الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 323/الشيخ الخالدي أيضا

مجلة الرسالة/العدد 323/الشيخ الخالدي أيضا

بتاريخ: 11 - 09 - 1939

ً

للدكتور عبد الوهاب عزام

نقلت في المجلس السابق حديث الشيخ عن العلماء أصحاب الخطوط الجيدة. وقد لقيت الشيخ من بعد فقال:

ومن جيدي الخط صدر الدين القونوي وتلميذه سعد الدين الفرغاني شارح التائية - تائية ابن الفارض - وأبو منصور الجواليقي، رأيت بخطه نصف كتاب المحكم لابن سيده؛ والملك المعظم الأيوبي؛ وابن الأثير المؤرخ رأيت بخطه المؤتلف والمختلف لعبد الغني بن سعيد الحافظ المصري، وهو محدث كبير يعد من أقران ابن عبد البر والحافظ النيسابوري. ومن أصحاب الخطوط الجيدة من علماء الأندلس أبو حيان النحوي وأبو الربيع سليمان الكلاعي صاحب السيرة الكلاعية أجل كتاب في سيرة الرسول

ثم قال: ومن أرادأ العلماء خطاً نجم الدين النسفي صاحب العقائد، والإمام الحصيري أستاذ الملك المعظم، وهو شارح الجامع الكبير لمحمد بن الحسن، والعلامة التفتازاني وابن حجر. ومن علماء الأندلس ثم الإسكندرية الطرطوسي

وأما السيوطي والسيد الشريف الجرجاني والقطب الشيرازي والزمخشري وابن الأثير المحدث وابن مالك وابن هشام وابن عقيل النحويون فخطوطهم وسط بين الجيد والرديء

ولقيت الشيخ مرة أخرى فقال:

الشيء بالشيء يذكر: ومن أصحاب الخطوط الجيدة أبو الريحان البيروني وعبد الملك بن مسرة اليحصبي أستاذ ابن رشد القيلسوف؛ رأيت بخطه مدونة الإمام مالك وفي آخر كل جزء:

بالله يا قارئ استغفر لمن كتبا ... فقد كفتك يداه النسخ والتعبا

ومنهم الحافظ المنذري صاحب الترغيب والترهيب وكان مدرس دار الحديث الكاملية

ومن أصحاب الخطوط الرديئة شمس الدين الفنري صاحب فصول البدائع في أصول الشرائع، وهو مجلدان كبيران وشارح مفتاح الغيب لصدر الدين العوكزي

وحسب كتاب البدائع أن الفنري ألفه في اثنتين وثلاثين سنة مع أنه شرح إيساغوجى في يوم واحد فيما يقال.

ومن ذوي الخط الرديء أيضاً ابن منظور المصري؛ رأيت بخطه جزأين من مختصر تاريخ دمشق والدارقطني المحدث؛ رأيت بخطه كتاب الكنى والأسماء للإمام مسلم، ومنهم ابن الصلاح، وابن خلدون. ومن متوسطي الخط الحافظ السلفي

قلت: ولا تنس العبد الفقير فهو من أصحاب الخطوط الرديئة

- 2 -

ولقيت شيخنا بعد أن نشرت في الرسالة مقالي عن طرطوس وقبر الخليفة المأمون فتحدثنا عن هذه البلدة، وما كان لها من مكانة في الشعوب الإسلامية، فقال الشيخ:

كنت أعجب حين اقرأ في تاريخ كثير من علمائنا أنهم أقاموا في طرسوس، ولا أدري لماذا عني هؤلاء العلماء بالرحيل إلى هذا الثغر القصي، حتى قرأت في تاريخ أحدهم أنه سافر لأداء فريضة الحج ثم رحل إلى طرسوس للمرابطة، فعرفت أن علماءنا الذين رحلوا إلى طرسوس كانوا يؤدون سنة من سنن الإسلام في مرابطة العدو على الحدود الإسلامية

ممن رحل إلى طرسوس أبو عبيد القاسم بن سلام، أقام هناك زهاء اثنين وعشرين عاماً، وأبو داود المحدث صاحب السنن أقام بها إحدى وعشرين سنة وألف (السنن) هناك، وعبد الله بن المبارك كان يتردد على طرسوس ويطيل الإقامة بها، والثاني أقام وحدث فيها طويلاً. وممن رابط هناك أيضاً أبو زيد المروزي صاحب أعلى إسناد للبخاري، والإمام أحمد، ويوسف ابن أسباط وهو محدث عظيم أجل من ابن المبارك، أقام بطرسوس أكثر من عشرين سنة، وإبراهيم بن أدهم أقام بها ما لا يقل عن عشرين سنة. ولابن المبارك كتاب في مدح طرسوس وأهلها المجاهدين

وكان طرسوس والمصيصة وأذنه والهارونية من مواضع الرباط يكثر العلماء الإقامة فيها

قلت: هذا سر من أسرار عظمة الإسلام وعلوه، وتمكن المسلمين في الأرض. كان علماؤنا لا يرون العبادة اعتكافاً واعتزالاً ولكن جهاداً ورباطاً، كانوا يرجعون إلى الثغور القاصية على بعد الشقة ليجاهدوا أو يرابطوا فسيطروا على الدنيا بالدين ولم ينبذوها من أجله. كانوا كما كان الخليفة الرشيد عباداً حجاجاً غزاة مرابطين:

فمن يقصد لقاءك أو يرده ... ففي الحرمين أو أقصى الثغور

- 3 - وحادثت الشيخ في الكتب والمؤلفين فقال:

أربعة كتب يجب عليكم أن تنشروها

1 - كتاب العين، النسخة التي هذبها أبو بكر الزبيدي الأندلسي. رأيتها في مدريد بخط أندلسي جميل

2 - كتاب الفعال لابن القطاع. منه نسخة كاملة في مكتبة واحدة في استنبول

3 - وكتاب الأفعال، للسرقسطي ألفه للمنصور بن أبي عامر ومنه نسخة في استنبول وقد نقلت مقدمته كلها

4 - والغريب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام. رأيت نسخة منه منقولة عن الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين وهي نسخة صحيحة

قال: وليت عملكم يتسع لنشر كتب أخرى مثل شرح كتاب سيبوبه للسيرافي والتهذيب للأزهري والاشتقاق الكبير لابن دريد وشرح التسهيل لابن حيان الأندلسي

ومن نوادر الدهر نسخة ابن القطاع من صحاح الجوهري عليه حواش بخطه واستدراكات. قلت: كم لأسلافنا من كتب مفيدة لم تنل حقها من العناية. وعسى أن يوفقنا الله إلى نشرها والاستفادة منها وهو ولي التوفيق

عبد الوهاب عزام