الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 354/من هنا ومن وهناك

مجلة الرسالة/العدد 354/من هنا ومن وهناك

مجلة الرسالة - العدد 354
من هنا ومن وهناك
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 15 - 04 - 1940


الجندي المجهول

(عن مجلة العصبة البرازيلية)

كم بين ملايين الجنود الذين التهمتهم الحرب العالمية الماضية من اختفت آثارهم فلا صليب يدل على رفاتهم ولا دمعة تذرف على تربتهم. أولئك هم الجنود المجهولون الذين تركوا أهلهم وأحباءهم وبذلوا دماءَهم من أجل أوطانهم فإذا هم بعد حين شيءٌ ضائع فلا ذووهم يعرفون مثواهم ولا وطنهم يعلم مصيرهم

على أن ذلك الجندي المجهول الذي فرض عليه الواجب الوطني التضحية فقضى غير مذكور قد لقي بعد موته تكريماً لتضحيته لم ينله الأبطال واحتراماً لذكراه لم يظفر به الشهداء. رفعت له الأنصاب التذكارية الضخمة، وأقيمت له الأضرحة الرمزية البديعة فأصبحت مزاراً رسمياً يتوارد إليه الناس ليذكروا البطل المنسي ويؤمهُ الملوك وأصحاب الشأن ليمجدوا التضحية

ومن هو الجندي المجهول؟

(هو ابن كل الأمهات اللواتي فقدنَ أبناءهن ولا يعرفنَ مثواهم)

هذا هو تعريف (الجندي المجهول) الذي اصطلحوا عليه بعد الحرب. أما الفكرة فمبعثها فرنسا، وهي اليوم أنصابٌ وأضرحة ترمز إلى التضحية الصامتة وتمثل الشرف الوطني

في سنة 1920 أصدرت حكومة الوزير جورج ليغ القرار التالي:

مادة أولى - يتناول شرف (البانثيون) رفات أحد الجنود المجهولي الهوية الذين ماتوا في ساحة الشرف في خلال 1914 - 1918

مادة ثانية - يُدفن رفات (الجندي المجهول) تحت قوس النصر

وتم تنفيذ ذلك القرار باحتفال رائع حضرته هيأة الحكومة وقواد الحرب وقد كتب على الضريح العبارة التالية:

(هنا يرقد جندي فرنسي مات من أجل الوطن 1914 - 1918)

واقتفت الدول الأخرى التي اشتركت في تلك الحرب أثر فرنسا، ففي بلجيكا ضريحان أحدهما للجندي المجهول الفرنسي والآخر للجندي المجهول البلجيكي وكتب على الأول: (هذا الضريح يضم رفات جندي فرنسي صرع في بلجيكا (ناحية إِيبر) في غضون 1914 - 1918 على عهد الملك ألبر. إكرام بلجيكا للجندي الفرنسي المجيد)

وكتب على الآخر:

(هنا يرقد جندي مجهول بذل حياته في سبيل الوطن 1914 - 1918)

وفي قصر وستنمستر بلندن الذي يضم رفات ملوك إنكلترا وعظماء رجالها تقرأ على قبر الجندي المجهول الكتابة التالية:

(تحت هذا الحجر يرقد رفات جندي إنكليزي مجهول الاسم والرتبةُ جلب من فرنسا ودفن هنا بين رفات أعاظم رجال الوطن يوم تذكار الهدنة في 11 نوفمبر 1920 باحتفال وطني كبير حضره جلالة الملك جورج الخامس ووزراء الدولة وقائد حربيها. بهذا يُذكر الرجال الذين بذلوا في خلال الحرب الكبرى 1914 - 1918 كل ما يستطيع امرؤ أن يبذله: الحياة نفسها من أجل الله والملك والوطن والأهل والمنزل والإمبراطورية، وأخيراً من أجل قضية العدل المقدَّسة، وحرية العالم).

وفي مقبرة كرنستون بالولايات المتحدة كُتب على ضريح الجندي المجهول ما يلي:

(هنا يرقد بشرف ومجد جنديٌ اميركاني لا يعرفه غير الله)

وفي إيطاليا بُني ضريح الجندي المجهول إلى جانب نصب رومه، وهذا ما كتب عليه:

(جندي مجهول) - سليل شعب باسل ومدنية ألفيّة، ثبت بلا وجل في الخنادق، وبرهن على بطولة في أدمى المعارك، ووهب حياته ولا أمل له إلا النصر من أجل عظمة وطنه - 24 أيار 1915 - 3 نوفمبر 1918)

وفي فارسوفيا عاصمة بولونيا يحمل قبر الجندي المجهول العبارة التالية:

(هنا يرقد الجندي البولوني الذي مات من أجل الوطن)

وفي البرتغال كتب الكلام التالي:

(من البورتغال الخالدة بحراً وبراً إلى جنديها المجهول الذي مات من أجل الوطن في الحرب الكبرى 1914 - 1918)

وفي جنينة كارول برومانيا أُقيم قبر الجندي المجهول، وكتب عليه:

(هنا يرقد الجندي المجهول، الذي ضحى بنفسه في سبيل الوحدة الرومانية. إن رفاته مدفون في أرض رومانيا الكبيرة 1916 - 1919)

وفي يوغوسلافيا على جبل أولفالا الذي يبعد نحو ستة عشر كيلومتر عن العاصمة بلغراد، أقيم القبر الذي يضم رماد الجندي المجهول وكتب عليه:

(إلى الجندي المجهول الذي لم يعرف رسمياً)

وفي مستشفى براغا مصلّى تاريخي قديم أقام فيه التشاك قبر جنديهم المجهول الذي مات في معركة زبوروف، حيث انتصرت شرذمة تشاكية على الروس وأسرت منهم ألف جندي

بماذا تستهوي المرأة الرجل؟

للشعب الأمريكاني ولعٌ بالإحصاءات الغريبة، والإحصاء التالي قامت به لجنة من محبي الاستطلاع بعد ملاحظات واختبارات استغرقت شهرين في مختلف المدن الأميركانية

إن الرجال، بناء على الإحصاء المذكور، يستهويهم في المرأة الأعضاء والأشياء التالية،

من ألف رجل 550 رجلاً يستهويهم في المرأة سيقانها، و200 عيناها، 100 عنقها، و40 ملابسها، و30 يداها، و30 زينتها، و20 محفظتها، و10 شعرها 5 حذاؤها أما الخمسة عشرة الباقون من الألف فهم الذي يتغلب عليهم الذهول فيمرون بالمرأة فيرونها دون أن يلفت أنظارهم شيء فيها

صناعة الجمال

(إن الصناعة الوحيدة التي لم تصبها الأزمة المالية بسوء هي صناعة الجمال التي يدعمها الجنس اللطيف ويحييها بنفقاته الهائلة، ففي الولايات المتحدة تنفق النساء على من يجملهن 450 مليون دولار أو 800، 21 مليون فرنك سنويا.

وهذا إحصاء رسمي لا مبالغة فيه، فكم تنفق النساء إذاً في العالم كله؟ في أوربا ما أنفقت النساء قط على أدوات الزينة من ينفقنه في أيامنا.

أما هذا الإسراف فسببه الرئيسي الحرية الواسعة النطاق التي تتمتع بها المرأة في عصرنا والتي تجعلها أقل تصوناً من ابنة جنسها الماضية.

ولكن هل نساء اليوم أجمل من نساء الأمس وهل في وسع النساء أن يصرن جميلات؟

فجوابي على السؤال الأول: أن الجمال يختلف باختلاف النظر والذوق؛ ففي الناس من يفضلون الورد على كل أنواع الرياحين، وفيهم من يفضلون أحقر الأزهار على الورد. وإنما لا ينكر أن المرأة العصرية قد استطاعت أن تحافظ على رونق جمالها حتى في كهولتها بأساليب التجمل الحالية

أما جوابي على السؤال الأخير فينحصر في (لا) لأن جمال المرأة لا يتوقف على مظهرها الخارجي بل على جمال نفسها أيضاً، فليست هي كالإناء الذي ينحصر جماله في شكله الخارجي وقد يكون في داخله عشًّا للحشرات)

شيء عن المكروبات

ليس للمكروبات على الإجمال ألوان خاصة وإنما يمكن صبغها لأجل درسها وفحصها، وتعتمد على الأكثر المواد الأنيلية. والمكروبات في ذلك تماثل الخيوط والأنسجة، فمنها ما لا يقبل بعض الألوان أو يقتضي عناء كبيراً وزماناً معيناً لقبولها، ومنها ما يأخذ اللون بسهولة وسرعة، ومنها ما يصطبغ بلون دون غيره وطرق تلوين المكروبات لتمييزها ومعرفتها بدقة أصبحت علماً قائماً بذاته وعليها قامت مهارة كوخ العالم الألماني بإظهار كيفية صبغ باشلس السل

لا بد للمكروبات لكي تتوالد وتنمو من بيئة موافقة وغذاء ملائم. وهي تُبذر وتزرع كما يبذر وُيزر النبات في مستنبت سائل أو جامد. والحرارة ضرورية لحياتها ونموّها؛ وأصلح درجة للجراثيم المَرضية حرارة قريبة من حرارة الحيوان الذي يصاب بها وهي نحو الدرجة 37 فوق الصفر، ومنها ما يعيش في جليد القطب الشمالي.

والبحَّاثون قد يعوّدون الميكروب درجة لم يكن ألفها من قبل. وربّ ميكروب لا ينمو إلا بدرجة 39 لكنه لا يموت إلا بدرجة 54 وبزره بدرجة 110

أما البرد فهو أقل فتكا بالمكروبات، فخمير الجعة يتحمل درجة 90 تحت الصفر دون أن يفقد خواصه التخميرية وبزر الجمرة أي مرض الطحال والبثرة الخبيثة يبقى حياً عشرين ساعة بدرجة 130 تحت الصفر غير أن ميكروبه نفسه لا يقوى عليها فإن لم يمت يفقد قوته

للنور تأثير كبير في المكروبات فهو أكبر عدو للجراثيم وقد تحقق الجراثيميون فتك النور بميكروب الجمرة وببزوره أيضاً الذي يموت بعد ثلاثين ساعة على تعريضه لنور الشمس، وبنور الشمس أضعف الميكروبات إلى درجة جعلتها لقاحاً واقياً. أما ميكروب السل فإذا سلط نور الشمس عليه فيموت في منبته بعد ساعتين، وفي البصاق بعد 48 ساعة، ولكنه في الظلمة أو الأماكن الرطبة لا يموت إلا بعد أشهر أو سنين

ومتى حلت الميكروبات في مادة غذائية جزأتها وحللتها وحولتها ولولاها لما كنا نتصور ولا نفهم كيف يتحول عصير العنب إلى نبيذ ويصير مسكراً، أو كيف يصير الشعير جعة: أو كيف تتلاشى الجثث ولا يبقى منها أثر بعد أيام، فإن المايكروبات قد فعلت فيها ما لم تفعله الكواسر، فحللتها إلى غازات وتراب

ومن الميكروبات ما تفوح من مستنبته روائح عطرية تميز بها فقضيبات السل مثلاً تولدّ في مستنبتها رائحة ذكية أشبه برائحة السوسن. ومنها ما يفرز مواد ذات لون كميكروب الصديد الأزرق فإنه يولّد مادة براقة ميالة إلى الزرقة

أما نمو الميكروبات وسرعة توالدها فأمر مدهش وقد ترى في بصقة المسلول الواحدة ملايين من ميكروب السل فالميكروب الواحد إذا وافقته البيئة قد يصبح في يوم واحد عشرات الملايين

(العصبة)