مجلة الرسالة/العدد 422/وحي الحرب
→ الضمير الفردي والضمير الاجتماعي | مجلة الرسالة - العدد 422 وحي الحرب [[مؤلف:|]] |
أصابع على معزف ← |
بتاريخ: 04 - 08 - 1941 |
على مسيل الدماء. . .
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
قَالَتْ سَكَتَّ وَمَا عَهِدْتُكَ ساكِتَا ... أَنَا ما عَرَفْتُكَ في الحوادِثِ صَامتَا
وَغَدَوْتَ صَوْناً في المسامعِ خافتا ... أَتُرَاكَ تَنْدُبُ من شَبابكَ فائِتَا؟
فَأَجبْتُهَا
وَالقلبُ مَحْطومُ الرَّجاءْ
كَيْفَ الْغ ناء مَعَ الدِّماءْ؟
مَا بَيْنَ أَنَّاتِ الأَلَمْ
فَوْقَ الضَّحايا والرِّممْ؟!
قَالَتْ مَلأتَ الأرضَ شِعراً صَادِقَا ... وَسَكَبْتَ في الأَسمَاعِ لَخْناً دافِقاً
وَالآنَ. . . تُمْعِنُ في رُقَادِكَ غَارِقَا ... وَسَكَتَّ حتى لا لأَظنَّك نَاطِقاً. . .
فأَجبْتُهَا
وَالْقَلْبُ تَفْجَعُهُ الْكرُوبْ
وَالأرضُ يَحْرِقُهَا اللَّهِيبْ
وَالنَّاسُ تَحْصُدُهَا الْحُروبْ
كَيْفَ الْغِنَاءُ مَعَ الدِّماءْ
وَالأرضُ أَجْدَرُ بالبُكاءْ؟!
قَالتْ تَعَالَ معي إلى الشطِّ البعيدْ ... لا النَّارُ تُزْعِجُنَا وَلاَ جَرْسُ الْحَدِيدْ
فَهُنَاكَ ظِلُّ الأمْنِ مُنبَسِطٌ مَدِيدْ ... وَهُنَاكَ تُسْمِعُنِي أَنَاشِيدَ الْخُلودْ
فَأَجبْتُهَا
وَالنَّارُ تَلْمَعُ والسُّيوفْ
والصفُّ تَتْبَعُهُ الصُّفوفْ
كيف الفِرارُ من الْحُتوفْ
والبحرُ خُضِّبَ بالدِّماءْ وَالأرْضُ تَصْرُخُ والسَّمَاءْ؟!
قَالَتْ مَتَى سُحُبُ الوَغَى تَتَقَشَّع ... وَمَتَى يَذُوبُ من الوُجودِ المِدْفَعُ؟
وَمَتَى حَمَامُ السِّلمِ يَوْماَ يَسْجَعُ ... وَمَتَى القُلُوبُ عَلَى المحَّبةِ تُجْمَعُ؟
فَأَجبْتُها
واللَّفْظُ يُمْسِكُهُ الحياءْ
والْقَلْبُ مُنْكَسِرُ الرَّجاءْ
هَيْهَات لاَ يُرْجَى شِفَاءْ
ما بالنُّفُوسِ من الْعَِاءْ!
فالحربُ في الإنْسَانِ دَاءْ
(وَالْحَرْبُ تَعْمَلُ لِلْفَنَاءْ ... كاَلْحَرْبِ تَعْمَلُ لِلْبَقَاءْ)
محمد عبد الغني حسن