الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 525/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 525/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 525
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 26 - 07 - 1943


الوشوشة والهينمة

الكاتب الباحث الأستاذ (سيد قطب) في مقالته البليغة (النماذج البشرية المهموسة) حوط (الوشوشة) - قد توسطت الهمس والهويم - بالأقواس أو الأهلة - كأنهن تحويطة - فإن كان قد جاء ذلك لفرط اهتمامه بهذه اللفظة فلا ملام؛ وإن كانت الأقواس إعلاماً أن الوشوشة من العلميات لا من قبيل العربيات ولا من بنات المعجمات ففي (النهاية) في حديث سجود السهود: (فلما انفتل توشوش القوم) وروى القول (اللسان)؛ وفي (القاموس): (توشوشوا تحركوا وهمس بعضهم إلى بعض) وفي مستدرك التاج: (الوشوشة الكلام المختلط، وقيل: الخفي، وقيل: الكلمة الخفية)

وجاء (التهويم) بعد الوشوشة، والتهويم - كما قالوا -: أول النوم، أو النوم الخفيف، أو هز الرأس من النعاس. فهل المراد أحد هذه المعاني أو المقصود (الهينمة) أخت الهمس؟

ناقد

إصلاح التعليم في مصر

في اليوم الذي أغادر فيه مصر إلى مدينة الخرطوم بالسودان مقر عملي رأيت أن أقدم تحيتي إلى الرسالة وصاحبها الجليل لما لها من أثر في الثقافة العامة في السودان، ولما للمتأدبين وأهل العلم هناك من عناية فائقة بما تنشر الرسالة من بحوث قيمة وأدب بارع

وبينما كنت أقلب الأوراق استعداداً للسفر وقع نظري على مقال في مجلة (الاثنين) في أواخر مايو الفائت لصاحب المعالي الأستاذ عبد الحميد عبد الحق وزير الأوقاف بعنوان (ثورة على المدرسة المصرية) كان قد نشره قديماً وقال: إنه لا يزال عند رأيه هذا. جاء فيه (والواقع أن موقف المدرس من الطلبة كموقف (سواقي الأنفار) سواء بسواء. يرى أنه أدى واجبه حينما يقطع مقداراً معيناً من الدروس لا حينما يلمح نجاحه في تربية عدد من الطلبة وتهذيبهم، فهو بذلك خدم الدروس، ويستخدم الطلبة للدروس، ولكنه لا يخدم الطلبة)

وفي الليلة السابقة لكتابة هذه الكلمة خلوت إلى ولد من أولادي كان من تلاميذي في الفرقة التي كنت أعلمها قبل سفري إلى السودان فسألته أن يذكر لي بصراحة رأي طلبة الفرقة في أبيه فقال:

كنت يا أبي توقظ أذهان الطلبة في أول السنة الدراسية، وتطيل المناقشة معهم، وتتوسع في الأدب العربي، وتكثر من تنبيههم إلى ما في أبيات النصوص الأدبية من معان وأغراض، فيشغلون بدرسك ويقدرونه، ولكن بعد أن مرت أشهر على ذلك أخذ الشك يساور نفوس الطلبة في جدوى هذه الطريقة بالنسبة لضخامة المنهج الذي يجب أن يتم قبل السنة الدراسية بشهر على الأقل، وكان من قولهم: يجب أن ننبه أستاذنا إلى ما فيه مصلحتنا بأن يقتصر على سرد ما في الكتاب، ويسألنا فيه في اليوم التالي، وهكذا دواليك حتى يتم المقرر في حينه ونكون قد استوعبنا ما في الكتاب ويكتب لنا النجاح في الإمتحان، وأن نلفت نظره إلى أنه ليس الغرض من تعليمنا أن نكون أساتذة في اللغة العربية. ولكن قبل أن تصل النصيحة إلى سمعي قبلت التعليم في السودان، وكفى الله المؤمنين القتال

هذه صورة مصغرة لميول الطلبة نحو تثقيف عقولهم وبخاصة في المدارس الثانوية، فهل لي أن أرجو وزارة المعارف في ضجة العلاوات والدرجات أن تجهز جيوشها السلمية لإصلاح التعليم، وتبسيط مناهجه وتحديد الغرض منه، وأن تغير النظم القديمة البالية في إدارة المدرسة وواجب المعلم والناظر والمفتش على أساس تكوين الملكات وتهذيب الأخلاق وتربية النفوس على حب العلم والرجولة الحق في الطلاب الذين تنشدهم مصر الحديثة ليستعدوا لحمل الأعباء المستقبلة. بل أقول إن ذوي المناصب الخطيرة في وزارة المعارف يجب أن يخرجوا من حيز الأوامر والمنشورات والرأي الواحد المقلد إلى مصابيح تشع النور في معاهد التعليم، فكل هذه الجولة والصولة الغرض منها معلم يحسن أثره في التلاميذ وأن يعالجوا الأمور في جراءة وصدق وإخلاص وهم أهل لذلك

وألا يختبئوا دائماً وراء الوزير والمستشار، فإن واجب وزارة المعارف غير واجب الوزارات الأخرى

وأذكر أن في أدراج صاحب العزة الدكتور طه حسين بك مشروعاً شاملاً لإصلاح التعليم وبخاصة في اللغة العربية أعدته لجنة برياسته منذ زمن وأرجو أن يبعث من مرقده والله الهادي إلى سواء السبيل.

حسنين حسن مخلوف من رسائل الرافعي: اللفظان بمعنى واحد في القرآن.

معنى بيت للنابغة. قصة الجارية وعمر

أخذ ابن الأثير في المثل السائر على الصابي - كما بينا - أنه يرادف السجع في المعنى الواحد، وعد ذلك من عيوب البلاغة؛ ولكنه لما سئل عن قول الله: (وكان رسولاً نبياً) والرسول لا يكون إلا نبياً، رجع فقال: (إن إيراد لفظتين في آخر إحدى الفقر بمعنى واحد لا بأس به لمكان طلب السجع) ولما كان بعض الذين يدافعون عن البلاغة القرآن يقولون إنه لا توجد فيه لفظة زائدة - وهو صاحب إعجاز القرآن - أن يذكر رأيه في هذا الأمر المهم

وسألته أن يبين معنى بيت النابغة:

ولست بمستبق أخاً لا تلمعه ... على شعث أي الرجال المهذب

وكان حافظ إبراهيم قد ذكر في عمريته قصة الجارية التي

كانت تضرب الدف أمام النبي وأبي بكر بغير خوف ولا وجل. فلما جاء عمر ألقت دفها وجلست، فقال له النبي: أن شيطانها قد فر منك يا عمر. وذلك حيث يقول في هذه العمرية:

قد فر شيطانها لما رأى عمراً ... إن الشياطين تخشى بأس مخزيها

فسألت الرافعي عن هذه لقصة التي تنبئ أن الشيطان يفرمن عمر ولا يفر من النبي فتلقيت منه هذا الجواب:

طنطا في 20 فبراير سنة 1918

أيها الأخ

بعد السلام، سرني من كتابكم أني أرى لكم شيئاً من التحقيق ودقة الفكر لم أكن أعهدها من قبل، فإذا واصلت العمل والجد واستعملت ذهنك رجوت لك اكثر من هذا ورجوت لك مظهراً إنشاء الله

أما ذكر الرسول والنبي معاً في الآيتين فأقرب ما يظن من الحكمة في ذلك أنه تأكيد لشرف الموصوف واختصاص له بالذكر لصفات مميزة، ولهذا جاءت العبارة معطوفة على صفة سابقة (وكان مخلصاً وكان رسولاً نبياً). (كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً). وقد كان يتوجه الانتقاد وحقيقته لو لم يكن هذا التنوين في لفظ رسول، ولكن التنوين أضعف معنى الكلمة. والمراد من السياق أن يكون المعنى قوياً بالغاً في وصف فوجب أن يدل على كمال الموصوف بكمال المعنى؛ وليس في مذاهب التعبير عن هذا الكمال أدل ولا أبين من لفظ النبي فجاء به نكره كذلك وترك العطف فيه ليعلم أن المقصود هو إتمام المعنى لأن لفظ الرسول متضمن معنى النبوة، فذكر النبوة بعده على الوجه الذي في الآية يدل على أن المراد التوكيد في الصفة. ومن المعلوم أن التكرار يفيد التوكيد وله موضع معين في البلاغة لو ترك فها لخرجت العبارة ضعيفة أو ناقصة. لو كان لفظ الآية (وكان رسولاً من الرسل) أو (وكان الرسول النبي) أو (وكان رسولاً ونبيَّا) لسقطت العبارة عن درجة الإعجاز، ولجاز انتقادها؛ ولكن هذا التنوين في هذا السياق هو الحكمة كلها. ولزيادة الإيضاح نضرب مثلاً: لو قلت عن رجل عظيم كالشيخ محمد عبده مثلاً إنه كان فاضلاً وكان فيلسوفاً فأي شيء يفيده هذا الوصف إلا أن الرجل كأحد الرجال الممتازين؛ ولكن لو قلت كان فاضلاً وكان فيلسوفاً حكيماً شعر السامع في نفسه وشعر القائل أيضاً أنه كان رجلاً ممتازاً كاملاً لأن العبارة جاءت من التكرار الذي فيها على وجه من الكمال يفيد التوكيد، فكأن غيره من الفلاسفة يعبر عنه بلفظتين، وأما هو فيعبر عنه بثلاث تصويراً لكماله في نفسه وامتيازه عن سواه، مع أن لفظ الفيلسوف يقتضي معنى الحكيم. ولا يمكن أن تكون لفظة النبي جاءت في الآية للسجع لأنها وأن وافقت ذلكن ولكنها تكرار في الآية الأخرى ومع ذلك لم يعبها تكرارها لأن سياق الوصف اقتضاها، وما اقتضاه السياق فهو طبيعي، لأنه بنية الكلام، بخلاف ما إذا سجع الكاتب فجاء بكلمة لا يراد منها إلا السجع، وبعد سطر أو سطرين كرر السجعة نفسها لغرض السجع أيضاً فإنها تجئ أبرد كلام وأسخفه. هذا ما يحضرني وكنت راجعت أمس الكشاف للزمخشري وتفسير الطبري الكبير فلم أجد لأحدهما كلاماً في هذا المعنى، وأظن أن الفخر الرازي ربما تكلم فيها، وتفسيره عند فضيلة الوالد مع تفاسير أخرى كثيرة، ولكني لم أراجع لأن دماغي يتعب سريعاً، ولأني أرى أن ما ذكرته هو الحقيقة

وأما بيت النابغة (ولست بمستبق أخاً الخ) فضبطه لا تلمه. ومعناه أن الصاحب إذا تفرقت أخلاقه فجاء بالحسنة والسيئة ثم أرادت ألا تلم أخلاقه على تفرقها وتجمعها كما هو بل ذهبت تنتقي الحسنه فقط فإنه لا يبقى لك لأن كل إنسان يأتي منه الخير والشر، فلا بد من احتمال هذا وهذا من الصديق إذا أردت أن يبقى صديقاً

وأما العمرية فإن حافظاً نظم وتصرف في عبارة التاريخ فجاء بعض كلامه موهوماً معاني غير صحيحة. والقصة التي أشار إليها يمكن أن يؤخذ منها كما هي في نظمه أن النبي ﷺ كان يسمع الغناء ويشهد الرقص النسائي. وكان أضعف في الدين من عمر، وكان وكان الخ: ولكن القصة في نفسها لا تفيد شيئاً من هذا كله. فالرواية أن جاريه سوداء جاءت النبي ﷺ لما انصرف من بعض مغازيه فقالت: أني كنت نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف. قال: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب، فلما دخل عمر ألقت الدف وجلست عليه. فقال النبي ﷺ: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر. فلم يفر الشيطان ولكنه خاف أو كأنه خاف. ولا يخفى أن اللهو من الشيطان؛ فهي عبارة مجازية. وأنت ترى أنها جاريه سوداء، وأنها لم تفعل شيئاً إلا الضرب بالدف. وكان هذا من عادات سائر العرب إذا انقلب أبطالهن من الغزو، وأن النبي ﷺ لم يرخص للجارية إلا لتوفي نذرها لا غير. فأي شيء في هذا كله؟

وبالجملة فإن حافظاً إنما نظم تاريخاً موضوعاً وكان خليقاً به أن يضع تاريخاً جديداً كما يكتب رجل مثل كارليل في كتاب الأبطال أو نحو ذلك

أما الكلام في باقي القصيدة فليس من شأني أن أخوض فيه. ولعل السيد البرقوقي يكفيك إذا وفى بما وعد قراءه والسلام عليكم ورحمة الله.

الداعي

مصطفى

(المنصورة)

محمود أبو ريه

نقدة نحوية جاء في الشاعر محمود حسن إسماعيل (قطرة دمع) المنشورة بالرسالة الغراء (العدد 522) هذا البيت

جئتُ أرثيك فما لي (ملجمٌ) ... تزهق الأنغام في عودي إذا ما

مضبوطة فيه (ملجمٌ) بالرفع والمفهوم أنها وأمثالها في هذا الموضع منصوبة على الحالية من الضمير المجرور باللام

يشهد لذلك قول فاطمة بنت طريف ترثي أخاها

أيا شجر الخابور مالك (مورقا) ... كأنك لم تجزع على ابن طريف!

وقول المرحوم حافظ إبراهيم وهو يرثي الإمام الأستاذ محمد عبده:

عليك سلام الله، مالك (موحشاً) ... عبوسً المغاني مُقْفر العرصات

وقد انتظرنا في العدد التالي أن يصلح الشاعر هذا الضبط فلم يفعل فصار من حقنا أن ننبه على ذلك

(الإسكندرية)

حسين محمود البشبيشي

تصويب

وقع خطأ مطبعي في أحد أبيات قصيدة (اليتيم)، للآنسة فدوى طوقان انكسر من أجله البيت وصوابه

فنضت عنها الثياب السود، لا، ... لا تظنوا جرحها الدامي التأم