مجلة الرسالة/العدد 299/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 299 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 27 - 03 - 1939 |
الفرقة الإيطالية للغناء في دار الأوبرا الملكية
الثقافة غير محصورة في القراءة والكتابة. الثقافة تجمع بين الفن والغناء والأدب والعلم والمسرح؛ على وجه التخصيص. فقد ولى الزمان الذي فيه كان يقال: تأدب فلان إذا قرأ كذا وكذا. ومعنى ذلك أن متأدب هذا الوقت يحق عليه أن يرهف الحس لألوان الفن؛ ويميل الأذن لضروب الغناء والعزف، ويقلب النظر فيما يجري على خشب المسرح، إلى جانب المطالعة والتلقي
والكلام هنا على الغناء والعزف. فمن يخبرني على أي وجه تقوم الموسيقى السائرة في مصر مقام مصدر من مصادر الثقافة؟ أما الغناء الدوار على ألسنة أهل الصناعة فمرذول، لما فيه من الإسفاف والابتذال وضيق المجرى، فضلاً عن مسخ طائفة من الأغاني الإفرنجية. وأما العزف فقد جمد وجف بفضل جماعة قصروا هممهم على التقليد، وفي ظنهم أنهم حضنة الموسيقى؛ عفا الله عن المعهد الملكي للموسيقى العربية، وأصلح من يمده بمال الأمة!
الموسيقى عندنا غير صالحة، وليس في وسعها أن تساير النحت والتصوير والرسم - وقد جل شأنها جميعاً على أيدي الفنانين المصريين - في تهذيب الجانب الفني من طبائعنا، ولا في إسعاف من يهوى الموسيقى الجيدة ببغيته. ولذلك لا بد لمن ينشط لما وراء (البشرف والسماعي والموال والطقطوقة) أن ينصرف إلى سماع الموسيقى الغربية. وهذه وزارة المعارف تجلب في فصل الشتاء من كل سنة فرقة إفرنجية تعمل في دار الأوبرا الملكية.
ومما يورث الأسف بل الحزن أن الفرقة التي هبطت دار الأوبرا لهذه السنة (وهي إيطالية) لم تصنع شيئاً في سبيل الثقافة. وذلك لأن الموسيقى الغربية فيها الحسن والقبيح، والرفيع والساقط، والطريف والمبتذل. فكأن من وكل إليه لم أفراد هذه الفرقة (وهو إيطالي) قال في نفسه: (ليس في مصر من يحسن السماع، وليس فيها من يميز اللحن الجيد من اللحن الرديء). قال هذا أو نحوه ثم جاء بفرقة لا تتجاوب أطرافها، إذ فيها نفر من المغنين الحذاق، وكثير من المغنين الضعفاء. وأحسن ما فيها القائد الأول للعزف واسمه فتو.
وأما القطع التي أدتها تلك الفرقة فبينها وبين الفن الخالص مسافة. ذلك أن طائفة منها بالية والأخرى مبتذلة؛ وهذه القطع تكاد تؤدي كل سنة في مصر، وأساميها لاكتها الألسنة: مثلاً , , , , , هذه القطع تلحق اليوم، في أوربة، بنوع الأوبرة الشعبية، لأن الألحان فيها لا تعدو، في غالب الأمر، النغم القريب المنال. ودليل هذا أن أكثر القطع التي أديت من تلحين فردي وهذا الملحن الإيطالي (1813 - 1901) عمد، إلا في قطعته الأخيرة: إلى اللحن الوجداني تساوقه الآلات في استرخاء. وهذا اللون من التلحين عقبه ما يقال له: الموسيقى الفيرية: وخصائص هذه الموسيقى المأساة المفرطة، والخطابة في الغناء. وهز الأعصاب، والمبالغة في التعبير. ومن أصحاب هذا اللون من الموسيقى ملحن والمذكورتين قبل. هذا وفيما أدته تلك الفرقة قطعة للملحن الفرنسي واسمها وليس ذلك الملحن في المرتبة الأولى ولا الثانية - عند أهل الدارية - لما في صناعته من التكاليف وقرب الإحساس والرخاوة.
فإذا أنت استثنيت هذه القطعة الأخيرة (وقطعة فجنر الآتي ذكرها) تبين لك أن تلك الفرقة عنيت بتأدية قطع إيطالية. ومما لا يخفي على البصير بالموسيقى أن فن الأوبرة إنما بلغ الغاية أو قاربها على يد فجنر الذي حطم القيود اللاتينية، ثم على أيدي فئة من الفرنسيين مثلاً) والروس مثلاً). والفرق الذي بين الأوبرة الإيطالية والأوبرة الفجنرية، على سبيل التمثيل، كالذي بين ديوان ينظمه شاعر رقيق كما يقال اليوم، وشاعر فحل كما كانت العرب تقول.
ومن الغريب أن الفرقة أغفلت أن الفرقة أغفلت الأوبرة الحديثة من ألمانية وفرنسية وروسية وغير ذلك. وقد بدا لها أن تعلن أنها تؤدي قطعتين لفجنر هما: الأولى، وأما الثانية فقد أدتها على شكل كان الإهمال عنده أفضل
بقى أن الفرقة أعلنت أنها تؤدي قطعة طريفة لملحن إيطالي مجهول: فما بلغني هذا حتى أسرعت إلى دار الأوبرة، مهتزاً. فإذا القطعة شر ما مزق أذني من التلحين (الرومنتيكي) المفرط في (الميلودرام)
أن ظن بعضهم أن لا رغبة في الموسيقى الحقة بمصر، وأن الحظ الأعلى فيها لألوان الأوبرة البالية والمبتذلة، فليقصروا ظنهم على أنفسهم أو على الفئة الكبرى من الإفرنج المقيمين بهذا القطر. فإنما في المصريين من يرغب في الموسيقى الجيدة، الطريفة، الموسيقى التي تقوم مقام مصدر من مصادر الثقافة
عفا الله عن وزارة المعارف، فهذه خمسة آلاف جنيه أنفقت لإعانة فرقة لم تصنع لمصر شيئاً.
بشر فارس
كشف أثري عظيم
وفق المسيو مونتيه رئيس بعثة الحفريات الفرنسية للعثور على مقبرة ملوكية لقدماء المصريين بالقرب من صان الحجر
والمقبرة لملك اسمه شوشنك، والمعروف أن خمسة ملوك بهذا الاسم قد حكموا مصر ما بين عامي 850 و750 قبل الميلاد، وأولهم هو الملك شوشنك الذي استولى على القدس وغنم هيكل سليمان بن داود (ع)، ولا شك أن هذه المقبرة لواحد من هؤلاء الملوك الخمسة سيصل إلى حقيقته البحث العلمي فيما بعد
وقد عثر المسيو مونتيه في الحجرات التي تم فتحها على تابوت من الفضة يمثل شكل آدمي له رأس الصقر، وبداخل هذا التابوت مومياء محنطة سليمة مغطاة برداء من الذهب. وقد تبين من قراءة النقوش أن المومياء للملك شوشنك نفسه، وبجوار التابوت جثتان باليتان، وعلى الجثة الموجودة إلى اليسار عقد من الحجر الأحمر مصنوع على شكل سلسلة من الذهب، وفي الحجرة جملة من التماثيل الجنائزية الصغيرة التي يعثر عليها عادة في مقابر الموتى من قدماء المصريين، وفها أيضاً جملة من الأواني الجنائزية المقفلة بالطين، وقد فتح مسيو مونتيه ثلاثاً منها - بحضرة صاحب الجلالة الملك - فوجد بداخلها ثلاثة تماثيل من الفضة للملك شوشنك، وهي عبارة عن أوان على هيئة تماثيل، وفي داخل كل منها بعض أحشاء الميت وفي جانب من الغرفة آنية كبيرة من الفخار مسدودة بالطين، يبلغ ارتفاعها 130 سم، وقطرها30 سم ولم تعرف محتوياتها بعد
وتحيط بهذه الغرفة عدة غرف لم يفتحها مسيو مونتيه، ولكنه احدث في إحداها ثغرة تيمناً بزيارة صاحب الجلالة الملك، فظهر من خلالها غرفة متوسطة الحجم بها (ناووس) كبير من حجر الجرانيت الأحمر يعلوه غطاء من حجر البازلت الأسود، وقد دلت القرائن على أن صاحب هذا الناووس من الشخصيات الملكية، وأن اللصوص لم تصل أيديهم إلى مقبرته
ولهذا الكشف قيمة كبيرة من الناحية التاريخية، لأن مقابر ملوك الأسرات: 21، 22، 23 لم يسبق اكتشافها من قبل ذلك، وإنما عثر على بعض تماثيل لهم في مدينة طيبة، ولا شك أن هذا الكشف سيجلو تاريخ هذه الأسرات الثلاث، وقد كانت فترة غامضة في تاريخ قدماء المصريين
وقد قرر الدكتور دريوتون مدير مصلحة الآثار نقل محتويات غرفة الملك (بسوسنس الثاني) التي تحتوي على تابوت الملك شوشنك إلى دار المتحف المصري لتعرض على الجمهور
كشف أثري آخر
علمنا أن بعثة كلية الآداب التي تشتغل في الحفر بمنطقة (تونة الجبل) تحت رياسة الأستاذ سامي جبره عثرت في هذا الأسبوع على أشياء هامة من الوجهة التاريخية
وكانت البعثة قد عثرت على غرف المحفوظات الخاصة بكهنة هرمو بوليس في جنوبي المنطقة وعثرت فيها على ملف كبير من البردي يتضمن نصوص القانون المدني المصري
وقد وجدت البعثة أخيراً ملفاً آخر يبلغ طوله مترين ونصف متر موضوعاً في قادوس مقفل ومختوم بالطين. وقد فض هذا القادوس فوجدوا فيه ملف البردي الذي دلت القراءة الأولى لما ورد فيه من النصوص على أنه يتضمن نص أسطورة طويلة من الأساطير الشعبية
وقد أرسل الملف إلى معهد الآثار ليتولى الأخصائيون قراءته وترجمته.
وعثرت البعثة أيضاً على تمثال صغير للآله (مين) إله التناسل عند قدماء المصريين يبلغ طوله نحو 60 سنتميتراً، وقد صنع من الخشب، وغطى بطبقة من الصفائح الذهبية اللامعة
ويعد وجود هذا التمثال غريباً في تلك المنطقة لأنه لم يكن بين معبوداتها الرسمية التي هي طائر الإيبيس والقرد. ويمثل كل منهما إله الحكمة (تحوث) معبود تلك المنطقة وقد سماه الإغريق (هرمز) وسموا المدينة على اسمه (هرمو بوليس)
والبعثة مستمرة في الكشف عن السراديب الأرضية الطويلة الممتدة تحت الأرض إلى مسافات بعيدة وتحتوي على مئات الآلاف من جثث الطيور والقرود المحنطة.
فلم التشريفات الملكية
عنيت شركة مصر للتمثيل والسينما بتصوير غدوات صاحب الجلالة الملك وروحاته مع ضيفه الكريم صاحب السمو الإمبراطوري محمد رضا بهلوي ولي عهد إيران، وجاء التقاط المشاهد المختلفة على أجمل شكل سواء في النهار أو في الليل، وكان اختيار المشاهد حسناً، ويساوق المشاهد عزف رقيق يناسب مقتضى الحال. إلا أن صوت المتكلم كان رفيعاً من غير داع إلى ذلك
إلى الأستاذ توفيق الحكيم
هل لك أن تنضو مسوح ذلك الجاه فتشرف من برجك المنيف على مستوضح منك الرأي فيما كتبت بالرسالة عن (كتابين قيمين، قد ورد فيهما طعن على الإسلام) قلت إنك بحثت المسألة من جهة الدين فبدا لك العجب لأن الكتب التي تعرضت للمسيح بالطعن والتجريح تطبع وتنشر في أوربا ولا يفزعون. وهنا أسألك متحدياً: أي برنامج من برامج التعليم في أوربا قررت فيه تلك الكتب في قاعات الدرس والامتحان وفرضت فرضاً على الطالب أن تكون من أسس ثقافته الرسمية التي تحث عنده عقداً نفسية تتولى تنميتها تأثيرات الأستاذية القوية. لا مانع من البحث والتحليل والتمحيص وإلا لما تكونت سبيكة الذهب من العروق الملقاة في التراب، ولكن للبحث أزمنة وأمكنة قد مضت منذ أزمان. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذا طعن صريح، باعترافك أنت، لا شبه علمية تستحق جلال الدرس وعظمة العلم، وفوق ذلك كله أنها موجهة لشخصية الرسول أكثر منها لدينه، فكيف يستسيغها شعور الجماهير من المسلمين. ألا ترى أن إنجلترا حرمت دراسة نظرية دارون (النشوء والارتقاء) في مدارسها احتراماًً لشعور الجماهير، بيد أنها لم تحرم دراستها خارج دور التعليم؟ وأما قولك (إني أعتقد دائماً أن صحة العقل وصحة العقيدة كصحة الجسم لابد لها من الهواء الطلق حتى تكتسب المناعة) فذلك حق لا مريه فيه، كما أن حصوله وثبوته الآن واقع بين المسلمين لا مريه فيه. ألا تعلم أن في الأزهر والمعاهد الدينية تدرس شبه الجبرية والمعتزلة والرافضية والمجسمة والشيعة وسواهم ويرد عليها في جو علمي محترم لأنها شبه لا طعن تدسه العصبية الممقوتة. ألا تدري أن المذهب الأبيقوري مذهب اللذة والإباحية يدرس في الأزهر ويرد عليه في جلال من العلم وحرية من الفكر، ومثله مذاهب الشيوعية والشعوبية، وسواهم. فليس إذا (حبس العقيدة والعقل في قفص من الزجاج خوفاً عليهما من خطرات النسيم) كائناً بين المسلمين. وما على الشاك إلا أن يغشى بيئات الدراسات الإسلامية فيعود منها متغير الرأي هادئ البال وإن في هذا لبلاغاً
(كلية للغة)
احمد عبد الرحمن عيسى
فتش عن المرأة
فتشنا عن أول من قال: (فتش عن المرأة) في العربية وعن قوله فوجدنا هذين البيتين في كتاب (الكشكول) لبهاء الدين العاملي غير معزوين، وهما في معنى القول الفرنجي
إذا رأيتَ أموراً ... منها الفؤاد تفتتْ
فتشْ عليها تجدها ... من النساء تأتتْ
- * *
جمعية أنصار التمثيل والسينما
انتهى الأساتذة سليمان نجيب، وعلى شوقي، وعبد الوارث عسر من تأليف رواية الحجاج بن يوسف، وقد رأت الجمعية رأياً جديداً يتعلق بتمثيل الشخصيات في العصور العربية، ولهذا سنبدأ في دراسة هذه الرواية بمحاضرة يلقيها الأستاذ على شوقي عن (عصر الحجاج بن يوسف) ثم يعقب عليها الزميل عبد الوارث عسر بكلمة تعد تمهيداً لدراسة الشخصيات العربية في ذلك العصر ووضعها على الأشخاص الذين سيقومون بتمثيلها من أعضاء الجمعية. ورغبة من الجمعية في فائدة الجمهور من هذا الموضوع الطريف، رأت أن تكون هذه المحاضرة عامة يحضرها من يشاء
وتبدأ المحاضرة بدار الجمعية 8 شارع البورصة الجديدة بحضور جميع الأعضاء في تمام الساعة السابعة من مساء الخميس 30 مارس 1939
رسالة شكر وتقدير تلقينا من الأستاذ شاهين إبراهيم شاهين كلمة مسهبة ينوه فيها بالمقدرة البارعة التي يعالج بها شيخ الصحافيين الأستاذ خليل ثابت بك الموضوعات الاجتماعية في المقطم وبخاصة موضوع (أي السياسات الإيجابية تختار مصر) ونحن نشاطر الكاتب الفاضل إعجابه بالأستاذ خليل بك وثناءه عليه، ونكتفي لفوات المناسبة بهذه الإشارة الموجزة لهذه الرسالة الطيبة.
حياة الرافعي في العراق
قرأنا في جريدة (البلاد) العراقية ما يأتي:
اقتراح على وزارة المعارف - حول كتاب حياة الرافعي
سيظهر قريباً كتاب (حياة الرافعي) للأديب الكبير الأستاذ محمد سعيد العريان، وهو كتاب أدبي فذ يبحث عن جميع الخصومات التي حدثت بين الرافعي وأدباء عصره، فحبذا لو أن وزارة المعارف تشتري منه كميات كبيرة لتوزعها على طلابها، وعلى مكتباتها؛ وبذلك تسدي أكبر خدمة أدبية نحو فقيد البيان المرحوم مصطفي صادق الرافعي
(بغداد)
مقترح
(الرسالة): ظهر كتاب حياة الرافعي منذ قريب.