مجلة الرسالة/العدد 306/نقل الأديب
→ التاريخ في سير أبطاله | مجلة الرسالة - العدد 306 نقل الأديب [[مؤلف:|]] |
(النيل) نعسان. . . ← |
بتاريخ: 15 - 05 - 1939 |
للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي
412 - والله لا أدري أنا
أمين الدين الحوباني الصوفي:
مت في عشقي ومعشوقي أنا ... ففؤادي من فراقي في عنا
غبتُ عني فمتى أجمعنى؟ ... أنا من وجدىَ مني في فنا!
أيها السامع تدري ما الذي ... قلتُه؟ والله لا أدري أنا. . .
413 - أراني وإياكم طرائق قددا
في (ثمار القلوب): قال ابن عائشة: كان للحسن بن قيس ابن حصين - ابن شيعي: وابنة حرورية وامرأة معتزلة، وأخت مرجئة، وهو سني جماعي فقال لهم ذات يوم: أراني وإياكم طرائق قددا.
414 - أول من قال (واي ويه، واي ويه).
في (الأغاني): لما قال ابن مناذر (في رثاه عبد المجيد الثقفي):
ولئن كنت لم أمت من جوى الحزن (م) ... عليه لأبلغن مجهودي
لأقيمن مأتماً كنجوم الليل (م) ... زهراً يلطمن حر الخدود
موجعات يبكين للكبد الحرى (م) ... عليه وللفؤاد العميد.
قالت أم عبد المجيد: والله لأبرن قسمه؛ فأقامت مع أخوات عبد المجيد وجواريه مأتماً عليه، وقامت تصيح عليه: (واي ويه! واي ويه!) فيقال: إنها أول من فعل ذلك، وقاله في الإسلام.
415 - الجد
قال أبو حيان التوحيدي: قال أبو غسان البصري - وقد ذكر جاهلاً مجدوداً - إن الجد ينسخ خال الأخرق ويستر عيب الأحمق، ويذب عن عرض المتلطخ، ويقرب الصواب بمنطقة، الصحة برأيه، والنجاح بسعيه. والجد يستخدم العقلاء لصاحبه، ويستعمل آراءهم وأفكارهم في مطالبه، ولو عرفت خبط العاقل وتعسفه وسوء تأتيه وانقطاعه إذا فارقه الجد، لعرفت أن الجاهل قد يصيب بجهله ما لا يصيب العالم بعلمه مع حرمانه.
قال أبو حيان: فقلت له فما الجد؟ وما هذا المعنى الذي علقت عليه هذه الأحكام كلها؟
فقال: ليس لي عنه عبارة معينة، ولكن لي به علم شاف استفدته بالاختبار والتجربة والسماع العريض من الصغير والكبير، ولهذا سمع من امرأة من الأعراب ترقص ابناً لها وتقول: رزقك الله جدُّا يخدمك عليه ذوو العقول، ولا رزقك عقلاً تخدم به ذوي الجدود.
416 - البياض لباس حزن
قال بعضهم في لباس أهل الأندلس البياض في الحزن مع أن أهل المشرق يلبسون فيه السواد:
ألا يا أهل أندلس فطنتم ... بلطفكم إلى أمر عجيب
لبستم في مآتمكم بياضاً ... فجئتم منه في زي عجيب
صدقتم فالبياض لباس حزن ... ولا حزن أشد من المشيب
417 - الفضيلة الجامعة والرذيلة المفرقة
في (الكلم الروحانية): قال أفلاطون: الفضيلة تجمع أهلها على المحبة، والرذيلة تفرق بين أهلها بالتنافر والبغضة: ألا ترى أن الصادق يحب الصادق، ويستنيم إليه، وكذلك الثقة مع الثقة، والحسن الخلق مع الحسن الخلق، وترى الكاذب يبغض الكاذب، والسارق يخاف السارق، وكل واحد منهما حذر من مجاورة صاحبه.
418 - دعوة مظلوم!
في (تاريخ بغداد) لابن الخطيب: قال جعفر لأبيه ابن خالد ابن برمك - وهم في القيود والحبس -: يا أبت، بعد الأمر والنهي والأموال العظيمة أصارنا الدهر إلى القيود ولبس الصوف والحبس؟! فقال له أبوه: يا بُني، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها، ولم يغفل الله عنها. ثم أنشأ يقول:
رب قوم قد غدو في نعمة ... زمنا والعيش ريّانُ غدق
سكت الدهر زمانا عنهم ... ثم أبكاهم دما حين نطق
419 - الإرشاد في خرق الأدب المعتاد في (فتوحات محمد بن عربي):
بتنا ليلة عند أبي حسن بن أبي عمر ابن الطفيل بأشبيلية سنة (592) وكان كثيراً ما يحتشمني ويلتزم الأدب بحضوري، وبات معنا أبو القاسم الخطيب وأبو بكر ابن وسام وأبو الحكم بن السراج وكلهم قد منعهم احترام جانبي الانبساط، ولزموا الأدب والسكون فأردت أعمال الحيلة في مبساطتهم. فسألني صاحب المنزل أن يقف على شيء من كلامنا، فوجدت طريقاً إلى ما كان في نفسي من مبساطتهم فقلت: عليك من تصانيفنا بكتاب سميناه (الإرشاد، في خرق الأدب المعتاد) فإن شئت عرضت عليك فصلاً من فصوله. فقال لي: أشتهي ذلك. فمددت رجلي في حجره، وقلت له: كبسني! ففهم عني ما قصدت، وفهمت الجماعة فانبسطوا، وزال ما كان بهم من الانقباض والوحشة، وبتنا ليلة في مباسطة دينية.