مجلة الرسالة/العدد 572/من أغاني الشاعر الحائر
→ البخلاء. . . | مجلة الرسالة - العدد 572 من أغاني الشاعر الحائر [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 19 - 06 - 1944 |
(أغنية روح)
للأديب إبراهيم محمد نجا
هات قيثاري، ففي قلبي غناءْ ... وبعينيَّ دموع الفرحِ
واستمع مني أغاريد الصفاءْ ... وأناشيد الهوى والمرحِ
مرت الأيام، أيام الشقاءْ ... وأتى عهد الطلا والقدح
واستفاق القلب من أحزانهِ ... واستراح الروح من أسر الشجونْ
وهفا قلبي إلى أفنانهِ ... بلبلاً يصدح باللحن الحنونْ
ذهب الليل بأحزان الظلامْ ... وأتى الفجر بأفراح الضياءْ
وتغنى بأغانيِّ الغرامْ ... كل قلب بات محزون المساءْ
فإذا روحي المشوق المستهامْ ... سابح ما بين أطياف الفضاءْ
وإذا الدنيا كما كنت أراها ... في رؤى الحب وأحلام الكرى
فكأن الفن بالحسن كساها ... أو براها الله خلقاً آخَرا
هاهي الأزهار تندى بالجمالْ ... وهْي نشوى بالضياء الغامرِ
كعذارى راقصات في الخيالْ ... أو كأحلام بقلب الشاعرِ
زفها النور، وزفتها الظلال ... للفراش المستهام الطائر
ونسيم الفجر من لهفته. . . ... يحتسى الأنداء من ثغر الزهور
والغدير الطلق من نشوته. . . ... يتثنى بين أسراب الطيور
صور تفتنني كل صباحْ ... وتوافيني بفن باهرِ
وأنا الشاعر كم غنَّى وناحْ ... للجمال العبقري الساحر
فتولت بأغانيه الرياحْ ... في فضاء ما له من آخر
أين منها صورة الماضي الدفينْ ... في قلوب موجعات داميه؟!
صورة ينسجها الليل الحزينْ ... من خيوط الذكريات الباكية!
إيه يا قلبيَ دع ما قد مضى ... من ليالي اليأس والحزن الوجيع
الشتاء الجهم ولَّى وانقضى ... والربيع الطلق غنى في الربو آه لو عدت فؤاداً نابضاً ... بالهوى العذري من بعد الهجوع
رب غصن قد تعرَّى فاكتسى ... فلمَ اليأس؟ وما هذا الشحوب؟
إن تكن يا قلب قد ذقت الأسى ... فلكم ذاقته من قبل قلوب
لا تلمني إذ أغنى في الصباحْ ... بعدما قد كنت أبكى في المساءْ
فأنا الشاعر أيامي جراحْ ... ولياليَّ سهاد وبكاءْ
فلماذا أترك الصفو المتاحْ ... بينما أغرق نفسي في الشقاء؟!
إنها لحظة صفو أجتليها ... في حياة غُشِّيت بالكدر!
إنها زهرة أنس أجتنيها ... بين أشواك الأسى والضجر!
يا ليالي الحب في الماضي البعيد ... هل تعودين؟ فقد عاد الأمل
وكأني اليوم أحيا من جديدْ ... للأماني. . . للأغاني. . . للغزل
ولقد حطَّمت هاتيك القيود ... وتهيأت لأغلال المقلْ
فتعالى. . . كل أيامي تهونْ ... غير أيام الغرام الأول
إنها - والعمر شجو وأنين - ... فرحةُ الزهر، وشدوُ البلبل
يا حبيبي ها أنا بين يديكْ ... لهفة كبرى، وشوقاً، وهياما
وفؤادي ما هفا إلا إليك ... أوشكا - إلا لعينيك - الغراما
فإذا ما جاء واستلقى لديك ... فاحتضنه يا حبيبي. . . ثم ناما
وإذا جاء الصباح الباسمُ ... فاحبُه صفو الحنان الطاهر
إنه قلب رقيق حالم ... إنه قلبيَ. . . قلب الشاعر: