مجلة الرسالة/العدد 483/الأمل المنشود
→ رسالة الشعر | مجلة الرسالة - العدد 483 الأمل المنشود [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 05 - 10 - 1942 |
الوَحدةُ العربيةُ
(إلى شباب العرب أسوق الحديث)
للأستاذ علي شرف الدين
دَعَوْتُ بَنيِ عَمِّي بِلَيْلٍ فَلَمْ يَصْحوُا ... وَنَامُوا، وَقَالوا: كلُّ لَيْلٍ لَهُ صُبْحُ
فَمَرَّتْ بِهِمْ لَيْلاَءُ مَرْهُوبَةُ الدُّجَى ... بَعِيَدةُ نُورِ الفَجْرِ أوحَشَهَا جُنْحُ
وَلَوْ أَجْمَعُوا فِي ظُلْمَةِ الخْطْبِ أَمْرَهُمْ ... لَكَانَ لَهُمْ فِيماَ يُرَجُّونَهُ نُجْحُ
تَغَنَّوْا بِمَاضِيِهمْ. . . فَقُلْنَا: صَحِيفَةٌ ... مِنَ الْمَجْدِ جَلَّتْ أنْ يُطَلوِ لَهَا المَدْحُ
وَلِكنَّماَ طُولُ التَّغَنِّي تِجَارةٌ ... إِذَا طَالَ فِيهاَ الْقَوْلُ أَخْطَأَهَا الرِّبْحُ
وَماَ يَنْفُعُ الماَضِي المُغَنِّى بِمَجْدِهِ ... إذا لَمْ يَكُنْ فِي إِثْرِهِ السَّعْيُ وَالْكَدْحُ
وَقَاْلوا: غَدَاً تَحْوِي العُرُوَبةَ وَحْدَةٌ ... فَخَفَّتْ قُلُوبٌ كَادَ يَقْتُلُهَا الضَّرْحُ
أَفَاضُوا بِهَا دَرْساً وَشَرْحاً مُنَمِّقاً ... وَمَا أَبْعَدَ الْجَدْوَى إِذَا كَثُرَ الشَّرْحُ
لئِنْ كَانَ حَقاً فَاتْرُكُوا الْقَوْلَ وَاعْمَلُوا ... وَخُطُّوا إِلَى الْعَلْيَاءِ نَهْجَكُمُ وَأنْحُو
أَفِيقُوا - بَنِي عَمِّي - لَقَدْ طَال نَوْمُكُمْ ... وَلَيْسَ لدى التَّارِيخُ عَنْ نَوْمِكُمْ صَفْحُ
وَضُمُّوا عَلَى البُعْدِ الصُّفُوفَ وَجَاهِدُوا ... فَقَدْ يَنْجَلِي عَنْ ظُلْمَةِ الْغَسَقِ الصُّبْحُ
وَكُونُوا صُرُوحاً لِلْعَوَادِي دَرِيئَةً ... إِذَا هَانَ صَرْحُ قَامَ مِنْ دُونِهِ صَرْحُ
تُرَجِّعُ مِصْرُ لِلعِرَاقِ شَكَاتَهُ ... وَيَحْنُو عَليْهَا الشَّامُ إِنْ مَسَّهَا قَرْحُ
فَنَحْنُ عَلَى بُعْدِ الْمَوَطِنِ اخْوَةٌ ... تُؤَلَّفُنَا الشَّكْوَى وَيَجْمَعُنَا الْجُرْحُ
وَتَنْظِمُنَا (الفُصْحَى) رِبَاطاً مُقَدَّساً ... وَيَشْمَلُنَا اَلإِخْلاَصُ وَالْخُلْقُ السَّمْحُ
لَوِ أصطَعْتُ ألغَيْتُ الحُدُودَ فَلَمْ تَعُدْ ... لِتَفْصِلَكُمْ عَنْ مِصْرَ (سِينَا) وَلاَ (رَفْحُ)
ذَكَرتُ لَكُمْ عَهداً جَمِيلاً وَمَاضِياً ... هُوَ الرَّوضُ لَمْ يَهْدَأ لِرَيحانِهِ نَفْحُ
وَأيَّامَ كَانَتْ لِلْعُرُوبَةِ رَايَةٌ ... يُؤَيِّدُها العُضْبُ اليَمَانِيُّ والرُّمْحُ
يُحِيطُ بِهَا الصِّيدُ الجُدُودُ بَوَاسِلاً ... وَيَمضِي بِهَا النَّصْرُ المُبَارَكَ وَالفَتْحُ
يُطَوِّقُ أعْطَافُ (الفُرَاتِ) عَمُودُهَا ... وَيَشْهَدُهَا خَفَّاقَةٌ فَوْقَهُ (الطَّلْح) أإخوَتَنَا بِالشَّرْقِ رُدُّوا نِدَاَءنَا ... وَفِي النَّهْضَةِ الكُبرَى لأوْطَانِهُمْ ضَحُّوا
عَلَى النَّيلِ مِنْ سيفِ الجَزِيَرةِ شَاعِرٌ ... يُحَيِّيكُمُ وَالدَّمْعُ فِي جَفْنِهِ سَفْحُ
وَمَجْنُونَةٍ بِالدُّمعِ تَنْضَحُ قَلْبَهُ ... أضَرَّ بِهَا دَمْعِي وَأتْلَفَهَا الفَّضْحُ
أُحِبُّ بَنِي (عَدْنَانَ) حُبَّ عِبَادَةٍ ... وَمَا حِيلَتِي إلا الشِّكَايَةُ وَالنُّصْحُ!
علي شرف الدين