مجلة الرسالة/العدد 52/العلوم
→ من الأدب الهندي | مجلة الرسالة - العدد 52 العلوم [[مؤلف:|]] |
الملاح التائه ← |
بتاريخ: 02 - 07 - 1934 |
خلق المادة في الكون
بقلم فرح رفيدي
أين يخلق الكون؟ - كيف توصل ملكان إلى اكتشاف مصدر الأشعة. الكونية وبناء نظريته في خلق المادة في الكون؟ في الفضاء خليط من المؤثرات إلتي تفعل فعلها في الأجسام والأشياء وهي مستترة في الأثير، لا ترى وكأنها ترى، كائنة وكانها غيركائنة. وهي مزيج من الاشعاع المنبعث من جميع الجهات. فاشعاع من الشمس تراه العين وتحس به، واشعاع اخر من الشمس لا تراه العين ولا تحس به، وأشعة مصدرها الأرض وأخرى مصدرها النجوم وا لشمس، أشعة إكس وأشعة والراديوم، والأشعة الكهربائية واللاسلكية وأشعة الحرارة. وكل هذه تنطلق بسرعة متناهية في الفضاء ونحن لانشعر بها ولا ندري حركتها. ولهذه الأشعة تأثير خاص في الهواء المحيط بنا وبها وخصوصا الأشعة ذات الموجة القصيرة كأشعة أكس او الراديوم، فانها تحلل الهواء إلى ذرات مكهربة تكهرباً سلبيا او ايجابيا
والذرات المتشابهة بالكهربائية تتنافر من بعضها كلما تقاربت، والذرات المختلفة الكهربائية تلتصق وتتحد في تلاقيها وبذالك تفقدفة التكهرب وتصبح مادة في حالتها الطبيعية.
لقياس مقدار تكهرب الهواء أو تحلله إلى ذرات من تأثير هذه الأشعة توجد الة خصوصية تقيس الكهربائية إلى درجة دقيقة جداً. وهذه الآلة هي (الالكتروسكوب). جرب أحد العلماء أن يمنع الأشعة المعروفة من دخول هذه الآ له ليرى هل يبقى تأثيرها في الهواء أم يتلاشى باختفائها ومنعها، فوضع الالة في داخلندوق من الرصاص الغليظ ليمنع دخول أقوى أشعة معروفة، فوجد بعكس ما توقع من أن الآلة ظلت متأثرة بالرغم من احاطتها بالرصاص فاستنتج من ذلك وجود أشعة أقوى من الأشعة المعروفة قدرت أن تخترق سماكة الحائط الذي بناه وتتصل بالآلة التي وراءه.
ظل هذا الاكتشاف سبع سنوات غامضا، إلى أن قإم رجل سويسرى سنة 1910 وصعد إلى علو 4500 متر ومعه الالكتروسكوب، فوجد خلاف المنتظر، بان تكهرب الهو اء. أو تأينه (تحليله إلى ذرات مكهربة تسمى الواحدة منها أيون ازداد مع ارتفاعه. فقد ظن أن مصدر هذا التأثير أشعة منبعثة من الأرض وليست من السماء، فعلى ذلك مقدار التأين يجب أن يقل بدلا من أن يزداد مع الارتفاع. بعد ذلك بقليل قام المانيان وطارا إلى علو 9 كيلو مترات فوجدا أيضا ذات النتيجة.
لم يكن العالم الأميركي أثناء ذلك ساكتاً عن هذه (التجارب ونتيجتها الواحدة، بل أثرت عليه كل التأثير، وحفزته للعمل بأن يقوم بهذه المهمه في اكتشاف أصل هذا التأثير ومصدر تلك الأشعة التي لم تكن في الحسبان ولم تخطر على بال. فقام في سنة 1926 مع مساعدة وصعد منطادينغيرين في الفضاء إلى علو 15 كيلو متراً. وكان المنطادان مرتبطين الواحد بالآخر، وحجم أحدهما مصنوعا بالقدر الذي ينفجر فيه عند العلو الطلوب، والآخر كان ليقل الأدوات الأتوماتيكية لقياس وتقييد ألتأثيرات الجوية ولارجاعها بعد بلوغ علوها إلى الأرض سالمة. فكان من هذه الآلات الالكتروسكوب لقياس الكهربائية والترمومتر للحرارة والبارومتر لمقدار ضغط الهواء، والاواح الفتوغرافية المختلفة لتنطبع عليهاور التأثيرات المختلفة، ثم الالة التي تسير كل هذه الأجهزة حركة أوتوماتيكية مطردة. ومع كل ذلك فأن وزن المنطادين مع مافيهما من غاز وآلات متعددة لم يزد على 190 جراماً أو ما يعادل 50درهماً تقريبأ. وذلك مما يدل على دقة الصنع والتركيب ويبين مقدار أهتمام ملكان بالتجربة وتفرغه لها. والنتائج التي ظهرت من هذه التجربةأتت مطابقة للتجارب الأولى. فلم يعد بعد شك في وجود أشعة خفية دقيقة ذات تأثيرعظيم.
على أن ذلك لم يقنع ملكانقط، ولم يقلل من شوقه لمعرفة تلك الأشععة وما أليها. ففي ذات السنة التي أجري فيها تجربت المنطادين، عد بالأكتروسكوب الى قمم جبال مختلفة العلو في أميركا، ليرى تماما مقدار اختلاف التأين باختلاف معين في الارتفاع. وقد تحقق من ذلك شيئان: الأول أن قوة (الأشعة تزداد مع الارتفاع، وذلك يؤكد بأن مصدرها ليس هو الأرض بل السماء. والثاني أن هذه الأشعة ليست متجانسة، بل من ثلاثة أنواع، تختلف عن بعضها بقوة نفوذها فى الهواء، فمنها لقوتها من قدرت أن تخترق الهواء كله وتصل سطح الأرض، ومنها من استطاعت فقط أن تنفذ في بعضالطبقات العليا غير المتكاثفة، والأخيرة لضعفها لم تقدر على التعمق كالأوليين فظل تأثيرها محصواً في الطبقات الرقيقة من الهواء. تجارب في الفضاء وفوق سطح الأرض أكدت أن الأشعة آتية من فوق، ولكن يتحقق من ذلك أكثر، خطر لملكان أن يجري تجاربه في داخل الأرض تحت الماء. فوضع الكتروسكوباً أدق من لأول فيندوق من الرصاص يحتمل الضغط على عمق 67 قدما في الماء، أي يحتمل ضغط كيلو جرامين لكل سنتيمتر مربع. فاذا كان مصدر هذه الأشعة حقيقة من الفضاء فالتأثيرات تحت الماء يجب أن تقل كلما ازداد الاناء عمقا، لأنه كلما نزل الاناء في جوف الأرض بعد عن مصدر الأشعة، وبذلك ضعف تأثيرها على الهواء بحكم السافة البعيدة التي تقطعها. والنتيجة أتت - كما توقع - أي أنها كانت تضعف تدريجيا في نزولها تحت الماء. وقد وجد من اختراق هذه ام لأشعة جميع طبقات الهواء، ومن نفوذها 50قدما في الماء. أن لها من ألقوة ما يعادل 100 ضعف قوة أشعة إكس، وأن طول موجتها أصغر من طول موجة الثانية ب 5000مرة تقريبا. وهي لذلك قادرة على اختراق حائط من الوصاص عرضه متران.
اجرى بعد ذلك ملكان تجارب متعددة في الليل والنهار، وفي أوقات مختلفة من الليل وأوقات مختلفة من النهار، وفي ضوء القمر وتحت ستر الظلام والنجوم بكثرتها لامعة مشعة، وفي أمكنة ببعدة عن الجبال عن المدن، وفي المغاور حيث لا تدخلها الشمس، ولا ينفذ اليها شعاع النجوم، وفي الصيف تحت تاثير حراره الشمس المحرقة، وفي الشتاء تحت تأثير البرق والرعد، ليرى هل لكل هذه الأشياء والظواهر الطبيعية تأثير خاص على الأشعة وقوة انفعالها في الهواء. فوجدها غير متأثرة بها جميعا. فكان تأثيرها واحداًيفا وشتاءً ليلآ ونهارا، وما كان ليفرق بين تأثيرِ وتأثير إلا الارتفاع والهبوط. فاستنتج من ذلك أن الشمس والنجوم ليست مصادر هذه الأشعه.
ذكرنا أن التجارب دلت على وجود ثلاثة أنواع من هذه الأشعة، تختلف عن بعضها بقوة نفوذها. وقد وجد ملكان من الحقائق التي توصل اليها أن نسبة هذه القوى الى بعضها كنسبة الأرقام الثلاثة هذه: 35،.: 8 ' ,.،: 4.،. الى بعضها. وكل رقم منها يشيرالى نوع من هذه الأشعة. وقال ملكان من حيث ان الأشعه لا تأتينا من الأرض او من النجوموالشمس فلا بد من ان تكونادرة عن احوال ومقتضيات مضادة للأحوال والمقتضيات إلى في جوف الشمس أو في داخل النجوم. وبما أن الأحوال فيالثمس تدعو إلى انصهار وهدم المادة من شدة الحر والضغط فالأشعة هذه يجب أن تكون ناتجة عن بناء المادة وتركيبها من ذرات (الكترونات وبروتونات) في أماكن بعيدة عنا في الفضاء، حيث تقرب درجة الحرارة من الصفر المطلق. 273 - قسم آستون العالم السويدى جميع العناصر التركب منها
الكون إلى قسمين: مشعة كالراديوم وغير مشعة كالحديد والرصاص. وقد لاحظ أنه لما كان عنصر الهيدروجين أبسط العناصر تركيبا، إذ هو مركب من بروتون واحد والكترون واحد، وأخفها وزنا، فانه يمكنافتراض أن جميع العناصر الأخرى متركبة منه كتركيب جميع الأعداد الصحيحة من الواحد الصحيح، فذزة الهليوم تساوي في وزنها أربع ذرات ذرات من الهيدروجين، وذرة الصوديوم تساوى 23 ذرة من الهيدروجين أيضا. وكذلكافترض ملكان ان الهيدروجين يدخل في تركيب جميع العناصر، وأنه الحجر الأساسي في بناء الكون. وقد افترض ملكان أيضاً طبقا لمعادلة اينشتاين (القائلة بأن انصهار جزء من المادة في داخل النجوم يولد جزءاً مقابلاً من الحرارة والقوة تشع في كل أنحاء الفضاء). إن هذه الحرارة والقوة المنبعثة باستمرار من النجوم، ستصير يوما ما وفي مكان ما مادة تحت الظروف الملائمة لبنائها، وأنه ما من مادة تنعدم في النجوم إلا ويقابلها بناء ثان في غير النجوم.
بقسمه العناصر إلى , مشعة وغير مشعة ترى أن المواد المشعة اقل من المواد غير المشعة، وهذا شيء طبيعي، لأن هذه المواد باشعاعها الدائم تتحول إلى مواد أخرى، وبذلك تقل نسبة وجودها في الكون تدريجياً. فأخذ ملكان بعد ذلك ثلاثة عناصر تولف الجزء الأكبر في تركيب الكرة الأرضية والشهب والنجوم. ووجد أن هذه العناصر الثلاثة في الهيليوم والأو كسجين والسليكون. وقال اذا كانت هذه الأشعة التي لاحظناها ناتجة عن بناء العناصر فأن الهيدروجين وهو أبسطها تركيباً الحجر الأساسي في هذا البناء. وبواسطة معادلة اينشتاين استخرج مقدار القوة الضائعة في بناء كل ذرة لكل من العناصر الثلاثة وبواسطة معادلة أخرى اشترك في إيجادها ثلاثة شباب: (ديراك شاب انجليزي، و (كلاين شاب ألماني، و (نشينا شاب ياباني، استخرج نسبة قوى هذه العناصر الضائعة إلى بعضها، فوجدها كما يأتي: 3،.: 8.،.: 4.،. وهذه كما نرى ذات الأرقام التي استنتجها من تجاربه، إلا في الرقم الأول فالاختلاف فيه تعلله قلة الضبط في التجارب فقط.
وهكذا كان نجاح ملكان في تعليل نظريته في بناء الكون من طريقين: طريق التجربة التي أدت إلى اكتشاف تلك الأشعة الصادرة عن بناء الكون، ولذلك سميت الأشعة الكونية؛ وطريق الرياضيات التي طابقة نتائج تجاربه كل المطابقة، فدلت لا على اكتشاف أشعة جديدة من مصدر جديد فحسب بل أيضا على توحيد النظريات والمعادلات الرياضية مع الظواهر الطبيعية، وعلى دقتها وتلاؤمها بعضها مع بعض.
جامعة بيروت
فرح رفيدي
3 - اسحاق نيوتن
1642 - 1727
للأستاذ مصطفى محمود حافظ
كتاب (البرنسببا):
في ابريل سنة1676 تقدم نيوتن إلى الجمعية الملكية بكتابه المشهور (البرنسبيا) وهو في ثلاثة اجزاء. وقد شرح في الجزء الأول منةنظريته الخاصة بتحرك الأجسام مع البرهان الكامل لقانون الجذب العام. وقد أمرت الجمعية الملكية أن يطبع هذا الكتاب علىنفقتها الخاصة، ولكن ذلك لم يتم لانها لمتشأ أو لم تقدر على جميع النفقات الازمة لذالك. ولك ن (هالي) ديق نيوتن قام بذلك على نفقته الخاصة. فخرج الكتاب بالاتينية في مايو سنة1687.
ولم تكد تظهر أصول الجزء الأول من (الرنسبيا) حتى قام دكتور (هوك) ينسب إلى نفسه الأسبقية في الكشف عن قانون التربيع العكسي متهماً نيوتن بأخذ هذا الاكتشاف عنه. وبذك اتسعت شقة الخلاف بين العالمين، ولكندكتور (هالي) تمكن بتأثيره على نيوتن من أن يجعله يشير في كتابه إلى أنه مع (رن) و (هوك) و (هالي) توصلوا في نفس الوقت إلى قانون الجاذبية من قوانين (كبلر) في حركة الكوكب.
وقد اشتمل الجزءالثاني من البرنسبيا على مبادى علم الأيدروستاتيكا، والأيدروديناميكا، كما اشتمل على تطبيق قانون الجذب العام في شرح ظواهر المد ونسبتها إلى مكان القمر من البحار، وقد أضاف إليها هو مواضع الشمس أيضا. وقد احتوى البرنسبيا أيضاً على موضوع المذنبات، فاعتبرها أجساماً سماوية تسير في قطع ناقص هائل، ولا تظهر لنا إلا وهي تقطع جزءاًغيراً من هذا القطع الناقص بالقرب من الشمس، وعلل بذلك ظهورها بعد أزمنة معينة: وبذا يكون قانون الجاذبية قد امتد خارج المجموعة الشمسية فشمل هذه المذنبات أيضاً. لقد احتوى هذا الكتاب نواة الفلسفة الطبيعية، ولكنه لم يؤخذ به كأساس هي لذلك إلا بعد سنوات، وذلك لحملات النقد الكثيرة التي كانت توجه إليه من أمثال (هوك) و (هيجنز) و (ديكارت) وأن كان البعض قد آمن به بعد حين. وبرغم اتصال نيوتن بجامعة كامبردج طول حياته فانها لم تكن الجامعة الأولى التي أخذت بما في كتابه من فلسفة، وسبقتها في ذلك جامعات اسكتلندا.
حياته العامة:
أخذ نيوتن راحة طويلة بعد ذلك المجهود الذي مكنه من اتمام البرنسبيا في سنتين فقط. وفي سنة1688 اختير عضواً برلمانياً بعد دفاعمجيد قام به مع غيره لصيانة حرمة جامعته عندما أمر الملك (جيمس الثاني) جامعة كامبردج أن تمنح قساً جاهلاً درجة (الأستاذية)، مما كان له أثر في رجوع الملك عن أمره. وقد انصرف إلى أعماله البرلمانيهسنتين، ولو أنه لم يسجل له أي مساهمة في مناقشة سياسية. وفي ذلك الوقت اصابتة أكبر محنة لاقته في حياته، تلك هي وفاة امه التي ضحت من أجله بالكثير من القليل وساعدته للوصول إلى ما وصل اليه. فبرغم قلة دخلها السنوي الذي لم يتجاوز الثمانين من الجنيهات، كانت تقتر على نفسها لتنفق عليه في (جرانتام) وفي سنواته الأولى في كامبردج.
وفي سنة1690 عاد إلى كامبردج ليزاول التدريس مرة أخرى، كما اشتغل بدراسة تأثير الضوء على شبكية العين بتجارب أجراها في نفسه. وقد أجرى تجارب لتقدير درجات انصهار بعض المعادن وملاحظة معدل برودتها، وقال إن هذا المعدل يتناسب وزيادة درجة حرارة الجسم على درجة حرارة الوسط الذي يحيط به. ولكن بحوث (دولنج دبتي) أثبتت بعد ذلك أن هذا ليس بصحيح إلا إذا كان الفرق بين درجتي الحرارةغيراً.
وقد شاء نيوتن أن يخرج للعالم كل ما وصل إليه في علم البصريات، وهو العلم الذي كان يشغل دائما جزءاً من وقته، ولكن كارثة لا يعلم إلى الآن سببها الحقيقي سببت حرق أغلب مذكراته. فقد ترك غرفته ليلاً وبها شمعة موقدة وأخر إلى أجل قليل، فعاد ليجد الشمعة قد انكفأت فأحرقت جُل مذكراته. ويقال إن كلباًغيراً يدعى (دياموند) كان السبب في ذلك،
ولكن لسوء الحظ لم يعرف عن نيوتن الميل إلى إبقاء مثل هذه الحيوانات برغم حبه العظيم لها. وبذا لم يتمكن نيوتن من إعادة مذكراته وإتمامها إلا بعد اثني عشر عاماً.
في دار سك النقود
لم تكن المائتي جنيه التي كان يتقاضاها نيوتن سنويا عن وظيفة الأستاذية في الجامعة لتكفي للقيام بحاجاته؛ فسعىديق له يدعى (شارل مونتاج) حتى عين في سنة 1695 وكيلا لدار سك النقود بمرتب سنوي يتراوح بين 500 و 600 جنيه. فوجه كل عنايته إلى عمله بعيداً عن المناقشات العلمية، ولكنه مع ذلك كان يشتغل بحل المشكلات إلى تقابل غيره. ففي سنة 1797أعلن الرياضي الكبير (جون برتولي) عن معضلات رياضية يطلب إلى العلماء حلها، ففعل ذلك نيوتن في يوم واحد. وفي سنة1699 أصبح رئيساً لدار السك بمرتب سنوي قدره 1200 من الجنيهات، فترك مهنة التدريس التي كان يزاولها مع وكالته للدار.
وقد وجه نيوتن عنايته إلى إصلاح العملة الانجليزية مما دخلها من الغش، فوفق إلى ذلك بعدعوبات لاقاها هو وصديقه (هالي) الذي عينه مديراً لأحد الفروع، ممن كانوا يستفيدون من ذلك الغش. فاتهموه بالرشوة عندما وجدوه يرفضها.
وفي سنة 1700 اكتشف نيوتن آلة السدس (السكستانت) وعي الآلة التي يتمكن بها الملاحون من معرفة أماكنهم في عرض البحار، ولكن هذا الاكتشاف ينسب عادة إلى (هادلي).
وفي سنة 1703 نال نيوتن اعظم شرف منحه في حياته، وهو رياسة الجمعية الملكية؛ وقد لبث في هذه الرياسة حتى موته، ولا تزالورته معلقة فوق كرمي الرياسة. وبعد سنة من ذلك التعيين توفي منافسه الدكتور (هوك) وأتم كتابه (البصريات). وقد احتوى هذا الكتاب كل ما وصل إليه في علم الضوء، كما احتوى أيضا على رسالة في حساب التكامل، قال إن أساسها هو ما وصل إليه في سنة 1665 عندما كان في (وولثورب)، فقام يعارضه في ذلك العالم الرياضي (ليبنتز)، الذي اصبح بعد وفاة (هوك) شر خلف لأعند سلف. هاجم نيوتن مهاجمة عنيفة، فاتهمه بسرقة اساس علم التكامل منه، فقام دكتور (كيل) من اكسفورد وأعلن أن (ليبنتز) هو سارق حساب التكامل من نيوتن. والواقع أن كليهما وصل مستقلاً إلى علم حساب التكامل، إلا أن نيوتن له الأسبقية في ذلك وإن لم ينشرما وصل إليه في حينه، كما أقرت بذلك اللجنة التي عينتها الجمعية الملكية للتحقق من مبلغحة أقوال المتنافسين. عند ذلك اختار (ليبنتز) ناحية أخرى يهاجم منها نيوتن، فادعى أن فلسفته إلحادية، واستمر زمناً طويلاً كان هو البادئ بالعدوان دائما. وقد تحدي نيوتن مرة أن يحل مسالة رياضية فحلها نيوتن في ليل واحدة بعد كل اليومي في دار السك.
نيوتن الرجل
كان طويل القامة، كث الشعر أبيضه، وقد لحقه الشيب ولما يزل في سن الشباب؛ كان كثير التفكير، يندر أن يشترك في مناقشة كلامية.
ذاق نيوتن طعم الفقر والحرمان في أيامه الأولى، وحتى بعد انتخابه عضواً في الجمعية الملكية قصرت موارده عن أن يدفع رسم دخول واشتراك الجمعية، فاعفي منهما مع ضآلتهما. ومع ذلك كان كريماً يساعد أقاربه وأصدقاءه.
كان وديعاً خجولاً متواضعاً، وكان دائماً يردد قوله: (لا أعلم ماذا يعتقده الناس فيّ، ولكني أعلم أنني كطفلغير ألعب على الشاطئ فأجد من حين لآخر حصاة قدقلتها الأمواج، أودفة تدعوني إليها بحسنها، بينما محيط الحق أماي لم أكشف منه شيئاً).
لم يكن يميل إلى الظهور واسترعاء الأنظار إليه، كما كان لا يميل إلى المناقشات والمشاجرات، ومع ذلك لازمته ولاحقته بعد كل جديد كان يصل إليه. كان ضعيف الذاكرة، لا يعتني كثيراً بملابسه، غريباً في أذواقه. ولكنه كان يفني نفسه في عمله، وكثيراً ما آثر ذلك فيحته.
كان نيوتن يعتقد بوجود الله، رغم ما اتهمه به (ليبنتز) من الكفر والإلحاد. كان يعتقد بوجود قانون كوني عام يحكم كل أجزاء الكون، وهذا القانون هو إرادة الله. وقد رأى في ثبوت قانون الجذب العام سيطرة الخالق على الكون بأجمعه. وقد أنعمت عليه الملكة (آن) بلقب الفروسية (سير) في زيارتها لجامعة كامبردج في سنة 1705. وكان يعيش في أواخر أيامه في لندن وقد أصبحت له مركبة خاصة.
لم يتزوج نيوتن برغم انه كان يحب (مس ستوري) التي تزوجت مرتين، وكانت تعتني به (حنا) أخته من أمه. وقد أخذتحته في الاضمحلال في سنة 1724، وأخذ يشكو مرض الشيخوخة، ولكنه ظل يرأس الجمعية الملكية حتى مات في سن الخامسة والثمانين في مارس سنة 1727. ودفن في وستمنستر، وقدرت ثروته بمبلغ 32 الفاً من الجنيهات، الجنيهات أوصى بها إلى أولاد اخوته.
(تم البحث)
مصطفى محمود حافظ
مدرس بمدرسة المعلمين بأمبابة