مجلة الرسالة/العدد 317/البَريدُ الأدَبيّ
→ من هنا ومن هناك | مجلة الرسالة - العدد 317 البَريدُ الأدَبيّ [[مؤلف:|]] |
رسالة النقد ← |
بتاريخ: 31 - 07 - 1939 |
الأب أنستاس ماري الكرملي والمنضدة
قال العلامة الأستاذ الأب أنستاس ماري الكرملي في كلمة عنوانها (مباحث عربية) في الجزء الأخير من مجلة (المقتطف) الغراء: (وجدناه (أي صاحب مباحث عربية) استعمل (المنضدة) ص 27 وقد شاعت على يراع كتبة هذا العهد، ناقلاً إياها عن (أقرب الموارد) للشرتوني، أو عن كاتب عثر عليها في المعجم المذكور، فهي لفظة لم ترد في كلام فصيح ولا ترد على أسلة مؤلف بليغ ثقة يعتمد عليه. وصوابها (النّضَد) كما ذكرها أرباب الدواوين اللغوية، وهي من باب تسمية الشيء باسم المصدر)
أقول: قالت (الجمهرة): (النضد متاع البيت وكثر في كلامهم حتى سموا السرير الذي ينضد عليه المتاع نضداً) وفي (اللسان): (سمي السرير نضداً لأن النضد عليه) ونحو من ذلك في (المصباح والتاج)
وقال الإمام الزمخشري في (أساس البلاغة): (المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نضدهم)
فسبب التسمية قد ذكروه، وفي اللسان العربي: النضد والمنضدة
الأب أنستاس إذا نقد أفاد، وإذا نقد لم تعدم الأدباء فائدة فله الفضل في كل حالة
من هذيان الحر
تحت هذا العنوان كتبنا مقالاً في عدد مضى من الرسالة سخرنا فيه من الأرستقراطية سخراً أوضح من الصراحة؛ ولكن إفراط الحر على الإفهام في هذه الأيام جعل الأستاذ محرر (همسات الأندية الأدبية) في مجلة (زهرة الشرق) يقرأ المقال على ظاهره فظن أننا (نعرض بحكم الشعب وندعو إلى حكم الأرستقراطية ونتهكم بالعامل والزارع ونفتخر بالأمير والسيد) ثم أراد أن يدلل على صحة ما فهم فساق كلمة من المقال هي غاية التهكم فيه. ولولا رعايتنا لكرامة الكاتب لدللناه على السخرية في الفقرات التي نقلها على الأقل؛ ولكننا نرجو أن يعيد قراءة المقال ليعلم أنه جزء من سلسلة أولها (فلاحون وأمراء) وآخرها (حلم ليلة صيف) وكلها متساوقة الأجزاء إلى الاستهزاء بالأرستقراطية. وليت شعري إذا كان هذا مبلغ الأدباء من فهم الكلام، فكيف يكون حال الجهلاء والعوام؟! جماعة الفن والحرية
حضرة الأستاذ الكبير أحمد حسن الزيات
نحن نعلن لأسرة (الرسالة) أن كلمتي (الفوضى) و (الفن المنحط) اللتين اتهمنا بهما لم تخرجا من وحي تفكيرنا، وإنما جاءنا من خلق طائفة من الناس ترى في كل حركة تجديدية خروجاً على التقاليد والأخلاق، وجموحاً بالحرية إلى حد الفوضى، وخطراً في الأنظمة الاجتماعية المعاصرة التي تهيئ لأفراد هذه الطائفة أكبر قسط من الكسب المادي.
إن جماعة (الفن والحرية) حركة اجتماعية بقدر ما هي حركة فنية تعمل للفن من أجل الفن. ذلك أن مظاهر الفكر البشري والعواطف الإنسانية بصورها المختلفة حتى صور الفلسفة العليا منها لا تخرج في نظرنا عن حدود التعبير الناشئ عن اصطراع التيارات المتعاملة داخل الهيئة الاجتماعية.
والمجتمع المصري بحالته الراهنة مجتمع مريض مختل، فقد الاتزان لا في مقاييسه الخلقية فحسب، بل في أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية أيضاً. ومثل هذا المجتمع المقبل على النهوض يجب أن تترك فيه الحرية المطلقة للكتاب والمفكرين في نشر آرائهم الجديدة للانتفاع بالحلول التي يعرضونها لعلاج المشاكل المتعددة.
وجماعة (الفن والحرية) فئة من الشباب راعها ما رأت من انحلال عناصر القوة في مصر. فكرست جهودها لدراسة مسببات هذا الانحلال، ولإيجاد الحلول التي ترى أنها قد تعود بالخير على المجموع. فهي ليست متأثرة بحركة أجنبية، وإنما هي حركة مصرية أكثر ما يمكن أن يقال فيها إنها ستكون مهداً لنضوج الأفكار الجديدة التي ستهيئ أسباب التطور لهذه البلاد.
أما إن كان الفن الذي تبشر به جماعة (الفن والحرية) منحطاً أو غير منحط فهذا أمر لا يمكن الوصول فيه إلى نتيجة حاسمة بنقاش يثار على صفحات مجلة من المجلات. وخير من هذا الجدل أن تلبي أسرة (الرسالة) دعوة الجماعة لزيارة معرضها حتى تكون على بينة تدعمها المشاهدة من حقيقة الاتجاهات التي ترمي إليها
أنور كامل الوحدة الإسلامية
إلى الأستاذ الفاضل ساطع الحصري بك
قرأت مقالكم (حول الوحدة العربية) الذي تردّون فيه على الدكتور طه حسين، في العدد (315) من الرسالة الغراء فلفتت نظري فيه الجملة الآتية:
(وأؤكد لكم أنني - بقدر ما أؤمن بفكرة العروبة، وبقدر ما أعتقد بإمكان الوحدة العربية، وبقدر ما أقول بوجوب السعي وراء تحقيقها - أعتقد باستحالة الوحدة الإسلامية)
فهل لي أن أسألكم سيدي الأستاذ، علام بنيتم اعتقادكم هذا؟ وعلى أي أساس أصدرتم حكمكم باستحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟ إن من المعروف لدى الخاص والعام أن رابطة الإيمان والعقيدة أقوى من روابط اللغة والعادات والمصالح، وأن التقارب بين الناس والتفاهم، يقوم - مع وحدة اللغة - على وحدة المبادئ والعقائد والغايات. وهاهي ذي مبادئ الشيوعية والاشتراكية والماسونية وغيرها تجمع بين أناس اختلفت لُغاهم وأجناسهم وبلادهم وأقاليمهم، ولم يمنعهم هذا الاختلاف كله من أن يتفاهموا ويتقاربوا ويجتمعوا على خطة واحدة ومبدأ واحد، أفتكون مبادئ الإسلام مانعة من اتحاد المؤمنين بها واجتماعهم؟
يعلم الأستاذ أن العرب في الجاهلية كانوا متنافرين متخاصمين مع أن لغتهم كانت واحدة، وعنصرهم واحداً، وأن الإسلام قد آخى بين العربي وغير العربي وجمعهم على مبادئه السامية وألّف بين قلوبهم، وجعلهم أمة واحدة رغم اختلاف الأجناس واللغات، أفتكون هذه الوحدة التي أمكن تحقيقها في عصر صدر الإسلام وعصر الأمويين والعباسيين ومن أتى بعدهم، مستحيلة في عصرنا هذا؟ إن كل مسلم في سورية أو مصر أو العراق يعتقد أن المسلم الهندي أو الياباني أو الأوربي أخ له كأخيه المسلم الذي يعيش معه جنباً إلى جنب ففيم استحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟
أنا لا أنكر إمكان تحقق الوحدة العربية ولا أقول بمقاومتها ولكنني أعتقد - ويعتقد معي كل مسلم على وجه الأرض - أن الوحدة الإسلامية أقوى من كل وحدة سواها، وأن تحقيقها أسهل من تحقيق أية وحدة أخرى، فهل لكم أن تبينوا لي خطأ اعتقادي هذا، وأسباب استحالة تحقيق الوحدة الإسلامية؟ (دمشق)
ناجي الطنطاوي
تقريب الكتب القديمة وعرضها عرضاً حديثاً
كانت لجنة تقريب الكتب العربية القديمة إلى أذهان الناشئة وعرضها عرضاً حديثاً قد اجتمعت في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الاثنين 12 يونية سنة 1939 برياسة حضرة صاحب العزة الأستاذ محمد العشماوي بك وكيل المعارف ونظرت في الكتب العشرة التي قررت الوزارة البدء بتقريبها كخطوة أولى لتنفيذ هذا المشروع الأدبي. ثم عرضت أسماء الأدباء الذين يختارون لهذا التقريب واستقر الرأي على أن تلحظ اللجنة في اختيارها لكل كاتب قوة التمكن من الثقافة العربية والاختصاص في الدراسات الأدبية واستغلال الثقافة الغربية ما أمكن ذلك عند بعض الأدباء المعاصرين للانتفاع بها في توجيه طرائق التقريب والعرض توجيهاً فنياً حديثاً
وبعد مراجعة الأسماء والمناقشة في كل كتاب بمفرده تقرر الاختيار وفقاً لهذا البيان. ثم رفع إلى حضرة صاحب المعالي وزير المعارف فأقره بعد تعديل يسير. وإليك هذا البيان
1 - الكامل للمبرد
(ا) الأستاذ السباعي بيومي المدرس بدار العلوم
(ب) الأستاذ مصطفى السقا المدرس بكلية الآداب
2 - البيان والتبيين للجاحظ
(ا) الأستاذ محمد صفوت المدرس بدار العلوم
(ب) الأستاذ عبد الوهاب حمودة المدرس بكلية الحقوق
3 - الأمالي لأبي علي القالي
(ا) الأستاذ محمد شتا مدرس أول اللغة العربية بمدرسة الخديو إسماعيل الثانوية
(ب) الأستاذ إبراهيم مصطفى مدرس بكلية الآداب
(ج) الأستاذ عبد العزيز احمد بمجمع فؤاد الأول للغة العربية 4 - ديوان أبي تمام
(ا) عبده عزام أفندي معيد بكلية الآداب
(ب) خليل عساكر أفندي معيد بكلية الآداب
وسيضاف إليهما أستاذ من دار العلوم أو من كلية الآداب
5 - ديوان البحتري
(ا) الأستاذ عباس محمود العقاد
(ب) الأستاذ عبد الرحمن شكري
6 - ديوان شوقي
(ا) الأستاذ أحمد حسن الزيات
(ب) الدكتور زكي مبارك
(ج) الأستاذ أحمد الزين بدار الكتب
7 - تاريخ ابن خلكان
(ا) الأستاذ أحمد الشايب المدرس بكلية الآداب
(ب) الأستاذ محمد مأمون نجا المدرس بالتوفيقية الثانوية
(ج) الأستاذ حسن علوان المدرس بالتوفيقية الثانوية
8 - كتاب الروضتين في أخبار الدولتين
(ا) الأستاذ عبد الله عنان بالداخلية
(ب) الدكتور محمد مصطفى زيادة أستاذ مساعد بكلية الآداب
(ج) عبد اللطيف حمزة أفندي معيد بكلية الآداب
ولقد رأت اللجنة أن تعرض الكتب القصصية عرضين:
(1) عرضاً فنياً
وفيه يستلهم الكاتب روح الكتاب القديم وطريقته وفنه وينهج نهجه بطريق فني جديد
(2) عرضاً علمياً وفيه تعرض دراسة علمية وافية عن الكتاب وتاريخه والترجمة لصاحبه وأثره في الأدب والثقافة العامة وكان اختيارها في القصص على هذا الأساس
9 - قصة عنترة
للعرض الفني
(ا) الأستاذ محمد فريد أبو حديد
(ب) الأستاذ محمد سعيد العريان
للعرض العلمي
(ا) الأستاذ حامد عبد القادر
(ب) توفيق الطويل أفندي
10 - ألف ليلة وليلة
العرض الفني
(ا) الأستاذ إبراهيم المازني
(ب) الأستاذ توفيق الحكيم
العرض العلمي
(ا) الأستاذ محمد خلف الله المدرس بكلية الآداب
(ب) الآنسة سهير القلماوي
حول نعيم الجنة
إن للدكتور زكي مبارك أسلوبه في الكتابة، وله أن يتظرف فيه أو يتمجن ما شاء مادام يكتب في الأدب الذي هو دكتور فيه. لكن الذي ليس له والذي لا يمكن أن يقره أحد عليه هو أن يتظرف أو يتمجن حين يكتب في الدين أو حين يدعو لله سبحانه.
لقد رأى في مقالاته الأخيرة في الرسالة أن يستشهد بالدين فأتى باستشهادات خطأ كلها. لكن لا لهذا نوجه اللوم إليه الآن؛ إنما الذي نأخذه الآن به هو ما ختم به خطابه المنشور في العدد 316 من الرسالة تحديداً لرأيه في نعيم الجنة في الإسلام. هو رأي وافق شطره الصواب، ولو قد وقف عند الآية الكريمة (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) في موضعها من خطابه فختمه بها لكان خطابه ذلك من أحسن ما كتب. لكن شيطان المجون فيه أبى إلا أن يفسد عليه ذلك الجواب حين أوحى إليه أن يكتب فقرتين بعد ذلك قال في أخراهما خطاباً لله سبحانه: (اشغلني عنك يا رباه! بما سيكون في الجنة من أطايب النعيم)! فهل رؤى سوء أدب وسوء فهم للدين كالسوءين المتجسمين في دعاء زكي مبارك هذا؟ وهل يظن زكي مبارك أن أهل الجنة حين ينعمون فيها يشغلهم عن ربهم شاغل؟ إنهم لم يستحقوا ذلك النعيم إلا بأنهم لم ينسوا الله في الدنيا. فهل يظن هذا الماجن أنه سبحانه ألزمهم ذكره وعبادته في الدنيا ليأذن لهم في نسيانه والانشغال عنه في الآخرة؟
لو كان زكي مبارك يفقه في الدين شيئاً لعرف أن نعيم الجنة الحسي يصبح غير نعيم لو تجرد من رضوان الله أو شغل عن الله. ولو كان لدى زكي مبارك من روح الإسلام شيء ما اجترأ على الله في الخطاب هذا الاجتراء المتجسم في دعائه ذلك، ولأدرك أنه يأتي به كبيرة توشك إن لم يتب منها مخلصاً أن تكبه على وجهه حيث لا نعيم للبدن ولا اطمئنان للروح
محمد أحمد الغمراوي
كتاب في الدين الإسلامي
سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة
هنا في قلب الجزيرة السودانية حفنة طيبة من الشباب تربطهم بأسرة الرسالة رابطة الأدب والثقافة. وقد أصبح الفرد منهم يعرف أفراد هذه الأسرة الطيبة المباركة معرفة كلها تقدير وإعجاب
والأستاذ علي الطنطاوي من أولئك الشبان الذين نتخذهم قدوة حسنة لنا، ونرى في تتبع خطواتهم تحقيقاً لمثلنا العليا. والدافع لي إلى أن أكتب هذا هو ذلك المقال الممتع الذي قرأناه في العدد 314 من الرسالة، والذي يقترح فيه الأستاذ الفاضل تأليف كتاب في الدين الإسلامي على طريقة حديثة تكفل لنا الإلمام بتعاليم ديننا وتعيننا على تفهمه. والذي يهمنا هو أن يجد هذا الاقتراح كل عناية وتقدير من علمائنا وأدبائنا الأفاضل، ما دامت (الرسالة) الغراء قد فتحت لهم الباب على مصراعيه لبحث هذا الموضوع الديني القيم أملاً في تنفيذ هذا المشروع، وإبرازه إلى حيز الوجود ليكون فاتحة عهد جديد لإحياء تراثنا الأدبي والديني إن شاء الله.
هذا - وللأستاذ علي الطنطاوي ولأسرة الرسالة المباركة منا كل شكر وتقدير.
(واد مدني)
سليمان بخيت
تصويب
سقط سهواً من مقال الأستاذ ساطع الحصري بك المنشور بالعدد 315 بالصفحة 1389 سطر في آخر العمود الثاني، ونعيد هنا نشر هذه الفقرة وفيها هذا السطر المنسي تحته خط:
(الوحدة العربية كما يفهمها ذووها يجب أن تتحقق بشكل إمبراطورية جامعة أو اتحاد مشابه للاتحاد الأمريكي أو السويسري)
ونحن لا نرضى بهذا ولا بذاك
استدراك
نشرت رسالة الأسبوع الماضي أبياتاً لي تحت عنوان: (نبرات صوتك في المسرة) وقد نسى بيت من أبياتها فنذكر هنا البيت المنسي مع سابقه ولاحقه:
نبراتُ صوتك؟ ما المزاهر كلها ... مارنةٌ نشوى من العيدان؟
روَّيتِ أحلامي وهجتِ قصائدي ... فنظمتُ فيك قلائد العقيان
ووهبتك الآمال ملء خواطري ... وعلى سناك حبست حرّ بياني
العوضي الوكيل