مجلة الرسالة/العدد 498/البريد الأدبي
→ الطيران بين أسلحة الحرب | مجلة الرسالة - العدد 498 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 18 - 01 - 1943 |
أول احتفال بالعام الهجري
ذكرتُ بحسن احتفال الأمة والحكومة بالعام الهجري في هذه السنة حقيقة تاريخية قد لا يعرفها الكثيرون: وهي أن الحكومة المصرية إلى سنة 1327هـ لم تكن تعترف به كعيد من الأعياد، حتى نبهها إلى ذلك قادة الحركة القومية، برآسة المرحوم محمد بك فريد، فأصدرت وزارة المرحوم بطرس غالي باشا قراراً بجعله يوم عيد رسمي تعطل فيه مصالح الحكومة. وقد صدر هذا القرار في ملحق لعدد 20 يناير سنة 1909 من الوقائع المصرية وهذا نصه.
(بمناسبة أول السنة الهجرية الجديدة ستقفل نظارات الحكومة ومصالحها في يوم السبت أول محرم سنة 1327هـ - 23 يناير 1909م)
وقد كان أروع احتفال أقيم في هذه السنة، هو الذي أقامه رجال الحزب الوطني في دار التمثيل العربي برآسة المرحوم أحمد بك لطفي المحامي، وكان من خطبائه الأساتذة: أحمد وجدي المحامي، ومحمد توفيق العطار، ومحمد راضي، وإمام واكد، وعبد المجيد إبراهيم صالح (باشا) الطالب بمدرسة الحقوق، وألقى حافظ قصيدته المشهورة:
أطلّ على الأكوان والخلق تنظر ... هلال رآه المسلمون فكبروا
تجلى لهم في صورة زاد حسنها ... على الدهر حسناً أنها تتكرر
وقد أشار إلى هذا الأستاذ الجليل عبد الرحمن الرافعي بك، مؤرخ الحركة الوطنية، في كتابه عن المرحوم فريد بك، فليراجعه من أراد التفصيل.
(المنصورة)
علي عبد الله
تاريخ وفاة ياقوت
وبعد فقد قرأت الملاحظة الدقيقة التي أوردها الأستاذ الفاضل محمود عزت عرفة في الصفحة 1170 من مجلة (الرسالة) الغراء لسنة 1942 عن الشبهة التي تولدت لديه في تاريخ وفاة ياقوت الحموي بسبب ما جاء في الجزء (9) والصفحة (198) من معجم الأدباء طبعة دار المأمون في ترجمة الحسن بن أبي المعالي من أن ياقوت الحموي لقيه ببغداد سنة 637 وهو يخالف المعروف عن وفاة الثاني التي كانت في سنة 626
وقد رجعت إلى كتاب معجم الأدباء طبعة مرجليوث على نفقة لجنة ذكرى جبّ فوجدته يذكر في الصفحة الأولى من الجزء الرابع في ترجمة الحسن المذكور ولقيته ببغداد سنة 603. ولذلك فإن نقل التاريخ المذكور إلى طبعة دار المأمون بزيادة 34 سنة وجعله 637 جدير بالاهتمام الذي أثارته في نفسي تلك الغلطة الغريبة
إلا أنه قد يكون الدكتور أحمد فريد رفاعي - كما قال في كلمة الإهداء التي بدأ بها الجزء الأول من طبعة دار المأمون - قد استفاد من نصيحة ناشر الكتاب الأول له أو من الصور الشمسية للصفحات التي تركت في الطبعة الأولى ووصلت إليه، وأدرك وقوع الخطأ في تاريخ لقاء ياقوت بالحسن بن أبي المعالي المذكور فصححها على الصورة المتقدمة، وهذا يعرفه هو، وعليه إن شاء أن يثبته بالبرهان؛ وإلا فإن تاريخ وفاة ياقوت ستظل كما هي مدونة في كتب التراجم سنة 626 ولا عبرة لتاريخ وفاة الحسن المذكور الواردة في كتاب السيوطي لأنها ليست حجة على وفاة ياقوت
عبد الله مخلص
تجديد اللغة
لغتنا العربية لغة عميقة تتميز بسعة ومرونة وحسن انقياد؛ ومن هذه الصفات استقامت لها قابلية المطاوعة، فكانت أكثر اللغات كفاية. وليس أدل على ذلك من كثرة مشتقاتها ووفرة تعبيراتها، مما لا يكاد المرء يعثر على نظير له في غيرها من اللغات. وحسبك أن ترجع إلى ما خلفه لنا أعلام الأدب العربي في ثنايا كتبهم وتضاعيف مصنفاتهم. من تعبيرات تترقرق فيها المعاني، وتركيبات تتألق خلالها الأفكار، لكي تتحقق من غناء هذه اللغة التي وصمت بالفقر وهي على قدر من الثراء كبير.
أجل إن لغتنا زاخرة بالمفردات والتعبيرات؛ ولكنها في حاجة إلى من يستخرج من تضاعيفها تلك الكنوز التي غبَّرها الزمن فانقطعت بنا صلتها، مع أنها إذا ما أزيح ما عليها من غبار، عادت إليها جِدتها، فانفتح لنا مغلقها، واتضح لنا غامضها. وليست هذه بمهمة هينة، لأن القدرة على تصيد مثل هذه الألفاظ الشاردة، وردها إلى حظيرة الاستعمال اللغوي بعد أن طال عهدها، لا تتوافر لكل باحث لغوي، ولا تتهيأ لكل منقطع إلى المطالعة. وإنما هناك نفوس طبعت على تذوق المعاني، فلا تكاد تبدهها الجمل منثورة هنا وهناك، حتى تضع يدها على الألفاظ السهلة التي صيغت فيها المعاني الكبيرة؛ فإذا ما قصدت إلي الكتابة بادرت إليها تلك الألفاظ طائعة مختارة، فترد على قلمها وكأنها جديدة ما عرفت النور من قبل!
من ذلك ما ورد في مقال أستاذنا الأب أنستاس ماري الكرملي الأخير (الرسالة 11: 497) في العبارة التالية: (ونحن نورد لك نموذجاً مما قال، وقد عثرنا عليه نَبَهاً) إذ نجد في هذه العبارة كلمة سهلة سلسة، قلما تدور على أقلام كتابنا، على الرغم من أنها تعبر عن معنىً زعم قوم أنه لا سبيل إلى التعبير عنه إلا بالخروج على اللغة! ومعنى كلمة (نَبَه) - كما جاء في المخصص لابن سيده، ج13 ص73 - (الضالة توجد عن غفلة؛ وجدته نبهاً أي من غير طلب، وأضللته نبهاً أي لم أدر متى ضَلّ. . .) وقد وردت هذه الكلمة في بيت لذي الرمُة، يصف فيه ظبياً قد انحنى في نومه، وهو قوله:
كأنه دُمْلُج من فِضّة نَبَهٍ ... في مَلْعب من عَذارى الحيّ مفصوم
وجاء في لسان العرب: (النَبَهُ الضالة توجد عن غفلة لا عن طلب، يقال وجدت الضالة نبهاً من غير طلب، وأضللته نبهاً لم تعلم متى ضل. وقول ذي الرمة كأنه دملج من فضة نَبَه وضعه في غير موضعه، كان ينبغي له أن يقول كأنه دملج فُقِدَ نَبَهاً. . .)
والذي عندي أن قولنا: عثرت على الشيء نبهاً، قول يؤدي معنى الوقوف على الشيء من غير طلب، خاصته وقد جاءت كلمة (نَبَه) فأكدت معنى الالتقاء الذي يفيده (العثور على الشيء). فعسى أن يلقى هذا التعبير موافقة وقبولاً.
(مصر الجديدة)
زكريا إبراهيم
إلى الأستاذ محمود عزت عرفة
نسبت إليَّ أيها الأستاذ أني زعمت أن الرسول عليه الصلوات كان ممن يبدلون في القرآن لفظاً بلفظ آخر يغايره في معناه. ومثل هذا لا يصح مني أن أقوله أو أزعمه، ولكن كثيراً من الناس يقرؤون ما كتبت فيصدقونه، ولا يكلفون أنفسهم أن يرجعوا إلى ما كتبت أنا، ليعلموا أني لم أقصد إلا توجيه قراءات منزلة بسبب هداني الله إليه، وهو جدير بالتقدير من كل منصف. وقد قلت في ذلك - فقضت رأفة الله أن يقرأ القرآن بما يحتمله من ذك تيسيراً على المسلمين في عصر الوحي الخ - فجعلت مرجع ذلك إلى الله تعالى، لا إلى النبي ولا إلى أحد من خلقه، ثم ذكرت أن النبي كان يعين أمثال تلك المواضع ابتداء أو بعد رجوع أصحابه إليه، فقطعت بهذا كل ليس في رأيي، ولكن الناس يأبون إلا أن يحملوا كل جديد على خلاف ظاهر، وعلى أسوأ ما يمكن أن يحتمله ولو بتكليف، لأنهم يكرهون التجديد ويسيئون الظن بمن يدعوا إليه. وإنه لغريب أن تثير كلمتي في اختلاف القراءات ما أثارته، مع أني أردت فيها بخصوصها أن أعرضها قبل نشرها على أخ لي من العلماء لا يتهم بالتجديد مثلي، فأقرني على نشرها ولم ير شيئاً فيها. أما أنك أيها الأستاذ لم تزد في كلامك فيما رأيته من التصحيف على ما أورده السيوطي فهو التراجع بعينه، ولعلك تذكر أيضاً أنك أضفت إلى ذلك قراءة - فتثبتوا - وهي قراءة سبعية متواترة.
عبد المتعال الصعيدي
حديث الجهاد الأصغر والأكبر
جاء بالكلمة الثانية التي نشرها الأستاذ الفاضل محمد عرفه عن العيد في العدد 495 (أن رسول الله (ص) قال وقد رجع من غزوه، رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر يعني جهاد النفس)
وهذا الحديث قال عنه الحافظ بن حجر: (إنه مشهور على الألسنة ولكنه من كلام إبراهيم بن عيلة) اهـ
وقد رواه الغزالي في كتاب الأحياء ولكن كم في هذا الكتاب من ضعيف وموضوع.
محمود أبو ربه
من عجائب البريد
جناب السيد الجليل الأفخم صاحب مجلة (الرسالة) البهية طال بقاؤه: أحمد الله إليكم. وبعد فإنكم في العدد 486 من السنة العاشرة لمجلتكم نشرتم مقالاً عنوانه (إلى المعترضين علينا) للأب (أنستاس ماري الكرملي، وأنا المقصود في قوله (المعترضين علينا) أو أنا أحدهم، ولم ترسلوا إليّ عدداً لأقف عليه. وعدم إرسالكم عدداً يفسح لي أن أرفع عليكم دعوى في محاكم مصر الجزائية وأطالبكم بما يعدُّه القضاء السوري (عطلاً وضرراً) والآن أرسل إليكم رداً بالبريد المسجل وأصبر شهراً عليكم لنشره، فإذا لم يكن منكم رضى بنشره سأقصد مصر وأداعيكم لدى قضاءه العادل. إني أعمل بمقتضى الشرع السوري وأحسب أنه شرع مصر أيضاً. وأنتظر شهراً لجوابكم على كتابي هذا وقد أعذر من أنذر.
دمشق24 كانون الأول سنة 1942
الداعي
أمين طاهر خير الله
(الرسالة): ألقى إلينا البريد هذا الكتاب فأحببنا أن يطلع قراؤنا
عليه ليتفقهوا أو يتفكهوا، فان للأساتذة اللغويين في بعض
الأحيان جداً يشبه الهزل. أما الرد المسجل فكله على هذا
النحو من المنطق؛ وأربعة أخماسه في شرح (النقطة القانونية)
التي سيبني عليها الأستاذ رفع دعواه. فرأينا من التكرمة
لرجال الأدب ألا ننشره.