الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 537/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 537/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 537
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 18 - 10 - 1943

1 - شعراء المهجر

ترددت كلمة شعر المهجر، وشعراء المهجر، في مقالات بعض الأدباء، وذلك بمناسبة السجال الأدبي الذي دار بين الدكتور محمد مندور، والأستاذ سيد قطب، حول (الشعر المهموس)، وقد رأيت بهذه المناسبة أن أذكر أشهر شعراء المهجر ومنتوجهم الشعري الذي أخرجوه لعالم الطبع. وغرضي من هذه الإشارة - ولو كانت خاطفة - إلى لون من الأدب العربي العصري يمتاز بطابع خاص، وسمة معروفة؛ تتجلى حين مقابلته مع آداب البلدان العربية الأخرى. فأشهر هؤلاء الشعراء هم: الأستاذ إيليا أبو ماضي، صاحب ديوان (الجداول) ومجلة (الناهل) الأدبية؛ والمرحوم جبران خليل جبران الكاتب الفنان، وله ديوان (المواكب)؛ والشاعر المفكر ميخائيل نعيمة صاحب قصيدة (النهر المنجمد) الرمزية؛ وهو قد جمع شعره، وسيطبع قريباً باسم (همس الجنون) على ما قالت مجلة (الأديب) البيروتية؛ والفيلسوف أمين الريحاني الذي أفرد معظم الجزء الثاني من كتاب (الريحانيات) للون خاص من الأدب، جاء به شعراء المهجر وهو (الشعر المنثور)؛ ورشيد أيوب الملقب (بالشاعر الدرويشي) وقد توفي في العام الماضي، بعد أن ترك مجموعاته الشعرية: (الأيوبيات) و (هي الدنيا) و (أغاني الدرويش)؛ والشاعر فوزي المعلوف وله ملحمة (على بساط الريح)، وشقيقه رياض المعلوف، وقد أصدر مجموعة من شعره بعنوان (الأوتار المتقطعة) وشفيق المعلوف صاحب ملحمة (عبقر) الشعرية؛ والشاعر إلياس فرحات الذي أصدر قبل سنين رباعيات باسم (رباعيات فرحات)، ونعمة قازان، وله (معلقة الأرز)؛ وهناك مجموعة جيدة من شعر الشاعر القروي؛ ومن شعراء المهجر المعروفين، نسيب عريضة، وإلياس قنصل، ولم يجمعا شعرهما بعد - على ما نعلم - ومما يجب ذكره، ونحن في معرض الإشارة إلى شعراء المهجر، أنهم يعنون بالمعاني الشعرية قبل الألفاظ، وهم قد خرجوا عن حدود الشعر العربي وعروضه المعروفة، إلى ضروب متباينة من النظم. وشعراء المهجر لا يعنون بالديباجة العربية، والبيان العربي؛ وقد تأتى ذلك من معيشتهم في بيئة غريبة عنهم؛ عدا الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي الذي جمع إلى خياله الرائع وأفكاره العالية لغة حلوة، وبيانا مسلسلا؛ وقد اكتسب ذلك من إقامته في القطر المصري بضع سنين.

2 - شاعرية العقاد

أنكر الدكتور محمد مندور شاعرية الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد في السجال الأدبي الأخير، وهذا الذي أعلنه الدكتور مندور لا يرضاه كل من تذوق شعر العقاد، وقرأ دواوينه الرائعة. والعقاد شاعر موهوب، ويمتاز شعره بالأفكار الفلسفية الناضجة المبثوثة في تضاعيفه. والحكمة التي تقرؤها في بيت للمتنبي مثلاً، تقرؤها في أبيات متسلسلة في قصيدة من قصائد العقاد؛ كما يمتاز بوحدة الموضوع، وموسيقى المعاني التي لا يعرضها الشعر العربي الحديث إلا في شعراء معدودين أبرزهم الأستاذ خليل مطران بك. والذي ينكر شاعرية العقاد يجب عليه أن يقرأ أول آثار العقاد الشعرية، وهو ديوان (العقاد)، وأن يعيد النظر في الطرفة الشعرية الخالدة (ترجمة شيطان) وقصائده: (البدر في الصحراء) و (أنس الوجود) و (طاس على ذكرى)، فسيرى أن العقاد من كبار الشعراء المعاصرين

3 - رباعيات الخيام

ذكر الأستاذ محمد عبد الغني حسن في العدد (528) من الرسالة الغراء، أسماء الشعراء العرب الذين نقلوا رباعيات عمر الخيام إلى اللغة العربية بمناسبة ظهور الطبعة الثانية من ترجمة الصافي الرائعة؛ ولم يذكر أن هناك ترجمة منظومة للأستاذ محمد السباعي نقلها عن الإنكليزية، كما لم يذكر المختارات التي انتقاها الشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي من رباعيات الخيام، وترجمها إلى العربية نثراً. ثم أتبعها بترجمة شعرية، وهناك ترجمة شعرية لهذه الرباعيات قام بها الأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني، ونشر بعضها في مجلة (الرجاء) النسائية، وفي الجزء الثاني من (ديوان المازني). وقد ترجمها عن الفارسية نثراً الأستاذ حامد أحمد الصراف، جعلها في ختام كتابه عن (عمر الخيام): ومن التراجم التي لم تظهر في عالم الطبع، ترجمة الشاعر الأستاذ محمد مهدي الجواهري، وترجمة الأستاذ السيد محمد الهاشمي صاحب مجلة (اليقين) البغدادية. ومما أود ذكره في هذه المناسبة أن في ترجمة السباعي، وهي الترجمة الثانية، لرباعيات الخيام في اللغة العربية بيتين مسروقين عن الشاعر الشهير با (بن وكيع)، وهذان البيتان هما:

غرد الطير فنبه من نعس ... وأدر كأسك فالوقت خُلس

سل سيف الفجر من غمد الدجى ... (وتعري الصبح من ثوب الغلس)

ويلي هذين البيتين قول ابن وكيع من القصيدة نفسها:

وانجلى عن حلل وردية ... نالها من ظلم الليل دنس

(بغداد)

محمود العبطة

تعليم الإنشاء في المدرسة الثانوية

في مقطع 24 فبراير سنة 1928 أبديت رأياً صريحاً وجهته إلى حضرت صاحب المعالي وزير المعارف - إذ ذاك - علي الشمسي باشا، طلبت فيه: أن يختص معلم الإنشاء به، وأن يفرغ مدرس البلاغة لها، وأن يكون للأدب أستاذ خاص. وهكذا. . .

واليوم أرى وزارة المعارف تنهض لهذا الرأي، وإني لأرجو - مخلصاً - أن توفق للأخذ به. وهذا رأيي وعلي تبعته، (إني أريد إلا الإصلاح ما استطعت)

محمد مختار يونس

المفتش بالتعليم الثانوي

إيضاح

كتب الأستاذ مرزوق في مقاله العدد 535 من (الرسالة) قال إن الإسلام نهى الفنان عن ابتداع الصور، وذكر حديث رسول الله ﷺ (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبداً) وعندي أن هذا الحديث وأحاديث أخرى أعتقد أنها غير صحيحة، وذلك لأن كتب الحديث لم توضع إلا بعد وفاة النبي بأكثر من مائتي عام تقريباً، وهذه الأحاديث الخاصة بتحريم التصوير بينها وبين تعاليم اليهود ارتباط؛ وما أكثر ما اختلقه من أحاديث نسبوها كذباً إلى الرسول ﷺ! واليهود تنص التوراة التي يدينون بها (لا تصنع لك تمثال منحوتاً ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء)

وعلى فرض صحة هذه الأحاديث، فأعتقد أنها لا ترمي إلى التحريم الذي اعتقده الأستاذ مرزوق في مقاله، فأنا أنزه الإسلام عن هذا والفن الجميل لا يتعارض مع الدين وكلاهما يدعو للفضيلة وإن كانت الفنون الجميلة في مصر فيها خروج عن الدين وتعاليمه وإباحة لرأيت أجساد النساء عاريات وهذا ليس من الفن في شيء. فرسالة الفنان اجتماعية وهي الدعوة إلى الفضيلة، ودينية هي إبراز محاسن الطبيعة التي تشهد بقدرة الله، والسياسية وهي التنفير من مذهب يضر بالأوطان. . . والإسلام يبح الفن الذي يدعو إلى الفضيلة. وهناك من الأحاديث (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) و (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)

ولكن المعنى الذي توهمه كاتب المقال وادعاه أعداد الدين ليس المقصود، إنما قصد الرسول صلوات الله عليه أولئك الذين نحتوا الأصنام، ثم أعدوها للناس يعبدونها ويتخذونها آلهة من دون الله أولئك يعذبهم عذاباً أليماً حتى ينفخ أحدهم فيها الروح. وإلا فكيف أتاح معاوية وهو من الخلفاء القريبي العهد ببدء الإسلام أن يضرب نقوداً في عصره عليها تمثال فارس متقلد سيفاً والروح الدينية على أشدها والعقيدة على قوتها! وبعد فأنا أستبعد التحريم وأقول إن المقصود هو المعنى الذي سقته. . . والفن مباح في حدود الدين والأخلاق

(منفلوط)

أحمد فتحي القاضي

المحامي