق الأدنى) وقرأت ما كتبه عن العراق وإيران، فإذا الرحالة الهمام يعوزه العلم والتثبت في مواضع كثيرة، وأنا أربأ به أن يكون كبعض سائحي الأمريكان؛ يقدم واحدهم إلى القاهرة فيرى في ساعات قليلة الأهرام والأزهر والقلعة ومسجد السلطان حسن، وخان الخليلي، ويرى في الشوارع أناساً لا يعرف وجوههم ولا يفهم لغتهم، ولا يفقه عاداتهم ثم ينقلب إلى أهله فيكتب أو يحدث عما يضطرب في رأسه من خوفو باني الأزهر، وجوهر الصقلي مشيد الأهرام، والسلطان حسن مؤسس القاهرة وهلم جرا!! ثم يتحدث عن أخلاق المصريين وتأثير تاريخهم وجوهم في هذه الأخلاق
إنما يراد بالرحلات المشاهدة، والعلم عن عيان، وبحث بعض الأمور في مواطنها وإفادة علم جديد، أو إبطال وهم قديم، أو التثبت من رواية شائعة. وأما أن يطوف الإنسان بالبلاد مسرعاً كراكب القطار يخيل إليه أن الأرض والجبال والشجر سائرة وأن السيارة التي تجري إلى جانبه واقفة فذلك قلب الحقائق أو تشويهها، وتلك سبيل علمها شر، وجهلها شر.
وأحسب رحالتنا أعتمد في بعض ما كتب على كتاب من الأدلة الأوربية، وبهذا يفسر كثير من الغلط والتحريف في الأسماء، وتاريخ الحادثات الإسلامية بالتاريخ الميلادي، ونحن معشر المسلمين، يكذب علينا كتاب أوربا ويفترون على ديننا وتاريخنا وأخلاقنا، ويسيئون بنا الظن إساءة تقلب حسناتنا سيئات. فينبغي للسائح المسلم ألا يشركهم في ضلالاتهم، فيكتب كل ما يسمع غير متثبت، ولكن الرحالة المصري المسلم لم يتوق الغلط والغلوا مع نية حسنة وقصد سليم. وأصل البلية أن الأمم الإسلامية قد تقطعت بينها الأسباب، وجهل بعضها بعضاً إلا ما يقرءون في كتب الأوربيين، فصار المصري إذا رحل إلى العراق وإيران وتحدث عن أخلاق أهليها ومذاهبهم، فإنما يقص عن بلاد مجهولة لم يعرف ماضيها ولا حاضرها، على قرب ما بين الأمم الإسلامية وكثرة ما بينها من أواصر، وسهولة تفهم أحوالها ودرس تاريخها.
وفيما يلي نماذج من الأغلاط التي وقع فيها المؤلف:
من الغلط في بديهيات التاريخ الإسلامي قوله أن الحسن بن علي رضي الله عنه فر من العراق وقتل، وإن الحسين قتلته جنود معاوية، وقوله إن بلاد الفرس فتحها المسلمون في ستين عاماً، وجعله معاوية بن أبي سفيان فر من خالد بن الوليد في قيادة الفتوح أيام عمر، وقوله عن خلافة عثمان بن عفان (ثم جاء عثمان وقتل عاجلاً) كأنه لم يل الخلافة إحدى عشرة سنة، وقوله في أثناء الكلام عن الحجاج: (وكان زياد في البصرة) كأن زياداً والحجاج وليا العراق في وقت واحد، وبين موت زياد وولاية الحجاج زهاء عشرين سنة، وقوله أن خالد بن الوليد صلى في جامع همذان، وقوله إن الفرس رأوا في العباسيين أعداءهم فحاربوهم بالتشيع، وهذه كما يرى القارئ أغلاط كنا نربأ بالأستاذ أن يقع فيها.
ومن التحريفات كتابته مدينة هيرات بالياء. ونصر الدين شاه بدل ناصر الدين بالألف. وجبل الفند، ودمافند. وكرفان سراي بالفاء بدل الواو في الكلمات الثلاث. وقصر جولستان بالواو بعد الجيم. وهذا تحريف النقل من الكتابة الإفرنجية وأشنع من هذا أنه قال عن الإيرانيين اللذين سافروا معه إلى مشهد إنهم كانوا يصيحون بين الحين والحين: (لا هم سل إلى مهمد آلي مهماد) فهل عرف الرحالة المدقق أن هذه الكلمة التي سمعها هي (اللهم صل على محمد وآل محمد) فإن كان قد عرفها فلماذا لم يفسرها بالكتابة الصحيحة، وإن كان لم يعرفها فلماذا لم يسأل عنها؟ وأفضع من هذا كله قوله عن إخواننا شيعة إيران أنهم يفضلون مشهداً على مكة. وكيف يعقل أن أمة مسلمة شديدة الغيرة على دينها تعتقد أن الحج إلى مكة فرض وقاعدة من قواعد الإسلام - كيف يعقل أن هذه الأمة ترى زيارة مشهد أفضل من الحج إلى مكة؟ ربما بالغ عامة الإيرانيين في تعظيم مشهد وغيرها من المزارات الشريفة كما يبالغ عامة المصريين في تعظيم مسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي وإبراهيم الدسوقي، ولكن عمل العامة لا تفسر به عقائد الأمة. وهذه كتب الشيعة بين أيدينا تنطق بخلاف ما زعم الكاتب، ولست أنسى غضب إخواننا شيعة العراق من قول بعض أساتذتنا: إن الشيعة الأمامية يتبرءون من الشيخين، ولست أنسى عتب أحد علمائهم في بغداد، ولا عتب السيد الحجة محمد الحسين آل كاشف الغطاء حينما شرفنا بزيارته في النجف فقال: لماذا تكتبون عنا ولا تقرءون كتبنا. لقد كان عتاب الأخ للأخ يود ألا يكون بينهما من الغلط ما يكدر صفو الأخوة الإسلامية، وقد اعتذرنا للسيد يومئذ واعترفنا بتقصيرنا في الاطلاع على كتب أئمة الشيعة. وأنا اعتذر هنا مرة أخرى عن الرحالة محمد ثابت واثقاً بحسن نيته، وإن كان حسن النية لا يعد عذراً كافياً لمن لم يتحر الحق في كلامه.
وفي الكتاب أغلاط أخرى، أرجو أن يتوقى أمثالها في رحلاته المقبلة.
وإنني لراج أن يتم التعارف بين الأمم الإسلامية، حتى لا يكتب بعضها عن بعض إلا عن علم وروية، وتثبت وإنصاف، والله ولي التوفيق.
عبد الوهاب عزام
التجديد في الأدب الإنجليزي الحديث
تأليف الأستاذ سلامة موسى
للأستاذ سلامة موسى في خدمة الأدب العربي المعاصر همة تذكر فتشكر، فهو ما ينفك يتحف جمهور المثقفين بأبحاثه الطريفة على صفحات مجلته الغراء وغيرها من الصحف ومن آثاره الأدبية الأخيرة كتابه هذا عن التجديد في الأدب الإنجليزي ويقع في نحو مائة صفحة من القطع الكبير. شرح الأستاذ الحركة الفكرية في العصر الفيكتوري، ثم تكلم عن بعض المذاهب الأدبية في ذلك العصر، وذكر بعض الأجانب وأثرهم في الأدب الإنجليزي. كذلك ذكر اثنين غيرهما وجارى ماكس نورداو في تسميتهما المنحطين وهما: والتر باتر وأوسكار وايلد، ولخص مذهبهما في أنه ينحصر في الدعوة إلى الجمال بلا اعتبار للأخلاق أو العرف،
ثم ترجم الأستاذ لبعض أعلام الأدب الإنجليزي مثل كبلنج وهو في رأيه شاعر الاستعمار، وبرناردشو ودارون وولز وجالزورثي وغيرهما، ولقد تعرض لمذاهبهم وفلسفتهم في دقة ومهارة. ولقد يبدو موضوع الكتاب غريباً عند من لم يكن له إلمام بالأدب الإنجليزي، والحقيقة أنه نافع لكل مثقف فهو يدرس حركة فكرية، والحركات الفكرية وثيقة الصلة بالحياة، ومن ثم فأنت تقرأ في هذا الكتاب ملخص الحياة الاجتماعية في إنجلترا منذ عام 1830، بيد أن الأستاذ المؤلف يغالي في بعض آراءه مغالاة تنتهي بأحكام لا يمكننا أن نمر عليها دون أن نعارض الأستاذ فيها، وخصوصاً لصدورها من أديب نابه كالأستاذ سلامة موسى. فهو ينعت العصر الفيكتوري ما بين 1830 و1900م بأنه عصر خمول في الأخلاق والأدب، مع انه من أرقى عصور الأدب الإنجليزي وأحفلها بالحركات والاتجاهات الأدبية الجديدة، بلغت فيه المدرسة الرومانتيكية غاية نموها وتطورها، وتعددت فيه مذاهب الكتاب وأتسع الأدب في نواح عديدة كالقصة والشعر والتاريخ وأدب المقالات وغيرها. يتجلى ذلك في شعر الشعراء اللذين افتتحوا هذا العهد ولم تمهلهم المنية كشلي وبيرون وفي شعر غيرهم ممن عاشوا بعدهم كورد ثورث وتنسن، كما يتجلى في قصص سكوت العديدة وقصص شارلز دكينز العظيم وثكري ومن ذهب مذهبهم أو خالفهم من القصصيين، كما يتجلى في كتابات ماكولي وكارلي ورسكن وغير هؤلاء وهؤلاء ممن ارتفعوا بآدابهم إلى درجات المجد، وما التجديد الذي يشير الأستاذ إلى ظهوره في عام 1900 إلا ثمرة من ثمار العصر الفكتوري الناهض، وأنك لتلمس أسبابه في حركات ذلك العصر وترى هذه الأسباب واضحة في كتاب الأستاذ نفسه مما يتفق مع وصفه هذا العصر بالجمود. لذلك لا أستطيع أن أشايع الأستاذ في قوله إن الأدب الإنجليزي قد أتجه طول مدة القرن التاسع عشر نحو الصياغة اللفظية دون التفكير و (الاقتحام)، هذا مع احترامي لآراء الأستاذ الفاضل ومزيد إعجابي بطريقته في عرض آرائه وثقافته الواسعة، فهو كما يتجلى وفي كتابه هذا وفي سواه من مؤلفاته العديدة يعتبر بحق مثالاً للأديب العصري المثقف
محمود الخفيف