مجلة الرسالة/العدد 556/البريد الأدبي
→ خلود. . . | مجلة الرسالة - العدد 556 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 28 - 02 - 1944 |
الشعر الجديد
اطلعت في الرسالة (عدد 553) على مقال للأستاذ المحقق الثبت (* * *)، وعنوانه (طاقات ريحان، هدية إلى شعراء في هذا الزمان)، أودعته طرائف مما قاله بعض بلغاء المتقدمين وشعرائهم في صفة الشعر البهرج، والنظم الغث والقريض المهلهل.
فهاج هذا المقال الممتع في نفسي ما كنت أضمره من رأي، وأحرص ألا أبوح به، ولو لخلصائي، والمطلعين على دخيلة آرائي؛ خشية أن أرمي (بالرجعية)، والتخلف عن القافلة الجادة المرقلة؛ وخشية أن أجاهر - فوق ذلك - بقصور الفهم، وكلالة الذهن؛ وبأنني أعيش في عصر غير عصري، وأتعلق بما لا يتأتى أن يتعلق به مثلي.
وطالما كتبت في هذا الموضوع ثم عدلت عما كتبت. وكنت منذ قريب صنعت فيه مقالة، ثم حملتها إلى (الرسالة). وإني لفي الطريق إذ تنازعتني عوامل متضاربة، وفكر متعاكسة، دفعتني آخر الأمر إلى النكوص.
هذا هو موقفي. وأعتقد أنه موقف كثير من حملة الأقلام. وإلا فأين النقاد؟ أين من يقول هذا حسن وهذا قبيح؟ وهذا جيد وهذا زائف؟
إنهم يتوقون هؤلاء القارضين الذين إذا صاح بهم صائح أو نهرهم ناهر، أو كشف عن مواطن جهلهم كاشف، عووا عواء الذئاب، وانتاشوه بألسنة حداد. ونزقوا ولبثوا ليالي ونهرا متأوهين متأففين، يلعنون النقد والناقدين)
وهكذا استشرى شر هؤلاء المتشاعرين، وقويت شوكتهم، وتسنى لهم في مصر وفي غير مصر من البلاد العربية أن ينعتوا (بالمجددين)، وأن يلجوا أبواب الصحف المحترمة التي تحفل بالأدب، وأن يصلوا منها إلى موضع التشريف والتكريم
فكنت كلما وقعت على شيء من مقصداتهم اندفعت إليه مشوقا؛ لعلي أصيب منه طريفاً؛ أو أفيد منه معنى شريفاً، أو أظفر بما تهش به النفس وتقر العين
أو لعلي - بعد ذلك - ألمح فيه شيئاً من (التجديد) الذي به يتشدقون، وعليه في تدجيلهم يتوكئون - ذلك التجديد الذي لا أدري ما هو؟ ولا كيف هو؟ وإنما الذي أدريه أنه لفظ لاكته الألسن منذ نحو ثلث قرن. وأدري أيضاً أنه لفظ جنى على اللغة والأدب جناية جناية.
علم الله لقد كنت جاداً فيما أحاول لا هازلاً، وكنت مستفيدا، وكنت أبحث عن الحق، وكنت متجرداً من الهوى، وكنت أرجو أن يكون لهؤلاء النظام ولو بعض ما يدعون، أو شيء مما به يتغنون.
ولكني - وا أسفاه! - كنت أرجع من ذلك كله فارغ اليد واجما، أندب من الوقت ما أنفقت، ومن الجهد ما بذلت
يا سبحان الله! كيف أتيح أن ينشر مثل هذا الهراء في تلك الصحف الكريمة، وأصحابها من نعلم ذكاء وأصالة رأي ونفاذ حكم؟
(ا. ع)
زكي مبارك وإعجاز القرآن
ينكر الدكتور زكي مبارك أنه (الكاتب المجهول) وليس في الناس من يصدقه في ذلك ولا زكي مبارك نفسه.
ويقول إني أحاوره بكلام حاورته به في بيت القاياتي منذ عشرين سنة، وليس يدري أنه بقوله هذا يعترف على نفسه بإنكاره إعجاز القرآن وأتهمه بالتشكيك فيه في كتابه النثر الفني، ونثره الفني لا يزيد عمره عن بضع سنين، فلا بد أن يكون غيره مما قال في ذلك العهد كان سبب مواجهتي إياه بتلك التهمة في ذلك الحين. وإذن فالشك في إعجاز القرآن باعتراف زكي مبارك مذهب يذهبه زكي مبارك من قديم
ثم هو لا يدري أنه بقوله ذلك أبطل أيضاً كل ما زعمه من صورية إسلامي لأني لم أستر أخطاءه إن كان من المخطئين! أليس يكفيه ستر تلك الأخطاء قرابة عشرين سنة حتى كان هو الذي فضح نفسه بما كتب في كتابه وفي مقالاته؟ فليعلم نفسه إذن وليفهمها إن كان لائماً أو متهماً أحداً من الناس.
ثم متى كان ستر الأخطاء من لوازم الإسلام بالحقيقة حتى يكون كاشفها مسلماً بالصورة، خصوصاً إذا كانت تلك الأخطاء من نوع التشكيك في إعجاز القرآن
لقد أسندت إلى زكي مبارك تهما معينة تحديته بها كما يقول لينكرها إن استطاع، فلم يفعل، ولو استطاع لفعل. لكنه يعلم أن مجرد الإنكار لا يغني وكلامه شاهد عليه؛ ثم عز عليه أن يتبرأ من كلامه ذلك بعد أن طال افتخاره به، فجمجم يقول إني أتمسح بالدين لأنتصر عليه، ودمدم يظن أنه يستطيع أن يخدع الناس عن ضعفه بتظاهره بالقوة. ولست ابغي إلا أن يعرفه الناس فيحذروه. فإذا هو لم يخرج مما دخل فيه بالتبرؤ منه والرجوع عنه، فسنخرج نحن مما دخلنا فيه بإيراد الدليل عليه من كلام زكي مبارك نفسه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محمد أحمد الغمراوي
إلى الدكتور زكي مبارك
كنت أيها الأستاذ الجليل أسبق الأدباء المصريين إلى رد الظلم والبهتان اللذين حاول كاتب لبناني أن يلصقهما بهم، وكنت أسرعهم إلى رفع الحيف الذي ما فتئ هذا الكاتب ينالهم به، بين حين وآخر، لغاية في نفسه
ولقد حمدنا لكان تتناول - في مقالات نشرت في (المصري) آراء ذلك الكاتب بالنقد والتجريح وأن تحللها مبيناً ضعف الحجة ووهن المنطق فيها
بيد أن الذي لم نحمده لك أن تخاطب في مقالاتك الأدباء اللبنانيين جميعهم، كأنك تعتقد أن التهمة التي ألصقتها بذلك الكاتب، جائزة عليهم كلهم، فكنت تعجب من (الكتاب اللبنانيين) ومن ظلمهم وتعسفهم وإنكارهم لقيمة الأدب المصري، وما كان يجوز لك أن تجري عليهم جميعاً حكمك على كاتب منهم معين، أو على مجلة معينة. فلا تحسبن أن الذي تنكره على ذلك الكاتب وعلى تلك المجلة، نستسيغه نحن، ونرضى به، ولئن كنا لم نسارع إلى دفع ذلك الكلام، ولم نبادر إلى نقده، فليس ذلك لأننا راضون عنه أو لأننا عاجزون عن رده، وإنما كان ذلك لأننا لمسنا أن وراء ذلك الكلام غاية معينة، وغرضاً خاصاً، تستهدف له كرامتنا الوطنية نفسها
ولما كنا نعتقد أن كرامتنا الوطنية بلغت من تقدير الناس وتقديرنا لها حداً لن يتأثر قط بأراجيف مصطنعة، وادعاءات مغرضة؛ فإننا طوينا كشحاً عن كلام ذلك الكاتب غير آبهين له خاصة وإننا كلنا أو جلنا على مثل اليقين بأن الكاتب المقصود لم يقم يوماً بدراسة أو محاضرة ولم يؤلف كتاباً أو مقالاً خالصاً لوجه الأدب! ومع ذلك فقد شاء كاتب لبناني كبير أن يطلع الناس على تلك الحجج الواهنة، والبراهين الضعيفة التي استند إليها المحاضر فكتب مقالاً قيما في مجلة (الأديب) البيروتية جزء شباط سنة 1944
أقول إنه كان من الوجب أن تحترس في توجيه خطابك فتقتصر به على الكاتب المقصود، ثم إن مما أثار عجبنا أن تثير تلك الكلمات هذه الضجة في مصر خاصة بعد أن لمس المصريون أنفسهم عواطف الإخاء والود والعرفان بين مصر ولبنان في هذه الأيام الأخيرة، وقد كان من الواجب عليهم أن يفطنوا حين يستمعون إلى بعض أنغام جديدة، إلى أن هذه الأنغام شاذة وناشزة، فلا يتعبوا أنفسهم وعقولهم في محاولة إصلاحها ودرجها في الأنغام المنسجمة الرائعة، لأنها لا شك ستضمحل ذات يوم وتتلاشى وتجف حين لا تجد الأذن المصغية
وعلى هذا فنرجو أن يفسر إخواننا الأدباء المصريون سكوتنا بغير ما ينبغي أن يفسر، وألا يحملوه على غير محمله، لنعمل جميعاً على تحقيق ما نصبوا إليه من شئون التعاون بكل أطرافه السياسي والاجتماعي والثقافي وأن يحد الدكتور مبارك من غلوائه التي نستهدف لها جميعاً!
(بيروت)
سهيل إدريس
معرض سجاد تركيا بدار الآثار العربية
تقيم جمعية محبي الفنون الجميلة في يوم الاثنين 28 فبراير سنة 1944 معرض سجاد تركيا بدار الآثار العربية. ويضم هذا المعرض مجموعة قيمة تمثل أغلب أنواع السجاد القديم المصنوع في بلاد الأناضول يندر أن يجمع مثلها في مكان واحد. وقد ساهم كثيرون من كبار هواة السجاد في هذا المعرض بقطع فاخرة من مجموعاتهم الخاصة، كما زينت قاعات المعرض بقطع من قطيفة بروسة واسكوتاري ومن أنواع مختلفة من التطريز، وألواح القاشاني، وشمعدانات من النحاس وأدوات جميلة من الفضة، وأسلحة نقش عليها أسماء بعض سلاطين آل عثمان. وكان لمساهمة حضرتي صاحب السمو الأمير يوسف كمال وصاحب المعالي الدكتور علي إبراهيم باشا أثر كبير في استكمال مظاهر الفن والجمال بهذا المعرض
ولم يفت القائمين على تنظيم هذا المعرض وترتيبه أن ينسقوه. على حسب أنواع السجاد وتطورها في العصور المختلفة حتى صار بمثابة دليل علمي يستطيع فيه الزائر أن يتتبع دراسة سجاد تركيا
وقد وضع الأستاذان حسين راشد وجاستون فييت بالفرنسية دليلاً لهذا الغرض فيه تفاصيل كثيرة عن أنواع السجاد. وترجم هذا الدليل إلى اللغة العربية الأستاذ محمد راتب والدكتور محمد مصطفى.
في (مجموع رسائل الجاحظ)
ومتى أجئه في الشدائد مرملا ... ألق الذي في مزودي لوعائه
الحافظ أبن حجر