مجلة الرسالة/العدد 469/البريد الأدبي
→ يا سواقي. . . | مجلة الرسالة - العدد 469 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 29 - 06 - 1942 |
الصفاء بين الأدباء
صديقي (الحكيم)
لو لم يكن النسيان عرَضاً ملازماً لك يا صاحب (أهل الكهف) لذكرت
أن أسمي (الزيات) لا زكي مبارك؛ وأنك لسانٌ لحرية الفكر، لا عينٌ
في رقابة النشر؛ وأنك رسول الله إلى الأدباء، لا سفيرُ الشيطان بين
الأصدقاء. ولو أنك ذكرتَ واحدة من أولئك لما كان منك ذلك الكتاب،
ولا كان مني هذا الجواب
تستطيع أن تقول إنك حين كتبت ذكرتني وأردتني، لأن الناشر شريك الكاتب؛ وتستطيع كذلك أن تقول إنك تقدس حرية الفكر لو كان ما نُشر عنك في الرسالة قد انتفع به الفكر؛ ولكنك لا تستطيع أن تنكر أنك كفرت بنفسك وكذبت برسالتك؛ لأن الرسول الصادق لا ينذر بالكدر وهو يبشر بالصفو، ولا يبادر إلى القطيعة وهو يدعو إلى الصلة، ولا ينفض يده من الدعوة لأنه سمع بعض الإنكار ولقي بعض العَنت!
لم يكفر برسالتك إلى الأدباء غير (العقاد)، ولا شك في إخلاصك للأدب غير (المبارك)، فما بالك يا توفيق تئن قبل التعذيب، وتًلقى بيديك ورجليك إلى الصليب، وتفضح بهذا الجزع نبوة الأديب، وتقطع آياتك وبركاتك عن المؤمنين والكافرين على السواء؟!
تقول (إنني حِدت قليلاً عن رسالتي في (الرسالة)؛ (وقليلاً) هنا معناها زكي مبارك. وزكي مبارك يا توفيق لون من ألوان الأدب المعاصر لابد منه ولا حيلة فيه. هو الملاكم الأدبي في ثقافتنا الحديثة. والرياضة كما تعلم ضرورة من ضرورات الحياة لسلامة الجسم والعقل. أما عنفه وشِماسه فهما الصبغ المميز للونه. فلو شئت أن تجرد هذا الملاكم المبارك من عنف الهجوم وخشونة المِراس لما بقي منه غير توفيق الحكيم وأسلوب الحكيم و (حمار الحكيم)
على أنه هو نفسه أول الشاهدين على أن صفارتي قد بُحَّت من طول ما أهابت به وهو في قفازه السنتريسي يهدر في المجال بين الحبال مغضياً بعض الإغضاء عن قواعد الملاكمة وزكي مبارك بعد ذلك سليم الصدر، صريح القلب، رياضي الروح، لا يتحرج أن يطلب إلى (صديقه) في مقال هذا العدد أن ينصره ظالماً أو مظلوماً في حدود تفسيره الخاص!
ثم تقول: (إن الأدباء في مصر - مع الأسف - لا يحسبون حساباً لغير الكاتب الذي يبرز مخالبه، ويكشر عن أنيابه، ويتهيأ دائماً للوثوب)؛ فهل مصداق ذلك يا توفيق أنك أدرتَ ظهرك لخصمك وحملت عليّ؟ ولكنني يا صديقي أهشَ لإقبالك عليَّ ولو بالهجوم. إن كَشْرتك في نظري بسمة؛ وإن زأرتك في سمعي نغمة؛ وإن عقدتك معي أيسر حلاًّ من الأنشوطة!
أما قطعك الأسباب بينك وبين الرسالة والأدباء، فأمره يهون ما دمت تخرج كتبك إلى قرائك الأوفياء
وإذا جاز لي أن أوجهك مرة أخرى فإني أنصح لك يا توفيق أن تؤمن برسالتك كما آمن ذوو الفضل من الكتَاب، وأن تصبر على أذاها كما صبر أولو العزم من الرسل.
والسلام عليك من صديقك المخلص.
أحمد حسن الزيات
أحزان توفيق الحكيم
لم يبق ريب في أن صديقنا الأستاذ توفيق الحكيم حزين، وإلا فكيف جاز له أن يقول إنه لن يكتب في (الرسالة) بعد اليوم، مع أنّ الرسالة صديق لجميع أرباب الأقلام، ولا يرضيها أن ينقطع ما بينها وبين أصدقاءها القدماء من صلات؟
الرسالة لا تترك أصدقاءها أبداً، ولن يتركوها، لأن الصلة بين الرسالة وأصدقائها صلة روحية لا تقطعها ثورة لحظة أو لحظين بعد قراءة كلمة نابية أو قاسية. والأدب كالحياة فيه كدر وصفاء. وسيشتاق الأستاذ الحكيم إلى (الرسالة) كما يشتاق الأليف إلى الأليف
ولكن ما الذي أغضبَ هذا الصديق حتى استباح ذلك الوعيد؟
كنت أنتظر أن يتلطف فيشكرني، بعد قراءة الكلمة التي وجهتها إليه، لأني أردت بها إعزاز الذاتية الأدبية، فما يرضيني ولا يرضيه أن تكون في الدنيا منزلة أشرف من منزلة رجال البيان، وإن قضت المقادير بأن يظل القلم مضطهداً في جميع العهود والأستاذ توفيق الحكيم هو الذي أعلن الندم على الانتظام في سِلك الحياة الأدبية، وكان في مقدوره أن ينخرط في سِلك الحياة القضائية، فهل يغضبه أن نعترض عليه فنقول: إن رجال الأدب يؤدون لأوطانهم خدمات تفوق ما يؤديه رجال القضاء، وإن القاضي لا يستطيع القول بأنه أعظم من الأديب؟
إن الأدب جعل من توفيق الحكيم شخصية يتكلم عنها الزيات والمازني والعقاد، فهل كان يظفر بمثل هذا الحظ لو أصبح من رجال القضاء؟
وقد عِبتُ عليه أن يبديء ويعيد في الكلام عن نفوذ طه حسين، وكانت حجتي أن الأديب يقتل نفسه بيديه حين يفرح بالمناصب الرسمية، لأن المنصب الحق للأديب هو الفناء في خدمة المعاني الروحية والعقلية. فماذا يملك الدكتور طه لنفسه حتى نرجوه أو نخشاه، إلا أن نكون في إيمان الرجل الذي وضع في سيرة الرسول (رواية تمثيلية)، وهو رجل يعرفه هذا الصديق الغضبان؟!
وعِبتُ على الأستاذ توفيق الحكيم أن يعلن أن العائلات صدفتْ عن عرض بناتها عليه بعد أن صار من الأدباء، فهل سمع الناس في الشرق أو في الغرب أن الأديب الفحل يُعجزه أن يقترن بمن يشاء من كرائم الملاح؟
على رِسْلك، أيها الأديب الحزين، فنحن أول طبقة تثق بها الأمة المصرية، وسنظل برعاية الله وسلطان الأدب في أعظم مكان.
زكي مبارك
لوبيا والبلاد العربية
فكرة صائبة ورأي سديد هذا الذي انتهى بتفكير الأستاذ الزيات بإصدار أعداد خاصة من مجلة الرسالة الغراء بالأقطار العربية تنويهاً بفضلها وتعريفاً بأهلها. وليست هذه الفكرة بجديدة على أستاذنا الكبير فقد سبق أن تنبهت إليها الرسالة في سنتها السابعة ولكن شاءت الظروف أن يمهل تنفيذها إلى أن بعثت من جديد؛ وقد وجدت ترحيباً من قراء العربية. وإنا ندعو الله أن يوفق الرسالة في خدمة البلاد العربية وبإصدارها لهذه الأعداد.
على أن الذي لفت نظرنا نحن معشر اللوبيين بهذه البلاد المناسبة هو ما كتبه الأستاذ الدكتور زكي مبارك سواء في ذلك عدد الرسالة 315 أو 463 فقد قال في العدد الأول مخاطباً الأستاذ الزيات: (ما رأيك إذا اقترحت عليك أن تصدر الرسالة أعداداً خاصة عن الحواضر المشهودة في البلاد العربية مثل تونس والجزائر ومراكش واليمن والحجاز. . .)، وقال في العدد الآخر مشجعاً الأستاذ الزيات على تنفيذ فكرته هذه (الخطب أسهل مما نتوهم ولكن. . . ولكن على شرط أن يهاجر الزيات من المنصورة إلى القاهرة ليستوحي من فيها من العارفين بخصائص الحياة الأدبية والاجتماعية في تونس والجزائر ومراكش واليمن والحجاز وسورية وفلسطين. . .)
فالأستاذ الدكتور قد ذكر بلاد أفريقية الشمالية قطراً قطراً وتناسي جيرانه الليبيين وبلادهم فأخرجهم بذلك من زمرة البلاد العربية، واستكثر عليهم أن تعنى مجلة الرسالة ببعض أخبارهم وسواء قصد هذا الأستاذ الدكتور أم لم يقصد فإنا لا نستطيع تفسير إغفاله لبلادنا في هاتين العبارتين اللتين كتبتا في وقتين متباعدين إلا بهذا المعنى.
ومما يؤسف له أن كثيراً من قادة الرأي والفكر في البلاد العربية عامة، وفي مصر خاصة، قد شاركوا الأستاذ الدكتور في فكرته هذه فكثيراً ما كتبوا عن الحلف العربي والوحدة العربية، وتجاهلوا لوبيا قصداً أو عفواً مما كان له أثره السيئ في نفوسنا
هذه كلمة صغيرة أردت بها دفع مظلمة عن وطني العزيز، طالما جرحت نفوسنا، خصوصاً وأنها قد بدرت من رجال لهم في قلوبنا كل احترام وتبجيل، وموعدنا إن شاء الله العدد الخاص فسيكون خير حكم على عربية لوبيا وأهلها.
مصطفى بعيو الطرابلسي
كلية الآداب - القاهرة
ألف مصطلح طبي يقررها المجمع اللغوي
أعلن المجمع اللغوي انفضاض دورته هذا العام، وقد بلغت جلساته التي عقدت خلال هذه الدورة ست عشرة جلسة، أما اللجان الفرعية التي تمهد عمل المجلس فقد بلغت عدتها خمسين جلسة أو أكثر. والمصطلحات التي عنى المجلس بدرسها في هذا العام هي مصطلحات الطب في علم الرمد والباثولوجية وغيرهما.
ويبلغ عدد المصطلحات التي أقرها نحو ألف مصطلح، وستوضع لها تعريفات علمية لغوية تشرح معناها وتبين الصلة بين وضعها اللغوي ومدلولها العلمي
والمنتظر أن يتخذ المجمع ما يرى من الوسائل لنشر هذه المصطلحات في أنحاء البلاد العربية لاستخدامها في محيط الطب العربي.
1 - السناد في الشعر
أخطأ الأستاذ محمود حسن إسماعيل في صوغ قوافي قصيدته (نشيد الأغلال) المنشورة بالعدد 466 من (الرسالة)؛ فهو قد أردف في بعضها بحرف الياء قوله: سريرتي، البعيدة، الخميلة، جديدة. الخ، وأسس في بعضها الآخر، بجلْبه ألف التأسيس في مثل قوله: حشاشتي، الثمالة، تهادت، الرسالة الخ. . . في حين اكتفى بحرف الرويّ (وهو التاء) في سائر أبياتها مثل: وجهة، رجعة، وسجدتي، فملَّت. . .
ومثل هذا الخلط بين أحرف القافية يسمى (سناداً)؛ وهو من أبرز عيوب الشعر، فما كنا نحب للأستاذ أن يقع فيه. . .
2 - أبيات لولي الدين
كنت رددت على أديب فاضل أورد في الرسالة شعراً لولي الدين يكن وقال إنه لم يسبق نشره؛ فبينت أن هذا الشعر مطبوع بديوان الشاعر الذي صدر عام 1924م. ولكني عثرت - من جهتي - على ثلاثة أبيات لم ترد في هذا الديوان حقاً؛ فأحببت إثباتها لتلافي ذلك إن أمكن في الطبعات التالية. والأبيات واردة في العدد الصادر بتاريخ 15 يناير سنة 1909م من (مجلة سركيس) الأدبية، التي كان يصدرها المرحوم سليم سركيس. وها هي بنصها مع عنوانها:
لولي الدين بك يكن تحية للأحرار مرتجلاً:
سلامٌ على أبطال قومٍ تجمَّعوا ... ورائدهم حقٌّ وناطقهمْ فَخْرُ
أقاموا على ضَيْمٍ ثلاثين حِجَّةً ... ولكن سيحييهم - برغم العدا - النصر
يقولون: هذا الدَّهرُ رَبُّ تقلُّبٍ ... نعم صدقوا، قد قُلِّب التاج والصرُ!
(جرجا) محمود عزت عرفة