مجلة الرسالة/العدد 539/البريد الأدبي
→ من أزهار الشر | مجلة الرسالة - العدد 539 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 01 - 11 - 1943 |
تعقيب
قرأت ما كتبه الأستاذ مرزوق في العدد 538 ولمست استياءه مما كتبته في العدد 537 وأرجو أن يزول استياؤه بهذا الإيضاح
فأنا لم أقصد إلا الإبانة عن رأي خاص في هذا الموضوع الذي تناوله بالبحث الأستاذ مرزوق وكثيرون من علماء التفسير، والذي أتعبني اختلاف الآراء وتباين الأقوال فيه وهذا أثر اليهود في اختلاق الأحاديث. فكان الواجب أن أنزه الإسلام عن تحريم التصوير لما للفن الجميل من رسالة سامية لا تعارض الدين الإسلامي
أما مقال الأستاذ مرزوق فكان مشتملاً على تبرير رواج الزخارف دون غيرها من إبداع الصور، حتى قال الأستاذ ما نص. . . (وليس من اللائق وهذه العقيدة منقوشة في أذهان المسلمين جميعاً أن يخلد رجال الفن منهم بأعمالهم الفنية ما كتب الله عليه الفناء. لذلك نجدهم لم يعنوا بتصوير الشخصيات العظيمة في لوحات كبيرة أو تماثيل ضخمة تبقى على الدهر، أو تمثيل جمال الطبيعة بالنقل عنها نقلاً صحيحاً). قد يقال أين ما يدل على أن كاتب المقال يعتقد التحريم حتى أحكم عليه هذا الحكم السريع الخاطئ. . .؟ وأقول إنني لم أرد على الأستاذ مرزوق وإنما ناقشت الفكرة التي دار حولها مقاله وهي فكرة تحريم الإسلام ابتداع الصور. أليس ما سقته من كلام الأستاذ عن عقيدة المسلمين يفيد أن الإسلام قد ينهى الفنان عن ابتداع الصور؟
ثم ماذا؟ أنا لم أرد بالتعليق إلا إيضاح رأي حاسم في الموضوع مجمله أن الفن مباح في حدود الدين والأخلاق، وأن التصوير مباح ما دام المصور لم يقصد إعداد صورته (مجسمة أو غير مجسمة للعبادة من دون الله. . . ودليلي على ذلك أن القرآن لم ينص على تحريم التصوير وأن الأحاديث الواردة مشكوك في صحتها كما أوضحت
وبعد فلم أجد في مقال الأستاذ المنشور في العدد 537 إلا مجرد سرد للآراء المتباينة التي أتعبتني وأتعبت كثيرين والتي يجب أن يدلي فيها برأي حاسم حتى يتاح لنا النظر إلى الفن الجميل بعين الارتياح والإيمان. ولا زلت أنكر على الذين يعتقدون حرمة الصور المجسمة ما دام المصور لم يقصد إلا وجه الفن، ولم يقصد إعداد صورته للعبادة من دون الله، وإ فما قولك في تماثيل عظمائنا. . . المقامة في الميادين!
أما أنني تسرعت في الحكم فعن حسن نية، ولم أقصد إلا الإيضاح البريء مخافة أن ينساق قلمك إلى الناحية الفنية البحتة دون التعرض لهذه الناحية الدينية
أما شخص الأستاذ مرزوق فمحل احترامي ومقالاته محل تقديري وله الشكر على كل حال.
أحمد فتحي القاضي
المحامي
رسالة إلى شاب
أخي الأديب الفاضل (و. ا. م)
لشد ما يعوزك أن تقدح عزيمتك وتشحذ همتك، فإن قوة الإرادة هي الدواء الوحيد لكل ما نعانيه من أدواء. . . ألا تذكر يا صديقي ذلك الكتاب الذي قرأنا سوياً، يوم كنت تحلق ببصرك في المستقبل البعيد؟ لقد كنت يومئذ طموحا لا يحصر أفقك بأس، ولا يحد أملك حد؛ أما اليوم فإنني أجد نفسي مضطراً إلى أن أكتب لك عن الإرادة، لكي أعيد على سمعك تلك الكلمات التي طالما رددتها من ذلك الكتاب أما الكتاب فهو (كما تعلم) موسوم باسم: (كيف تخط طريقك في الحياة): وأما الفصل الذي كنا نحب الكتاب من أجله، فهو موسوم باسم (الإرادة): وهاأنذا أروي لك طرفاً من ذلك الفصل الذي كنا نحفظه عن ظهر قلب: ليس ثمة شيء مستحيل: فإن هناك مسالك تقتادنا إلى كل شيء، ولو كان لدينا قدر كاف من الإرادة، لكان في استطاعتنا دائماً أن نجد ما يكفي من الوسائل. بيد أن الإرادة ليست منحة طبيعية أو هبة فطرية، بل هي صفة مكتسبة يحصلها الفرد كما يحصل غيرها من الصفات. والوسيلة الصحيحة لاكتساب الإرادة هي أخذ النفس بعض المبادئ، والعزم الأكيد على تحقيق بعض المقاصد. . . إن المعدن لا يعطيك ما فيه إلا بالكدح، والنار لا تظهر من الحجر إلا بالقدح، كذلك الغاية لا تبلغها إلا بالقصد؛ فعليك أن تنمي في نفسك قوة (الإيحاء الذاتي) التي من شأنها أن تعدل خلقك وتغير مزاجك. . . لتعمد في لحظة معينة من الصياح، إلى الاختلاء بنفسك، وجمع شتات أفكارك بعيداً عن ضوضاء المجتمع وصخب الناس؛ ولتفكر تفكيراً عميقاً في أمر إرادتك، ولتقل في نفسك: سيكون لي من قوة الإرادة ما أحطم به كل العوائق. أجل ستكون لي إرادة صلبة، ولن تقف في وجي الصعاب! وعند المساء، لا تذق عينيك طعم الكرى قبل أن تكون قد استعدت في ذاكرتك هذه الفكرة، وأدرتها على لسانك عدة مرات!. . . فإذا دأبت على التأمل في هذه الفكرة، وإذا أفعمت رأسك بصورها، فإن الأمر ينتهي بك إلى الانقياد لوحيها، والإذعان لقوتها. ولا يمكن أن يضيع أثر هذا الإيحاء الذاتي، إذا عمدت إلى ورقة بيضاء، فكتبت عليها بحروف كبيرة واضحة الكلمات التالية:
(إنني إنسان له إرادة.
(وأنا أفعل كل ما تمليه علي إرادتي.
(ولست أتملص من أي عهد من العهود التي أخذتها على نفسي.
(وكل ما أشرع في عمله، فأنا أتممه على أكمل وجه، خضوعاً لأحكام إرادتي.
(وستكفل لي الإرادة كل ما أصبو إليه من نجاح وتوفيق!
. . . هذا هو العهد الذي غاب عنك يا أخي، فهل تذكره معي اليوم فتقول: (إن الإرادة هي الاستطاعة)؟: , '
زكريا إبراهيم
تصويب
وقع خطأ مطبعي في مقال (الشعر المرسل المنشور بالعدد الماضي، وصحته فيما يلي:
ا - في صفحة (848): (1) (2) (3) وفي آخر الصحيفة: وهي وحدة البحر بذاته
ب - وفي صفحة (849): (1) وقد ثار (بأول سطر) (2) البحر الإسكندري يتركب من: ست تفعيلات إيامبيه مقطعين