مجلة الرسالة/العدد 554/البريد الأدبي
→ أحزان الوحدة! | مجلة الرسالة - العدد 554 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 14 - 02 - 1944 |
جميل بثينة
جميل جداً أن يتجه الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد إلى كنوز الأدب العربي يجلو صفحاتها ببيانه المطرب المعجب العميق. وقد كان من أواخر ما جلته لنا يراعته الفياضة من هذا القبيل (جميل بثينة) في شعره وفي سيرته، فملأ بذلك فراغا كان يشعر به رواد الأدب الحديث. وكان بغنائه هذا اللحن الجديد في هذا الموضوع القديم يمثل بحق دور (الكاتب البارع) الذي تحدث عنه (سنوحي) في قصته عن لسان أحد أبطالها المبدعين.
وقد استوعبت رسالة الأستاذ عن (جميل) مطالعة وإمعاناً ملتذاً بما تحويه من أفانين النظريات النفسية الحديثة في عرض كله إمتاع. وفي أثناء مطالعتي لفصولها تبدت لي بعض ملاحظات لا تؤثر على جوهرها ولا فضلها، وهذه هي:
أولا: يصف الأستاذ بثينة (بالحمق) مستدلا على ذلك بحديثها مع عبد الملك بن مروان حين قال لها ما الذي رأى فيك جميل؟ فقالت: الذي رأى فيك الناس حين استخلفوك. ويعقب الأستاذ على هذا بقوله: (مثل هذه الحماقة لا تظهر في الكهولة إلا إذا كان لها أساس أصيل من بداية العمر). والذي يلوح لي أن إجابة بثينة لا تنبئ عن حمق، بل هي تشف عن حصافة رأى ورجاحة عقل وسرعة بديهة وجرأة قلب، شأن الكيسات الفصيحات من نساء عرب البادية. فعبد الملك إنما سألها بما سأل مبكتاً غاضا من جمالها وقادحا في جميل الذي فتن بهذا الجمال الموهوم. وسرعان ما أدركت غرضه فردت له الكيل بكيل مثله
ثانيا: في الصفحتين 86 و 87 من فصل (مكانة جميل الشعرية) مال الأستاذ إلى نظرية القائلين بتقديم جميل الشعرية في النسيب خاصة على شعراء الجاهلية والإسلام. وفي الصفحة 98 نقض هذه النظرية. فأيهما أجدر بالاعتبار والتقرير؟
ثالثاً: يقرر الأستاذ خطأ مدرسة (الاستحسان) التي تقرر بأن من وصف محبوبه بأنه كالشمس أغزل ممن شبهه بالبدر أو كوكب من الكواكب. وقد ساق ما لا مريد عليه من الأدلة لتوطيد هذه النظرية الطريفة، بيد أنه خرج من ذلك في الصفحة 78 إلى أن قول جميل:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر من أنيابها بالقوادح ينأى به عن اتباع المذهب الاستحساني في تغزله. والذي يبدو لي في هذا القول أنه ليس فيه ما يجافي جميلا عن المذهب المذكور، فهو لم يقدح في جمال عيني بثينة ولا ثغرها؛ بل ما زال مستحسنا لهما كل الاستحسان، وناهيك بوصفه الأنياب بالغر. وغاية ما بجميل أنه كانت تستبد به أحياناً عوامل الغرام فيصاب بما يصاب به الوالهون في مثل هذه الساعات من ذهول واضطراب يجعلانه يتبرم بكل شيء في الحياة، حتى أن حبيبته التي هي أعز ما في الحياة لديه يتمنى أن تذوق شيئاً من الشقاء، حتى ترغم على العطف عليه فينعم بهذا العطف وحسبه ذاك. على أن جميلا نفسه فيما رواه الأستاذ في (مختارات شعره) ص 141 قد وصف محبوبته بأنها كالبدر، ووصف غيرها من النساء بأنهن كالكواكب فهن دونها جمالا، وبهذا اتبع مذهب (الاستحسان)، وذلك حين يقول:
هي البدر حسناً والنساء كواكب ... وشتان ما بين الكواكب والبدر
(مكة المكرمة)
عبد القدوس الأنصاري
بين حمدة والمنازي
دهشت لما قرأت حكم الأديب عبد الحميد عبد المجيد بأن نسبة الأبيات التي أولها:
وقانا لفحة الرمضاء واد ... سقاه مضاعف الغيث العميم الخ إلى أبي نصر أحمد بن يوسف
المنازي خطأ وإنها لحمد الأندلسية. دهشت لأني أعلم أن هذه الأبيات مما تنازعها المشرقيون والأندلسيون قديماً، بل لقد أجمع أدباء المشرق - كما يقول ياقوت في معجم الأباء - على نسبة هذه الأبيات للمنازي المتوفى سنة 437 ونسبها أدباء الأندلس ومؤرخوه إلى حمدة بيت زياد
وفي وفيات الأعيان لابن خلكان أن المنازي اجتاز في بعض أسفاره بوادي (بزاعا) - قرية بين منبج وحلب - فأعجبه حسن هذا الوادي وقال هذه الأبيات في وصغه.
2 - قيس لبنى وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
ذكر صاحب الأغاني (ج 8 ص 94) أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال في زوجته عشمة هذه الأبيات: تغلغل حب عشمة في فؤادي ... فباديه مع الخافي يسير
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
صدعت القلب ثم ذررت فيه ... هواك فليم فالتأم الفطور
إلى آخرها وهي ستة أبيات رقيقة باكية. وذكرها أبو علي القالي في ذيل الأمالي (217) ونسبها إلى عبيد الله أيضاً إلا أن صاحب الأغاني ذكر في صفحة 113 ج 8 البيت الثاني والثالث ونسبهما إلى قيس بن ذريح صاحب لبنى في قصة طريفة ذكر أنهما من شعر قيس. فأي قولي الأصفهاني نصدق؟
برهان الدين الداغستاني
الشيخ محمد عياد الطنطاوي
رجا فاضل في هذه المجلة (في العدد 549) ممن يعثر على تاريخ هذا الرائد المجهول أن يدلي على صفحات الرسالة بالمصادر التي يمكن الرجوع إليها عنه
وتلبية له أشير إلى أن المرحوم العلامة أحمد تيمور باشا قد عنى بجميع أخباره وتسقطها زمناً، وبذل في ذلك جهداً مشكوراً، ثم نشر ما وصل إليه في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1924م (المجلد الرابع ص 388 - 391)
ثم جاء المستشرق الروسي المعروف: (أغناطيوس كراتشكوفسكي) من أكاديمية العلوم الروسية، فاستدرك على تيمور باشا بعض استدراكات مفيدة جداً نشرها في المجلة المذكورة (ص562 - 564) من المجلد الرابع، ذاكراً أن للفقيد ترجمة بقلمه، وآثاراً علمية من تآليفه، تحتفظ بها مكتبة الكلية في بترغراد وكلها تخط مؤلفها، وأشار إلى مصادر عن حياته لا تخلو من فائدة، كما صحح خطأ المستشرق في تأريخ وفاة الشيخ محمد عياد الطنطاوي رحمه الله
(دمشق)
سعيد الأفغاني
إلى الأستاذ قدوري طوقان قرأنا لكم كتابكم العظيم (الكون العجيب) فحمدنا لكم هذا الصنيع إذ تنفذون إلى أعماق الكون وسرائر الوجود بفكر ثاقب وقلب مؤمن، وإذا أنا أطالع في مقدمة (ابن خلدون) عثرت على اصطلاحات فلكية لا أكون مجانباً الصواب قلت إن أكثرها يحتاج إلى دراسة عميقة حتى يتبين منها ما أظهر العلم الحديث صحته أو بطلانه. وكان ما استوقفني من هذه الاصطلاحات قوله: ص 49 طبع مصطفى محمد (وقد تبين في موضعه من الهيئة أن الفلك الأعلى متحرك من المشرق إلى المغرب حركة يومية يحرك بها سائر الأفلاك في جوفه قهراً، وهذه الحركة محسوسة)؛ فما هو الفلك الأعلى وما عوامل قسره سائر الأفلاك على الحركة، ثم ماذا يعني العلامة ابن خلدون بقوله وهذه الحركة محسوسة؟ وبد هي أننا حين قرأنا قول الشاعر:
تقفون والفلك المحرك دائر ... وتقدرون فتضحك الأقدار
لم نتعمق الفكر ولم تدفق الحساب مع الشاعر؛ إذ قصارى المعنى الشعري أن الحياة سائرة والمخاطبين جامدون: أما ابن خلدون الباحث الاجتماعي الذي شرقت آراؤه وغربت؛ فلا بد من مناقشته وعرض آرائه على بساط البحث
فإلي الأستاذ الكبير قدري طوقان أسوق الحديث.
إبراهيم السعيد عجلان
استدراك
جاء في مقالي عن الشاعر الإنجليزي (شلي) في العدد 549من الرسالة: (أنه سافر حدثاً ليلتحق بكلية إتون بأكسفورد)، وصوابه: ثم بأكسفورد، أي الجامعة الشهيرة وهي التي طرد منها الشاعر أخيراً. إذ كما يعلم القارئ اللبيب أن لا علاقة بين المؤسستين على الإطلاق
(بغداد)
محي الدين السامرائي