الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 375/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 375/رسالة الشعر

مجلة الرسالة - العدد 375
رسالة الشعر
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 09 - 09 - 1940


ثلاث عشر حجة

للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد

مرَّت بناِ الأيامُ وَثْبَا ... سِلْماً كما شاءت وحَرْبا

لا أحسنَتْ حَرباً، ولا ... في السِّلم، طاب السلُم غِبَّا

ضَمِنَتْ لجيشَيْها مًعا ... غَصْبا كما اشتهيا، وغَلْبا

فإذا الحوادثُ أقبلت ... أو أدبرت، فالْخَلْقُ نُهبَى

ألعامُ من أعوامنا ... يحوى - جزاه الله - حُقْبا

وثلاثَ عَشْرَةَ حِجَّةً ... قلبتْ طِباقَ الأرض قَلْبا

سَلْها عن الدنيا وما ... صنعتْ بها شرقاً وغربا

سَلْها عن الوادي وما ... صنعتْ به دفعاً وجَذْبا

لا ضَيْرَ بالماضي إذا ... دارَ الزمانُ فطاب عُقْبَى

فألاً من الذكرى، وكم ... فألٍ طوَى في الغيب حُجْبا

وهدايةً منها وقد ... تَهديك في الظَّلماء قُطْبا

يا سَعدُ يومك، فاستجب ... قلباً لمن يدعوك قلبا

جرَّد عزيمتك التي ... أغنت عن الصَمصام غَرْبا

وابعث نصيحتك التي ... أغنت من التِّرياق طِبَّا

وانشر فرائدك التي ... أغنت من العِقيان كَسْبا

هذا نذير الشر هَبَّا ... وإلي حَمِى مصرَ اشرأبَّا

وسَرَتْ إلى إِفرِيقِيا ... عَدْوَى الجهالة من أُرُبَّا

طمعوا بَحوْزة أمةٍ ... ظنوا لها الغفَلاتِ دَأْبا

إن قيل لا خطرٌ غفتْ ... عيناً، وتاهت عنه لبَّا

أو قيل لا طمعٌ فلا ... طمع، وقَرَّت مصر سِرْبا

أو قيل يا أمم انهضي ... نهضت وراحت مصر تأبى

تجري المخاوف حولها ... وتخاله الأمن استتبَّ يا سعدُ أنت إمامُها ... فاهتِف بها مَلأً وشَعبا

صدَعَ الشقاقُ صفوفَها ... وجمعتَها بالأمس حِزبا

فاجمع جوانبَ رأيها ... شِعْباً على الْحُسنَى فشِعْبا

قل أنتمو أعلى يداً ... من عابِدِي الإنسان رُهْبَي

ذَلُّوا فلما استرسلوا ... تاهوا بقيد الذل عُجْبا

وإذا أتَوا عددَ الحصى ... فرمالُكم أوفَى وأرْبى

جَدْبٌ من الصحراء أغل ... ى من جَحيمِ الرَّوض تُرْبا

ظمآنْ يشرب كلَّ من ... يُغرى بكم أكلا وشربا

وقل استعدوا واسلكوا ... في مفرِق الحدين دَرْبا

لا تُصْغِروا هَوْلاً ولا ... تستكبروا الأهوال رُعْبا

وتبينوا أين الفري ... قُ الحرُّ فاتخذوه صَحْبا

دارُ الذين سَبَتْهمُ ... حريةٌ - هيهات تُسْبَى

ضِنوا بمصر على العدى ... وعلى الذي يحتال خِبَّا

وحَذَارِ دعوى معشرٍ ... لم يؤمنوا بالحق رَبَّا

لا رحمةً عرفوا ولا ... عرفوا لغير الشر حُبا

القدوةُ العُلْيا لهم ... وحشٌ على العُدوان شَبَا

عقدوا على البغي العُرَى ... تَبَّتْ يَدُ الباغي، وتَبَّا

يا آل مصرَ تذكروا ... سعداً ففي التَّذكار قُرْبَى

إني استعرت بيانه ... فَعلَّى إن قَصَّرْتُ عُتْبَى

إلا اللبابَ، فإنني ... في الرأي ما أخطأت لُبَّا

سعدٌ إذا أمضى مضى ... وإذا دعاه الهول لَبَّى

عباس محمود العقاد