مجلة الرسالة/العدد 569/البريد الأدبي
→ صديقي الربيع | مجلة الرسالة - العدد 569 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 29 - 05 - 1944 |
حول شعر الشباب
قرأت مقال الأستاذ محمد محمود رضوان في العدد الأخير من الرسالة الغراء؛ وقد تصدى فيه لاحتمال ما تركه الأستاذ الكبير (ا. ع) من سوق الأمثال لمواضع النقص في شعر الشباب. وعجيب من الأستاذ رضوان أن يتنصل من طابع الشباب مبكراً، ويحاول أن يقود الحملة على شعر إخوانه الشبان! على العجب قد يقل أو يضمحل إذا علمنا أن الأستاذ قد خلص من متاعب العام الدراسي، واستقبل فترة الراحة والاستجمام، فهو يأبى أن يدع الطير في أوكارها، ويرمي بسهامه هدفين من زملائه، ويمعن في البأس والتحدي فيرمي غرض ثالث بعيد!
لقد أخذ على الأستاذ طاهر أبي فاشا ميله إلى شكوى الزمان، ورأى
في ذلك اللون من الشعر تناقضاً مع ما يعرفه عن (طاهر) من
الدعابة. . . وفاته أن الشاعر يعلم من أسرار نفسه أكثر مما يعرفه
خلطاؤه! فقد يهزأ بالحياة ظاهراً، ويخوض عبابها مع الخائضين، حتى
إذا بلغ منه يأس الزمان، نفس عن نفسه، وسجل على الحياة عدوانها،
وهو في كل ذلك فطري النزعات، لا يمت إلى التناقض بسبب، وإنما
هو الشاعر: يسخر حيناً، ويجد حيناً:
أعاتب نفسي أن تبسمت خالياً ... وقد يضحك الموتور وهو حزين!
ومن ينكر على الأستاذ (علي شرف الدين) غرامه بشكوى الزمان، وهو الشاعر الأبي النفس، الذي قعد به حظه العاثر، وسلك إلى غايته السهل والوعر، فلم ينل من الحياة ما يرضى نفسه الطموح! وهل يؤخذ على قصيدته الرائعة أنها قوية النسج، جزلة الأسلوب، موحدة الفكرة، وتلك صفات نلتمسها في كثير من الشعر فلا نظفر بها؟ أفيصح بعد هذا أن ننظر إليها على أنها من الشعر القديم؟! لقد ظلمتم شعراء الشباب! إذا أخطئهم النسج القوي، وصفتم شعرهم بالسخف والفتور، وإذا راعكم منهم البيان الجزل قلتم: هذا من الشعر القديم! كنت أود أن تنقد القصيدة - وأنت الشاعر - من حيث الوزن، فتشير إلى هنة جاءت من الأستاذ سهواً، يراها القارئ المدقق في البيت الخامس منها. . . وإني أدعك لألمعيتك - وأنا بها جد خبير - وسأرى ما أنت صانع
ثم إن الأستاذ (رضوان) يفرق بين غموض بعض الصور في شعر الشباب، وغموض كثير من الصور في شعر القدامى! ويسألني! هل تبينت معنى قول أبي تمام:
جهمية الأسماء، إلا أنهم ... قد لقبوها جوهر الأشياء
وقوله:
هن عوادي يوسف وصواحبه ... فَعزْ ما، فَقِدْماً أدرك النجح طالبه
وقد فات الأستاذ أن الغموض غموض حيث كان، وأنه مخل بالبلاغة على أية حال، وأن الشاعر القدير لا يكد ذهن قارئه في الوصول إلى ما تنطوي عليه أساليبه، وبقدر ما يتوافر له من أسباب الوضوح يكون حظه من البيان، ومنزلته بين الشعراء. ولأمر ما وصف المتنبي وأبو تمام بالحكمة، وانفرد البحتري بصفة الشاعرية المطلقة!
وهل ضرب النقاد الأمثال للتعقيد اللفظي والمعنوي من قول القدامى ظالمين أو عابثين؟
وبعد فإني أوثر أن يتولى الشباب الدفاع عن شعرهم، وأقف من هذه القضية عند هذا الحد، وأعتقد أن عناصر النبوغ كثيرة في شعر الشباب، وأن التوجيه والإرشاد أجدى على الأدب، وأليق بالناقدين والسلام
(الإسكندرية)
(م. ع البشبيشي)
القرآن الكريم في كتاب النثر الفني
كتب الأديب إبراهيم السيد عجلان في العدد 567 من الرسالة كلمة ذات شطرين: شطر يتعلق بنص ذكره من كتاب الموازنة بين الشعراء وشطر يتعلق بإلزام ذكره مما كتبنا
أما الشطر الأول فالدكتور زكي مبارك موجود ليدفع عن نفسه إن استطاع، ومع ذلك فقد اعترف حديثاً بأن ما أسندناه إليه هو بالفعل رأيه
وأما الشطر الثاني فيكفي أن ننبه الأديب الفاضل إلى كلمتين أغفلهما تحددان الذاتية الأدبية التي هي مدار الإلزام، وهما كلمتا (كالتي أراد) أي ذاتية كالتي أراد زكي مبارك. وهو لم يرد إلا ذاتية أدبية تستلزم كتابة الرسائل وتأليف الكتب في الجاهلية، أي ذاتية أدبية غير التي أشار إليها الأديب وأجمع عليها جميع العلماء والمؤرخين.
محمد أحمد الغمراوي
حول شعراء الجديد!
ليس بغريب أن تفسح الرسالة (وصاحبها من رسل التجديد في الأدب العربي عامة) صدرها لمناقشة الجديد والقديم من الروح الشعري؛ بل إن فترة الانتقال والتقلقل التي نجتازها لتفرض علينا هذا النضال، وتاريخ الأدب حافل بأمثاله. ولكن الغريب حقاً أن يكون حماة القديم والداعون له دائماً من رجال اللغة والنحويين (وإني لأحبهم، فقد أشربت تقديرهم عن والدي وأستاذي الزيات والمبارك) لم أفهم لهذه الثورة سبباً ولن أفهم حتى أجد لهذه الأسئلة جواباً:
ما معنى التجديد عند دعاة القديم؟ هل هو عرض الفكرة القديمة في لفظ جديد؟! وكيف يكون اللفظ جديداً واللغة واحدة أو ليس من الطبيعي أن تتجدد الفكرة والصورة دون اللفظ، لأن البيئة تتجدد فالأحاسيس التي تثيرها تتجدد، والتعبير الذي يصورها يتجدد. ومن التعبير تكون الفكرة. ماذا جناه شعراء الشباب - وأنا منهم - سوى أنهم جددوا في الفكرة مع حيوية في التعبير وقوة التصوير وسلامة في اللغة؟
إن التجديد - بمعنى افتراع ما لم يكن - بدأ في اعتقادنا بالتمثيلية الشعرية؛ وستجد هذه والملاحم أيضاً - كما يدعو الناقد المجدد الأستاذ دريني خشبة - سبيلها إلى الكمال عندنا؛ فقد أوشكنا أن ننتهي من ملحمة كبيرة عنوانها (ملائكة وشياطين)، وعند إخواننا الملهمين الأفاضل محمود إسماعيل وقطب وجودت وعبد الغني حسن ومحمود شعبان والخميسي وفؤاد كامل والدكتور فهمي ومحي الدين صابر ومخيمر والوكيل
هذا في الشعر أما في النقد فإن رسل التجديد فيه هم شبابنا الأفاضل مندور وخشبة وقطب والعريان، وفي القصص الأساتذة ذهني وجوهر ويا كثير والمسيري والمصري والسحار ومحفوظ.
هؤلاء هم حملة رسالة التجديد من الشباب؛ وإن الحياة لتسير؛ وليس منا من توهم أن رسالتنا يمكن أن تتأثر بمقال، وهيهات أن يكتمل النقد من غير مثال
حسين محمود البشبيشي
(الفوضى) في المجمعين
رأيت الأستاذ الكبير (ا. ع) بك عضو (مجمع فؤاد الأول للغة العربية) يستعمل في نقد (الشعر الجديد) المنشور في مجلة (الرسالة) لفظة (الفوضى) بمعنى الاضطراب والعبث، ورأيت زميله في المجمع أيضاً الأستاذ أحمد أمين بك يستعملها كذلك في اقتراحه الذي قدمه أخيراً للمجمع المذكور، وكذلك زميلهما الأستاذ الجليل السيد محمد الخضر حسين في نقده لهذا الاقتراح
ويقول الدكتور مصطفى جواد في (مجلة المجمع العلمي العربي) - ج 10 م 18 - : (الفوضى جمع مفرد، ووصف لا اسم جامد، واستعمالها وإن شاع لا يدل على بصارة بلغة العرب. فالفوضى كالمرضى والقتلى والشتى والصرعى وما أشبه ذلك. فاستعمال (الفوضى) بمعنى الاضطراب والاختلاط والعبث والانتشار والمرج والاختلال خطأ مبين). وهو موافق لما نص عليه بعض ثقات اللغويين، ولكن في كلامهم أيضاً وكلام غيرهم من الإثبات ما يؤيد صحة الاستعمال المشهور: ففي المخصص (صار القوم فوضى أي متفرقين) وفي اللسان (قوم فوضى: مختلطون. . . والوحش فوضى متفرقة تتردد. . . ونعام فوضى أي مختلط بعضه ببعض. . . التهذيب: كل ما كان في اللغة من باب الإفاضة فليس يكون إلا عن تفرق أو كثرة) وفي الجمهرة (جاء القوم فوضى إذا جاءوا وذهبوا مختلفين) وفي التاج (قال أو زيد: أمرهم فيضيضي بينهم وفيضوضى ويمدان وفيوضى بالفتح أي فوضى. وذلك إذا كانوا مختلطين يلبس هذا ثوب هذا، ويأكل هذا طعام هذا، لا يؤامر أحد منهم صاحبه فيما يفعل من أمره. وذكر اللحياني أيضاً مثل قول أبي زيد)
محمد غسان
من خريف الربيع
جاء في قصيدة الأستاذ محمود حسن إسماعيل المنشورة في العدد الماضي من الرسالة الغراء ما يأتي
وأنة في الحشا طواها
سجن يسمونه الضلوعُ
ويلاحظ القارئ أن في هذا البيت إقواء؛ إذ ضم الشاعر كلمة (الضلوع) مراعاة للقافية مع وقوعها مفعولاً ثانياً (ليسمُّونه). . . وهذا غير سائغ عند العروضيين. فضلاً عن النحويين
محمد عبد الفتاح إبراهيم
تصحيح
جاء في مقال شيكسبير المنشور بالعدد 567، بالفقرة رقم 3 ما يأتي: (ولما بلغ الثالثة عشرة من عمره كان يترجم اللغة اللاتينية)، والصواب: ولما بلغ الثالثة عشرة من عمره كان يترجم اللغة اليونانية القديمة إلى اللغة اللاتينية)