مجلة الرسالة/العدد 470/البريدُ الأدبي
→ معركة (بلنهايم) | مجلة الرسالة - العدد 470 البريدُ الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 06 - 07 - 1942 |
محاولة قديمة جريئة في الفقه الإسلامي
كنت أعتقد إلى إطلاعي على هذه المحاولة أن عصرنا هو الذي يمتاز بهذه المحاولات الجريئة في الفقه الإسلامي، لأنه يمتاز على ما سبقه من العصور بما جد فيه من ظروف وأحوال انتهت بإبطال العمل بهذا الفقه في قسم المعاملات، فكان هذا سبباً في تلك المحاولات الجريئة التي يقصد منها تطويع هذا الفقه لمجاراة الظروف والأحوال، وإيثار العمل بروح الشريعة السمحة على الوقوف عندما تقضي به النصوص والألفاظ
ومن تلك المحاولات ما ذهب إليه بعضهم من أن الإسلام كغيره من الديانات لا يراد منه إلا تهذيب الروح، فلا يكون من صميمه إلا قسم العبادات؛ أما قسم المعاملات، فهو قسم دنيوي يقبل التغيير والتبديل، ولا يثبت على حال واحد كقسم (العبادات)
ومنها ما ذهب إليه بعضهم في مجلة (الرسالة) الغراء من تقسيم الإسلامي إلى دائم ومؤقت، وجعل قسم المعاملات من التشريع الثاني، لأنه صدر عن النبي ﷺ بشخصية الإمام المجتهد، لا بشخصية الرسول المبلغ عن الوحي، وهذه المحاولة هي المحاولة الأولى بعينها في ثوب جديد وتمتاز عليها بقوة الأساس الذي بنيت عليه، وأنه كان بحيث لم يسع بعض المنكرين لتلك المحاولات، إلا قبوله بدون قيد ولا شرط.
أما تلك المحاولة القديمة، فقد ذكرها أبو جعفر النحاس في كتابه - الناسخ والمنسوخ - وجعلها مذهباً لبعض المتأخرين في النسخ، وهو يعني بالمتأخرين من جاء بعد الصحابة والتابعين؛ فقد ذكر لهم مذاهب في النسخ منها ما ذهب إليه بعضهم من أن يكون في الأخبار والأمر والنهي؛ وقد قال في رده: وهذا القول عظيم جدًّا يؤول إلى الكفر، لأن قائلاً لو قال: قام ثم قال: لم يقم؛ ثم قال: نسخته لكان كاذباً
ومنها هذا القول الذي يتضمن تلك المحاولة، وهو أن الناسخ والمنسوخ إلى الإمام ينسخ ما شاء، ولا شك أن المحاولتين السابقتين إنما تقصدان إلى هذه الغاية، وترميان إلى إعطاء الإمام هذه الحق؛ وقد قال أبو جعفر في رد ذلك القول: وهذا القول أعظم، لأنه النسخ لم يكن إلى النبي ﷺ إلا بالوحي من الله؛ إما بقرآن مثله على رأي قوم، وإما بوحي من غير القرآن؛ فلما ارتفع هذان بموت النبي ﷺ ارتفع النسخ.
(أزهري)
غطاء الرأس والأزياء
أجابت لجنة الفتاوي الأزهرية على سؤال وجه إليها من جمعية المشروعات الخيرية الإسلامية ببيروت في صدد غطاء الرأس والأزياء، بأن (الدين الإسلامي لم يفرض على الناس زياً خاصاً، وأن رسول الله ﷺ قد لبس الملابس العربية التي كانت في وقته، والملابس غير العربية التي وصلت إليه، غير أن الإسلام استثنى من ذلك ما كان خاصاً بالطقوس الدينية أو كان مميزاً لطائفة من الطوائف غير الإسلامية، وإذ أن الطربوش والمعطف والسترة والبنطلون والبيجامة، ليست ملابس خاصة بطقوس دينية فإن لبسها للرجال جائز. أما البرنيطة فلم تعد زياً خاصاً لفريق من الناس، فيجوز لبسها في الأقطار التي تعد البرنيطة من الملابس الشائعة دون الأقطار التي تعدها من الملابس الخاصة بغير المسلمين)
أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً
يقول الدكتور زكي مبارك في إحدى كلماته: (قال الرسول عليه السلام: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. وقد أول قوم هذا الحديث فقالوا: إن نصر الأخ الظالم هو نهيه عن الظلم. وأقول إن الحديث الشريف يرمي إلى غاية لم يفطن لها أولئك المؤولون، وهو عندي دعوة إلى العصبية الأخوية، وهي الغاية في شرف الإخاء، وتلك العصبية توجب أن تكون في صفوف الإخوان ولو كانوا ظالمين، لأن الوداد الصحيح هو الاشتراك الوثيق في المحاسن والعيوب)
وهذا القول من شطحات الأديب الكبير، فإن النبي (ص) لما قال هذا الحديث سأله صحابته: قد علمنا أننا ننصر أخانا مظلوماً فكيف إذا كان ظالماً؟ فأجاب الرسول ما معناه: نصرته إذا كان ظالماً تردوه عن ظلمه. وهذا ما ذكر المحدِّثون عند رواية هذا الحديث؛ ولكن الدكتور عفا الله عنه أتى على صدر الكلام وتناسى عجزه.
وقال بعضهم إن هذه الكلمة قد أثرت عن العرب في الجاهلية ولكنهم قالوها على مذهب شاعرهم القائل: لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا!
والقرآن والسنة يا دكتور لا يقال فيهما: (وهو عندي. . .) خصوصاً إذا سدت الرواية والأسانيد السبيل أمام الظنون والآراء، ورضى الله عن أبي بكر الصديق إذ يقول: (أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله برأيي!)
(البجلات)
أحمد الشرباصي
ذكرى الشاعر عبد الحليم المصري
حفل مسرح الأزبكية في الأسبوع الماضي بجمهرة من الأدباء والشعراء ورجال القلم احتفلت بذكرى الشاعر الكبير المرحوم عبد الحليم المصري برياسة صاحب المعالي نجيب الهلالي باشا وزير المعارف. وقد تفضل حضرة الجلالة الملك فأوفد صاحب العزة محمود يونس بك التشريفاتي لحضور هذا الاحتفال. وقد تعاقب الخطباء على منصة الخطابة فألقوا كلمات وقصائد عددوا فيها ما كان لهذا الشاعر من آثار على دولة الشعر والأدب في مصر. ثم اختتمت الحفلة بكلمة ألقاها اليوزباشي عصام حلمي المصري عن أسرة الفقيد شكر فيها للمحتفلين شعورهم
وقد عاش المرحوم عبد الحليم المصري فيما بين سنة 1887 وسنة 1922 ومات في منتصف العقد الرابع من عمره، وقرض الشعر في سن الثالثة عشرة. وأخذ نجمه في الشعر والأدب يصعد وهو في سن السابعة عشرة. وقد أفرد لمنشئ مصر الحديثة المغفور له محمد علي الكبير ديواناً خاصاً. وقربه المليك الراحل وعينه أميناً للمكتبة الملكية، ومات في اليوم الثاني من شهر يوليو سنة 1922، وكان يجري في الشعر على مذهب حافظ
الفدائية
ذكر الدكتور محمد حسني ولاية في مقاله (الشخصية الهستيرية في الرسالة: ومن الطرق التي يلجأ إليها الهستيري في كفاحه لنيل تقدير الجماهير إنكار الذات (ظاهراً) والفدائية، واستعذاب العذاب في سبيل تحقيق المبادئ السامية
فهل للدكتور الفاضل أن يتفضل فيبين لنا المبادئ التي كانت تعمل من أجلها جماعة الفدائيين، وهل كانت هذه المبادئ من السمو بحيث يضحي الفدائي نفسه في سبيل كل غاية تفيد الإنسانية، أم أن الدكتور الفاضل أراد بذكرهم في مثاله مجرد التشبيه فقط، باسترخاصهم النفس في سبيل غاياتهم.
وأنى لرد الدكتور الفاضل لمنتظر، فقد تعددت الآراء، وتضاربت الروايات بشأن هذه الجماعات. وللدكتور الفاضل خالص الشكر ووافر الامتنان
مصطفى عبد المجيد جابر
حول ترتيب القرآن
لا شك في أن ترتيب السور في القرآن الكريم الذي بأيدينا قد بُني على قاعدة معقولة مما أرضت جميع المسلمين على اختلاف طبقاتهم. . . فما هي هذه القاعدة التي رُتبتْ السور القرآنية بموجبها؛ أروعي في ترتيبها كبر السورة أم سبق النزول، وكلا الأمرين - كما هو ظاهر لم يراع في ترتيبها
فيا حبذا لو التُفتَ لهذا الموضوع الجليل وأُعطي ما يستحقه من العناية على صفحات (الرسالة) أسوة بالمواضيع الخطيرة التي تتناولها
قضاء الهندية - العراق
عيدان رشيد الكاتب
المهرجان الأدبي الرابع
يعتزم نادي الخريجين بالخرطوم إقامة المهرجان الأدبي الرابع في عيد الفطر المبارك المقبل وقد شكلت لهذا الغرض لجنة خاصة وهي الآن في حركة دائمة ونشاط متواصل وبدأت عملها بتوجيه الدعوة بالصحف السيارة لحملة الأقلام وقادة الفكر ليتأهبوا لهذا الحدث الأدبي الهام، وشفعت نداءها ببرنامج شامل للموضوعات التي ينبغي أن تلقى في تلك السوق الأدبية الحافلة
واللجنة وطيدة الأمل أن يساهم الأدباء المصريون الأعلام وغيرهم من أدباء الأقطار العربية الشقيقة في هذا العيد الأدبي بإرسال ما تجود به قرائحهم الوقادة برسم (سكرتير المهرجان الأدبي الخريجين بالخرطوم)
وفق الله الجميع لإعلاء كلمة الأدب والنهوض بلغة الضاد
حيدر موسى
من هيئة السكرتارية
كتاب (ديكارت) للأستاذ عثمان أمين
هذا الكتاب كسب للمكتبة العربية، ومذهب جديد في دقة البحث وحسن العرض. وما ظنك ببحث يعرض لك نوع الحياة التي عبرها لتقف على بواعث فكره الأصلية، ويبين لك كيف تفتحت هذه البواعث عن أفكار كملت واستقامت؛ ويريك كيف اقترع ديكارت منهجه الجديد ومذهبه الفلسفي، كل أولئك مع حيوية دافقة في بيان مواضع الخلاف بين ديكارت ومن سبقه من الفلاسفة، وإبداع في مناقشته تأويلات الفلاسفة لمذاهب ديكارت وأخلاقه. . . في أسلوب جلي واضح يقرب أغراضه من الفهم ولا ينبو عن الغرض. إن كتاباً يكون هذا منهجه ويكون موضوعه فلسفة ديكارت لهو كتاب حقيق أن يوفى حقه وواجب أن يحسن استقباله
وبعد فما نخالف المؤلف الفاضل إلا في ناحية واحدة لا تذهب بجلال البحث وهي قوله بأن تخلف ديكارت عن نصرة (غاليلي) لم يكن عن خوف وإنما كان عن رغبة في الهدوء!
ونحن نقول إنه كان عن خوف عارم، فقد كان الرجل شديد الحرص على أفكاره قوي الدفاع عنها. وإن مناقشاته الكثيرة مع ناقديه لتنهض دليلاً على ذلك، فهو كان يخشى أن تعارضه الكنيسة، فلا يستطيع أن يصاولها فتسكت! والسكوت عند من يتوهج غيرة على أفكاره أمر شديد وجيع. . . وإذن فقد آثر ديكارت السكوت عن نصرة (غاليلي) خوفاً على فلسفته ورهبة من الكنيسة
ولو كان ديكارت كشف عن رأيه في موقف الكنيسة من غاليلي لضاعت تلك الفلسفة التي وضعت للنفس روحية ثابتة، وقررت بفيزيقيتها (اليقين العلمي) و (الوجود الكوني)
حسين محمود البشبيشي
لحم اصطناعي حلت بنا أزمة اللحوم ومحنة حظر اللحوم فماذا أوحت إلينا؟ لقد أشعرتنا بالحاجة إلى بديل للحوم يشبهها من جميع الوجوه ويغني عنها: أي لحم اصطناعي. وسيزداد شعور العالم في المستقبل بهذه الحاجة لا بسبب الحروب بل بسبب تطور المدنية. نعم سوف ترهف مشاعر الإنسان فيشعر باحتجاج صامت من الحيوان الأعجم على سفك دمائه، وستنمو غريزة الشفقة وتطغى على البشر فلا يعودون يرون أن ذبح الحيوان يختلف عن ذبح الإنسان. ستسود المحبة والتآخي بين الإنسان والحيوان وتنسى الطيور غريزة الخوف من الإنسان فتراها لا تطير مدبرة إذا أقبل عليها بل تستقبله هاشة باشة مغردة بالتحية. وستتضح للناس أضرار صحية وخلقية لأكل لحم الحيوان، وغن من أكل لحم الحيوان قد تسربت إلى الإنسان ميول حيوانية وتفكير حيواني. وسينتصر العلم في إنقاذ الموقف باختراع لحم اصطناعي أشهى وأفضل من لحم الحيوان. وليس في هذا القول بدعة، فقد سار العالم فيه شوطاً ليس بالقصير، وانتشرت المطاعم النباتية في عواصم أوربا وتأسست فيها جمعيات لمكافحة أكل الحيوان، وصارت المصانع تخرج كل يوم أنواعاً جديدة من مستحضرات غير حيوانية تستعمل بدل اللحوم في شكل خلاصات لها طعم اللحوم أو دجاج أو السمك. حتى محار البحر أمكن تقليده. وعمد البعض إلى تقليد ألياف اللحوم لتقطع بالسكين على المائدة كأن عملية القطع بالسكين في حد ذاتها لذة
وأُسجل مع الأسف أن مطاعم القاهرة لم تظهر تفنناً كافياً في مقابلة نظام حظر اللحوم، ولم تبتكر أي طعام جديد خلاف الأطعمة العتيقة المشهورة. وذلك على رغم توفر الخضر والفواكه واللبن والبيض في بلادنا. حقاً لقد تجلت حاجتنا إلى إنشاء معهد للأغذية
دكتور علي عبد السلام