الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 304/البَريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 304/البَريد الأدبي

بتاريخ: 01 - 05 - 1939


حماية نفائس دار الآثار العربية

قد سبق لهذا القلم أن عاتب وزارة المعارف في هذا الباب من الرسالة، ولا سيما يوم عرض لدار الأوبرا الملكية ولمعهد الموسيقى العربية. ويحلو له اليوم أن يذيع أن وزارة المعارف حمت نفائس دار الآثار العربية إذ منعت خروجها من مصر. وهكذا تذكر الحسنات إلى جانب غيرها

والقصة أن جمعية (مصر - فرنسا) - القائمة في باريس رغبت إلى المستشرق المسيو فييت مدير دار الآثار العربية في مصر (وذلك بعقد يجدد كل سنتين) أن يظفر بموافقة الحكومة المصرية على الإرسال بأجمل القطع المحفوظة بالدار إلى باريس حتى تُمدّ معرض الفن الإسلامي المزمع إقامته هنالك. فاختار المسيو فييت نحو ثمانمائة تحفة وأوعز إلى معاونيه بجمعها وإعدادها للرحيل؛ وإذا وزارة المعارف تقف في وجه الأستاذ فييت وترفض أن تقره على عمله

ولا شك أن في عمل المسيو فييت بعض الشطط. ذلك أن قانون دار الآثار العربية - فيما أعلم - يحظر خروج محفوظاتها منها وإن قال قائل إن الدار سبق لها أن ترسل بتحف إلى معرض الفن الفارسي سنة 1931 وأُخرَ إلى معرض بروكسل سنة 1937، فالذي في الواقع أن تلك التحف كانت معدودة. وأما هذه الدفعة فقد حاول الأستاذ فييت أن يخرج من الدار ثمانمائة تحفة كلها من النفائس التي لا مثيل لها في سائر البلدان والتي بها تفخر دار الآثار العربية وتعتز مصر. ولو اتفق لهذه التحف أن تنفذ إلى باريس فما يكون مصيرها لو وقعت حرب أو تحطمت أو تثلمت أو أثر فيها الجو؟ من أين نجلب أشباهها؟

والوجه أن الآثار لا تخرج من بلد إذا كانت فريدة لا أخوات لها، ثم إنه يحسن أن تخرج نماذج لها بدلاً منها. وعلى هذا أقيم معرض النحت الفرنسي لهذه السنة في الجزيرة في مصر، وعلى هذا أكثر المعارض الرفيعة

وبعد، فالمأمول أن تعد وزارة المعارف نفسها معرضاً للفن الإسلامي تكل أمره إلى دار الآثار العربية، لأن مصر أحق البلدان في إقامة مثل ذلك المعرض، فنفائس دار الآثار لا تجاريها محفوظات المتاحف الأخرى؛ فضلاً عن أن عددها يبلغ هذا الرقم الجليل: 14350 بحسب الإحصاء الذي دونه الأستاذ فييت نفسه باللغة الفرنسية لشهر مضى في (الدليل الموجز لمعروضات دار الآثار العربية) على حين أن آثار الفن الإسلامي المحفوظة في باريس لا تكاد تتطلع إلى ذلك الرقم

بشر فارس

المبتدأ الذي لا خبر له

قرأت ما كتبه الأستاذ (أبو حجاج) في رد ما ذهبت إليه في إعراب المبتدأ الذي لا خبر له، فوجدته أولاً لم يحاول رد إعرابي بشيء، وهذا كسب عظيم لذلك الإعراب الجديد، وكنت أحب للأستاذ أبي حجاج أن يبطل إعرابي هذا قبل أن يحاول تسويغ إعرابهم، وإذا لم يكن إعرابي باطلاً - وهذا ما أرجوه إن شاء الله - فإني كنت أحب أيضاً أن يوازن بين الإعرابي ليرى كيف يستقيم أمر المبتدأ على إعرابي، فيكون مسنداً إليه باطراد، كما يستقيم ذلك في الفاعل ونائب الفاعل واسم كان واسم إن، وكيف يضطرب أمره في إعرابهم، فيجعل مسنداً إليه تارة ومسنداً تارة أخرى؛ مع أن الأصل فيه أن يكون مسنداً إليه. وليس هناك ما يدعو إلى جعله مسنداً إلا ذلك الإعراب الذي يغني عنه إعرابي، ولا شيء في أن يوضع هذان الإعرابان في ميزان واحد. وإن كان أحدهما متقدماً والآخر متأخرا، لأن مثل هذا الاعتبار لم يعد له وزن في عصرنا، وكم من متأخر رجح متقدماً

ووجدته ثانياً يحاول تسويغ إعرابهم بما أنكرته عليهم، فهو يسلم ما قلته من أنهم لم يسموا الشيء فاعلاً إذا كان في المعنى فاعلاً، وهكذا، ثم يقول إنهم كذلك لا يسمون الاسم مبتدأ إلا إذا كان مبتدأ في المعنى، أي إلا إذا كان اسما مجرداً عن العوامل اللفظية وهو إما مخبر عنه أو وصف رافع لما يغني عن الخبر. ولا يخفى أن هذا قياس مع الفارق كما يقولون، لأن ما سلمه من ذلك معناه ظاهر، وهو أن الشيء لا يسمى عندهم فاعلاً في الاصطلاح إلا إذا كان فاعلا في الواقع؛ أما الذي ذكره في المبتدأ فمعناه أنه سمى في الاصطلاح لأنه مبتدأ في الاصطلاح، وهذا تهافت ظاهر. ثم هو عين ما أنكرته عليهم، لأنه اصطلاح يلزم عليه إخراج المبتدأ عن أصله، وإدخال ما لا معنى لإدخاله فيه

والحق أن الوصف في مثل ذلك جار مجرى الفعل؛ وكما لا يصلح أن يكون الفعل مبتدأ، لا يصلح أن يكون ما جرى مجراه مبتدأ، ولهذا لم يصلح اسم الفعل لأن يكون مبتدأ لأنه جار مجرى الفعل، والفعل لا يصلح للابتداء به. فكذلك ما يجرى مجراه، وهذا هو الحق في اسم الفعل ولو قلنا إنه موضوع للدلالة على معنى الفعل، لا على لفظ الفعل، لأن الخلاف في ذلك يشبه أن يكون لفظياً، ولأن الفعل لا يصلح لفظه ولا معناه للابتداء به، وليس هذا الحكم قاصراً على لفظه فقط

وقد قال صاحب التصريح إن اسم الفعل يعرب مبتدأ على القول بأنه موضوع لمعنى الفعل، وهو قول غير مسلم عندي، وما أظن أن أحداً سبقه إليه، لأن الفعل لا يصلح لفظه ولا معناه للابتداء به، فكذلك ما يدل على معناه من اسم الفعل ونحوه، ولأنهم قصروا المبتدأ الذي لا خبر له على الوصف المعنوي، وهو ما دل على ذات ومعنى قائم بها، وقد أخرجوا منه المصدر لأجل هذا، إلا أن يكون مؤولاً بالوصف، ولا شك أن اسم الفعل مثل المصدر في أنه ليس وصفاً بذلك المعنى، فلا يصح أن يكون مبتدأ مثله. وما أحرى الأستاذ أبا حجاج أن يسلم لي مذهبي بعد هذا كله، والسلام عليه ورحمة الله

عبد المتعال الصعيدي

نقابة جديدة للموسيقيين. . .

وأخيراً وبعد هذا الزمن الطويل الذي قطعه الموسيقيون في تنافر وتنابذ وشقاق استطاع بعض المصلحين المثقفين منهم أن يلموا الشمل وأن يمهدوا لفكرة التعاون الصادق والإخاء الذي لا ينفصم فاجتمعت الآنسة أم كلثوم بالأستاذ محمد عبد الوهاب، حتى إذا اتفقا وتصافيا ونسيا كل شيء إلا خير الموسيقى ورفعتها والأخذ بيد أبنائها انتقل هذا الاجتماع من (سان جيمس) إلى دار الاتحاد الموسيقي الذي يرأسه الأستاذ إبراهيم شفيق. وقد حضر الاجتماع الذي انعقد يوم السبت 22 أبريل سنة 1939 بالدار من الموسيقيين والمطربات الأساتذة: الدكتور محمود أحمد الحفني مدير الموسيقى بالمعارف، وصالح عبد الحي، وإبراهيم شفيق، ومحمد بخيت، ومحمد القصبجي، وكامل إبراهيم، والسيدة فتحية أحمد. وقد استمر الاجتماع منعقداً أكثر من ثلاث ساعات ذلل فيها أكثر العقبات ورسم فيها أكثر الخطا. . . وقد انصرفوا على أن يجتمعوا بعد أسبوع لتكملة مشروعهم. ولعل الفرح الذي كانت تفيض به نفوس إخوانهم المنتظرين في أبهاء المعهد خير حافز لهم على التوفيق والنجاح. ولعل هذه الحركة المباركة هي المسمار الأخير الذي سيدق في نعش تلك الفوضى التي كانت تسود الجو الموسيقي والتي كانت تحرم الموسيقيين من نقابة ترعى حقوقهم وتسهر على مصالحهم. . .

المويلحي

إلى شباب الجامعة والأزهر

عرض الأستاذ الكبير العقاد في مقاله القيم: (يهتمون به فهل يعرفونه) المنشور في عدد الرسالة (الممتاز) لبعض الخلط والتمويه الذي يتطرق له الكثير ممن يتصدون للكتابة عن العرب والإسلام من أبناء الغرب. وبين يدي كتاب عن: (لورنس في جزيرة العرب) لرحالة أمريكي يدعى لوول ثماس رافق الكولونيل لورنس ردحاً من الزمن في جزيرة العرب أثناء الثورة العربية، حشاه بكثير من الأغاليط لا يعدو الباعث عليها أحد الأسباب التي أشار إليها الأستاذ الكبير في مقاله الآنف الذكر.

لو يتسع لي المجال لقدمت لقراء الرسالة طائفة من عجائب ذلك الكتاب، بيد أني سأقتصر على عجيبتين فقط

قال في ص51 أثناء كلامه عن الحجاج: (. . . وبعد أن يقوم الحجاج بتأدية الشعائر الدينية في مكة، يعودون إلى أوطانهم فيخضبون لحاهم ويعرفون بعدها بالحجاج، أو الرجال المقدسين. وقبل مغادرتهم مكة تسلم لهم تذاكر تضمن دخولهم الجنة).

واستطرد في ص223 إلى ذكر الوهابيين فقال: (وهؤلاء المدققون في أمور الدين، يريدون إبطال الحج، وإزالة كافة المزارات: كالكعبة المقدسة، وقبة النبي في المدينة).

وجل ما يكتب في الغرب عن العرب والإسلام على هذه الوتيرة وأثر هذه الكتابات سيئ وخيم العاقبة! فمكتبة شبابنا المتعلمين اليوم هي المكتبة الغربية، أصلية في الغالب، مترجمة في النادر. فحبذا لو تألفت لجنة من شباب جامعة فؤاد الأول، والأزهر، لنقد وتمحيص ما يكتب عنا، لا ليعلم أبناء الغرب حقيقتنا نقية غير مشوبة فقط، ولكن لنقي أبناءنا ما وسع الجهد من هذا الوباء الفتاك أن يسمم عقولهم. وما عهد الحملة التي وجهت في مصر لكتاب: (حياة محمد) ببعيد.

(البحرين)

(ت)

مخرج حاذق يفقد

من أخبار السينما المصرية أن شركة مصر للتمثيل والسينما رفضت تجديد عقد الأستاذ نيازي مصطفى المخرج المعروف وهذا أمر لا يفرح به من يهمه تقدم صناعة السينما المصرية، ولا سيما بعد ما شهدنا ما بذله من جهد في إخراج روايات ضئيلة الموضوع. وهو ممن تعرف قدرته في ألمانيا، بحسب اعتراف أساتذة فن الإخراج هنالك

حتَّامَ يُستبعد أهل الكفاية في هذا البلد، إذا بدت منهم الدراية؟

ب. ف

العلاقات الثقافية بين مصر والبلاد الشرقية

تعنى وزارة المعارف بالعمل على توثيق روابط الثقافة بين مصر والبلاد الشرقية، وقد ألفت لجنة لهذا الغرض من رجال الخارجية والوزارة برياسة صاحب العزة الأستاذ الوكيل لبحث الموضوع ولكن الرأي اختلف فيه فطلبت وزارة المعارف إلى وزارة الخارجية أن توافيها بما تتضمنه الاتفاقات المعقودة بين الدول الأجنبية في هذا الشأن. فأرسلت إليها نص الاتفاق الذي عقد أخيراً بين فرنسا ورومانيا، وهو يقوم على القواعد الآتية:

تأليف جمعية تعنى بتشجيع حركة التعاون الثقافي بين البلدين وإلقاء المحاضرات وطبع الكتب وتبادل الأساتذة والطلاب بين معاهد البلدين. وإنشاء صناديق ادخار مشتركة لطلبة الشعبين. والأخذ بمبدأ المساواة في الدرجات العلمية والتزاور بين الشخصيات الكبيرة المعروفة في عالم الفن والعلم والأدب. وتشجيع سفر الفرق الفنية والتمثيلية والموسيقية إلى البلدين. وإنشاء جمعيات واتحادات (فرنسية ورومانية) للطلبة في فرنسا ورومانيا، والدعاية لنشر الكتب والمؤلفات الموسيقية والأدبية والأفلام والاسطوانات التي تصدر في أحد البلدين بين سكان البلد الآخر، وكذلك تشجيع السياحة وتنظيم الرحلات وتبادل الإذاعات اللاسلكية بين البلدين

ومما يذكر أن مثل هذا الاتفاق عقد بين ألمانيا واليابان وبين هذه الأخيرة وإيطاليا، وبلغ من اهتمام الحكومة الأمريكية بهذا الموضوع أنها أنشأت في وزارة الخارجية قسماً خاصاً لتنمية العلاقات الثقافية بينها وبين الدول الأخرى

التسليح الأدبي خير من التسليح المادي

روت المقطم أن 800 محافظ ورئيس بلدية في مدن كندا وبلادها اجتمعوا وقرروا أن تضع حكومة كندا برنامجاً تعرضه على جلالة ملك الإنكليز وملكتها عند زيارتهما لكندا مؤداه أن التسليح الأدبي خير من التسليح المادي في حفظ كيان الأمم وراحتها ورفاهتها

ومن أخبار بلاد أسوج في شمال القارة الأوربية أن200 أستاذ من أساتذة 25 جامعة من جامعات أوربا وغيرها، وعدداً كبيراً من تلامذتها اجتمعوا في جبال تلك البلاد ونظروا ملياً في الطريقة الواجب اتباعها في التعليم والتربية والتثقيف لتكون الجامعات بأساتذتها وتلامذتها في طليعة البانين للهيئة الاجتماعية الإنسانية على أسس العدل والحق وحب الإنسان لأخيه الإنسان وما إلى ذلك من الأسلحة الأدبية التي هي خير من الأسلحة المادية لحفظ كيان الأمم وراحتها رفاهيتها - فنحول إلى ذلك أنظار جامعاتنا الشرقية في مصر وسوريا ولبنان وغيرها