مجلة الرسالة/العدد 574/إعجاز القرآن
→ فساد الطريقة | مجلة الرسالة - العدد 574 إعجاز القرآن [[مؤلف:|]] |
وحدة الوجود ← |
بتاريخ: 03 - 07 - 1944 |
في كتاب النثر الفني
للدكتور زكي مبارك
انتهت مقالات الغمراوي في الثورة على آرائي في إعجاز القرآن، الآراء المبثوثة في كتاب النثر الفني، انتهت مقالاته بأسرع مما كنت أتوقع، ففي كتاب النثر الفني آراء في إعجاز القرآن أخطر من الآراء التي تحدث عنها بإسهاب، ولو كنت أستظرف هذا الرجل لدللته على تلك الآراء، فهو في أشد الاحتياج إلى أن يعلن عن نفسه بتكفير الدكتور زكي مبارك، كما أعلن عن نفسه أعواماً بتكفير الدكتور طه حسين
لقد أشقى نفسه، وأشقى المطابع، وأشقى باعة الورق، ليخرج كتاباً ضخم الحجم في نقد كتاب الشعر الجاهلي، وهو اليوم يصوم ليدخر ما يطبع به كتاباً أضخم وأفخم في نقد كتاب النثر الفني
أعانك الله يا أيها الأستاذ المفضال على نفسك، فما بعد شقوتك شقوة، ولا بعد ضياعك ضياع
وأنا مع هذا أعطف عليك، لأنك من قراء كتاب النثر الفني، وبقراءته ستدخل الجنة بغير حساب، فهو تميمة لنجاتك من تكفير المؤمنين بلا دليل ولا برهان
وإذا صح زعمك الأثيم باني أحارب القرآن فلن يسمع الله لك، ولن تجد من يستريح إلى بهتانك، يا كاتباً يؤذي الرجال باسم الدين، وهو أجهل من أن يفهم أسرار الدين
إن مقالاتك في مجلة الرسالة كانت وبالاً عليك، فقد صورتك بصورة من لا يفهم حرفاً واحداً من حروف القرآن، وهي أيضاً شهدت عليك بالعجز عن الصراحة في مجادلة رجل قضى شبابه في الاعتصام بالرأي الصريح
أنت تعرف جيدا أن إدارة الرقابة بوزارة الداخلية لا تسمح بنشر المجادلات الدينية، ومن هنا كان طغيانك، وإلا فما الذي أسكتك عن نقد آرائي في إعجاز القرآن وقد ظهر كتاب النثر الفني قبل عشر سنين؟
لا يؤذيني أن تزعم أني ملحد، ولا يؤذيني أن يتفق الناس جميعاً على أنني ملحد، فأنا أصافي الله وحده، ولا أقيم لبني آدم أي مي ولو أن الله أنعم عليك بإيمان مثل إيماني لكان لك من الوجود الذاتي ما يعصمك من الافتراء على الرجال
هل يعرف القراء هويتك يا أيها الأستاذ المفضال؟
استخبرت عنك فعرفت أنك أستاذ كيمياء بكلية الطب فما الذي ابتكرت في علم الكيمياء؟
أرجع إلى المعمل كما يعبر المصريون، أو المختبر كما يعبر العراقيون، واحبس نفسك هناك لتصل إلى شيء، يا شخصا يستر تقصيره في عمله بالتطاول على الرجال
لن تفلح أبدا، يا هذا الشخص، ولن يكون لك من المجد العلمي أو المجد الأدبي نصيب، وإصرارك على الإفك بتكفير الدكتور زكي مبارك لن يزيد في إيمانك، وهل يكون لمثلك إيمان؟
أنا الملحد في زعمك لم أستعن بغير الله، ولم أستنصر بغير الله، ولم أحول وجهي إلى وجهة ينكرها الله، وقد صرحت مرات ومرات بأني لا أخاف الله إلا تأدباً مع ذاته العلية، فكيف أخاف الناس؟
سهمك مردود إلى صدرك، يا هذا الفلان، وستموت مسلولاً بفضل حقدك، فارحم نفسك من الحقد لتعيش
بيدي - بعد استئذان الأقدار - حياتك أو موتك، فانظر ما الذي تختار لنفسك، يا هذا الفلان!
لم تكن أول كاتب يدعو إلى تشكيك الناس في إسلامي، وقد اندحر من سبقوك إلى اتهامي، فلتندحر أنت أيضاً، وستحق لعنتي عليك فيكون اسمك محمد احمد الغمراوي
ولن أعاتب الأستاذ الزيات بعد اليوم على أن ينشر لك ما تريد في الغض من أقدار الباحثين، فقد عرفت أن مجلة الرسالة تعبت من تلوم بعض من القراء على إكثارها من الأبحاث المتسمة بالحرية الفكرية، فهي تنشر مقالاتك لتقول إنها حديقة تجمع بين الأزهار والحشائش، وبين الأسود والثعابين
وأنت لجهلك فرحت بمخاصمتي لمجلة الرسالة، فهل كنت تنتظر أن أخاصم مجلة الرسالة من أجلك إلى أخر الزمان؟
إن قراء الرسالة سألوا عني حين غبت، ولن يسأل عنك سائل حين تغيب ومن أنت حتى يسأل القراء عنك؟
بضاعتك تنحصر في تكفير المؤمنين
وأما مع هذا أعطف عليك، لأنك من قراء النثر الفني، والله عز شأنه سيتفضل فيرفع من يقرأون كتاب النثر الفني
ولكن كيف؟
أفترع الجواب فأقول:
آرائي في إعجاز القرآن بكتاب النثر الفني آراء تقنع المستنيرين بإعجاز القرآن، وهم الفئة التي تخاف عليها من الارتياب في إعجاز القرآن
لا خوف من إلحاد العوام، فإيمانهم لن يتعرض لأي زلزال، ولكن الخوف من إلحاد الخواص، وقد أقنعتهم في كتاب النثر الفني بصحة إعجاز القرآن
هؤلاء الخواص كانوا في بالي وأنا أؤلف كتاب النثر الفني، فأشبعتهم إيماناً بإعجاز القرآن، ولن يرضيهم كلام غير كلامي
ثم ماذا؟
ثم أترك محاسبتك على حقدك، ولا أرجو الله أن يغفر لك، فما لمثلك مكان في فردوس الغفران
وإن بدا لك أن تعاود الإصرار على اتهامي في إسلامي فسأقول بعبارة صريحة إن إسلامك مدخول، وإنك تستر جهلك بدعوى الغيرة على الدين الحنيف
وما غرامك بأن تفهم قراء الرسالة أني أحارب القرآن؟
ما هذا الغرام الأثيم بإيذاء المؤمنين يا هذا الشخص المسلم بالصورة لا بالوجدان؟
إن آرائي في إعجاز القرآن شرحت صدور الألوف من المسلمين، وأقنعتهم بأن القرآن قوة روحية لا قوة لفظية، وأن روحانيته هي السر في ظفره بالخلود
إن مجلة (الرسالة) غير مسئولة عما تصنع بنفسك، ولو نشرت لك ألف مقالة لبقيت حيث وضعك القدر العادل أستاذ كيمياء لم يبتكر شيئاً في علم الكيمياء
اترك تكفير الدكتور زكي مبارك وتكفير الدكتور طه حسين يا هذا الفلان، واشغل نفسك بمصيرك، يا شخصا لن يكون له مصير، ولو اعتصم بالخيوط الفانية مما ينسج السراب أنا أقنعت المثقفين بإعجاز القرآن، فماذا صنعت أنت؟
أما بعد فهذا جوابي لقرائي، وهو جواب رجل يقال إنه ملحد، رداً على مفتريات يذيعها عني جهول يدعو إلى اتهامي في إسلامي
لك الويل يا هذا الفلان، فلن أترك الرد عليك ما دامت مجلة الرسالة ترى أنك أهل لنشر ما تسوق من المفتريات
رأي هو الرأي، ويكفيني مجداً وشرفاً أني أقنعت المثقفين بإعجاز القرآن، وعند الله جزائي، وما عند الله أخلد من الخلود
زكي مبارك