مجلة الرسالة/العدد 540/البريد الأدبي
→ جامع أحمد ابن طولون | مجلة الرسالة - العدد 540 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 08 - 11 - 1943 |
مسابقة الأدب العربي
سأثور على الكسل وأشرح الكتب المقررة لمسابقة الأدب العربي في هذه السنة، على نحو ما صنعت في السنوات الماضية، مع الثناء على من أثاروني يوم تجمهروا حولي من جمعية الشبان المسلمين، ومع الثناء على الخطاب الوارد من دمياط
والغاية واضحة، وهي أن أساعد فريقاً من الطلبة على انتهاب جوائز وزارة المعارف، وسينتهبونها بأيسر مجهود بعد إدراك ما أقدم إليهم من التوجيهات. والله هو الموفق
سأبدأ في الأسبوع المقبل بنقد كتاب (قادة الفكر) للدكتور طه حسين بك، ثم أمضي إلى نقد سائر الكتب المقررة في الحدود التي يسمح بها الوقت، وسيسمح الوقت لأن الامتحانات التحريرية ستقع في الرابع والعشرين من فبراير المقبل، ثم تقع الامتحانات الشفوية بعد ذلك بأيام أو أسابيع.
وسأسكت عن كتاب (المختار) للمرحوم الشيخ عبد العزيز البشري، لأني تكلمت عنه بإسهاب في العام الأسبق ويستطيع المتسابقون أن يرجعوا إلى حديثي عنه بمجموعة الرسالة في مكتبات المدارس الأميرية
ولا يفوتني أن أنص على أن الذين يختارون كتب المسابقة للأدب العربي - وهم رجال فضلاء - لم ينسوا في أي عام كتب الدكتور طه حسين، وكتب الأستاذ أحمد أمين، ولم يفتهم النظر إلى الكتب المودعة بمخازن لجنة النشر والترجمة والتأليف؟
أنا لا أعترض، وإنما أسجل ظاهرة أدبية، ولا حرج على من يصدق في تدوين التاريخ.
زكي مبارك
إلى الأستاذ محمد عرفة
أخي العزيز
قرأت فصولك في اللغة العربية بإمعان. وكلما تم فصل منها أترقب غيره بشغف حتى بلغت تلك الفصول التسعة عدداً. وهنا أشفقت ألا تطلع علينا بجديد منها فبادرت إليك لأبدي لك شعوري نحو هذا الإصلاح المنشود. وهو إحياء اللغة الفصحى وجعلها ملكة يلهج به اللسان دون تكلف. . . إني أخاطبك الآن كأخ لأخيه أو بالحرى كانسان لنفسه.
أخي العزيز. . .
إن لغتنا هي من أبدع اللغات وأغناها؛ ولكنها كالكنز الدفين الذي لا يتمتع به أصحابه. إذا أشقينا النفوس بدراستها السنين تلو السنين فلن نفوز منها بطائل يشفي تلك النفوس وينعشها ويحررها من ذلك النقص الذي تشعر به أبداً وقد أورثها تلك الأدواء التي يصفها لنا علم النفس الحديث
إن لغتنا الفصحى سهلة؛ بل سهلة جداً؛ ولكن الصعب فيها كما بينت يا أخي في فصولك التسعة في الرسالة الغراء - أنها لم تصبح بعد ملكة عندنا. . . ولكن. . .
ألا ترى يا أخي أن الفصحى إذا تناولها الجمهور أفسدها. إن ما بين أيدينا اليوم من كتب وصحف ومجلات. أكثرها فصيح الأسلوب، ولكن هذا الفصيح كتب عليه الفشل. إنه لا يقوى على النهوض إذا خاطب عيون القراء. . . لماذا. . . لأن الخط الحاضر (الكتابة) هو الذي أفسد اللغة
فلو كان الخط أميناً لصور لنا الكلام بأمانة مطلقة تصويراً كاملاً واضحاً لا لغز فيه ولا إبهام. ثم لو كان الخط أميناً. . . لكانت الفصحى منتشرة على كل لسان
وكيف نكتب الفصحى بالمران والتكرار عن طريق القراءة التي لا نهاية لها لو ظلت هذه تقدم لنا صباح مساء بخط مبهم العلامات والضوابط. .؟
أتريد أن تنشر الفصحى يا أخي، قبل أن تحررها من سجن الخط الحاضر. إن الفصحى كادت تموت بين جدران الخط العربي الحاضر المبهم الذي لا ضابط له ولا شكل.
أراني وقد أطلت عليك الحديث مرغماً بعد العذر أن أرجو ملحاً ألا توصد ذلك الباب قبل أن تكمل فصولك الممتعة في هذه المجلة موجهاً عنايتك توجيهاً مخلصاً إلى حل مشكلة الخط أو الكتابة الحاضرة ولك مني وللرسالة - الغراء - ألف شكر
ا. . عكاوي
المهرجان الأدبي بالسودان
يسرني أن أزف إلى الناطقين بالضاد في كل قطر ومصر، والى أبناء العروبة أجمعين، والى المتحرقين شوقاً لمعرفة سير موكب النهضة الأدبية في السودان، أن المهرجان الأدبي الخامس قد تم بمعونة الله إخراجه للناس بنادي الخريجين بالخرطوم في ثاني وثالث أيام عيد الفطر المبارك في حلة زاهية قشيبة وبطريقة مبتكرة جذبت إليه الجمهور المثقف أمام تلك الدار الزاهرة. في ذلك اليوم المشهود خلق كثير أتوا من كافة أنحاء السودان لشهود هذا العيد الثقافي المجيد الذي أصبح الناس هنا يعدونه عيداً قومياً له دلالته ومعناه. والحقيقة أنه جدير بهذه العناية وهذا الاهتمام
أجل أقيمت تلك السوق الأدبية الحافلة فألقيت البحوث الأدبية والتاريخية والعلمية، وأنشدت القصائد، وعرضت اللوحات الفنية، وترنم المغنون بأغانيهم الشجية، كما أنشد نشيد المهرجان. ولا يفوتنا أن نذكر أن موسيقى الجيش المصري كانت تشنف الأسماع بحلو الأنغام وعذب الألحان فقوبلت تلك المساهمة من رجال الجيش المصري البواسل بالتقدير والحمد وهناك ملاحظة جديرة بالذكر وهي أن أدباء مصر لم يساهموا في هذا المهرجان ولم يبعثوا بأي إنتاج فكري كما اشتركوا في المهرجان الماضي؛ ولم نسمع صوتاً لباقي أبناء البلاد العربية. فعسى أن نسمع أصوات هؤلاء جميعاً في المهرجان المقبل بإذن الله
ولقد كان المهرجان الأدبي حدث المحافل والمجتمعات في أيام العيد، بل حديث القطر بأجمعه، لأنه حدث أدبي جليل الشأن في النهضة الحديثة في السودان؛ فللأدب الآن دولة بالسودان لها رعية وأنصار
ويلذ لي أن أذكر أن المهرجانات الأدبية تقام عندنا هنا في كل عيد فطر. ولقد أقيم المهرجان الأدبي الأول بمدينة واد مدني عاصمة مديرية الجزيرة، ثم انتقل المشعل إلى أم درمان العاصمة الوطنية، ولم يتم إخراج المهرجان الثاني لأسباب قهرية، ولكن المهرجان الثالث قد أقيم في نفس المدينة أي أم درمان، ثم سلمت المشعل إلى نادي الخريجين بالخرطوم في العام الماضي فدأب أشبال النادي يعملون لإخراج المهرجان الرابع؛ لكن الأمنية لم تتحقق لأسباب طارئة. وفي هذا العام تمكن النادي عينه من إخراج المهرجان الخامس الذي نحن بصدد الحديث عنه
ولعل من المفيد أن أذكر نادي الخريجين بواد مدني هو الذي أخرج المهرجان الأول وهو صاحب الفكرة نفسها، ونادي الخريجين بأم درمان هو الذي أقام المهرجان الثالث، كما أرى من الإنصاف أن أقول إن الخريجين في كل مدينة في السودان هم مصدر الحركة والنشاط والنهضة
أما المهرجان الأدبي السادس الذي يجب أن يقام في عيد الفطر المقبل فلم يعين بعد اسم النادي الذي سيتولى هذه المهمة السامية فنسأل الله التوفيق
(الخرطوم - السودان)
حيدر موسى