مجلة الرسالة/العدد 46/بديع الزمان الهمذاني
→ أيها الشرق. .! | مجلة الرسالة - العدد 46 بديع الزمان الهمذاني [[مؤلف:|]] |
هانيبال يرثي أخاه ← |
بتاريخ: 21 - 05 - 1934 |
7 - بديع الزمان الهمذاني
للدكتور عبد الوهاب عزام
(تتمة)
يقول الحصري: إن البديع حاكى ابن دريد. وهي رواية جديرة بالاهتمام. ولست أعرف أين أحاديث ابن دريد إلا أن تكون بعض روايات القالى عن ابن دريد في الأمالي تتضمن هذه الأحاديث أو أشباهها. ومن ذلك ما رواه القالى عن ابن دريد من سؤال إعرابي في المسجد: (قال أبو علي وحدثنا أبو بكر رحمه الله، قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس، قال وقف إعرابي في المسجد الجامع في البصرة فقال: قل النيل، ونقص الكيل، وعجفت الخيل، والله ما أصبحنا ننفخ في وضح، ومالنا في الديوان من وشمة. وأنا لعيال جربة. فهل من معين - أعانه الله - يعين ابن سبيل، ونضو طريق، وفل سنة؟ فلا قليل من الأجر، ولا غنى عن الله، ولا عمل بعد الموت).
وأقرب من هذا إلى المقامات حديث المرأة التي سكنت البادية قريباً من قبور أهلها، وهو مروي عن ابن دريد أيضاً، ووصية رجل أعمى من الأزد لشاب يقوده ويؤيد هذا ما رواه بن خلكان عن المرزباني عن ابن دريد
(وقال المرزباني: وقال لي ابن دريد سقطت من منزلي بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلتي. فلما كان آخر الليل غمضت عيني فرأيت رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا دخل عليّ وأخذ بعضادتي الباب، وقال أنشدني أحسن ما قلت في الخمر. قلت ما ترك أبو نواس لأحد شيئاً فقال أنا أشعر منه. فقلت ومن أنت؟ فقال أنا أبو ناجية من أهل الشام وأنشدني:
وحمراء قبل المزج، صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نرجس وشقائق
حكت وجنة المعشوق صرفا فسلطوا ... عليه مزاجا فاكتست لون عاشق
فقلت أسأت، فقال ولم؟ قلت لأنك قلت وحمراء، فقدمت الحمرة ثم قلت بين ثوبي نرجس وشقائق فقدمت الصفرة، فهلا قدمتها على الأخرى؟ فقال ما هذا الاستقصار في هذا الوقت يا بغيض؟
وجاء في رواية أخرى أن الشيخ أبا علي الفارسي النحوي قال أنشدني ابن دريد هذين البيتين لنفسه، وقال جاءني إبليس في المنام وقال أغرت على أبى نواس، فقلت نعم، فق أجدت إلا أنك أسأت في شيء ثم ذكر بقية الكلام اهـ
فهذه الرواية عن ابن دريد تذكرنا بالمقامة الإبليسية والمقامة الناجية من مقامات البديع.
وكذلك وصف الفرس في المقامة الحمدانية يشبه وصف الفرس في الأمالي. ويمكن إذا أريد، ذكر كل ما يخطر بالبال، أن يقال إن ابن دريد أزدى وعيسى بن هشام كأنه ينتسب إلى الازد في المقامة الفزارية.
وفي كتب الأدب كثير من القصص الصغيرة المصوغة في أسجاع مختارة وكلمات منتقاة. ولكن مهما يقل فبديع الزمان فيما نعرف، مخترع هذه القصص الخيالية التي عرفت في الأدب العربي باسم المقامات، وأما روايات اللغويين فقد رويت على أنها حقائق، وأريد بها رواية اللغة قبل أي شيء آخر، وحديث الراوي فيها مرسل لا صناعة فيه، ولا يقصد في الرواية على حين يستوي في المقامة أو يتقارب من حيث البلاغة والفصاحة حديث عيسى بن هشام وكلام أبي الفتح الإسكندري.
وأما تسمية هذه القصص بالمقامات فلأن أبا الفتح يقوم فيها واعظا أو مستجديا أو محتالا وهلم جرا. وفي القرآن الكريم:
(عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا). وفي شعر لبيد:
ومقام ضيق فرجته ... بلسان وبيان وجدل
وقد استعملت كلمة (مقامة) في معنى مقام. وفي رسائل الخوارزمي (ولكل مقامة مقالة). وفي شرح الشريشي لمقامات الحريري (والمقامات المجالس واحدتها مقامة. والحديث يُجتمع له ويجلس لاستماعه يسمى مقامة ومجلساً، لأن المستمعين للمحدث ما بين قائم وجالس، ولأن المحدث يقوم ببعضه تارة ويجلس ببعضه أخرى قال الأعلم: المقامة المجلس يقوم فيه الخطيب يحض على فعل الخير.)
والهمذاني نفسه يبين ذلك بقوله في المقامة الوعظية (قال عيسى ابن هشام فقلت لبعض الحاضرين من هذا؟ قال شخص قد طرأ لا أعرفه. فاصبر عليه إلى آخر مقامته، لعله ينبئ عن علامته)
يقول الثعالبي إن بديع الزمان أملى المقامات في نيسابور، ويظهر أنه أملى معظمها هناك، وأنه أملى بعد مقامات أخرى كالمقامات الست التي مدح بها خلف بن أحمد أمير سجستان.
والحصري يدلنا على تاريخ المقامة الحمدانية يقول إن البديع أملاها في شهور سنة خمس وثمانين وثلاثمائة: وأظنه أملى معظم المقامات قبل هذا
هل ارتجل المقامات؟
يروي الشريشي عن بعض أشياخه أن البديع ارتجل المقامات، وأنه كان يقول لأصحابه اقترحوا غرضاً نبني عليه مقامة فيقترحون ما شاءوا فيملي عليهم المقامة ارتجالا. ولا أحسب هذا حقاً، فبديع الزمان نفسه لم يدع هذا، وقد فخر بالمقامات على الخوارزمي وتحداه أن يأتي بمثلها، ولم يتحد بذكر الارتجال، بل قال انه أملاها والإملاء لا يقتضي ارتجالا.
موضوع المقامات
أراد البديع بمقاماته أن يدل على تمكنه في اللغة ومكانته من البلاغة، وقدرته على تصريف القول في فنون شتى. هذا غرضه الأول، وقد سلك إلى هذا الغرض موضوعات كثيرة
وليست الكدية موضوع المقامات كلها، بل كثير منها لا كدية فيه، وفي كثير منها لا يقف أو الفتح موقف المستجدي إلا في آخر المقامة وبعضها ليس فيه إلا الاستجداء كالمقامة الساسانية والمجاعية والبخارية والمكفوفية.
ومن أغراض المقامات الوعظ كالمقامة الوعظية والأهوازية، وفي بعضها الألغاز كالمغزلية والإبليسية. وبعضها أنشئ للمدح وهي المقامات الست التي مدح فيها خلف بن أحمد: الناجية والخلفية والنيسابورية، والملوكية، والسارية، والتميمية. وبعضها يتضمن الحجاج في المذاهب كالمقامة المارستانية، وبعضها للكلام عن الشعراء ونقد الشعر، كالمقامة القريضية والشعرية والعراقية والابليسية، وبعضها يتضمن حوادث زمانه وأخلاق معاصريه وأحوالهم، كالمقامة الأسدية والخمرية التي نرى فيها أبا الفتح إماماً في مسجد يشم رائحة الخمر من عيسى بن هشام وأصحابه فيزجرهم ويشتمهم، ثم نراه بعد في حانة يلقاه فيها هؤلاء، وكالمقامة الرصافية التي ذكر فيها أصناف اللصوص وحيلهم. وهي تشبه القصيدة الساسانية لأبي دلف الخزرجي، معاصر بديع الزمان.
وهو في هذا الضرب من المقامات كالمقامة المغيرية، والحلوانية، يبين عن علم واسع بأحوال زمانه، ويذكرنا بالجاحظ، والمقامات البشرية والصيمرية أقرب إلى روايات الأدباء، وهو حسن الفكاهة جداً في المقامة المغيرية التي وصف فيها أبو الفتح ضيفه الثرثار، والحلوانية التي يصف فيها اختلاف رجلين في الحمام على أجرة عيسى ابن هشام والحلاق المجنون، والأصفهانية التي وصف فيها الإمام الذي يطيل الصلاة.
وانظر قول عيسى بن هشام فيما أصابه في الحمام: (فأخذنا إلى الحمام السمت، وأتيناه فلم نر قوامه، ولكني دخلته) الخ المقامة الحلوانية
والقصص في المقامات لا تفصيل فيه ولا اتقان، وإنما هو وسيلة إلى مواقف الإسكندري أو عيسى بن هشام، ويحس القارئ بعيب في بعض هذه القصص على قصرها: ففي المقامة الأصفهانية يحدثنا عيسى ابن هشام أنه كان على أهبة السفر فسمع النداء للصلاة، وخاف أن تفوته القافلة، ولكنه آثر أن يصلي فابتلى بإمام مطيل ممل، ثم قام رجل فقال من كان منكم يحب الصحابة والجماعة، فليعرني سمعه ساعة، فلم يستطع عيسى الخروج، ثم قال الرجل قد جئتكم ببشارة من نبيكم لكن لا أؤديها حتى يطهر الله هذا المسجد من كل نذل يجحد نبوءته، قال عيسى فربطني بالقيود، وشدني بالحبال السود. ويدعى الرجل أن معه دعاء علمه إياه النبي في المنام، وأنه كتبه في رقاع فتسابق الناس إلى الرقاع، وانثالت على الرجل الدراهم. وعرف عيسى بعد خروجه أنه أبو الفتح، ولا يخبرنا ما الذي فعل في أمر السفر الذي بدأ المقامة بحديثه. وفي المقامة الفزارية يقول انه لقي الإسكندري في ليلة يضل فيها الغطاط، ولا يبصر فيها الوطواط. ثم يقول آخر المقامة، فحدر لثامة عن وجهه، فإذا هو والله شيخنا أبو الفتح الإسكندري، فكيف عرفه في الظلام؟ وفي المقامة الغيلانية يحدث عيسى بن هشام عن عصمة بن بدر الفزاري أنه لقي ذا الرمة والفرزدق، ولا يقول إنه لقيهما في منام أو لقي شيطانيهما فكيف رأى هذين الشاعرين رجل معاصر لعيسى بن هشام الذي يحدث بديع الزمان.
وأما عيسى بن هشام وأبو الفتح الإسكندري فيقول عنهما الحريري في مقدمة مقاماته: (وكلاهما مجهول لا يعرف، ونكرة لا تتعرف.) وكأنه يريد أن يقول انهما ليسا كأبي زيد السروجي، عيسى بن هشام لا ينتسب إلى بلد، وفي بعض المقامات كلام يمكن أن يؤخذ منه أنه ينتسب إلى الازد، وابو الفتح انتسب في المقامة العراقية إلى عيسى، وهو منسوب إلى الإسكندرية من الثغور الأموية وهي نسبة غريبة. ماذا يريد بالثغور الأموية؟. يرى شارحو المقامات أنها ثغور الأندلس، وكانت بها إذ ذاك دولة بني أمية. وهذا غريب كذلك فما عرف في كتب التاريخ أو تقويم البلدان اسم الثغور الأموية، ولا الظن بالبديع أنه ينسب صاحبه إلى الأندلس ويسميها الثغور الأموية، وهو رجل يكره الأمويين كما يؤخذ من شعره. أرى في المسألة وجهاً آخر لا أجزم به، ولكني أرجحه. ذلك أن تقرأ (الثغور الأموية). نسبة إلى مدينة آمو أو أموية وهي مدينة آمل الشط على نهر جيحون أو نسبة إلى جيحون وهو يسمى أمودريا أي نهر أمو. ويقول ياقوت في معجم البلدان. وهو يعدد المدن التي سميت الإسكندرية: (ومنها الإسكندرية التي على شاطئ النهر الأعظم.) هذا إلا أن يكون البديع نسب صاحبه الذي لا يستقر في مكان نسبة لا يعرفها أحد.
وبعض المقامات لا يسمى فيها أبو الفتح، وان عرف بصفاته كالأهوازية والبصرية، وبعضها يخلو من أبي الفتح اسماً وفعلاً كالمقامة البغدادية والنهدية. وأحياناً يأتي أبو الفتح في آخر المقامة بعد مضي معظم حوادثها كالمقامة الأسدية التي تصف لقاء عيسى بن هشام وأصحابه الأسد، ثم قاطع طريق، ثم لقاء أبى الفتح بعد ورودهم حمص.
أسلوب البديع في نثره
البديع يلتزم السجع إلا قليلاً. وهو في الرسائل اسجع منه في المقامات، وجملة قصيرة وسجعه متقارب. وذلك أحسبه نتاج الطبع الذكي الحساس، الذي يود أن يسمع الأنغام متتابعة رنانة. وذلك ما جعله يؤثر في كثير من شعره الأوزان المجزوءة. وهو في الرسائل يترك السجع أحياناً إلى المزاوجة أو الإرسال كقوله في رسالته إلى أبي الطيب عن الأمير خلف بن أحمد: (فلما ايفع وارتفع، طالبته الهمة العلياء برفض الدنيا حتى يؤدي فرض الله في الحج، فقام عن سرير الملك، إلى سبيل النسك، فحج البيت، ودرس العلم حتى علم ناسخ الكتاب ومنسوخه، ومباحه ومحظوره الخ) وكذلك في المقامات يترك السجع أحياناً ولا سيما في رواية عيسى بن هشام
وقد يأتي بثلاث سجعات متواليات أو أربع، بل يتابع في الرسائل عشر سجعات أحياناً كقوله: (ونادمته والمنادمة رضاع ثان، وطاعمته والمواكلة نسب دان، سافرت معه والسفر والأخوة رضيعاً لبان، وقمت بين يديه والقيام والصلاة شريكا عنان، وأثنيت عليه، والثناء من الله تعالى بكل لسان، وأخلصت له والإخلاص محمود من كل إنسان. ثم أربع سجعات أخرى على هذا الروي
وقد يجعل السجع مركبا على رويين في أربع فواصل أو ست كقوله في رسالة خلف بن أحمد: (وكأن هذا العالم قد أحسن عملا فجعل هذا الملك ثوابه. وكأن هذا الملك قد أساء مثلاً، فجعل هذا العالم عقابه)
وقوله: فكان ما أضعناه، كإنا زرعناه فأنبت سبع سنابل، وكان ما فقدناه، كإنا أقرضناه هذا الملك العادل
وقد يسجع في أثناء الجملة قبل تمام المعنى كقوله (حقاً أقول أن التمرة، بالبصرة، اقل خطراً من البذرة، بهذه الحضرة، وإني أيد الله القاضي على قرب العهد، بالمهد، قطعت عرض الأرض، وعاشرت أجناس الناس)
ومما يكثر في نثر البديع تحليته بالشعر، وقد قال الثعالبي في ذلك: (ويوشح القصيدة الفريدة من قوله، بالرسالة الشريفة من إنشائه، فيقرأ من النظم والنثر، ويروي من النثر والنظم. وهو لا يكتفي بتفصيل نثره بأبيات من الشعر، بل يصل النثر بالشعر حتى يتوقف معنى كل منهما على الثاني، كرسالته إلى الخوارزمي التي ذكرناها فيما تقدم، وكقوله في مدح أبي جعفر الميكالي:
ولو نظمت الثريا ... والشعر بين قريضا
وكامل الأرض ضربا ... وشعب رضوي عروضا
وصغت للدر ضدا ... أو للهواء نقيضا
بل لو جلوت عليه ... سود النوائب بيضا
أو ادعيت الثريا ... لأخمصيه حضيضا
والبحر عبد لهاه ... عند العطاء مغيضا
لما كنت إلا في ذمة القصور، وجانب التقصير.)
ومن أحسن افتنانه في ذلك المقامة الوعظية التي لاءم فيها بين المنثور والمنظوم أحسن ملاءمة.
ويجد قارئ الرسالة والمقامات قطعاً من تحداها في الأخرى فمقامة الوصية التي يوصى فيها تاجر ابنه معظمها في إحدى رسائله وبعض المقامة النيسابورية ومعظم العلمية، في رسالة إلى أبي القامس الكرجي التي وصف فيها بعض القضاة. وبعض المقامة الملوكية التي مدح بها خلف بن أحمد في رسالة يمدح فيها الملك نفسه.
وكذلك نجد في الديوان والرسائل والمقامات وصف وقائع واحدة، كلقاء الأسد في الديوان والمقامة الاسدية، وقطع الأعراب طريقه في هذه المقامة والرسائل. وذلك يثبت أن المقامات تمثل كثيراً من حوادث زمانه.
نشأ البديع في عصر بلغ فيه الأدب العربي أوجه، وازدهر فيه الأدب الفارسي، وقد عرفنا أنه ترجم كثيراً من الأبيات الفارسية في ديوانه. فهل ظهر أثر الفارسية في معانيه وألفاظه؟ أثر قليل.
فمن المعاني الشائعة في الأدب الفارسي قوله (أو لم يكفنا الجرح حتى ذر عليه الملح) وقوله (أنا العبد قرطك في أذنه مطيعاً وطوقك في عنقه) فهي عبارة فارسية شاعت حتى كنى عن العبودية بالحلقة في الأذن. وقوله: (هيفاء لا تسع العيون جمالا) فتسع هنا تشبه كنجد بالفارسية
ومن الألفاظ الفارسية أو العربية المستعملة على الأسلوب الفارسي قوله في مدح السلطان محمود:
إذا ما ركب الفيل ... لحرب أو لميدان
رأت عيناك سلطانا ... على كاهل شيطان
ففي هذا إشارة إلى قصة طهمورث والشيطان.
وقوله:
عند فديتك جدي ... شويته بمضيره
فان أتيت فخير ... وأن أبيت فخيره
فالخيرة فارسية معناها الحيرة أو اللغو. ولذلك قال الصديق الذي أرسل إليه هذان البيتان: لا نبيع الخير بالخيرة وأجاب الدعوة. وقوله:
يا بن النبي كفاني ... من الثناء وبسي
بسي بمعنى حسبي، وهي كلمة بس المستعملة في العامية المصرية.
وقوله في الديوان:
فان مددت يدي يوما فلا رجعت ... حتى يعود على شسته النوق
والشست سية القوس، والنوق تعريب نوك أي السهم.
وقوله:
والدهر لونان في تصرفه ... يضرب بالبيدق الغرازينا
وفي الرسائل الباغ بمعنى البستان، وكتخداي الخلق، وزرق بمعنى نفاق، وقلب بمعنى زائف، والسياسة في معنى العقوبة، وقوله (فان كان قد عرض في البين عارض العين.) فاستعمال البين هذا الاستعمال ترجمة كلمة (درميان). وحصار بمعنى قلعة وغير ذلك.
هذا ما وسعه المقام في الإبانة عن سيرة الهمذاني وأدبه. ولا بد من ترتيب الرسائل ترتيباً تاريخياً لتفصيل سيرته ومعرفة تطور أسلوبه. وحسبنا الآن ما قدمنا عن هذا الأديب العظيم الذي أخترمتهالمنية في سن الأربعين، ولو عمر لكان عسى أن يكون له في الأدب العربي آثار أبعد شأوا، وأعظم خطرا وأسير ذكرا من آثاره التي أوحت إلى معاصريه أن يلقبوه (بديع الزمان).
عبد الوهاب عزام