مجلة الرسالة/العدد 36/التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية
→ سياسة أمريكا النقدية | مجلة الرسالة - العدد 36 التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية [[مؤلف:|]] |
تعد ذنوبي. . . ← |
بتاريخ: 12 - 03 - 1934 |
3 - التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية
بعض غرائب الخرافات عند الغربيين والشرقيين
أيام الأسبوع
إن فكرة التشاؤم من بعض أيام الأسبوع سائدة عند الأمم الغربية، ويعتقدون بعدم التوفيق ونجاح الأعمال فيه، فيوم النحس عند الفرنسيين هو يوم الأربعاء، وعند الألمان يوم الاثنين، وعند الإنجليز يوم الثلاثاء، حتى أن عدد الذين يركبون القطار المترو الذي يسير تحت الأرض قليل جداً بالنسبة إلى عدد الركاب في الأيام الأخرى من الاسبوع، ويعتبر الأميركيون يوم الجمعة من أسوأ أيام الأسبوع. وبعضهم يعتقد أن أقبح الأيام يوم الأربعاء، وأغرب من هذا أن عالماً أمريكياً يدين بهذه الفكرة ويؤيدها. وأحسن الأيام عند الأميركيين هو يوم السبت فتجدهم يقيمون فيه حفلاتهم.
وكان المغفور له السلطان حسين كامل يتشاءم بيوم الاربعاء، ولا يحب أن يقرر فيه قراراً ما. ومما يروى عنه في هذا الصدد انه لما أراد أن يعين لنفسه طبيباً خاصاً سأل الأطباء الذين كانوا يتولون معالجته عن أسم الطبيب الذي يشيرون عليه باختياره، فذكروا له اسم الدكتور محمد شاهين باشا وكيل وزارة الداخلية للشؤون الصحية الآن فدعاه إلى مقابلته، وبعد ما حادثه مليا أبلغه أنه يرغب في تعينه طبيباً خاصاً له، ثم صرفه بعد ما طلب منه أن يعود إليه في اليوم التالي ليصدر قرار تعيينه.
ولم يؤجل رحمه الله قرار التعيين إلى الغد إلا لأن المقابلة كانت يوم الأربعاء فلم يشأ أن يصدر القرار في ذلك اليوم، وخصوصا أن القرار كان لأمر متعلق بصحته.
وكان أهالي جزيرة مدغشقر حتى عهد قريب يقتلون الأطفال الذين يولدون في أيام الأسابيع المحسوبة شؤما. وكانوا يرمون جثثهم في البحر تيمنا.
ولم يبين أحد من الباحثين حتى الآن سبب التشاؤم من بعض أيام الأسبوع، وربما يرجع هذا التشاؤم إلى عقائد فاشية عند القدماء، ثم انقطعت الثقافة بينهم وبين أسلافهم فلا يمكنهم التفسير على وجه سديد.
كسر المرآ من الخرافات السائدة بين الناس عامة والنساء خاصة التشاؤم من كسر المرآة. والأصل في ذلك أن الإنسان القديم كان يحسب أن ظله جزء منه، وإن إيذاء الظل هو إيذاء له لأنه بمثابة الروح منه. وكلمة ظل عند بعض الأمم في آسيا تعني الروح. وكان الإنسان قبل اختراع المرآة ينظر صورة ظله على أسطح مياه الأنهار والبحيرات وغيرها، وذلك لأن الزجاج لم يكن قد عرف بعد. وما زلنا نرى في (المندل) بعض آثار هذه الخرافات القديمة. فأن هناك اعتقاداً بأن من ينظر في كوب به ماء ثم تتلى عليه الرقي يرى أشياء خفية لا يراها غيره. واكثر ما يكون الخطر من المرآة في الوقت الذي يكون أحد في المنزل في النزع الأخير أو قد توفى من وقت قريب لأن الموت عندئذ يرفرف بجناحيه على المنزل، فليست رؤية الظل (الروح) مما تؤمن عاقبته. ولذلك كثيرا ما يقلب الناس مراياهم في ذلك الوقت العصيب. والأصل كما قلنا هو خوف الناس من تعرض أرواحهم أي ظلالهم للأذى أو الموت كما يتوهم المتوحشون القدماء إن الظل هو الروح
السلم
مما يتشاءم منه الغربيون المشي تحت أو وراء السلم، وقد ذكرت مجلة إنجليزية محادثة بين سيدة وصديقتها عن خرافة السلم:
السيدة - أنا لا امشي تحت سلم مطلقا لاعتقادي أن ذلك شديد الخطر.
صديقتها - أنت بلهاء فأني أضع أطراف أصابعي الصغيرة معاً واثني الثلاث الأخر في راحة اليد وابسط الإبهامين ثم أقول (ماجنوم بونوم) وامشي رابطة الجأش تحت السلم فإذا فعلت مثلي مررت من دون أن يلحق بك أذى.
وقد ألقت المس (واليس) إحدى مدرسات لندن محاضرة يوم 19 يناير سنة 1928 عن منشأ الخرافات السائدة بين الشعب الإنجليزي فقالت: إن خرافة السلم يرجع تاريخها إلى أزمنة العقاب بلا محاكمة قانونية فكان المحكوم عليهم يشنقون بتعليقهم على سلم إذا لم تكن شجرة في مكان التنفيذ، وكان كل شخص يتفق وجوده وراء السلم مستهدفاً لخطر الاتهام بالاشتراك مع المشنوق في جرمه.
إبراهيم تادرس بشاى