الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 473/سجين الأغصان

مجلة الرسالة/العدد 473/سجين الأغصان

بتاريخ: 27 - 07 - 1942


للأديب حسين محمود البشبيشي

(كان لي حظ مشاهدة الغراب - السجين بين أغصان الكافورة

الشجراء، وكانت لي فرصة التأمل في مقال أستاذنا الكبير

الزيات: (غراب وطفل). . . فصغت هذه القصيدة نفحة من

سحر مقال صاحب (الرسالة)

(حسين)

غمرته أوهام الحياة وفرحة الوكر الجميلْ

فمضى يصفق طائراً للعش والدوح الضليل

في قلبه أمل الحياة شدا بأنغام البقاء

وبثغره نغم الطبيعة رنَّ في أفق السماء

وبروحه من بهجة الدنيا نشيدٌ ونغم

وجناحه الجبار يسخر بالرياح وبالألم

وبعينه يتدفق الإيمان بالأمل القريب

يبدو وراء الأفق بساماً ومن خلف الغيوب!

فغدا يصفق في الفضاء يهيم بين ظنونهِ

يا ليته قد كان يعلم ما وراء حنينه!

غمرته آمال اللقاء وفرحة الدوح الحبيب

فمضى يجاهد طائراً. . . يا لهفة الطير الغريب!

أشجته أصداء العهود ترنّ في أفق الفضاء

أصداء أنغام الربيع تعيد أيام الصفاء

أصداء تغريد البلابل في تلافيف الغصون

كثرت عليه الذكريات فجن من فرط الح قد حنّ للوكر الجميل وللأزاهر والطيور

للفجر أقبل حالماً ليذوب في ثغر الزهور

للنجم. . . للنجم الشريد تبددت ألوانه

للنيل فاض على الضفاف وصفقت شطئانهُ

للزورق الفنان يرقص على ترانيم الوداع

هزّته أوتار الرياح سرتْ يداعبها الشراع!

كثرت عليه الذكريات فجن من فرط الحنين. . .

. . . فإذا به بين الغصون تكاد تقتله الغصون!!

عجباً. . . أتأسرك الغصون وكنت سر جمالها؟

غرَّدت في جنباتها ورتعت بين ظلالها

علمتها لحن القلوب جرى بثغرك وانسجم

وسكبت في أزهارها خمر الهناءة والنغم

لهفي عليك. . . بأي عين تبصر الدوح الخئون

وبأي قلب في القلوب تُحس آلام السجين

ماذا جنيت؟. . . وما جنيتَ سوى المحبة والوفاء!

للوكر والدوح الظليل وللأزاهر والإخاء. . .!