الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 321/المسرح والسينما

مجلة الرسالة/العدد 321/المسرح والسينما

مجلة الرسالة - العدد 321
المسرح والسينما
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 28 - 08 - 1939


من التاريخ

النهضة المسرحية في مصر

ونصيب الفرقة القومية منها وواجبها حيالها

كيف قامت النهضة المسرحية على يد فرقة رمسيس؟

لكي نجيب على هذا السؤال يجب أن نعود خطوة أو خطوتين إلى ما قبل بدءِ هذه النهضة، كيما نرسم تلك الفترة الغريبة التي مر بها المسرح وقتذاك لنرى في أي بيئة نشأت فرقة رمسيس، وفي أي ظروف أنشئت؟

نحن في عام 1917، والحرب الكبرى ما تزال في أيامها العصيبة، والناس هنا يسمعون بها، وتصل إليهم أخبار أهوالها ويعانون الأزمات الناشئة عنها. بيد أن أكثرهم كان بعيداًِ عن الاصطلاء بنارها، وعلى كل حال لم يكن بهم من حاجة لقليل أو كثير من المآسي يضيفونها إلى مآسي الحرب وآلامها. كان بهم حاجة في الواقع إلى ما يفرج عن نفوسهم ويخفف عن صدورهم وقر الحياة والأيام العصيبة التي تجتازها الدنيا حينذاك.

ومن ثم، فإنهم كانوا أقرب إلى تناول الأشياء المرحة منهم إلى تقبل ما يفجع أو يخلق الأحزان ويثير كوامن الذكريات الأليمة

وقامت السينما ودور اللهو بنصيبها في هذا السبيل، وقام أبناء المسرح بنصيبهم أيضاً؛ وبدأت الفرق الهزلية تنتعش وتزجى بضاعتها، فيقبل عليها الناس!

كان بربري مصر الوحيد يعمل في: (كازينو دي باري) عند مدام مارسل، بين عشرات من الفتيات الجميلات!

وكان عزيز عيد، وروز اليوسف، ونجيب الريحاني وغيرهم يعملون حيناً في (الأبيه دي روز)، وحيناً آخر في (مسرح برنتانيا القديم)، أو على غير ذلك من مسارح كانت قائمة وقتذاك

كان هؤلاء جميعاً يعملون ليضحكوا الناس وليدخلوا المسرة إلى قلوبهم والنشوة إلى نفوسهم. حتى خرج إليهم نجيب الريحاني بشخصيته الطريفة: (كشكش بك) عمدة كف البلاص. فأحدث بها ثورة في دنيا الهزل! وراح يلقي بنصائحه الغالية من على منبر (الأجبسيانة): فيتحدث عن النساء اللائي سلبن لبه وشغلن باله، وجعلنه يبيع الأطيان، ويرهن الضياع ليستمتع بهن في مصر أم الدنيا! ووضع أمين صدقي رواية (حمار وحلاوة) وأخرجها نجيب الريحاني على مسرح (الأجبسيانة) فنالت نجاحاً منقطع النظير، وكانت بدء عهد جديد للمسرح الهزلي في مصر، ولأول مرة في تاريخ المسرح المصري لاقت رواية كل هذا الإقبال من الجمهور، حتى ظلت تعرض حوالي أربعة شهور!

وكانت بمثابة إعلان ضخم عن هذا النوع الاستعراضي من الروايات المرحة الصاخبة بألحانها وموسيقاها، وراح الناس يتغنون أغانيها وينشدونها في الطرقات والبيوت؛ وراح أهل المسرح ينسجون على منوالها! وبينما بربري مصر الوحيد يقول لمن حوله من الفتيات: (اللي في الدست تطلعه المغرفة)! ومصطفى أمين يطربهم بصوته البلدي الممتع. . . يجد أمين صدقي أن من الخير له أن يترك نجيب ليغترف من ذهب مدام مارسل، ويفيء في ظلالها ونجد نجيب في بديع خيري من يقوم بمهمته عنده فيحسن القيام بها

ومضى كل في سبيله. فلا تنقضي بضعة شهور حتى لا يكون في مصر غير: (كشكش بك) و (بربري مصر الوحيد)! وحتى لا يكون فيها غير شارع واحد بلغ صيته الآفاق هو شارع عماد الدين!

ويتضاءل شأن المسرح الأدبي وينزوي أبطاله حيارى لا يدرون ما يفعلون. ولقد وصل الحال بجورج أبيض بطل التراجيدي أن يستعين باسم (كشكش بك) وروايته (حمار وحلاوة) ويتخذ منهما شفيعاً لدى الجمهور ليقبلوا على شهود روايته العظيمة (أوديب الملك)، وعرضت (أوديب) إلى جانب الفصل الأول من (حمار وحلاوة) على مسرح الأجبسيانة، وسمع الناس (تجعيرة) أوديب إلى جانب صوت أبو الكشاكش المبحوح!

إلى هذا الحد من المهانة انحدر التمثيل الجدي، أو قل - في تعبير لطيف - إنه ما عاد يشغل عقول الناس بعد الذي كان من شأن المسرح الهزلي.

في هذه الظروف، وفي تلك البيئة، نبتت شخصية كانت مجهولة؛ وظلت مجهولة إلى حد ما حوالي خمسة أعوام بعد ذاك. هذه الشخصية هي التي تزعمت نهضة المسرح في فرقة ومسرح رمسيس عام 1922.

كان يوسف وهبي بن عبد الله باشا وهبي طالباً من طراز طريف، كان أخوه محمد بك وهبي صاحب مدرسة وادي النيل الثانوية، وكان اسم يوسف وهبي الطالب الفخري مدرجاً بين أسماء الطلبة العاملين! وما كانوا يشهدونه إلا لماماً، إذ يجدونه كل بضعة أسابيع إلى جوار زميله وصديق الصبا مختار عثمان يتحدثان في غير الدرس ويصغيان لغير وحي العلم، كان كل منهما موجوداً بجسمه، غائباً بعقله في ملكوت الفن الجميل.

وفي نهاية العام شهد الطلبة زميلهم يوسف وهبي على مسرح المدرسة في مونولوج ظريف، صور فيه صاحبه جنديً جباناً يدعى (هتشكو)، يصارع الخوف فيصرعه، ويدعى الشجاعة، وهي منه براء!

وطاف يوسف بمونولوجه بعض الحفلات المدرسية وغيرها. فرأى الناس فيه شيئاً فذاً عجيباً إلى جانب (مونولوجست) ذلك الزمان من أمثال: عبد الله شداد، ومحمد عبد القدوس، وحسن فائق، وحسني رحمي، وأحمد عسكر. . . وغيرهم، كان يوسف شيئاً آخر سواهم، كان يعني أشد عناية بشخصية الجندي الجبان ويمثلها أبرع تمثيل، ويغالي فيها بعض الشيء. فيسترعي الانتباه وينال الإعجاب!

ودارت الأيام سراعاً، ووضعت الحرب أوزارها، واشتعلت نيران الثورة في مصر، وتطور فن المونولوج، وكل فن، وكل شيء في مصر. واتجه المسرح اتجاهاً وطنياً شعبياً في الحدود التي سمح له بها، وبينما يشهد الناس مصرع (العشرة الطيبة) على مسرح الكازينو دي باري لتدخله في السياسة من قريب أو بعيد، إذ بهم يشهدون مصرع (حنجل يويو) من بعدها لنفس السبب ولأسباب أخرى تتصل بالأديان!

بيد أنهم شهدوا في الرواية الأخيرة شخصية يوسف وهبي - لأول مرة - في دور (أستاذ) بجبته وقفطانه وعمامته، ورأوا فيه شيئاً جديداً يسترعى انتباههم، لكنه سرعان ما توارى فلم يسمعوا باسمه، ولم يعلموا بخبره إلا في عام 1922 حينما ظهرت الإعلانات المضيئة على باب مسرح رمسيس تعلن عن أسماء أبطال وبطلات فرقة رمسيس بطريقة مبتكرة هي إحدى تفانين يوسف وهبي بطل الإعلان في الشرق وكان الناس ينظرون ويسخرون من هذه الجماعة التي تورط نفسها في هذا العمل العظيم، وتحاول بجرأة أن تحمل أعباء النهضة المسرحية عن أكتاف من ناءوا بحملها من جبابرة المسرح، وفي وقت لم يكن يرجى فيه للمسرح الأدبي أي نصيب من الحظوة عند الجمهور

الإنتاج السينمائي في مصر وعلة ضعفه

الإنتاج السينمائي في مصر ما يزال ضعيفاً رغم بعض الروايات الناجحة، أو التي يصح اعتبارها ناجحة بالقياس إلى غيرها، وعلة الضعف فيما نرى هو عدم وجود الرواية السينمائية الكاملة. أما أوجه النقص الأخرى فقد أمكن تداركها، فكل الأعمال الفنية الآلية قد تهيأت لبعض الاستديوات في مصر مجلوبة من مصانعها في الخارج، وكذلك بعض الرجال الفنيين الذين تحتاجهم هذه الآلات وهذه الأعمال؛ وإذا كانت التربة المصرية قد أنبتت وأثمرت بعض المخرجين المصريين من الشباب، فإن استخدام بعض الأجانب قد عوض عن النقص الموجود. وقد أثبتت التجارب أن ممثلينا وممثلاتنا يصلحون إلى حد ما للعمل السينمائي كما أن بعض الوجوه الجديدة قد برزت في الميدان وأثبتت وجودها!

أما التأليف السينمائي فقد دلت الأيام على أنه الشيء الوحيد الذي ينقص إنتاجنا السينمائي ويشل حركته أو يؤخرها

سمعت مخرجاً يقول: إن الرواية السينمائية تعتمد في نجاحها على الإخراج، أما الموضوع فهو آخر ما يعتد به، لأن المخرج النابه يستطيع أن يأتي بالمعجزات من لا شيء. وهذا لا يعدو أن يكون كلام مخرجين يطبلون لأنفسهم ويزمرون. أما الواقع فهو أن الرواية القوية هي أول ما يعتد به في صناعة السينما وكل ما عدا ذلك إن هو إلا (رتوش) للصورة وتجميل لها. لذلك ننصح منتجينا أن يفتشوا أولاً عن (الرواية) فإذا وجدوها فإن الباقي سهل وميسور، ومهما بذلوا في سبيل الحصول على الرواية الكاملة فإن النصر الأكيد الذي يأتيهم عن طريقها سيجعلهم بعد ذلك يضاعفون البذل والعطاء شاكرين لنا هذه النصيحة التي نقدمها إليهم بلا ثمن

(فرعون الصغير)

السينما والصيف

تطور الحال، وصار للسينما في الصيف موسم يعمل له حساب بعد أن كان الأمر غير ذلك منذ سنوات قليلة، حين كانت أغلب دور السينما لا تعمل إلا شتاءً. فإذا عملت صيفاً، فإنها لا تلقى إلا إقبالاً قليلاً. أما اليوم وبعد أن أنشئت دور السينما الصيفية، وزاد الإقبال عليها زيادة هائلة، وأصبحت تدر ربحاً وفيراً، إلى جانب تكاليفها الزهيدة. فقد بدأت الشركات تعمل حسابها للموسم الصيفي، وتعد له العدة كالموسم الشتوي على السواء، وسيكون لهذا أثر ملحوظ في صناعة السينما، وسيكون من شأنه زيادة الإنتاج ووفرة الأرباح وشدة التنافس؛ وبالتالي ازدهار صناعة السينما وتقدم شأنها عند الأمم

بعض روايات الموسم القادم

  • انتهى العمل من روايتي (العزيمة) و (حياة الظلام)
  • تم إخراج (يوم سعيد) ولم يبق إلا بعض الأعمال الفنية الأخيرة
  • يعمل الأستاذ جلال في إخراج (إرمانوسه) للسيدة آسيا والآسنة ماري كويني.
  • يخرج إخوان لاما (قيس وليلى) على طريقتهم المعروفة.