الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 55/العلم الحديث ينصف العرب

مجلة الرسالة/العدد 55/العلم الحديث ينصف العرب

مجلة الرسالة - العدد 55
العلم الحديث ينصف العرب
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 23 - 07 - 1934


العصور المظلمة تسمية تاريخية خاطئة

للأستاذ بشير الشريقي

هذا هو الموضوع الطريف الذي أثاره في هذه الأيام الدكتور جورج سارتون أستاذ علم التاريخ في جامعة وشنطون، وإني أنقله فيما يلي كما لخصته مجلة (أخبار العلم في عددها 674 سنة 1934

(ليعلم المؤرخون المعاصرون بأن (العصور المظلمة) لم توجد حقيقة؛ من الجائز أن غربي أوربا قد عانى المتاعب خلال القرن السادس حتى العاشر الميلادي من جراء تراجع الثقافة الرومانية التي لم ينعم بها غربي أوربا الاّ زمناً قليلاً؛ وان المشعل الروماني قد همد تحت أقدام البرابرة المهاجرين؛ ولكن نور الثقافة لم يخمد أبداً في الأرض التي تطل على شرقي البحر الأبيض المتوسط، والتي هي الوطن الحقيقي والطبيعي لما نسميه خطأ (بالمدنية الغربية)

لقد انتقل مصباح الثقافة الدري من أيدي اليونان البيزنطيين إلى أيدي العرب الفاتحين المؤمنين بالله وبمحمد، وكان في أيديهم أكثر تألقاً وبهاء.

إن سبب اضطراب آراء مؤرخي القرون الوسطى هو أنهم وان كانوا يجيدون اللغة اللاّتينية، فقد كانوا يجهلون اللغة العربية جهلاً تاماً، على حين كان كل تقدم في العلم والثقافة، يسجل منذ عهد محمد حتى منتصف القرن الثاني عشر باللغة العربية.

ولكن هذا لا يعني بأن مدينة الإسلام المشرقة التي امتدت من قلب الهند حتى منتهى غربي أسبانيا المتوحش كانت من عمل الفاتحين فحسب؛ يقول الدكتور سارتون، إن العرب أول من نزلوا الميدان أسيادأ للعالم، لم يكونوا أحسن ثقافة من قبائل الهند الغربية، ولكنهم كانوا ذوي أهبة ممتازة فاقتبسوا بسرعة عجيبة كل ما يمكن اقتباسه من مدنية البيزنطيين، واستطاعوا في خلال جيلين اثنين فقط أن يرتقوا في العلم منزلة لم يرتق إليها أحد من قبلهم، وكذلك برهنت الثقافة التي نشروها على أنها توافق طبيعة كل الشعوب.

إن تكييف العرب لعلوم اليونان وتوسيعهم لفنونهم قد بلغ بهم الذروة في الفلك والرياضيات والطب والطبيعيات والكيمياء، وهم لم بقتصروا على نشر الثقافة فيما بينهم، بل نشروه خارج ممتتلكاتهم. إن موسى بن ميمون أعظم فلاسفة اليهود، لم يكن يكتب بالعبرية، بل بالعربية، ومن المسلم به الآن أن تأثير العرب كان قوياً في نجاح القديس توماس أكونياس مؤسس مناهج الدرس في العصور الوسطى التي تعتبر بحق جسراً بين تفكير القرون الوسطى والتفكير الحديث.

وعلى ذلك فان سلسلة الثقافة ظلت تامة ولم تنقطع من عهد اليونان إلى ثقافة العرب إلى مدينة أوربا الحديثة

شرقي الأردن

بشير الشريقي المحامي