مجلة الرسالة/العدد 507/البَريدُ الأدبَيّ
→ عودة (الرسالة) | مجلة الرسالة - العدد 507 البَريدُ الأدبَيّ [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 22 - 03 - 1943 |
ذو القرنين هو الاسكندر المقدوني
ظهر في العدد - 506 - من مجلة الرسالة الغراء مقال لبعض الفضلاء تحت عنوان - هل الاسكندر الأكبر هو ذو القرنين المذكور في القرآن، وقد أنكر فيه أن يكون ذو القرنين هو الإسكندر، وذهب في ذلك مذهباً يكفي في ظهور بطلانه أن لأدلة التي أتى بها لإبطال المذهب الأول تبطله أيضاً. ولا أضعف من مذهب تقوم أدلة صاحبه على بطلانه، فقد أنكر أن يكون ذو القرنين هو الإسكندر لأنه كان وثنيا، وذو القرنين بنص القرآن كان مؤمناً، ولأن ذكر القرآن لذي القرنين كان جواباً عن سؤال اليهود للنبي ﷺ عن شخص لم يذكر اسمه، جاب الدنيا شرقاً وغرباً وكان له ملك عظيم، وهم يقصدون بذلك ما ورد في رؤيا دانيال أنه رأى كبشاً ذا قرنين، وقد فسر ذلك بمملكة فارس التي لم تكن ظهرت بعد، ثم رأى كبشاً ذا قرن واحد يهجم على الكبش ذي القرنين ويقتله، وقد فسر ذلك بملك من اليونان يظهر ويقضي على دولة الفرس؛ وعلى هذا يكون المقصود بذي القرنين دولة الفرس، وبذي القرن الواحد الإسكندر المقدوني
فالدليل الأول إذا أبطل أن يكون ذو القرنين هو الإسكندر يبطل أيضاً أن يكون هو دولة الفرس، لأنها كانت دولة وثنية غير مؤمنة. والدليل الثاني إذا أبطل أن يكون ذو القرنين هو الإسكندر، لأنه كان في تلك الرؤيا ذا قرن واحد، يبطل أيضاً أن يكون ذو القرنين هو دولة الفرس، لأن سؤال اليهود كان عن شخص لا عن دولة، والقرآن صريح أيضاً في أنه كان ملكا واحداً لا ملوكا متعددة. وحمله مع ذلك على دولة الفرس بمكان من التهافت، وهو أضعف ما قيل في ذي القرنين من الأقوال الكثيرة
هذا ولا شك أن رؤيا دانيال كما لم تقتض أن يلقب الإسكندر بذي القرن الواحد، لا تمنع أن يلقب بذي القرنين لسبب من الأسباب. وقد جاء في مجلة المقتطف أنه عثر على نقود مقرونة في عهده، فوجد فيها صورته والتاج بقرنيه على رأسه، ولا أدل من هذا على أنه كان معروفاً بذلك اللقب. وقد ذكر ابن العبري المؤرخ السرياني أن الإسكندر المقدوني هو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج، وأنه شرع بعده في بناء السد الأعظم بمدينة باب الأبواب، فوضع له أساساً عظيماً، وقد بحث عنه ملوك الفرس حتى عثروا عليه، وبنوا عليه ذلك السد الذي فرغوا منه في عهد كسرى أنوشروان. وكاتب ذلك المقال يرى أن هذا السد هو سد يأجوج ومأجوج، فإذا صح ذلك فهو من بناء الإسكندر كما ذكره ابن العبري
وقد وفقت في مقالة الأخير من مقالاتي - الحضارات القديمة في القرآن الكريم - بين إيمان ذي القرنين في القرآن وبين ما ورد في تاريخ الإسكندر مما لا يتفق ظاهره مع ذلك وأزيد على ذلك هنا أنه ورد في كتاب مناهج الألبلب المصرية لرفاعة بك، أن الإسكندر كان يتظاهر باتباع ديانة ما يفتحه من الممالك إن لم تكن صحيحة في رأية، يقصد بذلك التقرب إلى أهلها، وحملهم على حب حكمه. على أن تلك الآلهة كانت في أصلها رجالاً من عظماء قومهم أو صلحائهم، ومن الممكن أن يكون تعظيم الإسكندر لها بالنظر إلى أصلها، وأنه لم يكن يعتقد أنها آلهة، وهذا يكفي في نفي الوثنية عنه. ولا يفوتني أن أنبه صاحب المقال إلى أن هولاكو كان أسبق من تيمورلنك
عبد المتعال الصعيدي
1 - فتاوي السيد رشيد رضا
نشرت الرسالة في العدد (504) أن معالي وزير العدل قد أقر جمع فتاوى فضيلة الديار مفتي الديار المصرية الحالي، ورأى (أن الفائدة تكون أتم والنفع أعظم إذا انضم إلى ذلك مقارنة هذه الفتاوى بما هو محفوظ من فتأوي المغفور لهم مفتي مصر السابقين وخاصة فتاوى الأستاذ الإمام محمد عبده والشيخ بخيت)
وهذا الذي أقره وزير العدل إنما هو ولا ريب عمل جليل يستأهل من أجله كل ثناء وحمد؛ بيد أننا نرغب زيادة في تمام الفائدة والنفع أن تشمل هذه المقرنة فتاوى المغفور له العلامة الجليل محمد رشيد رضا من أحكم الفتاوى التي صدرت في الثلث الأول من هذا القرن شاملةً لكل باب من أبواب الفقه الإسلامي. وأن الأستاذ الجليل الشيخ عبد المجيد سليم الأول من يعرف فضل هذه الفتاوى ويقدرها حق قدرها، وقد كان يطلب من صاحبها قبل موته جمعها وطبعها.
2 - حول ذكرى السيد جمال الدين
لقد أحسن الأستاذ محمود شلبى فيما كتبه بالرسالة عن السيد جمال الدين، ذلك الذي قال فيه الفيلسوف الفرنسي أرنست رنان (كنت أتمثل أمامي عندما كنت أخاطبه ابن سينا أو ابن رشد أو واحداً من أساطين الحكمة الشرقيين)
وقال فيه الأستاذ الجليل مصطفى عبد الرزاق باشا (حسبُه من عظمة ومجد أنه في تاريخ الشرق الحديث أول داع إلى الحرية وأول شهيد في سبيل الحرية) وذكر عنه الأستاذ الكبير عبد الرحمن الرافعي بك (أن الأمم الشرقية جمعاء مدينة بنهضتها السياسية والفكرية إليه) ولا نُفيض في القول لأننا الآن على غير طريق دراسة شخصية هذا الرجل الذي كان أمة وحده، وإنما نذكر أنه إذا كان إحياء ذكرى العظماء هو بعض ما يجب لهم على الناس، وأن الكاتب الفاضل قد أحسن فيما كتب عن ذكرى هذا العظيم الذي جحدنا فضله ونسينا ذكره فإننا نبين مضطرين - خدمة للحق - أنه قد نقل إلى كلمته الوجيزة أكثر من خمسين سطراً بنصها مما كتبه الأستاذ الإمام محمد عبده وأديب إسحاق وسليم العنحوري والسيد رشيد رضا في تأريخ السيد الأفغاني ولم يشر إلى هذا النقل (يراجع الصفحات 27، 28، 30، 32، 33، 34، 40، 46، 73 من الجزء الأول من تاريخ الأستاذ الإمام)
ولقد كان الأجدر بالكاتب أن يشير إلى ذلك رعاية لحرمة الأمانة العلمية وتنويهاً بمن سبقونا إلى ترجمة السيد وبيان فضله.
(المنصورة)
محمود أبو رية
توضيح شبهة في كتاب عبقرية عمر
عبقرية عمر شاهد عدل كبقية الشواهد على عبقرية الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد. فقد حلل ووجه كثيراً من أقوال عمر ومواقفه، ولم يترك في ذلك مغمزاً لغامز أو اعتراضاً لناقد. وعهدي بالأستاذ أنه ثبْت، وما نجح إلا النادر في الاعتراض عليه؛ وذلك يرجع لترويه في كتابته؛ ولكنه استوقفني قول الأستاذ في عبقرية عمر صفحة (285) أن المتعة كانت حلالاً أيام النبي عليه السلام، وأن سيدنا عمر هو الذي نهى عنها وضرب عليها، وأتى بقول سيدنا عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله، أنا أنهي عنهما واضرب عليهما.
والواقع ليس كذلك، لأن المتعة حرمها النبي عليه السلام عام حجة الوداع ولم يتركها حلالاً إلى خلافة عمر؛ وفي الصحيحين ما يؤيد هذا. نعم إن المتعة كانت حلالاً في صدر الإسلام للمضطر، ثم حرمت عام خيبر، ثم أبيحت عام الفتح، ثم حرمت عام حجة الوداع، وهذا رأي الشافعي، وقال ما معناه أنه لا يعلم شيئاً تكرر فيه النسخ إلا المتعة. والبيهقي يصحح تحريمه عام الفتح لئلا يلزم النسخ مرتين. وللأستاذ بعد هذا خالص تقديرنا وإعجابنا
(فلسطين)
رضا محمد ديباجة
إمام الفرعون
السعادة في نظر ديكارت
كتب ديكارت إلى الأميرة اليزابيث رسالة بتاريخ أول سبتمبر سنة 1645، قال فيها: (إننا لسنا نجد فرداً واحداً لا يرغب في أن يكون سعيداً، ومع ذلك فإن عدد الذين ينالون السعادة فعلاً عدد ضئيل، لأن كثيرين من الناس لا يعرفون الوسيلة التي بها يحققون لأنفسهم السعادة). وليست سعادة الإنسان - في نظر ديكارت - متوقفة على الحظ أو الظروف الخارجية، وإنما تتوقف أولاً وبالذات على الفرد نفسه. ولذلك نرى ديكارت في رسائله التي كتبها إلى الملكة كريستين، يحاول أن يثبت لها أن (كل إنسان عاقل يجب أن يفحص عن خيره وسعادته إلا في نفسه، وأننا نستطيع أن نحْصل على كل ما يلزمنا بأقل جهد وأدنى تكاليف)
' - , ' ;
وكان تأثير ديكارت على الملكة كريستين تأثيراً قوياً فعالاً، حتى أنها كتبت تقول في 27 فبراير سنة 1654، بعد تنازلها عن عرش السويد: (إنني في هدوء واطمئنان، لأن خيري ليس في يد القدر، وسعادتي ليست تحت سلطان الحظ. أجل، فأنا سعيدة مهما تكنْ الظروف ومهما يحدث لي)
وقد كتب ديكارت إلى الأميرة اليزابيث، في شهر مايو سنة 1645، يقول (إنني أميل دائماً إلى أن أنظر إلى الأشياء التي تتمثل أمام ناظري، من (وجهة) نظر تبديها لي حسنة تجلب الرضى، بحيث أن في وسعي أن أقول: إن سعادتي الأولى تتوقف عليّ وحدي)، وفي هذه العبارة ينحصر سر السعادة في نظر ديكارت، لأنه (ليس هناك أحداث أليمة ممعنة في الشر - في نظر الناس -، إلا ويستطيع الإنسان بعقله وفطنته أن ينظر إليها من (وجهة) تُبدِيها له مواتية نافعةً) وفضلا عن ذلك فإنه (ليس ثمة شر، لا يستطيع المرء أن يستخرج منه وجهاً من الخير أو المنفعة، إذا كان لديه عقل سليم)
(. . . ' , , 55.
وأما خير وسيلة لتحصيل السعادة، فتلك هي أنه (إذا وجد الإنسان نفسه حيال اعتبارات مختلفة، كلها صحيحة، ولكن بعضاً منها يحملنا على أن نكون سعداء، والبعض الآخر - بخلاف ذلك - يحول دون تحصيل السعادة؛ فإنه يبدو لي أن الحكمة تتطلب أن نسارع إلى أن نأخذ بالاعتبارات التي توفر لنا السعادة وتكفل لنا الرضى. . . وإذا كانت كل أمور الحياة هي مما يمكن أن يُنْظَر إليه من جانب فيبدو حسناً طيباً، وينظر إليه من جانب آخر فيبدو ناقصاً معيباً، فإني أعتقد أنه إن وجب على المرء استخدام مهارته في أمرٍ ما، فذلك أولاً وبالذات في أن يعرف كيف ينظر إلى أمور الحياة من (وجهة) تبديها له محققة لفائدته ومصلحته، بشرط أن لا يكون في ذلك خادعاً لنفسه) (من رسالة إلى الأميرة اليزابيث بتاريخ 6 أكتوبر سنة 1645)
زكريا إبراهيم
أسد أباد: لا أسعد أباد
نشر الأستاذ محمود شلبي كلمة طيبة حيا بها فقيد الشرق السيد جمال الدين الأفغاني بمناسبة ذكرى وفاته. إلا أنه اشتبه على مؤرخي السيد موطن ميلاده
وقد ولد السيد في شهر شعبان 1254هـ في قرية (أسد باد) لا (أسعد أباد) فقرية (أسد باد) هي التي تقع على الساحل الشرقي لوادي (كُنَوْ) مديرية في الشرق لعاصمة أفغانستان (كابل)
وهذه القرية الآن خربة ولم يبق منها إلا الأثر. فوالد السيد هو معروف السيد صفدر الشريف: وأما والدته فمن جهة الأم من أشراف أهل البيت، وأما من جهة الأب فمن قبيلة (يوسف زائ) الأفغاني محمد عبد الغفار الهاشمي الأفغاني
تصويب
حدثت أخطاء مطبعية في القسم الأول من مقال (لا. . . بل النحاة واللغويون ثقاة) أنبه على أهمها هنا، مراعياً أن اللفظ الأول من كل اثنين خطأ، وما بعده الصواب وهي:
كأنه يفسر - كأن يفسر. قريب - مريب. مراجع - مرجع. ظرِبى - ظرْبى. يدلها - يدخلها. يفّهم - تفّهم.
عبد الحميد عنتر