الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 296/رسالة المرأة

مجلة الرسالة/العدد 296/رسالة المرأة

بتاريخ: 06 - 03 - 1939


التجميل والمرأة عن طريق الرياضة

توجيه

للآنسة زينب الحكيم

قال فيلسوف حكيم مرة لابنته: (ابقي صغيرة وأنت تحتفظين بجمالك)

ولعله كان يحسن به أن يضيف إلى هذه النصيحة: أن احرصي على صحتك وأنت تبقين شابة:

فإن الشباب والصحة والجمال، هي الأشياء الثلاثة التي يقدرها الجنس اللطيف، ويقدرها فيهن الجنس النشيط

ولربما كان أهم هذه الأشياء الثلاثة هو الجمال، ولكن من الصعب أن يفكر الإنسان في الجمال دون شذي الورد، أو أن يفكر في الورد بدون نضرته. احتفظي بصحتك تحتفظي بشبابك، واستمعي لهذه النصيحة المخلصة، ونفذيها بصبر ومثابرة. ثم ثقي أنه لن يعرف حقيقة عمرك أحد

وفي الغالب أن أكبر ما يعيب المرأة أياً كان عمرها هو جسمها حيث ينمو بثقل، ويصير كجسم المرأة التي قاربت سن اليأس، فتنام إلى ساعة متأخرة من الصباح، وتشعر ببعض التعب أثناء النهار، وتأكل كميات أكثر مما اعتادت أكله، وتأوي إلى فراشها مبكرة، وتصبح أقل مبالاة بمنظرها ومظهرها

ماذا يحدث لقاء هذا كله؟!

يسمن الجسم وتزدوج الذقن، ويتمدد البطن، ويغلظ الخصر وتتجمد المفاصل وتبدو المرأة كأنما مرت من طور الشباب المبكر إلى متوسط العمر

والواقع أن لا عذر لها في ذلك، والسبب في كل هذا راجع إلى عدم عنايتها بنفسها، وإلى إهمالها ما منحتها الطبيعة من محاسن كان في مقدورها أن تزيد في جمالها

فبشرة الإنسان وعضلاته، في حاجة إلى دم متجدد حار يجري فيها عن طريق الرياضة البدنية الصحية التي يجب أن تمارس في الصباح والمساء لمدة ربع ساعة على الأق إن المرأة التي بدأ يظهر عليها الكبر، والمرأة الشابة التي تريد أن تحتفظ بشبابها ونضرتها. يجب أن تعرفا أن الشباب والجمال يتوقفان على ثمانية أشياء رئيسية

(1) قوام الجسم (2) لون بشرة الوجه (3) الفم (4) العيون (5) الوجنتان (6) العنق (7) اليدان (8) الشعر

هذا ويمكن إضافة أشياء أخرى للتجمل، ولكن هذه الأشياء الثمانية لغالبية النساء

أما المرأة التي تمتاز برشاقة قدّ وتريد أن تبقى كذلك، فعليها بإتباع التمارين الرياضية التي تساعد على ذلك وهي كثيرة ومتنوعة. ولقد أصبح ذلك ميسوراً جداً في الوقت الحاضر بفضل الاختراعات الحديثة والراديو، وخروج المرأة إلى ميادين الرياضة العامة، وهذه وإن كانت لا تزال قليلة في مصر، إلا أنه في مقدور السيدات اللائى لهن بيوت منظمة، والتي لها حدائق، أن يلعبن وفق ما تذيعه محطة الإذاعة كل صباح، وأن يخصصن جانباً من أوقاتهن للعب في حدائق دورهن. كما في استطاعتهن استعمال الألعاب البيتية التي تدعو إلى الحركة كالبنج بنج، وتنس اليد، والمسابقات وغيرها. ولست ممن يحبذن الألعاب البيتية التي تدعو إلى الجلوس مدداً طويلة مثل لعب الورق، فإن ذلك يضيع كثيراً من نشاط العقل، ويوهن الجسم ويرهل لحمه

ولا تنس السباحة فإنها من أهم الرياضات التي تجمل الجسم عموماً، والمشي في الهواء الطلق، والاستمتاع بحرارة الشمس، والسفر في قطر المفاجآت كلما أمكن.

وعلى المرأة أن تعني بأخذ حمامات الماء الدافئ مرة واحدة يومياً قبل التمارين الرياضية، مع استعمال أملاح أو سوائل الحمام المنشطة.

كثيراً ما يشكو إلينا بعض السيدات من أن أوقاتهن لا تسمح لهن بالانتفاع بتمارين الرياضة الصباحية التي يذيعها الراديو وكذلك يفتقدن النوادي الرياضية، ونحن من أجل هؤلاء، نذكر هنا بعض تمارين رياضية بسيطة، وبعض مركبات يمكنهن الانتفاع بها في الأوقات التي تناسبهن حتى لا يحرمن الرياضة يومياً.

1 - الدرس الأول والمهم هو المشي صحيحاً.

ضعي الجسم في الوضع الصحيح. امشي ببطء مع ارتفاع الرأس. وافردي الكتفين إلى الخلف. املئي الرئتين بالهواء، وتنفسي بانتظام مع ارتفاع الذقن واعتدال الظهر وضغط المعدة. وتكون الذراعان إلى الجانبين. في هذا الوضع احني الجسم إلى الأمام حتى الوسط. ثم امشي خطوات واسعة ثم أديري قدميك إلى الخارج. يؤدي هذا التمرين مدة عشر دقائق يومياً.

2 - اصعدي على مقعد قريب من الأرض (ستول) وفي يدك عصا.

يشتمل هذا التمرين على الوقوف بتوازن على قدم واحدة بالتبادل، ثم تحرك العصا إلى أعلى وأسفل حول الرأس.

3 - تمارين الانحناء.

يجب أن تؤدى بحرص، فالمرأة الضعيفة يجب ألا تنحني أثناء التمرين أكثر من مرتين أو ثلاث مرات، ويشتمل التمرين على المشي أيضاً والجري حول جدران الغرفة أو في الحديقة، ويمكن المشي والجري على اليدين والرجلين تشبهاً بذوات الأربع. ثم الوقوف والانحناء إلى الخلف حتى تلمس اليدان الأرض إذا أمكن. والانحناء إلى الأمام حتى تستقر راحتا اليدين منبسطة على البساط ثم ينقلب الجسم من ناحية إلى أخرى.

هذه التمارين تكفي للمرأة العادية، وإذا تمرنت عليها باستمرار مرتين مع الحمام كل يوم، يمتنع تراكم اللحم الزائد على جسمها. ويبقى الجلد نضرا والعضلات مرنة قوية حافظة لجمالها الطبيعي ووظائفها.

أما المرأة البدينة والسيدة المتوسطة في العمر، فننصحهما بعمل تمارين - المصنوعة من الخشب، وهذه التمارين مع الحمام ترجع الجسم إلى حجمه الطبيعي، وتعيد العضلات إلى مراكزها الأصلية. والحمام الذي تأخذه السيدة البدينة، يجب أن يكون بارداً إلى الحد الذي تحتمله، فإذا كان قلبها ضعيفاً (وغالباً يكون) ففي هذه الحالة يجب ألا تأخذ حمامات باردة جداً، وإنما تكتفي بحمام بارد فقط معطر بأملاح أو خل الحمام

وربما كانت أحسن طريقة لإعداد حمام السيدة البدينة، هو أن يوضع الماء في الحوض في الليلة السابقة للصباح الذي يؤخذ فيه الحمام، وبذلك تكون حرارة الماء كحرارة الحجرة، ويضاف إلى الماء أملاح الاستحمام كالمعتاد

كانت عطور الحمام في الزمن الغابر تصنع في المنازل، وكانت رخيصة، تصنع من أنواع من الأزهار والأعشاب مع الكحول والخل. والغرض منها تنظيف الجسم وإنعاش الجلد والاحتفاظ بنضارته.

أما الآن وقد تقدم علم الطبيعة، وعمت الآلات، وكثرت الاختراعات، فأصبح من ضياع الوقت والمجهود ألا نشتري الأشياء من الصيدليات

وعلى هذا لن أصف هنا غير سائل واحد رأيته يستعمل في إنجلترا، ومفعوله جيد، وصنعه بسيط

يؤتى بمقدار جيد من ثمر الشليك، ويوضع في جزء من خل النبيذ، ويترك لمدة ثلاثة أيام، يصفى بعدها ويوضع في زجاجة للاستعمال وقت الحمام

وإذا وضع ملء فنجان منه على قليل من الماء وغسل به الوجه، فإن ذلك يساعد على تحسين لون بشرته

إن تأثير الروائح العطرية على الأعصاب مدهش، ولقد حرق القدماء البهارات إذا ما مرض منهم أحد، لا على سبيل التطهير فحسب كما نفعل اليوم بالليزول وغيره، وإنما اعتبر شم الروائح نفسها الدواء الشافي. والإنجيل يخبرنا أن القدماء عالجوا المرضى بالروائح العطرية؛ كما اشتهرت البيمارستانات في بلاد الشرق برش العطور فيها باستمرار

وأطباء اليوم النفسيون وعيرهم يخبروننا: أن النساء الحساسات جداً ينتعشن إذا ما شممن طاقة من البنفسج لأن رائحته للأعصاب، ورائحة الورد للروح، والعطور الأندلسية للرأس. والمرأة العصبية لها أن تمزج قليلاً من النوشادر بعطر البنفسج، وتشمها لتريح أعصابها. أما المرأة القلقة، فيسري عنها شمُّ الروائح اللطيفة الشذى. ويجب أن توجد زجاجة منها على الدوام في المنزل للاستعمال كضرورة واجبة لا كشيء كمالي، وأظن الرياضة في البساتين تؤدي ذلك على خير وجه

هذا وأن للروائح فلسفات، وللرياضة أشكال وأنواع ليس هذا مجالها.

زينب الحكيم