مجلة الرسالة/العدد 33/العُلوم
→ مذهب (السمبوليسم) | مجلة الرسالة - العدد 33 العُلوم [[مؤلف:|]] |
الثعبان والانسان ← |
بتاريخ: 19 - 02 - 1934 |
مطالعات واشتات
للدكتور أحمد زكي
انقلاب اللاسلكي: الانسان في كثير من أموره يبدأ صغيراً ثم
يطلب الكبر، يطلب العظمة في الضخامة والقيمة من الجرم.
ولكنه جرى على غير ذلك في اللاسلكي، فهو ابتدأ في الاذاعة
بالموجات الطويلة العظيمة، ثم أخذ بالموجات الأثيرية
الصغرى طولا فالصغرى، ثم بالمتوسطة فالتي دون ذلك
فتقسمت الموجات الى طويلة وهي التي تزيد على 1000
متر، ومتوسطة وهي التي بين الألف والمائة، وصغيرة وهي
التي بين المائة والعشرة، وزائدة الصغر وهي التي دون ذلك.
وقد يختلف اللاسلكيون في هذا التدريج وهذه التسمية، ولكن
هذا لا يؤثر في الحقيقة الراهنة وهي ان استغلال هذه
الموجات بدأ بالكبيرة ثم بالتي دونها. وكانت الشركات الكبيرة
تعتقد انه لا حاجة بها الى الموجات الصغيرة حتى قام الهواة
في بقاع الأرض المختلفة على الاذاعة والاستقبال، معاً بتلك
الموجات، وأخذوا في التغيير في أجهزتهم والتبديل في
طرائقهم حتى وقفوا على أحسن الشروط لحسن الارس والاستقبال وكشفوا عن ميزات لهذه الموجات الصغيرة ليست
للكبيرة؛ فمن ذلك ان الصغيرة تحمل الأصوات الى السامع
خالصة من هذه الطقطقة والخرفشة وذلك الضجيج والعجيج
والنشوز الملح الذي يؤذي الأذن ويحرج الصدر ويذهب بصبر
الانسان. ومنها أنهاا تنفذ في الأجواء الى مسافة ابعد وعلى
حال أشد حتى لتلف الكرة الأرضية لفاً. لذلك ما لبثت
السلطات اللاسلكية التجارية أن أغارت على هذه الموجات
فاستلبتها واحتفظت للهواة بموجات دون تلك أكثر صغراً
يجرون فيها ما شاءوا من التجارب فقصر الهواة عملهم على
هذه فأتقنوه كساالف دأبهم، فتجددت الاغارة عليهم فاستبلت تلك
الموجات أيضاً، وارتد الهواة الى الوراء، إلى موجات أمعن
في الصغر. ولكن يظهر أن الشركات اللاسلكية عرفت من
مزايا هذه الموجات ما سوغ لها أن تقوم في العلانية قليلا وفي
السر أكثر بدراسة هذه الموجات لتسبق الهواة، وهم الذين كان
لهم فضل السبق الى كشف فضلها. وقد جاء في الاخبار.
الحديثة أن شركة مركوني قامت في الخفاء منذ أكثر من
شهرين بدراسة موجات طولها أصغر من متر واحد وانها نجحت في استخدامها نجاحاً كبيراً، وانها ترجو من وراء ذلك
أن تحدث في الاذاعة التجارية انقلاباً خطيراً.
بدأت بتلك التجارب في (بيت مركوني) على نهر (التمس) فكانت تذيع من هناك الرسائل لتستقبلها مستقبلات متنقلة في مقاطعة (كنت) بانجلترا وقد تمكن السناتور مركوني بهذه الاشعة التي يسمونها بالمجهرية من الارسال الى أبعد من 180 ميلا، والهوائي المستخدم فيها لا يزيد طوله على ثلاث بوصات، والقوة الكهربائية اللازمة للمحطة المرسلة لا تزيد على تلك التي تلزم لأضاءة مصباح كهربائي.
وستكون هذه الطريقة الصغيرة الجديدة شديدة النفع في القريب العاجل في المواصلة بين مراكز الشرطة والاسعاف، وبين بيوت الأعمال الكبيرة وفروعها، فان الجهاز نفسه يكاد يحمل في الجيب، وقد اتضح أن هذه الطريقة المصغرة أيسر في نقل الصور من الطرق الكبيرة والقديمة، أو التي سنسميها قريباً بالقديمة، فقد جربها السناتور مركوني فعلاً في ذلك فنقل بها صورة بلغت مساحتها خمسة أقدام في خمسة كانت غاية في الوضوح ومثلاً في البيان.
وهذه الموجات الضئيلة لا تتأثر بالجو ولا بالضباب، وفوق ذلك لا يمكن استراق السمع منها. ويقول العارفون أنه قد لا تمضي بضع سنوات حتى تصبح الموجات الطويلة اثراً بعد عين
دقات قلب سكنت
الدكتور (هـ. و. كروك) طبيب يسكن (في أكستر) من المدن الغربية الجنوبية في انجلترا، لا يزال الى اليوم رائحاً غادياً في مطالب العيش، ولكن قلبه لا ينبض بالحياة منذ ثمانية أعوام. وليس هو بالرجل الكسول الخامل فهو يشتغل في الاسبوع ستة أيام كاملة ويسوق سيارته بنفسه، وهو يعلم وهو الطبيب ان قلبه سكنت ضرباته الى الأبد، ولا يزعجه ذلك ولا يهمه، فأنت تراه ينعم بالدنيا كغيره من الأصحاء، وهو اذا ذكر قلبه اهتم به اهتمام العالم بظاهرة غريبة يحملها بين جوانحه كأن من حسن حظه ان استأثرته الطبيعة بها.
بدأت قصة هذه الحال في سنة من سنوات بعيدة اذ كان (المستر كروك) يدرس الطب في مستشفى (جاي) بلندن، فأصابته حمى روماتزمية أخذت تنتابه ثم تذهب عنه فيصح، فتعود اليه المرة بعد المرة، فكان من آثارها اتساع صمامات قلبه فأصبحت لا تنفتح ولا تنغلق كعادتها اذ تدفع الدم كالمضخة فتجريه في الجسم، وبانعدام هذه الانفتاح وذلك الانغلاق، انعدم الصوت الذي نسمعه وهو دقة القلب.
حدث ذلك له في مرضه الأخير عام 1926، وكانت حاله لاا رجاء فيها، وكتم عنه الأطباء أمره خشية أن يدرك خطره فينزعج ويصدمه الخبر السوء، فييكون في ذلك قضاؤه. ودخلوا عليه مرة يفحصونه فأزعجهم أن وجدوه يأخذ سماعة من تحت وسادته يستمع بها الى قلبه. ولكنه ما لبث أن ذكر لهم أنه لم يفتر عن الاستماع الى قلبه كل يوم، وأنه يعلم ما آل اليه. وعقب على ذلك في كثير من البشر وشئ من المزح أنه معجب بنفسه مغتبط بان يقدم لهم وللطب حالة نادرة لذيذة ممتعة للفاحص والمتقصى وقد اتصل بالدكتور في الأسابيع الماضية متصل يستخير عن صحته فذكر له أنه صحيح لا يحسن علة ولا يشكو ضيقاً، وان عضلات قلبه اشتدت سد النقص الذي طرأ على صماماته، وانه ينعم بالحياة كنعمة المستخبر. وهكذا الطبيعة تحاول دائماً أن تصحح أخطاءها، فتصيب مرة وتعجز مراراً.
البيض المحفوظ:
كل كائن حي يفسد على الزمن، وكل نتاج من كائن حيي تظل فيه الحياة حيناً، ثم يعتريه الفساد كذلك. وتدخل في هذه الأنتجة اللحوم والخضروات والحبوب وما اليها. وكان المعروف أن البرودة تطيل من صلاح هذه الأطعمة، والحرارة تعجل فسادها؛ فعمدت المصانع الى استخدام الكهرباء والكيمياء في بناء الخزانات الباردة، منها الصغير الذي يستخدم في المنازل والمعامل، ومنها الكبير الذي يبلغ القصور حجماً؛ وقد أفادت هذه المبردات التجارة فوائد كبيرة أدت إلى انتشارها انتشاراً واسعاً وعمدوا فيها عمدوا اليه البيض يحتفظون به في تلك الخزانات، ولكن التجربة دلت على أن البيض في اختزانه يفقد الشيء الكثير من جدته رغماً من برودته. ويرجع هذا الى تغيرات فسلجية وبيلجية تحدث طبيعة في داخل البيضة من العسير الشاق إيقافها بالتبريد.
وقد ظهر في دورية (الصناعات اللغذائية) وصف لطريقة جديدة يختزن بمقتضاها البيض مبرداً ولكن في جو من غاز الكربون أعني ثاني اكسيد الكربون فيخرج بعد أشهر ثمانية صبيحاً لا يمكنك تمييزه من البيض الطازج، وتفصيل ذلك أن البيض المختار يوضع في خزانات مختومة في حجرة لا تزيد حرارتها على الصفر. ثم تفرغ الخزانات من الهواء وتملأ بغاز الكربون حتى يزيد ضغطه قليلاً على الضغط الجوي، وذلك خشية أن يكون في الخزانة ثقب غير منظور فيتسرب اليها منه الهواء. وغير هذا يجعلون على ظاهر الخزانات أنابيب للتبريد تجعل حوائطها أبرد من جوفها ليتكثف بخار الماء داخلها على تلك الحوائط. فلا يسقط على البيض، فأنه ان فعل ذلك اثر على قشر البيض بما يحتويه من غاز الكربون الذائب فخشنه وحببه. ويظهر من هذا الوصف أن النفقة لابد كبيرة، ولكنهم يقولونإن البيض المحفوظ بهذه الطريقة يباع في أشهر القلة بأثمان تزيد على النفقة زيادة مربحة.
كمرة تبلع:
ولكنها بالطبع صغيرة لكي تمر في الحلقوم فالمرئ ثم تستقر في المعدة فتصور ما فيها. وهي على شكل اسطوانه طولها بوصتان وقطر قاعدتها خمسة أثمان بوصة. وتتصل بها انبوبتان أحداهما لتوصيل التيار الكهربائي الى مصباح وامض تحمله الكمرة، والأنبوبة الأخرى لتحمل السلك المتصل بغطاء العدسة يفتحها ويغلقها وهي في جوف الانسان. استخدمت هذه الكمرة في لندن فلقطت 16 صورة من جدران المعدة في 20 ثانية.
وهذا لا شك فتح جديد في تشخيص امراض المعدة، فاننا اذا عجزنا عن نزعها من الجسم كما تنزع اجزاء المكنات لفحصها واصلاحها بعدسة العين فلا أقل من أن نراها وهي في مكانها بعدسة الجماد. ومن عجائب ما تستخدم فيه الكمرات مما يتصل بالطب ما قرأته أخيراً عن مريض في البرازيل أصابه في عينه مرض أعجزّ الأطباء. وكان لابد من تشخيصه عاجلا والا فقد المنكود بصره. وفي وقت غاية في القصر صوروا عيني المريض وأبرقوا بالصور على اسلاك التلغراف الى برلين الى احد الأخصائيين، وما لبث هذا الأخصائي في فحصها وعاد فأبرق الى البرازيل بالداء والدواء وبهذا نجا المريض من ظلام ليل دائم
أحمد زكي