مجلة الرسالة/العدد 435/البريد الأدبي
→ رسالة الشعر | مجلة الرسالة - العدد 435 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 03 - 11 - 1941 |
المحتسب في الإسلام
نشرت مجلة الجمعية الصحية المصرية في عدد من أعدادها الأخيرة مقالاً قيماً للدكتور فريد بك حلمي المفتش بوزارة الصحة عن نظام التفتيش على المأكولات والاشتراطات الصحية في العهد الفاطمي معتمداً في بحثه على كتاب (معالم القربة في أحكام الحسبة) لمؤلفه محمد بن أحمد القرشي المعروف بابن الأخن، أثبت فيه أن المحتسب كان يقوم في هذا العهد بوظيفة مفتش مأكولات ومعاون صحة ومفتش موازين ومفتش بيطري، وبالجملة يعتبر من رجال الضبطية القضائية؛ وكانت الاشتراطات التي يفرضها المحتسب على المحلات لا تقل دقة عن اشتراطات وزارة الصحة اليوم إن لم تفقها، وللتدليل على ذلك نذكر بعض ما يخص الجزارين قال:
(لا يجر الجزار شاة برجلها جراً عنيفاً، ولا يذبح بسكين كالة لأن في ذلك تعذيب للحيوان، ولا يشرع في السلخ بعد الذبح حتى تبرد الشاة وتخرج منها الروح. وينهي الأبخر عن النفخ في الشاة عند السلخ لأن نكهته تغير اللحم وتزفره، ويمنع المحتسب القصابون من الذبح على أبواب دكاكينهم فإنهم يلوثون الطريق بالدم والروث، وهذا منكر يجب المنع منه، وأن يفردوا لحوم المعز عن لحوم الضأن، وينقطوا لحم المعز بالزعفران ليتميز عن غيره وتكون أذناب المعز معلقة على لحومها إلى آخر البيع ولا يخلط لحم الذكر بالأنثى)
هذا جزء بسيط مما يقوم به المحتسب، ومثل ذلك كان يفرض على كافة الحرف والصناعات.
وكان المحتسب يدخل في صميم الصناعة بشكل يعجب به أبن القرن العشرين لمعرفته بطرق الغش التي تخفى على الكثيرين، والتي لا تمسها شروط وزارة الصحة إلا عن بعد. ومن شروط الحسبة والمحتسب أن يكون مواظباً على سنن رسول الله (صلعم)، وأن يكون عفيفاً عن أموال الناس، ووظيفته أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وأن يقصد بقوله وفعله وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته الخ.
(كوم حماده)
كامل يوسف أصل كلمة النفط
أرى أن كلمة النفط عبرية الأصل، وتنطق في العبرية نفتً وقد وردت في التوراة في مواضع مختلفة بمعنى التقطير أو القطر أو القطرات، وهو المعنى الأصلي الذي أخذ منه اسم زيت البترول (نفت) لعلاقة التقطير أو القطر في كلٍ
ففي الآية الثالثة من الإصحاح الخامس من كتاب الأمثال (لأن شفتي المرأة الأجنبية تقطران عسلاً (نفت) وفمها أنعم من الزيت). وفي الآية الثالثة عشرة من الإصحاح الرابع والعشرين من الكتاب نفسه (يا بني كل عسلاً لأنه لذيذ وقطره (نفت) حلو في فمك)
وفي الآية الثالثة عشرة من المزمور التاسع عشر نجد (وأحلى من العسل وقطر (نفت) الشهد)
والأمثال والمزامير من أقدم كتب التوراة. ولا أذكر أنني عثرت في الأدب الجاهلي أو الإسلامي على كلمة نفط أو نفت فمن المرجح إذا أن تكون الكلمة عبرية الأصل دخلت إلى العربية بعد الفتح الإسلامي. هذا إلى أن كلمة (نفت) أو نفط مستعملة في الفارسية الحديثة والقديمة. وأذكر أنني قرأتها في الشهاهنامة الفارسية، وإن كنت لا أستطيع الآن وهنا أن أنص على موضعها لعدم المرجع
(بخت الرضا. سودان)
عبد العزيز عبد المجيد
في نقد الأصول
ذكرني الدكتور حسن عثمان في بحثه - نقد الأصول - الذي هو فصل من بحوثه القيمات التي ينشرها في (الرسالة الزهراء) تحت عنوان (كيف يكتب التاريخ) ذكرني ذلك بما كنت قرأته في ترجمة الخطيب البغدادي المؤرخ العظيم، فإنه لما رجع من مكة، إلى بغداد تقرب من رئيس الرؤساء أبي القاسم بن مسلمة وزير القائم بأمر الله، وكان قد أظهر بعض اليهود كتاباً وادعى انه كتاب رسول الله ﷺ بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادات الصحابة وأنه خط على رضى الله عنه؛ فعرضه رئيس الرؤساء على أبي بكر الخطيب فقال: هذا مزور، فقيل له من أين لك ذلك؟ قال في الكتاب شهادة معاوية أبن أبي سفيان ومعاوية أسلم يوم الفتح وخيبر كانت في سنة سبع؛ وفيه شهادة سعد بن معاذ وكان قد مات يوم الخندق في سنة خمس. فاستحسن ذلك منه
محمد أبو البهاء
في الخوارج
كتب الأستاذان الصعيدي والأفغاني (في الأعداد 422، 23، 31) في تحقيق نسبة كلمة في الخوارج إلى النبي ﷺ أو إلى سيدنا علي بن أبي طالب. وسأل الأستاذ الصعيدي عن المصدر الذي نسب هذا القول إلى علي، وأجاب الأستاذ الأفغاني بأنه (العقد الفريد)
وإليك رواية تؤيد أن الخبر من كلام سيدنا علي وردت في قديم المصادر ووثيقها. قال الهيثم بن عدي حدثنا إسماعيل بن خالد عن علقمة بن عامر قال: سئل علي أهل النهروان أمشركون هم؟ فقال من الشرك فورا، قيل أمنافقون؟ قال إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، فقيل فما هم يا أمير المؤمنين؟ قال إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم علينا. فهذا ما أورده أبن جرير الطبري وغيره في هذا المقام. أنظر (البداية والنهاية لأبن كثير) ج7 ص289 و (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد الهيثمي) ج6 باب في الخوارج، باب في أهل النهروان
أحمد صفوان
حق الضيافة
طلع علينا العدد (430) من (الرسالة) وهو يحمل مقالاً قيماً للأستاذ - علي الطنطاوي - عن (حق الضيافة) وقد رأيت هذا المقال الممتع ثورة على أخلاقنا ونقدا لتقاليدنا وصورة من صميم الحياة المصرية فكشف الستار عن داء عضال في المجتمع يجب استئصاله؛ وهذا لا يتنافى مع الشهامة والكرامة، فقد اتخذت الضيافة في هذه الأيام وسيلة للمضايفة ومجالاً للتسلية والمسامرة وضياعاً للمصالح. وما أحوج مصر الحديثة التي أصبحت في احتياج إلى اتجاهات جديدة أن تجد من حملة أقلامها وقادة الرأي فيها مثل هذه الشجاعة فيورثون على هذه التقاليد التي تضر ولا تنفع. فإلى الأمام يا أستاذ - الطنطاوي - وأكثر من هذه الأبحاث ففيها ترقية للذوق الشرقي وتهذيب للأخلاق وسعادة للمجتمع والله موفقك ومبارك غايتك.
محمد أحمد عمر
عبر كذا. . .
رداً على الأستاذ الكبير (أ. ع) أقول:
كنت احتججت ببيت سواد بن قارب
فشمّرت عن ذيلي الإزار وأرقلت ... بي الدعلبُ الوجناء عبر السباسب
وقلت في الحاشية: (ولعل من الإنصاف أن أقول: يمكن تخريج الشاهد على غير ما استشهدت له بجعل عبر صفة للناقة الخ) ومن ثم يرى القارئ أني لم أوجب أحد الرأيين، وأني أجزتهما ولكني - في هذا الشاهد - رجحت العبر بمعنى العبور، على أن يكون مصدراً مراداً به أسم الفاعل
ولكن الأستاذ (أ. ع) يحتم في رده أن تكون صفة ثالثة للناقة لا غير. ويرى أن الشاعر في مقام تعديد محاسن ناقته وما فيها من مزايا، فهو يصفها بالفتاء والقوة، وبأنها قادرة على شق السباسب الخ. . .
ورداً على ذلك أقول: لا يتعين في هذا الشاهد قصر المقام على تعديد محاسن الناقة، فإن في قوله (الذعلب) وهي الناقة السريعة، و (الوجناء) وهي القوية الشديدة، كما في اللسان ما يغني عن الوصف بأنها (عبر سباسب) وهو معنى لا يغاير سابقيه كثيراً
ويؤيدني فيما أذهب إليه ورود البيت في بعض الروايات على معنى الظرفية لا الوصفية. ففي السيرة الحلبية ج1 ص267:
فشمرت من ذيل الإزار ووسَّطت ... بي الذعلب الوجناء بين السباسب
وكذلك الرواية في (سفينة الراغب ص638) نقلاً عن (أنوار الربيع في أنواع البديع)
وليس معنى هذا أنني أؤيد استعمالها ظرفاً، ولكني لا أزال أرى أنها مصدر وقع موقع أسم الفاعل. فقد خرج من حسابنا ما ساقه الأستاذ من الأدلة على أنها ليست ظرفاً، فهو رأى لم أقل به.
ونرجع إلى التخريج الذي رأيته، وجهد الأستاذ أن يفنده، فقال: إن المصدر لا يقع حالاً إلا إذا كان نكرة، و (عبر السباسب) معرفة بالإضافة، وأبطل بهذا - في زعمه - تخريجي
وأقول: إن الأستاذ لم يتبين رأيي على وجهه الصحيح، إذ توهم أني أرى (عبرا) مصدراً أريد به الحال، ولم أقل هذا، وإنما قلت: إنه مصدر وضع موضع أسم الفاعل، فهو عبر معنى عابر، كما في قوله تعالى: (إن أصبح ماؤكم غوراً)، أي غائراً؛ ورجل عدل، أي عادل. . .
وسواء وقوع هذا المصدر بعد ذلك حالاً أو خبراً أو فاعلاً الخ فذلك راجع إلى السياق. . . فقد أصبحت القضية الآن: هل يشترط تنكير المصدر إذا وقع موقع أسم الفاعل، بصرف النظر عن كونه حالاً أو غير حالاً؟
لم يقل أحد هذا، فأنت تقول: (قاضيكم العدل)، أي العادل، (وأنصفني عدلكم)، أي عادلكم. فأنت ترى أني أنص على أن كلمة (عبر حال) - حتى يشترط تنكيرها - وإنما نصصت على أنها مصدر بمعنى فاعل، وكونها (حالاً) أمر اقتضاه سياق الكلام في الجمل التي ساقها الأستاذ وساعد عليه أن المصدر سيفقد تعريفه بعد التقدير، وسيصير المضاف إليه مفعولاً، وذلك في قولك: (عابرة الاطلنطي)؛ فليس ثم ما يمنع من أن يكون المصدر (حالاً) بعد أن فقد تعريفه
وبعد. . . فأني أنشد الحقيقة. . . وعلى الأستاذ أن يقنعني - إن استطاع - فأسلم له ومني عليه التحية
(بني سويف)
محمد محمود رضوان
المدرس بالمدرسة الابتدائية
حول كلمة (عبر)
سيدي الأستاذ الكبير (الزيات)
سلام الله عليك. قرأت بإعجاب كبير ما دبجته براعة الأستاذ الكبير (أ. ع) خاصاً باستعمال كلمة (عبر) ظرفاً وبيان وجه الخطأ في ذلك. وإنا نوافق الأستاذ الكبير على كل ما أورده في كلمته القيمة؛ أم إدعاء الأستاذ محمد محمود رضوان صحة استعمال (عبر) ظرفاً واستشهاده على ذلك بقول سواد بن قارب:
فشمرت عن ذيل الإزار، وأرقلت ... بيَ الدعدب الوجناء عبر السباسب
فهو إدعاء باطل من وجهين:
الأول: احتمال كون (عبر) صفة للناقة، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال
الثاني: فساد المعنى يجعل (عبر) ظرفاً بمعنى بعد؛ لأنه لا معنى لإرقال الناقة بعد قطع السباسب والانتهاء إلى غايتها وعندي أنه يصح أن تكون (عبر) في هذا البيت مصدراً مفعولاً لأجله، ويكون المعنى أن الناقة أرقلت لعبر السباسب أي لعبورها. وهو معنى صحيح مناسب لا غبار عليه
هذا، وللأستاذ الكبير إعجابي الكبير بأبحاثه اللغوية الممتعة. والسلام عليكم ورحمة الله
إبراهيم محمد نجا
الصباح الأدبي في دمشق
أصدر فريق من أبناء دمشق الناهضين صحيفة أدبية راقية باسم (الصباح) ولم يشأ القائمون بهذا المشروع أن يكتفوا بالشبان من الأدباء، بل اتفقوا مع فريق من أكابر الأدباء والأدبيات في البلاد العربية، كي يغذوا (الصباح) بثمرات أقلامهم الناضجة، وفي مقدمة هؤلاء الأساتذة:
محمد كرد علي، شفيق جبري، خليل مردم بك، عبد القادر المغربي، محمد البزم، ميشيل عفلق، فؤاد الشائب، صلاح الدين المحايري، زكي المحاسني، وداد سكاكيني، فلك طرزي، وغيرهم.
ومما لا نرتاب فيه أبدا أن (الصباح) ستكون كما ظهر من عددها الأول مرآة صادقة للأدب الجديد الناهض في سورية.
ع. ع