مجلة الرسالة/العدد 447/إلى تاج (الفاروق)
→ المصريون المحدثون | مجلة الرسالة - العدد 447 إلى تاج (الفاروق) [[مؤلف:|]] |
أمنية. . . ← |
بتاريخ: 26 - 01 - 1942 |
(تحية لذكرى مهرجان الشرق في يوم الزفاف الملكي السعيد)
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
لَمْ تَكُنْ نَارُكَ بَرْداً أو سَلاَمَا ... فَعَلاَمَ الشَّدْوُ يَا طَيْرُ عَلاَمَا؟!
بَيْنَ جَنْبَيْكَ حَنِينٌ أَوشَكَتْ ... رِيحُهُ الْهَوْجَاءُ تَذْرُوكَ حُطَاما
وَعَلَى عُشِّكَ لَيْلٌ جَاثِمٌ ... كُلَّمَا رَاوَدَهُ الْفَجْرُ تَعَامَى!
سَكْتَةُ الدَّوْحِ، وَآهَاتُ الرُّبَى ... لَمْ تَفِضْ كَالأْمْسِ عِطْراً أو بُغَامَا
وَالْهَوَى لَمْ تَغْدُ في مِحْرَابِهِ ... صَلوَاتُ الشَّوْقِ يَسْحَرْنَ الظَّلاما
كُلُّ شَيْءِ هَاجَ حَتَّى حَرَّمَتْ ... ضَجَّةُ الدُّنْيَا عَلَى الصَّمْتِ المَنَاما
كَيْفَ وَادِيكَ وَهَل طْاَفَتْ بِهِ ... نَشْوَةُ الْوَحْيِ فَأَرْعَشْتَ الْغَرَاما
وَتَنَقَّلْتَ بِعِيدَانِ الضُّحى ... عَازفاً يَسْتَنْطقُ النُّورَ كَلاَما!
وَنَسَخْتَ الظِّلَّ لْحَناً وَالثّرَى ... أُذُناً، وَالنَّبْعَ قَلْباً مُسْتَهَامَا!
كَيْفَ وَادِيكَ وَهَلْ حَالُ الْهَوَى ... مِثْلَمَا كَانَ بِهَ عُرْساً مَقَاما؟
وَنَدَامَاكَ وَقَلْبِي بَيْنَهُمْ ... رَقَّ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنَ النَدَامَى!
جَدْوَلٌ غَافٍ، وَصُبْحٌ ثَمِلٌ ... وَنَسيِمٌ مَرَّ مِسْكِيناً مُضَاما
وَصَدَى صَنْجٍ بِكَفَّيْكَ لَهُ ... في فِجَاجِ الرُّوحِ وَجْدٌ يترَامَى
وَشُعَاعٌ، وَنَدىً خُيِّلْتُهُ ... مِنْ بَقَايَا حَانَةِ الْفَجْرِ مُدَاما
كُلُّ هذَا كَانَ حُلْماً هَارِباً ... لَيْتَهُ طَنَّبَ في قَلبِي الْخِيَاما!
فَأَعِدْهُ مَعْبَداً مُصْطَخِباً ... وَتَرَنَّمْ وَامْلأَِ الدُّنْيَا ابْتِسَاما
وَاسْكُبِ الأَنْغَامَ لاَ تَنْشُدْ لهَا ... أَيْنمَا تَهْزِجْ عَلَى الأَرْضِ مُقَاما
وَتَأَلَّقْ بِأغَانِيكَ عَلى ... زَمَنٍ عَجَّ لَهِيباً وَقَتَاما
أخضر الشَّطَّيْنِ نَادَاكَ فَطِرْ ... في رَوَابِيِه غِنَاءً أو حَماما
مَنْ يَكُنْ لِلْحَرْبِ غَنَّي هَوْلَها ... قُمْ فَرَتِّلْ في مَغَانِيِه السَّلاَما
وَأشْدُ لِلتَّاجِ الّذِي في ظِلِّهِ ... تَخْشَعُ الأْفْلاَكُ قُدْساً وَاحْتِشاما
صَرَعَ الدَّهْرَ صَبِيّاً، وَتتسَآى ... دَارَةَ الشَّمْسِ وَلَمْ يَعْدُ الْفِطَام أَعْجَزَتْ مِصْرُ بهِ سِحْرَ النُّهَى ... يَوْمَ كانَ النَّاسُ في الأَرْض سَواما
لَمْ يزل في النيل من آياته ... هزجٌ أشجْىَ بهِ الْمَوْجُ الغَماما
رُدَّ يا (فَاروقُ) مِنْ أمْجَاِده ... قَبساً يُوقِظُ في الشَّط النَياما.
وَأعِدهُ للْبَرَايا كَوْكباً ... طَار لِلنَّجْم ليَاذاً وَاعْتِصَاما
وَانْشُر الحبّ على أَقْوامهِ ... مَنْ سِوَى نُورِك يَحَتْاجُ الخْصاما؟
كَمْ على طَفْيِكَ أغْفَى جَاِئعٌ ... كان لَوْلاَك سَيَقْتاتُ الرَّغاما
كُلَّ يَوْم لكَ نُعْمَي أهْلَكَتْ ... آهَة الشَّاكي وَتَنْهيد الْيَتَامَى
أقْبَلتْ تَنْسَخُ أْرَهَام النَّدىَ ... كُلَّ صُبْحٍ لْلمُقلينَ طَعاما
سَابَقَتْ نُوركَ في رَأْدِ الضُّحَى ... وَمَشتْ زَاداً إليْهم وَسلامَا. . .
كَبر الشَّرْقَ! فَقَالوا: مَنْ بدَا؟ ... قُلْتُ مَنْ غَنىَّ بهِ الشَّرقُ هُيَاما
مَنْ رَعَى الإسلامَ حَتَّى خِلْتُهُ ... (عُمَرِي) الدين رَأْياً وَحُساما
في سبِيلِ اللهِ رَكْبُ سَائرٌ ... لبُيُوتِ اللهِ. . . كَمْ رَاعَ الأنَاما!
كَمْ جَثت للهِ منهُ هَالةٌ ... في سنَاها يُطْرقُ الدَّهْرُ احْتِرما!
يا مُقِيلَ الدين مِنْ عَثْرتهِ ... أنْتَ أعْلَيْتَ لِرُكْنَيْه الدعاما
وَتَهادَيْتَ فسَارتْ أُمَمٌ ... جَعلَتْ مِنْ نُوركَ الضَّافي إِماما
كلَّ يومٍ لكَ عِيدُ مُشْرِقٌ ... يتَراَءى في فم الوادِي ابتساما
طارَ تَغْريِدي على آفَاقِهِ ... نَعْمَةً لِلْعَرْش عَزَّتْ أنْ تُسَامَى
سُقْتُها مَشْبُوبةً مِنْ كَبدٍ ... أوشَكتْ تَسْكُبُ نَجْواهَا ضِراما
لَمْ يَزَلْ مِنْها (بِعَبْديِنَ) صَدى ... ظَلَّ في أَسْوَارِها يُشْجِى الَحْماما
محمود حسن إسماعيل