مجلة الرسالة/العدد 340/الأدب الفنلندي
→ من الأدب الرمزي | مجلة الرسالة - العدد 340 الأدب الفنلندي [[مؤلف:|]] |
من وراء المنظار ← |
بتاريخ: 08 - 01 - 1940 |
للأستاذ صديق شيبوب
(بقية الحديث عن ملحمة كاليفالا)
ظهرت الطبعة الأولى لملحمة (كاليفالا) يوم 28 فبراير سنة 1835. ولعل النجاح الذي صادفه هذا الأثر الفني شجع (لونرو) على متابعة رحلاته، وكان قد عنى من قبل بجمع القصائد التي ينشدها سكان مقاطعة (كاريلي)، فتوجه إلى المقاطعات الشرقية ونقل القصائد الشائعة فيها، ثم ضمها إلى ما سبق له جمعه بحيث اكتملت هذه الملحمة وطبعت للمرة الثانية في شكلها الجديد سنة 1848 في ثمانمائة واثنين وعشرين ألف بيت من الشعر وهي الطبعة التي يعتمد عليها اليوم. وقد نقلها إلى الفرنسية في شعر مطلق مقطع وفقاً لتقاطيع الشعر الفنلندي المسيو جان لوي بيريه الأستاذ المعيد للأدب الفرنسي بجامعة هلسنكي.
كان لظهور هذه الملحمة فضل بعث الروح القومية في نفوس الفنلنديين. ويهمنا في هذا البحث من أثرها أنها حملتهم على العناية بلغتهم الأصلية.
قلنا: إن الأسوجيين بعد أن فتحوا فنلندا فرضوا لغتهم على سكانها، فصارت اللغة الأسوجية لغة العلم والأدب، بينما ظلت اللغة الفنلندية شبه لهجة يتحدث بها الشعب. فظلت متأخرة لا سبيل إلى التعبير فيها عن حالات النفس ورغباتها. وظلت اللغة الأسوجية مسيطرة على اللغة الفنلندبة، حتى بعد استيلاء روسيا على دوقية فنلندا الكبيرة. وكانت تعلم في مدارسها وجامعاتها.
ولما أخذ الفنلنديون يشعرون بقوميتهم بفضل ظهور ملحمة (كالفالا) ابتدأ الشعب يناضل للتخلص من اللغة الأسوجية التي لا تزال الطبقة الأرستقراطية متمسكة بها إلى اليوم
فلا عجب إذا احتفى الفنلنديون بهذه الملحمة واحتفظوا بها كاحتفاظهم بمفاخرهم القومية وآثارهم الوطنية التي كشفت لهم عن كنوز ماضيهم الدفينة وأوحت إلى نفوسهم الثقة بمستقبلهم وقوت عزيمتهم لنيل استقلالهم. وقد خصوها بغرفة في المتحف الوطني بهلسنكي جمعوا فيها مختلف طبعاتها وترجماتها
ومن أدلة حفاوتهم بها الحفلات العظيمة التي أقاموها سنة 1935 بمناسبة مرور مائة عام على ظهورها في عالم الطباعة بقي أن نشير إلى الجدل الأدبي القائم بين الروس والفنلنديين بصدد هذه الملحمة وأصلها، وهو جدل له مظهره الخاص إذا نظرنا إليه على ضوء الحرب الناشبة اليوم بين الدولتين
يقرر علماء (الفولكور) الفنلنديين والألمان أن أناشيد هذه الملحمة جمعت من المقاطعات الواقعة حول مدينة هلسنكي ويتوسلون بها لتدعيم مطالبتهم بمقاطعات (كاريلي) و (إنجري) وغيرهما من المقاطعات الروسية
وينفي علماء (الفولكلور) الروس هذه المزاعم ويؤكدون أن (لونرو) لم يجمع هذه الأناشيد من المقاطعات التي تتألف منها فنلندا اليوم بل من الجزء الشرقي لمقاطعة (كاريلي) وهي المعروفة باسم (جمهورية كاريلي الاشتراكية السوفيتية المستقلة)
وقد نشرت صحيفة (فيتشرنيا ياموسكوفا) الروسية بتاريخ 26 يونيو الماضي مقالاً عرضت فيه لهذا الجدل جاء فيه أن القصائد التي جمعت في الطبعة الأولى التي ظهرت سنة 1835 تلقاها (لورنو) من فلاح يدعى (برتونين) كان يسكن في ناحية (أولونه) من مقاطعة (كاريلي). وقد ذكر المسيو (بيريه) الذي يعد اليوم أكبر حجة في فرنسا في الأدب الفنلندي، أنه ذكر في كتابه (مظاهر الأدب الفنلندي المعاصر) أن الشعب الفنلندي الأمي الذي يدين بالأرثذكسية والذي يقيم بمقاطعة (كاريلي) الروسية قد أحتفظ بتقاليد القبائل القديمة، وأن هذه التقاليد بادت في فنلندا نفسها بتأثير التعاليم البروتستانتية. وأضافت الصحيفة الروسية إلى ما تقدم أنه بينما لا نجد واحداً في الجزء الغربي القبلي من فنلندا يروي هذه القصائد والأناشيد، نلفي شيوخاً كثيرين في (كاريلي) يحفظونها ويروونها، وذكرت اسم سيدتين تسكن إحداهما موسكو. ثم قالت: إن بدعة نسبة أناشيد (كاليفالا) إلى فنلندا لم تظهر إلا في أواخر القرن الماضي، وحملت الصحيفة الروسية على الذين قاموا بطبع هذه الملحمة باللغة الروسية سنة 1833 لأنهم نسبوا هذه الملحمة لفنلندا ولم يمحصو ما قرره علماء (الفولكور) الفنلنديون
وهكذا يحاول الروس أن ينتزعوا من الفنلنديين ملحمتهم الوطنية التي تعد مصدر إلهام عظيم لشعرائهم وفنانيهم، ومبعثاً للحماس وروح الوطنية في نفوسهم
صديق شيبوب 144
عن جريدة حشرة الملاريا
أنا أدعى أنوفيل ولست يونانيا أو مصريا بل أنا دولي ونحن نسكن في جميع الأقطار ويخشى الناس بأسنا في كل مكان
لقد مضى زمن كنا فيه أقوى من الملوك والقواد وكنا حال ظهورنا
مرهوبين كالموت نفسه
آه كم كنت أتمنى لو كنت من جملة السرب الذي قهر بريروس في إيطاليا وطرد الموغول الكبير باربار البنجابي.
فان حشرة واحدة منا تكفي لكي تمحي تماما كل المشاريع الجميلة والسبب كان خفيا لأن هذه الحشرة كانت تعمل في الظلام
ولكننا لم نركن إلى الهدوء خلال هذه القرون الأخيرة فلا يمكن إحصاء المشاريع التي أخفقت بسببنا والسكان الذين محوناهم فنحن نعكر صفاء كل شيء. فلا يزال الإنسان يبني ويهتم بأشغاله وبملذاته وبغتة أظهر أنا أنوفيل وأنا أطن فرحا بهدوء مفتشا عن محل صغير جميل حيث أركز بسرور وأحفر حفرة صغيرة جداً في جلد المسكين فامتص بعض نقط صغيرة من الدم وينتهي عملي فأعيد الكرة وأهدم في ثانية واحدة عملا دام سنين طوالا يظن أني بعوض اعتيادي ولا يعرف أني أنا الأنوفيل ولكن عندما يرتجف من الحمى حينئذ فقط يذكرني
ولكن خطراً كبيراً يهددنا. فيكفي حسب رأي لجنة الملاريا في جمعية الأمم 400 ملليجرام يوميا مدة موسم الحميات حتى يقي الإنسان نفسه من العدوى التي أحملها أنا وقد وصفت هذه اللجنة لمعالجة إصابة الملاريا كمية جرام واحد أو جرام وثلاثين سنتجرام من الكينا يوميا للأخذ منها مدة خمسة أو سبعة أيام فسمي ليس له هذه المقدرة كي يقاوم علاجا بهذه القوة.