مجلة الرسالة/العدد 544/البريد الأدبي
→ إلى زهرتي | مجلة الرسالة - العدد 544 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 06 - 12 - 1943 |
ازدواج الطبيعة الإنسانية
استوقفني في كتاب (زهرة العمر) قول الأستاذ توفيق الحكيم: (إني أعيش في الظاهر كما يعيش الناس في هذه البلاد، أما في الباطن فما زالت لي آلهتي وعقائدي ومثلي العليا. كل آلامي مرجعها هذا التناقض بين حياتي الظاهرة وحياتي الباطنة.)، وقد أثارت في نفسي هذه العبارة تلك المشكلة الخطيرة المتعلقة بوحدة الطبيعة الإنسانية في الفرد: فإن الرأي الشائع بين الناس أن في النفس وحدة قوامها التآلف والانسجام، على حين أن التجربة الباطنة تشهد بأن النفس الإنسانية مزدوجة قوامها التناقض والاختلاف. والواقع أن الإنسان (نسيج من الأضداد): كما قال رينان؛ فإننا كثيراً ما نشعر بأن ثمة نوازع متعارضة تتجاذبنا، وكثيراً ما نعاني صراعاً عنيفاً يقوم بين النفوس المختلفة التي تتقاسمنا. ولا ريب أن فرويد كان على حق حين قال إن شخصية الإنسان تتركب من: النفس الشعورية (أو الذات) وللاشعورية: والنفس العليا فإن التناقض الذي طالما يشيع في أقوالنا وأفعالنا، مرجعه إلى أننا لا نصدر في جميع الأحوال عن نفس واحدة: إذ أننا في تصرفاتنا العادية نصدر عن النفس الشعورية، وفي نزعاتنا ورغباتنا المكبوتة نصدر عن اللاشعور. وأما في مثلنا العليا ومعاييرنا التقويمية، فإننا نصدر عن النفس العليا. ولعل هذا هو السبب فيما نراه من أن بعضاً من المجرمين الذين تحجرت في نفوسهم الطبيعة الخيرة، قد يتناقضون مع أنفسهم في بعض الحالات: فيندفع اللص الذي يستلب الناس أموالهم، إلى العطف على فقير معدم، وينساق القاتل الذي يسترق الناس أرواحهم، إلى الأخذ بيد شيخ هم محطم. ولعل هذا أيضاً هو السبب فيما قاله رينان عن نفسه في كتابه: (ذكريات الطفولة والشباب): (أن شخصيتي مزدوجة؛ فقد يضحك مني جانب، في حين يبكي الجانب الآخر) ; '
زكريا إبراهيم
إلى الدكتور عبد الوهاب عزام
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد فقد قرأت مقالتيكم النفيستين (في المسجد الأقصى) المنشورتين في الرسالة عدد 538 و540، وقد استوقف نظري في مقالتكم الثانية في الع 540
1 - قولكم: (فرأيت على بعد خطيب المسجد الأقصى يمر إلى حجرته في حلة خضراء وعمامة صلاحية وهو زي يتوارثه خطباء المسجد الأقصى من عهد صلاح الدين وهم من بني جماعة الكنانيين توارثوا هذا المنصب منذ القرن السادس إلى يومنا هذا)
2 - وقولكم: (وانتهى بنا السير مع هذه الآثار والذكر إلى التكية البخارية وهي التي اتخذت متحفاً إسلامياً)
1 - أقول إن إسناد خطابة المسجد الأقصى لبني جماعة لم يكن في عهد صلاح الدين ولا في القرن السادس بل في أواخر القرن السابع؛ فإن أول شيخ من بني جماعة سكن بيت المقدس هو الشيخ إبراهيم بن جماعة قدمها من حماة سنة 675 هـ في عهد الملك الظاهر بيبرس، ولم يلبث إلا أياما حتى أدركته الوفاة بكرة عيد الأضحى سنة 675 ودفن بمقبرة ماملا بالقدس: النجوم الزاهرة ج 7 ص 251 والأنس الجليل ج 2 ص 494. أما أول من ولى خطابة المسجد الأقصى من بني جماعة كما يؤخذ من الأنس الجليل فهو القاضي بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة وليها في سنة 687 هجرية في عهد الملك المنصور قلاوون بعد وفاة قطب الدين عبد المنعم بن يحيى الزهري النابلسي خطيب المسجد الأقصى، وقد مكث قطب الدين المذكور خطيباً في الأقصى أكثر من أربعين سنة: الأنس الجليل ج 2 ص 479 والنجوم الزاهرة ج 7 ص 378.
2 - إن مكان المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى يعرف بجامع المغاربة. وهو مجاور للزاوية الفخرية وهي المعروفة قديماً باسم الخانقاه الفخرية أما التكية البخارية وهي المعروفة بالتكية النقشبندية؛ فهي خارج المسجد الأقصى ولم تتخذها متحفاً. قال في الأنس الجليل ج 2 ص 386 (الخانقاه الفخرية، وهي مجاورة الجامع المغاربة الذي تقام في صلاة المالكية من جهة الغرب وبابها من داخل المسجد عند الباب الذي يخرج منه إلى حارة المغاربة)، وهذا الوصف لجامع المغاربة ينطبق على مكان المتحف الإسلامي الحالي كل الانطباق
محمد صبري عابدين
مدرس بالمسجد الأقصى حول الإبهام والغموض في التصوف
استنتج الأستاذ كامل يوسف من أبحاثه في التصوف بأن أفكار الصوفية يشوبها الإبهام والغموض، وهو في نظره نقص في التعبير من علل نفسانية ولم يأتي لنا بدليل قوي يؤيد ما ذهب إليه في وصف تلك العلل وأثرها في عقلية المتصوفه
وأقوى دليل عندي على توضيح الغموض والإبهام في كلامهم هو: غيرتهم على طريق الله أن يدعي معرفتها أحد بالعبارة؛ فإن الكتاب يقع في يد أهله وفي غير أهله فقصدوا برمزها بقاءها في الوجود بعدهم تنوب عنهم في إرشاد المريدين. وقد هلك من لم يرمز كلامه من أهل الطريق ورماهم الناس بالكفر والزندقة؛ وأما أمر الحلاج والسهروردي بخاف علينا جميعاً. . .
قال بعض المتكلمين لأبي العباس بن عطاء: ما بالك أيها الصوفية اشتققتم ألفاظاً أغربتم بها على السامعين وخرجتم على اللسان؟ هل هذا إلا طلباً للتمويه وستراً لعوار المذهب؟ فقال أبو العباس: ما قلنا ذلك إلا لغيرتنا عليه لعزته علينا كي لا يشير بها غير أهل طريقتنا
وقد كان الحسن البصري وبعده معروف والسري السقطي والجنيد رضي الله عنهم لا يقررون مسائل العلم بالله تعالى إلا بعد غلق أبواب بيوتهم وأخذ مفاتيحها ووضعها تحت وركهم خوفاً من إفشاء أسرار الله تعالى بين المحجوبين عن حضرته. فهل نقول إن هؤلاء السادة عندهم علل نفسية!
وبالجملة لا يسلم لهؤلاء القوم مواجيدهم إلا من أشرف على مقاماتهم. ومن لم يصل إلى هذا المقام فتارة يسلم أحوالهم على كره منه، وتارة يجحدها مجملة. ولا يزال هذا الأمر في الخلق إلى يوم القيامة، وما دمنا جميعاً رائدنا الوصول إلى الحقيقة من أي طريق فنحن في جهاد وكفاح حتى يظهر الحق واضحاً
محمد منصور خضر
إلى قراء الرسالة
اطلعت في مجلة قديمة على قصيدة قوية المبنى رائعة المعنى لشاعر مغمور لم أسمع به من قبل ولم أقرأ شيئاً عنه، يدعى حسن حسني الطويراني. والغالب على ظني أنه أحد شعراء مصر في القرن الماضي أو أوائل القرن الحالي. وإني لشاكر من يتفضل من قراء الرسالة الأكارم فيروي على صفحاتها قصة هذا الشاعر الموهوب وشيئاً عن حياته وأعماله الأدبية. والله أسأل أن يجزيه عن الأدب وأهله خير الجزاء.
(بغداد)
علي الشوكاني